قبل الرابعة بقليل من فجر يوم 31 أغسطس (آب) عام 1888، توصل سائق إحدى العربات في لندن إلى اكتشاف مروع، وهو جثة ماري آن نيكولز، وذلك في إحدى حارات منطقة وايت تشابل، شرق لندن، حيث كانت تنورتها مسحوبة إلى أعلى، وقد شُق نحْرها وبطنها.
يشار إلى أن نيكولز كانت أول ضحية «معروفة» للقاتل المحترف، ربما الأكثر شهرة في العالم، «جاك السفاح».
أما اليوم، فتزخر شوارع وايت تشابل بالمتحررين والسائحين وطلبة الموضة والأزياء، ولكنها كانت في ذلك الحين حياً فقيراً يتسم بالخطورة، وكان الكثيرون ممن يعيشون فيه يحصلون على قوت يومهم من خلال العمل باليومية في السوق أو ممارسة البغاء.
وفي غضون أسبوع من ارتكاب أول جريمة، تم اكتشاف ضحية ثانية، وهي آني تشابمان التي عثر عليها وقد تم انتزاع جزء من أحشائها.
وبعد 3 أسابيع أخرى، وقعت جريمتان في ليلة واحدة، حيث تم اكتشاف جثة إليزابيث سترايد، الساعة الواحدة صباحاً. ويبدو أن القاتل قد توقف في أثناء عمله: حيث عُثِر بعد 45 دقيقة فقط على كاثرين إيدوز مقتولة في الشارع، وقد انتُزعت كليتها اليسرى ورحمها.
وربما لمح بعض المارة وجه القاتل في إحدى المرات، وكان ذلك مع الضحية الرابعة (إيدوز) التي شوهدت بصحبة رجل قبل 10 دقائق فقط من اكتشاف جثتها.
ووصف شاهد عيان القاتل لصحيفة «تايمز» البريطانية، حيث قال إنه يبلغ من العمر نحو 30 عاماً، وكان طوله نحو 175 سنتيمتراً، كما كان ذا بشرة فاتحة، وله شارب أشقر قصير، ويرتدي وشاحاً أحمر وقبعة.
وقد تلقت الشرطة مئات الاعترافات، بينها واحد من شخص أطلق على نفسه اسم «جاك السفاح»، حسب وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ).
وثمة شكوك كثيرة في أن يكون «جاك السفاح» هو القاتل الحقيقي، إلا أن اللقب كان يغذي خيال الصحافيين والمجرمين المُقلِدين والمحققين الهواة، ولا يزال الأمر كذلك حتى يومنا هذا. وكان هناك كثير من المشتبه بهم، وبينهم عشاق سابقون ومجرمون يتمتعون بقدر جيد من المعرفة عن الأوضاع المحلية، وجزارون، وأطباء وقابلات على دراية بعلم التشريح، بالإضافة إلى ماسونيين ومهاجرين، وحفيد الملكة فيكتوريا وطبيبها، وحتى أناركي روسي زعم أنه كان يعمل جاسوساً لصالح الحكومة البريطانية.
وتصدر قاتل «إيست إند»، بحسب ما كان يعرف في ذلك الوقت، عناوين الصحف في أنحاء العالم. وفي غضون عدة أشهر، ظهرت أول رواية عن القاتل، الذي قدمت جرائمه موضوعاً خصباً لكثير من الأعمال السينمائية والمسرحية لاحقاً.
وما زالت هوية القاتل تجذب الكثيرين، حيث قالت الروائية الأميركية باتريشيا كورنويل، خلال السنوات الأخيرة، إن هناك أدلة على أن القاتل كان هو الفنان والتر سيكيرت، لكنها لم تفلح في إقناع كثيرين بتلك الرواية. وفي كل يوم تقريباً، تقوم مجموعات من السائحين من جميع أنحاء العالم بجولات في وايت تشابل، وكأنها تقتفي أثر القاتل الغامض.
لغز «السفاح جاك» ما زال يحير البريطانيين
بعد مرور أكثر من 130 عاماً على أول جريمة
لغز «السفاح جاك» ما زال يحير البريطانيين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة