تحظى الأهداف بعيدة المدى التي يتم إحرازها من منتصف الملعب بشعبية كبيرة، لكن هل تستحق هذه الأهداف كل هذا الثناء والإعجاب؟
لم يستغرق الأمر سوى 2.8 ثانية فقط حتى أصبح اسم النجم الإنجليزي السابق ديفيد بيكام يتردد على ألسنة الجميع، وهي المدة بين خروج الكرة من قدميه اليمنى ودخولها مرمى فريق نادي ويمبلدون بعدما قطعت مسافة 55 ياردة، في واحد من أكثر الأهداف التي يتذكرها الجميع حتى الآن.
ربما يبدو التسجيل من عند خط منتصف الملعب ممكناً دائماً وفق ظروف خاصة، لكن تحقيق ذلك لا يزال أمراً صعب المنال على كثير من اللاعبين.
لقد اقترب النجم الأسطوري البرازيلي بيليه من تحقيق ذلك في عام 1970، وكاد الإنجليزي الدولي كريس وادل أن يفعل ذلك في كأس العالم عام 1990 بإيطاليا لولا إلغاء الهدف بداعي التسلل، وحتى عندما فعل لاعب إيفرتون، جون بيلي، هذا الأمر عام 1982 اعترف بنفسه بأن الأمر كان عبارة عن ضربة حظ.
ويعد الهدف الذي أحرزه بيكام في الجولة الأولى للدوري الإنجليزي الممتاز موسم 1996-1997 أحد أشهر الأهداف في تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز بشكله الجديد، وأثبت هذا الهدف أنه يمكن القيام بأي شيء في عالم كرة القدم، لكنه في الوقت نفسه أصبح المثال الأبرز على الكيفية والأسباب التي تجعلنا نبالغ في تقييم الأهداف التي يتم إحرازها من مسافات طويلة.
وفي عام 2002، حصل هدف بيكام، من خلال التصويت، على جائزة أفضل هدف في الدوري الإنجليزي الممتاز خلال أول 10 سنوات للدوري الإنجليزي بشكله الجديد، كما حصل هذا الهدف على المركز الثامن عشر في قائمة أعظم اللحظات التاريخية في عالم الرياضة، وفقاً للاستفتاء الذي أجرته القناة الرابعة البريطانية؛ وهو الأمر الذي يعكس مدى الهوس والمبالغة في تقييم مثل هذه الأهداف!
دعونا نتفق على أنه هدف جميل بالفعل، لكن هل هو أفضل من الناحية الفنية من الهدف الذي أحرزه لاعب ليدز يونايتد توني يبواه؟ وهل هو أفضل من الهدف الرائع الذي أحرزه النجم الهولندي السابق دينيس بيرجكامب بكل مهارة في مرمى نيوكاسل يونايتد؟ وهل هو أفضل من الأهداف الرائعة التي كان يسجلها النجم الإنجليزي السابق مات لو تيسيه؟
وعندما يتم التصويت على أي هدف من قِبل الجمهور يكون هناك دائماً شعور بأن مشجعي مانشستر يونايتد يمكنهم التحكم في نتيجة أي تصويت، والدليل على ذلك أن الهدف الذي أحرزه نجم مانشستر يونايتد السابق واين روني من خلفية مزدوجة في مرمى مانشستر سيتي قد حصل على جائزة أفضل هدف في الدوري الإنجليزي الممتاز خلال أول 20 عاماً من البطولة بشكلها الجديد، وفقاً للاستفتاء الذي أجري عام 2012!
ولا يمكن إنكار حقيقة أن الأهداف التي يتم إحرازها من منتصف الملعب تحظى بشعبية كبيرة للغاية بين الجمهور، لكن يتعين علينا أن ننظر بموضوعية إلى هذه الأهداف بعيداً عن المبالغات التي أصبحت تطال كل شيء في الوقت الحالي.
ولعل الشيء الذي يجعل الجمهور يعطي أهمية خاصة لمثل هذه الأهداف يكمن في فكرة أنه ليس من المفترض أن يتم إحراز مثل هذه الأهداف ببساطة، إضافة إلى الشعور بالسعادة الذي ينتاب الجمهور وهو يرى حارس المرمى يحاول بلا جدوى اللحاق بالكرة ومنعها من دخول الشباك. ويصاحب هذا شعور بأن مجرد محاولة التسديد على المرمى من هذه المسافة البعيدة هو أمر كافٍ لوضع مثل هذا الهدف في مكانة خاصة؛ لأن ذلك يعكس الثقة الكبيرة التي يتحلى بها اللاعب الذي يسدد الكرة من نصف ملعب فريقه لكي يحرز هدفاً في الفريق المنافس.
ومن المؤكد أن تصنيف الأهداف حسب روعتها وجمالها يختلف من شخص إلى آخر، لكن تبقى الحقيقة الثابتة تتمثل في أن الأهداف التي يتم إحرازها من مسافات بعيدة يظل لها مذاق خاص، حتى لو قورنت بأهداف أخرى أحرزت من تسديدات قوية أو بمهارات استثنائية، وربما يعود السبب في ذلك إلى أن عدداً قليلاً من اللاعبين هم من يمكنهم إحراز الأهداف من هذه المسافة البعيدة.
وفي تكرار لهدف ديفيد بيكام، أحرز النجم الإنجليزي السابق ديفيد باتي هدفاً بالطريقة نفسها في مرمى نادي ويمبلدون. وفي الدقيقة الثالثة من عمر المباراة التي أقيمت بين نادي نيوكاسل يونايتد وويمبلدون، خرج حارس مرمى ويمبلدون نيل سوليفان من مرماه لتشتيت الكرة ليستقبلها باتي بشكل مباشر ويطلق تسديدة من على بعد 40 ياردة في المرمى الخالي.
ويبدو كما لو كان باتي قد أحرز هذا الهدف خصيصاً ليقول لنا جميعاً، إن ما قام به بيكام ليس شيئاً خاصاً أو استثنائياً كما يعتقد البعض، وأنه من الممكن للاعبين آخرين أن يحرزوا مثل هذه الأهداف، التي نبالغ كثيراً في تقييمها.
هل تستحق الأهداف التي تسجل من نصف الملعب كل هذا الثناء؟
النقاد يبالغون في التقييم متأثرين بشعور الفرحة الذي ينتاب الجماهير فجأة
هل تستحق الأهداف التي تسجل من نصف الملعب كل هذا الثناء؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة