الكوارث المرتبطة بتغير المناخ قتلت 1.3 مليون شخص في 20 عاماً

تقرير أممي يحذّر من خطر موجات الحر في العقد المقبل

ناشط بيئي أثناء تعليق لافتة تدعو إلى مواجهة التغير المناخي في إنشيون الكورية الجنوبية الاثنين الماضي (أ.ف.ب)
ناشط بيئي أثناء تعليق لافتة تدعو إلى مواجهة التغير المناخي في إنشيون الكورية الجنوبية الاثنين الماضي (أ.ف.ب)
TT

الكوارث المرتبطة بتغير المناخ قتلت 1.3 مليون شخص في 20 عاماً

ناشط بيئي أثناء تعليق لافتة تدعو إلى مواجهة التغير المناخي في إنشيون الكورية الجنوبية الاثنين الماضي (أ.ف.ب)
ناشط بيئي أثناء تعليق لافتة تدعو إلى مواجهة التغير المناخي في إنشيون الكورية الجنوبية الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

عشية اليوم الدولي للحد من الكوارث في 13 أكتوبر (تشرين الأول)، أكد خبراء في الأمم المتحدة أن الكوارث المرتبطة بالمناخ والجيولوجيا الفيزيائية، كالزلازل وأمواج المد العاتية «تسونامي»، قتلت مليوناً و300 ألف شخص، وأدت إلى ارتفاع الخسائر الاقتصادية ذات الصلة بالمناخ بنسبة 151 في المائة خلال السنوات الـ20 الماضية.
ونشر مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث نتائج صادمة، تظهر أن الكوارث الناتجة عن تغير المناخ خلفت وراءها 4 مليارات و400 ألف آخرين من الذين أصيبوا أو صاروا بلا مأوى أو بحاجة إلى مساعدات طارئة. وذكرت أيضا أن الأشخاص في البلدان منخفضة الدخل والبلدان متوسطة الدخل أكثر عرضة للوفاة من الكوارث الطبيعية بـ7 مرات من تلك الموجودة في الدول المتقدمة.
وقال مدير فرع الدعم والمراقبة لتنفيذ إطار عمل «سينداي» في المكتب، ريكاردو مينا، إن «هذا ما يؤكد بشكل كبير الحاجة إلى التشديد على الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري»، موضحا أن عدم القيام بذلك ربما يؤدي إلى خروج الأخطار المرتبطة بالمناخ عن نطاق السيطرة. وطالب بمزيد من الاستثمار في تدابير الحد من مخاطر الكوارث، «كي لا نسمح للبلدان بخلق مخاطر جديدة».
ولجهة أثر الكوارث على الاقتصاد العالمي بين عامي 1998 و2017، أفادت البلدان المتضررة أن الخسائر المباشرة بلغت 2.908 تريليون دولار، وهذا أكثر من ضعف الخسائر في العقدين اللذين سبقا. وأوضح التقرير التهديد المتزايد لتغير المناخ، إذ إن الأحوال المناخية الحادة تشكل الآن 77 في المائة من إجمالي الخسائر الاقتصادية، أي ما يوازي 2.245 تريليون دولار. وهذا ما يمثل «ارتفاعاً مثيراً» بنسبة 151 في المائة مقارنة بالخسائر المبلغ عنها بين عامي 1978 و1997، التي بلغت 895 مليار دولار. وكشف التقرير أن الكوارث المرتبطة بالمناخ تمثل 91 في المائة من إجمالي 7255 واقعة مسجلة بين عامي 1998 و2017. وتشكل الفيضانات 43.4 في المائة، والعواصف 28.2 في المائة من الكوارث المتكررة.
وشهدت الولايات المتحدة أكبر الخسائر الاقتصادية، إذ بلغت 944.8 مليار دولار أميركي، تليها الصين بمبلغ وصل إلى 492.2 مليار دولار، ثم اليابان بـ376.3 مليار دولار، فالهند بنحو 79.5 مليار دولار، ومن ثم بورتوريكو بنحو 71.7 مليار دولار. وتضع العواصف والفيضانات والزلازل 3 بلدان أوروبية في المراكز العشرة الأولى في العالم من حيث الخسائر الاقتصادية؛ فرنسا بنحو 48.3 مليار دولار، ثم ألمانيا بنحو 57.9 مليار، وبعدها إيطاليا بـ56.6 مليار دولار. وبلغت الخسائر في تايلاند 52.4 مليار دولار، وفي المكسيك 46.5 مليار دولار. وخلال هذه الفترة، فقد 1.3 مليون شخص حياتهم وأصيب 4.4 مليار شخص أو أصبحوا بلا مأوى أو مشردين أو في حاجة إلى مساعدة طارئة.
وتتجلى زيادة الهشاشة لدى البلدان الأفقر في مواجهة الكوارث في حقيقة أنه في السنوات العشرين الأخيرة، لم يظهر إلا إقليم واحد، مرتفع الدخل رسميا - وهو جزيرة بورتوريكو - في جدول دوري يضم أكبر 10 خسائر اقتصادية كنسبة مئوية إلى الناتج المحلي الإجمالي. وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، ساهمت الولايات المتحدة بمبالغ وصلت إلى أكثر من 71 مليار دولار لإصلاح الدمار الذي أوقعه إعصار ماريا. وهذا المبلغ هو الأكبر منذ عام 1998. وهو ما يعادل 12.2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لبورتوريكو.
وباستثناء كوبا، التي تصنف باعتبارها دولة ذات دخل عالي الوسطي في السنوات العشرين الماضية، فإن الدول العشر الأكثر تضررا كلها منخفضة الدخل، قياسا بالنسبة المئوية لإنتاجها.
أما في هايتي، فقد ضرب زلزال قوته 5.9 درجة شمال غربي الجزيرة أخيرا مسجّلا أعلى الخسائر، بنسبة 17.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وبالنسبة إلى الوفيات الناجمة عن الكوارث، يشير التقرير إلى أن أكثر من 747 ألف شخص - 56 في المائة من الإجمالي - ماتوا في العقدين الأخيرين بسبب زلازل رئيسية، وما نتج عنها من أمواج «تسونامي»، غير أن ما يزيد على 90 في المائة من كل الكوارث التي وقعت خلال السنوات العشرين الماضية تمثلت بالفيضانات والعواصف والجفاف وغيرها من الظواهر المناخية الحادة.
وحذر الباحث المشارك في كتابة التقرير، البروفسور د.ب.أراتي غوها، وهو من معهد الصحة والمجتمع التابع للجامعة الكاثوليكية في لوفان، من أن موجات الحر تشكل تهديدا عالميا متزايدا للحلول التي يجب العثور عليها في السنوات الخمس إلى العشر القادمة. وقال: «القادم الذي سيضربنا كانفجار هو موجات حر»، مشددا على أن هذه المشكلة ستواجه كلا من الدول الفقيرة والغنية على السواء، وهي «تذكر أن البشر لديهم حدود، وحدود لمقاومة الحرارة». ودعا إلى «تقليل المخاطر الحالية لتعزيز صمود الناس والدول، وإلا فإن نجاح أهداف التنمية المستدامة سيكون هدفا غير قابل للتحقق»، وفقا لاعتقاد مينا.
وقال الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للحد من الكوارث مامي ميزوتوري إن التقرير «يسلط الضوء على الاتجاهات الرئيسية على مدى السنوات الأربعين الماضية. ويجب القيام بكثير من العمل لمعالجة العدد الكبير من الوفيات في المناطق الزلزالية»، مضيفا أن «الموت والمعاناة التي سببهما زلزال وتسونامي هذا الشهر في إندونيسيا يجلبان الحاجة إلى زيادة الوعي العام وتطبيق معايير عالية للبناء في المناطق الزلزالية».
وأكد أن تحليل التقرير يوضح أن الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الظواهر المناخية الحادة «غير مستدامة ومكبح رئيسي للقضاء على الفقر في المناطق المعرضة للخطر في العالم». واعتبر أنه «يتعين علينا القيام بعمل أفضل للحصول على بيانات الخسائر الاقتصادية إذا أردنا الحصول على فهم أكمل لما ينجح عندما يتعلق الأمر بتقليل الخسائر الاقتصادية، وإنقاذ الأرواح وسبل العيش وإدارة مخاطر الكوارث».


مقالات ذات صلة

من التصميم إلى الإنشاء… ابتكارات مستدامة تُشكِّل معرضاً دولياً في السعودية

يوميات الشرق معرض مستدام وصديق للبيئة من إنشائه إلى تصميمه ومكوّناته (تصوير: تركي العقيلي)

من التصميم إلى الإنشاء… ابتكارات مستدامة تُشكِّل معرضاً دولياً في السعودية

تبرز تقنية «الشجرة التفاعلية» وسط القاعة. فعندما يقترب الزائر تدبُّ الحياة في الشجرة ويُعرَض وجهٌ عليها لتبدأ بسرد قصتها ممثّلةً الأشجار المُعمِّرة في السعودية.

غازي الحارثي (الرياض)
الاقتصاد جانب من المؤتمر الصحافي الختامي لمؤتمر «كوب 16» بالرياض (الشرق الأوسط)

صفقات تجاوزت 12 مليار دولار في مؤتمر «كوب 16»

يترقب المجتمع البيئي الإعلان عن أهم القرارات الدولية والمبادرات والالتزامات المنبثقة من مؤتمر الأطراف السادس عشر لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16).

عبير حمدي (الرياض)
يوميات الشرق تكريم الفائزين الثلاثة ضمن مبادرة «حلول شبابية» بالتزامن مع «كوب 16» (واس)

منصّتان وشركة... «حلول شبابية» سعودية مبتكرة لمختلف التحديات البيئية

لم تكن الحلول التي قُدِّمت في مؤتمر «كوب 16» للقضايا البيئية والمناخيّة الملحّة، وقضايا تدهور الأراضي والجفاف، قصراً على الحكومات والجهات الخاصة ذات الصلة.

غازي الحارثي (الرياض)
بيئة شجرة تذبل بسبب الجفاف في تشيلي (رويترز)

ثلاثة أرباع أراضي العالم باتت «جافة بشكل دائم» خلال العقود الثلاثة الماضية

بات ما يزيد قليلاً على 75 في المائة من أراضي العالم «أكثر جفافاً بشكل دائم» على مدى العقود الثلاثة الماضية، وفق تقرير تدعمه الأمم المتحدة صدر، الاثنين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
بيئة الاستفادة من التقنيات الحديثة في تشجير البيئات الجافة واستعادة الأراضي المتدهورة من أهداف المعرض والمنتدى الدولي لتقنيات التشجير (تصوير: تركي العقيلي) play-circle 00:55

السعودية تستهدف تحويل 60 % من مناطقها إلى «غابات مُنتجة»

يواصل «المعرض والمنتدى الدولي لتقنيات التشجير» استقبال الحضور اللافت من الزوّار خلال نسخته الثانية في العاصمة السعودية الرياض، بتنظيم من المركز الوطني لتنمية…

غازي الحارثي (الرياض)

روته: يجب تعزيز دفاعات حلف «الناتو» لمنع الحرب على أراضيه

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب تعزيز دفاعات حلف «الناتو» لمنع الحرب على أراضيه

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، اليوم (الخميس)، تحذيرا قويا بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية بحاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».