عبد المهدي يلوّح بضغط الشارع لتمرير حكومة «تكنوقراط»

تقليص المرشحين عبر النافذة الإلكترونية إلى 601... وبرهم صالح يدعو إلى حكومة بعيدة عن المحاصصة

الرئيس العراقي برهم صالح يلقي كلمة في الذكرى الـ 37 لتأسيس المجلس الإسلامي الأعلى في بغداد أمس (إ.ب.أ)
الرئيس العراقي برهم صالح يلقي كلمة في الذكرى الـ 37 لتأسيس المجلس الإسلامي الأعلى في بغداد أمس (إ.ب.أ)
TT

عبد المهدي يلوّح بضغط الشارع لتمرير حكومة «تكنوقراط»

الرئيس العراقي برهم صالح يلقي كلمة في الذكرى الـ 37 لتأسيس المجلس الإسلامي الأعلى في بغداد أمس (إ.ب.أ)
الرئيس العراقي برهم صالح يلقي كلمة في الذكرى الـ 37 لتأسيس المجلس الإسلامي الأعلى في بغداد أمس (إ.ب.أ)

أعلن رئيس الوزراء العراقي المكلف عادل عبد المهدي البدء بتقديم خلاصة النتائج النهائية للترشيح على منصب «وزير» في الحكومة المقبلة عن طريق النافذة الإلكترونية، فيما دعا الرئيس العراقي برهم صالح أمس إلى تشكيل حكومة عراقية تراعي التمثيل السياسي، وبعيدة عن المحاصصة، مطالباً رئيس الوزراء بتشكيل «حكومة عراقية خادمة لهذا البلد».
وفيما يسعى عبد المهدي إلى تقديم حكومته نهاية الأسبوع المقبل إلى البرلمان لنيل الثقة، قدمت الأحزاب السياسية من جانبها أسماء مرشحيها للحقائب الوزارية طبقاً لاستحقاقاتها الانتخابية. وقال مكتب عبد المهدي في بيان أمس «تم إغلاق البوابة الإلكترونية في الموعد المحدد، حيث بلغ عدد الترشيحات المكتملة 15 ألف و184 مرشحاً» مبيناً أن «عدد المرشحين من حملة شهادة الدكتوراه بلغ ألف و778 مرشحاً بنسبة 12 في المائة، ومن حملة شهادة الماجستير 2 ألف و200 بنسبة 14 في المائة، والإناث 15 في المائة والذكور 85 في المائة».
وأوضح المكتب أنه «تم إكمال الفرز الإلكتروني واستبعاد الطلبات غير المستوفية للشروط القانونية والفنية حيث تم إجراء التحليل الأولي وفق المعايير، وتم اختيار أفضل 601 مرشح». وأشار إلى أن «لجنة الخبراء بدأت في دراسة الطلبات الـ601 لتحديد أفضل المرشحين لدعوتهم للمقابلات». وبينما كرر زعيم ائتلاف «الفتح» هادي العامري منح كتلته و«سائرون»، المدعومة من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الحرية لعبد المهدي في اختيار الوزراء فإن المراقبين السياسيين في بغداد يرون أن إصرار عبد المهدي على المضي في خيار الاستقلالية في اختيار الوزراء عبر الإنترنت يُعتبر تلميحاً للكتل السياسية بأن ضغط الشارع يدعو إلى تشكيل حكومة تكنوقراط مستقلة، بالإضافة إلى اختباره مدى جدية الكتل السياسية في السماح له بهذا الخيار إلى نهاية الطريق.
وكان العامري دعا، أمس، في كلمة لمناسبة ذكرى تأسيس «المجلس الأعلى الإسلامي»، رئيس الوزراء المكلف عادل عبد المهدي إلى «الإسراع في تشكيل الحكومة»، قائلاً: «نحن في تحالفي (الفتح) و(سائرون) أعطينا الحرية التامة للأخ عبد المهدي بتشكيل الحكومة بعيداً عن أي تأثير، وقلنا له لدينا شرط واحد وهو شرط النجاح».
من جانبها تجد الكتل السياسية، خارج كتلتي «الفتح» و«سائرون»، صعوبة في تمرير حكومة غير متفق عليها مع الكتل السياسية داخل البرلمان.
وفي هذا السياق، قال النائب عن تحالف «المحور الوطني» محمد الكربولي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «النافذة الإلكترونية مجرد بدعة لا أهمية لها، لأن هناك أحزاباً وكتلاً فازت في الانتخابات عبر أصوات الجمهور في إطار برنامج معلن، وبالتالي فإن المطلوب من هذه الكتل أن تنفذ برنامجها من خلال الحكومة». وأضاف: «كيف يمكن التصويت على وزراء لا يمثلوننا ولا نعرف توجهاتهم بدعوى الاستقلالية، فهذا أمر لا يستقيم مع مبدأ الحياة البرلمانية في ظل نظام تعددي».
وقال أيضاً رئيس كتلة «بيارق الخير» في البرلمان، محمد الخالدي، لـ«الشرق الأوسط» إن «المعلومات التي لدي تقول إن الحكومة القادمة لن تمضي إلا عبر بوابة المحاصصة وليس البوابة الإلكترونية مهما كانت النيات طيبة». وأشار إلى أنه «من الصعب تمرير الحكومة داخل البرلمان بنصف زائد واحد، ما لم تقتنع الكتل السياسية بالمرشحين، وبالتالي فإنه يتوجب على عبد المهدي أخذ موافقة كل الكتل لتمرير مرشحيه، وهو أمر يستغرق وقتاً طويلاً، بينما هو محدد في وقت دستوري لا يمكنه تخطيه، وهو شهر».
وفي السياق نفسه، يرى النائب السابق في البرلمان، رحيد الدراجي، أنه «من الصعوبة المضي بحكومة دون موافقة البرلمان عن طريق التصويت، الأمر الذي يتطلب حصول مجموع الوزراء على أكثر من 180 صوتاً». وأضاف أن «رئيس الوزراء المكلف سوف يحاول إقناع الكتل بوزراء من نافذته الإلكترونية لأنه باتت لديه مساحة بسبب عدم مشاركة أحزاب معينة في الحكومة المقبلة، مما سيمنحه هامشاً للمناورة». ورداً على سؤال فيما إذا كانت بعض الأحزاب سوف تذهب للمعارضة، قال الدراجي إنه «لا توجد معارضة في العراق، لكن هناك أحزاب معينة (رفض الكشف عنها) بات عليها (فيتو) بعدم المشاركة».
إلى ذلك، تباينت أيضاً مواقف الحزبين الكرديين الرئيسيين من التشكيلة الحكومية المقبلة؛ فبينما أكَّد الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني أن استحقاقه في الحكومة المقبلة لا يقل عن ثلاث وزارات من بينها وزارة سيادية، أكد الاتحاد الوطني الكردستاني من جانبه أنه يؤيد حكومة مستقلين. وقال النائب عن الحزب، بيار طاهر، في تصريح صحافي أمس: «حسب الاستحقاق الانتخابي والسياسي فإن الحزب الديمقراطي الكردستاني يستحق ثلاث وزارات في حكومة عادل عبد المهدي»، مؤكداً أن «من حق الحزب وزارة سياسية، إضافة إلى وزارتين خدميتين، وهذا ما سنطالب به».
أما القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني النائب بختيار جبار أكد أن حزبه لم يقدم قائمة بأسماء المرشحين لرئيس الحكومة المكلف لشغل المناصب الوزارية. وقال إن «الاتحاد الوطني أعلن وقوفه مع التوجه إلى إبعاد الكتل السياسية عن تسلم الوزارات السيادية وتركها لشخصيات مهنية مستقلة على اعتبار رئيس الحكومة المقبل شخصية مستقلة».
من جانبه، قال برهم صالح، في كلمة له أثناء احتفالية الذكرى 37 لتأسيس «المجلس الأعلى الإسلامي» إن «الشعب العراقي المعطاء قادر على مواجهة التحديات، ونريد له أن يكون محوراً مهماً في المنطقة». وأضاف: «أمامنا استحقاقات خطيرة منها عودة النازحين ومعاناة البصرة والخدمات والحكم الرشيد وأداء أفضل للحكومة المقبلة».وتابع: «نحن مقبلون على مرحلة وحكومة جديدتين، وندعو إلى التعاون مع رئيس الحكومة المكلف عادل عبد المهدي لتشكيل حكومة خادمة للمواطنين، تراعى فيها الخريطة السياسية غير مستندة إلى المحاصصة المقيتة، وأن المواطنين يترقبون تشكيلها، وهناك تفاؤل لما ستؤول إليه المرحلة المقبلة».
وأوضح أن العراقيين يريدون تغييراً ملموساً في نهج الحكم، ومحاربة الفساد، وهي تتطلب الوحدة الحقيقية من أجل تحقيق الانتصار المنشود».
ودعا الرئيس العراقي إلى «الالتزام بالدستور العراقي كضمانة لاحترام التعددية والحريات وحماية حقوق الجميع، والتوجه لمعالجة الأخطاء وعدم العودة إلى مخاطر الإرهاب». وقال: «لا يمكن للعراق أن يتقبل عودة الإرهاب مجدداً، ونريد لبلادنا أن تكون محوراً لمنظومة أمنية وسياسية في المنطقة أساسها التعاون والتضامن والانتصار لتحقيق مصالح العراق واستقرار المنطقة».
وكان الرئيس العراقي قد كلف عادل عبد المهدي في الثاني من الشهر الحالي بتشكيل الحكومة المقبلة، خلال المدة الدستورية المحددة لتشكيل الحكومة والبالغة 30 يوماً.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.