القرن الذي لا خصال له

القرن الذي لا خصال له
TT

القرن الذي لا خصال له

القرن الذي لا خصال له

الكثير من النقاد يعتبرون ثلاثية الألماني روبرت موزيل «الرجل الذي لا خصال له» ملحمة القرن العشرين، رغم أنها كتبت في بداية ذلك القرن. والحقيقة أنه يمكن اعتبارها أيضاً ملحمة هذا القرن الذي نعيش، والذي لم نختم ربعه الأول بعد. لم يتغير شيء كثير منذ عصر موزيل. السؤال الأساسي الذي تطرحه الرواية بأجزائها الثلاثة ما زال مطروحاً على عصرنا، وبشكل أكثر خطورة: كيف يمكن أن تضع البشرية لنفسها سياسة سليمة «للتنظيم الروحي والعقلي»، سياسة يمكن أن تجد الأجوبة على أسئلة الحياة؟
وإذا كان القرن العشرون هو قرن الحروب الكبرى، وصعود الفاشية والنازية، والمجاعات، والنفي، والتطرف، ونشوب الثورات وسقوطها أيضاً، إلا أنه عرف أيضاً، تحت تأثير الانفجار الاقتصادي الاستثنائي، كما يقول المؤرخ البريطاني أريك هوبزباوم، عصراً ذهبياً «بما نتج عنه من تغييرات اجتماعية وثقافية أحدثت ثورة هي أعمق ثورة تصيب المجتمع منذ العصر الحجري». ولكن هذه التغيرات، في الوقت نفسه، فتحت أيضاً هوة كبرى بين ماضينا وحاضرنا. بكلمة أخرى، أصبحنا نعيش عالماً لا ماضي فيه، وأننا «اليوم لا نعرف أين نسير. كل ما نعرفه هو أن التاريخ أوصلنا إلى هذه النقطة. في هذا العالم لم تعد الخرائط والمواثيق التي قادت خطى البشرية، فرادى وجماعات، قادرة على تمثل المشهد الذي اعتدنا أن نتحرك فيه، أو البحر الذي اعتدنا الإبحار على سطحه. اليوم لم نعد نعرف إلى أين ستقودنا الرحلة، أو حتى هل هي قادرة على أن تقودنا إلى أي مكان».
كلمات هوبزباوم هذه، في نهاية القرن العشرين، تبدو صدى لكلمات موزيل في بداية القرن ذاته: «إذا ما فكك المرء ذاك الزمان فلسوف يرى عبثاً يخرج منه مثل دائرة بزوايا».
لم تجد البشرية بعد تلك السياسة التي تنظم الروح والعقل على إيقاع واحد. بل إنه عصر انسحاقهما التدريجي على إيقاع واحد. زمن مسطح منطفئ، على حد تعبير موزيل نفسه، في تعليقه على النصف الثاني من القرن التاسع عشر.
هناك خطأ ما، ولكن لا أحد كما يبدو يعرف ما هو. تاريخنا يبدو الآن دائرة بزوايا. ومن هذه الزوايا، تتسلل عناكب الشعبوية لتغزو العالم الآن. وهو الارتداد الأكبر في تاريخ الإنسانية منذ الحرب العالمية الثانية. ولكن المشكلة الأخطر تكمن في «سيولة» هذه الظاهرة. فإذا كانت النازية والفاشية والديكتاتورية وغيرها من مظاهر القرن العشرين البغيضة، يمكن تفسيرها وفهمها وبالتالي محاربتها، فإن الشعبوية بلا خصال محددة واضحة. إنها تنزلق دائماً، وترتدي ألبسة عديدة، وتراوغ وتزيغ كامرأة فاتنة، تغري بمظهرها الكاذب أرواحاً مكسورة، وعقولاً نيئة، وتعرف أين تبيع بضاعتها، وكيف تروج لسحرها. الشعبوية ليست شبحاً يجول الآن في أوروبا وأميركا، بل هي جسد ممتلئ يتجول في النهار تحت ضوء الشمس، ومع ذلك من الصعب الإمساك به، فلا جزء واضحاً منه يساعد على ذلك. وربما لهذا السبب، لا يشعر العالم بعد، أو كما يجب، بخطورتها على كل ما كسبته البشرية بعد نضال قرون مرير من نور ومعرفة وعقل وروح، أو قليل من الروح، بلغة موزيل مرة أخرى.



الأشخاص الغاضبون «أكثر ميلاً للنجاح»... كيف؟

الغضب لا يزال يشكل حافزاً مهماً للنجاح في العالم الحديث (رويترز)
الغضب لا يزال يشكل حافزاً مهماً للنجاح في العالم الحديث (رويترز)
TT

الأشخاص الغاضبون «أكثر ميلاً للنجاح»... كيف؟

الغضب لا يزال يشكل حافزاً مهماً للنجاح في العالم الحديث (رويترز)
الغضب لا يزال يشكل حافزاً مهماً للنجاح في العالم الحديث (رويترز)

كشف أحد علماء الأعصاب أن الأشخاص الغاضبين أكثر ميلاً للنجاح. وقال الدكتور جاي ليشزينر إن الشعور بالغضب قد يكون «محركاً مهماً» للنجاح في العالم الحديث لأنه يدفعنا إلى «إزالة أي تهديدات» وتحقيق أهدافنا، وفقاً لصحيفة «التلغراف».

وأوضح الأكاديمي، وهو أستاذ في علم الأعصاب والنوم في مستشفى كينغز كوليدج في لندن، أن الغضب يمكن أن يخدم «غرضاً مفيداً للغاية» ويمكّن من تحقيق نتائج أكثر ملاءمة.

وفي حديثه ضمن بودكاست Instant Genius، قال الدكتور ليشزينر إن هرمون التستوستيرون يلعب دوراً رئيساً في ذلك، حيث يستجيب الهرمون - الذي تشير بعض الدراسات إلى أنه مرتبط بالعدوانية والغضب - للنجاح.

وتابع «لذا، إذا فزت في رياضة، على سبيل المثال - حتى لو فزت في الشطرنج الذي لا يُعرف بشكل خاص أنه مرتبط بكميات هائلة من العاطفة - فإن هرمون التستوستيرون يرتفع... تقول إحدى النظريات إن هرمون التستوستيرون مهم بشكل أساسي للرجال على وجه الخصوص لتحقيق النجاح».

«شعور مهم»

وحتى في العالم الحديث، لا يزال الغضب يشكل حافزاً مهماً للنجاح، بحسب ليشزينر، الذي أوضح «إذا أعطيت الناس لغزاً صعباً للغاية لحله، وجعلتهم غاضبين قبل أن تقدم لهم هذا اللغز، فمن المرجح أن يعملوا عليه لفترة أطول، وقد يجدون فعلياً حلاً له... لذا، فإن الغضب هو في الأساس عاطفة مهمة تدفعنا إلى إزالة أي تهديدات من هدفنا النهائي».

وأشار إلى أن المشكلة في المجتمعات البشرية تكمن في «تحول الغضب إلى عدوان».

لكن الغضب ليس العاطفة الوحيدة المعرضة لخطر التسبب في الضرر، حيث لاحظ أن مشاعر أخرى مثل الشهوة أو الشراهة، قادرة على خلق مشكلات أيضاً. وتابع «كلها تخدم غرضاً مفيداً للغاية، ولكن عندما تسوء الأمور، فإنها تخلق مشكلات».

ولكن بخلاف ذلك، إذا استُخدمت باعتدال، أكد الدكتور أن هذه الأنواع من المشاعر قد يكون لها بعض «المزايا التطورية».