«مجنون ليلى» عمل مسرحي لبناني تطبعه روح «برودواي»

يجمع استعراضات غنائية راقصة وتمثيلية ملونة بعالم السيرك

شخصية ليلى في المسرحية  تجسدها الفنانة منال ملاط
شخصية ليلى في المسرحية تجسدها الفنانة منال ملاط
TT

«مجنون ليلى» عمل مسرحي لبناني تطبعه روح «برودواي»

شخصية ليلى في المسرحية  تجسدها الفنانة منال ملاط
شخصية ليلى في المسرحية تجسدها الفنانة منال ملاط

في خلطة فنية خارجة عن المألوف، تنطلق عروض مسرحية «مجنون ليلى» على خشبة «كازينو لبنان». يحكي العمل قصة حب العاشقين الشهيرين قيس وليلى، بعد أن تم تعديل بعض الشخصيات فيها، لتواكب أحداث عمل مسرحي مطبوع بأسلوب وروح استعراضات «برودواي» الشهيرة. فمخرج العمل روي الخوري اعتاد نقل مشاهد من مسرحيات في «برودواي» على خشبة لبنانية مما زوده بخبرة لافتة في هذا المجال.
«في هذا العمل رغب المخرج في عرض مسرحية تدور حول قصة معروفة، فنسج حولها تطريزات فنية تجمع ما بين الاستعراض الغنائي وعالم السيرك، ليقدم منتجاً فنياً لبنانياً على مستوى عالمي»، يقول فؤاد يمين أحد أبطال المسرحية التي ستعرض على مدى ثلاثة أيام في 12 و13 و14 الحالي. ويضيف في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «سيستمتع مشاهدها بلوحات راقصة وغنائية تنقله إلى عالم (برودواي) الشهير من خلال قصة محبوكة من الأدب العربي الرائع».
يشارك في هذا العمل مجموعة من الفنانين، الذين لهم بصمتهم في عالم التمثيل والغناء والاستعراض. فيطل فؤاد يمين بدور زوج ليلى (شخصية مبتكرة) مضيفاً حساً من الفكاهة والمرح للعمل. ويجسد الممثل نقولا دانيال شخصية والدها، وسيكون له خلالها إطلالة غنائية تعد الأولى في مشواره التمثيلي. أما الفنان باسم فغالي، الذي صمم أزياء المسرحية، فيؤدي دور والدة زوج ليلى. وتقدم منال ملاط دور البطلة ليلى يقابلها كريستيان أبو عني في دور قيس.
كتب العمل وأخرجه وصمم لوحات الرقص فيه روي خوري الذي يجسد في المسرحية دور قائد السيرك. كما تتضمن 22 أغنية كتبت ونفذت خصيصاً لهذا العمل الفني الغنائي المباشر على الخشبة، وترافقه أوركسترا موسيقية تتألف من 23 عازفاً و30 راقصاً وبهلواناً.
«سنشاهد في المسرحية لوحات استعراضية تجمع ما بين الغناء والتمثيل والرقص ملونة بعالم السيرك. يشارك فيها فنانون محترفون في عالم التهريج وخفة الحركة والرشاقة المعروفة فيه». يقول يمين الذي اعتبر ميوزيكال «مجنون ليلى» خروجاً عن المألوف، إن في قالبها المسرحي أو الفني المباشر، الذي عادة ما يفضل القيمون على هذا النوع من الأعمال، اتباع طريقة غناء «بلاي باك» (الغناء المسجل).
ويأخذ المخرج روي خوري على عاتقه مهمة رواية القصة على مسامع الحضور بلسان القدر المحتم لعاشقين حفرت قصة حبهما في التاريخ القديم والجديد.
يتولى تلحين وتوزيع الأغاني إليو كلاسي (قائد الأوركسترا خلال العرض)، أما كتابتها فتعود إلى أنطوني خوري وفرقة أدونيس. «ما أحبه في هذا العمل دم الشباب الذي يضخ فيه طموحات وأحلام مواهب لبنانية نحن بأشد الحاجة إليها في مسرحنا اليوم. وإذا ما نجحنا في هذه التجربة سنعمل على تقديم هذا النوع من المسرحيات في موعد سنوي يضع اللبنانيين على اتصال مباشر بأعمال مسرحية بمستوى عالمي»، يعلق فؤاد يمين صاحب الخبرة الطويلة في عالم المسرح والسينما، واشتهر مؤخراً بتقديم البرنامج التلفزيوني «نقشت» (Take me out) بنسخته العربية على شاشة «إل بي سي آي».
ويعبر يمين عن سعادته بهذه التجربة، ويقول: «فرح أنا بهذا العمل لأنه مسل وجميل في الوقت نفسه. فهو يرتكز على قصة أدبية شهيرة تقدم في قالب ممتع بعيداً عن الملل والعادي». استغرق التحضير لهذا العمل، الذي تنتجه وتنفذه نايلة خوري، نحو عام كامل، قام خلاله الفريق المؤلف من نحو 100 شخص (فنانين وموسيقيين وتقنيين) بتمرينات مكثفة لتقديمه بأفضل حلة.



«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)

يجيب معرض «الجمل عبر العصور»، الذي تستضيفه مدينة جدة غرب السعودية، عن كل التساؤلات لفهم هذا المخلوق وعلاقته الوطيدة بقاطني الجزيرة العربية في كل مفاصل الحياة منذ القدم، وكيف شكّل ثقافتهم في الإقامة والتّرحال، بل تجاوز ذلك في القيمة، فتساوى مع الماء في الوجود والحياة.

الأمير فيصل بن عبد الله والأمير سعود بن جلوي خلال افتتاح المعرض (الشرق الأوسط)

ويخبر المعرض، الذي يُنظَّم في «مركز الملك عبد العزيز الثقافي»، عبر مائة لوحة وصورة، ونقوش اكتُشفت في جبال السعودية وعلى الصخور، عن مراحل الجمل وتآلفه مع سكان الجزيرة الذين اعتمدوا عليه في جميع أعمالهم. كما يُخبر عن قيمته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لدى أولئك الذين يمتلكون أعداداً كبيرة منه سابقاً وحاضراً. وهذا الامتلاك لا يقف عند حدود المفاخرة؛ بل يُلامس حدود العشق والعلاقة الوطيدة بين المالك وإبله.

الجمل كان حاضراً في كل تفاصيل حياة سكان الجزيرة (الشرق الأوسط)

وتكشف جولة داخل المعرض، الذي انطلق الثلاثاء تحت رعاية الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة؛ وافتتحه نيابة عنه الأمير سعود بن عبد الله بن جلوي، محافظ جدة؛ بحضور الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»؛ وأمين محافظة جدة صالح التركي، عن تناغم المعروض من اللوحات والمجسّمات، وتقاطع الفنون الثلاثة: الرسم بمساراته، والتصوير الفوتوغرافي والأفلام، والمجسمات، لتصبح النُّسخة الثالثة من معرض «الجمل عبر العصور» مصدراً يُعتمد عليه لفهم تاريخ الجمل وارتباطه بالإنسان في الجزيرة العربية.

لوحة فنية متكاملة تحكي في جزئياتها عن الجمل وأهميته (الشرق الأوسط)

وفي لحظة، وأنت تتجوّل في ممرات المعرض، تعود بك عجلة الزمن إلى ما قبل ميلاد النبي عيسى عليه السلام، لتُشاهد صورة لعملة معدنية للملك الحارث الرابع؛ تاسع ملوك مملكة الأنباط في جنوب بلاد الشام، راكعاً أمام الجمل، مما يرمز إلى ارتباطه بالتجارة، وهي شهادة على الرّخاء الاقتصادي في تلك الحقبة. تُكمل جولتك فتقع عيناك على ختمِ العقيق المصنوع في العهد الساساني مع الجمل خلال القرنين الثالث والسابع.

ومن المفارقات الجميلة أن المعرض يقام بمنطقة «أبرق الرغامة» شرق مدينة جدة، التي كانت ممراً تاريخياً لطريق القوافل المتّجهة من جدة إلى مكة المكرمة. وزادت شهرة الموقع ومخزونه التاريخي بعد أن عسكر على أرضه الملك عبد العزيز - رحمه الله - مع رجاله للدخول إلى جدة في شهر جمادى الآخرة - ديسمبر (كانون الأول) من عام 1952، مما يُضيف للمعرض بُعداً تاريخياً آخر.

عملة معدنية تعود إلى عهد الملك الحارث الرابع راكعاً أمام الجمل (الشرق الأوسط)

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال الأمير فيصل بن عبد الله، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»: «للشركة رسالة تتمثّل في توصيل الثقافة والأصالة والتاريخ، التي يجهلها كثيرون، ويشكّل الجمل جزءاً من هذا التاريخ، و(ليان) لديها مشروعات أخرى تنبع جميعها من الأصالة وربط الأصل بالعصر»، لافتاً إلى أن هناك فيلماً وثائقياً يتحدّث عن أهداف الشركة.

ولم يستبعد الأمير فيصل أن يسافر المعرض إلى مدن عالمية عدّة لتوصيل الرسالة، كما لم يستبعد مشاركة مزيد من الفنانين، موضحاً أن المعرض مفتوح للمشاركات من جميع الفنانين المحليين والدوليين، مشدّداً على أن «ليان» تبني لمفهوم واسع وشامل.

نقوش تدلّ على أهمية الجمل منذ القدم (الشرق الأوسط)

وفي السياق، تحدّث محمد آل صبيح، مدير «جمعية الثقافة والفنون» في جدة، لـ«الشرق الأوسط» عن أهمية المعرض قائلاً: «له وقعٌ خاصٌ لدى السعوديين؛ لأهميته التاريخية في الرمز والتّراث»، موضحاً أن المعرض تنظّمه شركة «ليان الثقافية» بالشراكة مع «جمعية الثقافة والفنون» و«أمانة جدة»، ويحتوي أكثر من مائة عملٍ فنيّ بمقاييس عالمية، ويتنوع بمشاركة فنانين من داخل المملكة وخارجها.

وأضاف آل صبيح: «يُعلَن خلال المعرض عن نتائج (جائزة ضياء عزيز ضياء)، وهذا مما يميّزه» وتابع أن «هذه الجائزة أقيمت بمناسبة (عام الإبل)، وشارك فيها نحو 400 عمل فني، ورُشّح خلالها 38 عملاً للفوز بالجوائز، وتبلغ قيمتها مائة ألف ريالٍ؛ منها 50 ألفاً لصاحب المركز الأول».

الختم الساساني مع الجمل من القرنين الثالث والسابع (الشرق الأوسط)

وبالعودة إلى تاريخ الجمل، فهو محفور في ثقافة العرب وإرثهم، ولطالما تغنّوا به شعراً ونثراً، بل تجاوز الجمل ذلك ليكون مصدراً للحكمة والأمثال لديهم؛ ومنها: «لا ناقة لي في الأمر ولا جمل»، وهو دلالة على أن قائله لا يرغب في الدخول بموضوع لا يهمّه. كما قالت العرب: «جاءوا على بكرة أبيهم» وهو مثل يضربه العرب للدلالة على مجيء القوم مجتمعين؛ لأن البِكرة، كما يُقال، معناها الفتيّة من إناث الإبل. كذلك: «ما هكذا تُورَد الإبل» ويُضرب هذا المثل لمن يُقوم بمهمة دون حذق أو إتقان.

زائرة تتأمل لوحات تحكي تاريخ الجمل (الشرق الأوسط)

وذُكرت الإبل والجمال في «القرآن الكريم» أكثر من مرة لتوضيح أهميتها وقيمتها، كما في قوله: «أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ» (سورة الغاشية - 17). وكذلك: «وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ» (سورة النحل - 6)... وجميع الآيات تُدلّل على عظمة الخالق، وكيف لهذا المخلوق القدرة على توفير جميع احتياجات الإنسان من طعام وماء، والتنقل لمسافات طويلة، وتحت أصعب الظروف.