النظام يخيب آمال عسكرييه الفارين بالعفو عمن يسلم نفسه فقط

TT

النظام يخيب آمال عسكرييه الفارين بالعفو عمن يسلم نفسه فقط

خابت آمال أهالي مئات العسكريين السوريين لدى صدور مرسوم العفو العام أمس الثلاثاء عن العسكريين الفارين والمنشقين، شرط تسليم أنفسهم خلال مدة محددة. ويشمل المرسوم رقم 18 لعام 2018 «كامل العقوبة لمرتكبي جرائم الفرار الداخلي والخارجي»، شريطة أن يسلموا أنفسهم خلال مدة محددة. ولا يشمل المرسوم «المتوارين عن الأنظار والفارين عن وجه العدالة»، إلا إذا سلموا أنفسهم خلال مدة أقصاها أربعة أشهر للفرار الداخلي، وستة أشهر للفرار الخارجي.
وبموجب المرسوم، تسقط العقوبة عن كل مرتكبي الجرائم المنصوص عليها في قانون خدمة العلم رقم «30» الصادر عام 2007 وتعديلاته.
وكان أهالي عشرات العسكريين من الضباط وصف الضباط المعتقلين في سجن صيدنايا التابع للنظام يتوقعون صدور عفو عام عنهم، سيما وأنهم سجنوا لمخالفات في عملهم العسكري ولم ينشقوا عن النظام أو يفرّوا من الخدمة، كما شكا أهالي عسكريين مفقودين من نحو ست سنوات، من عدم البت في مصيرهم، وتسجيلهم في عداد الشهداء، كي تستفيد عائلاتهم من المميزات الممنوحة لذوي الشهداء في التعليم والعمل والطبابة وغيرها.
وقالت مصادر أهلية إن هذه المشاكل «جزء يسير من مشاكل العسكريين في الجيش العربي السوري. فالعسكريون بالدور 102 والذين سرحوا العام الجاري، بعد خدمة 8 سنوات وجدوا أنفسهم عاطلين عن العمل، ولغاية الآن لم ينظر في أوضاع تعيينهم بوظائف يعيشون منها. كما أن هناك مئات الأسر التي طال انتظارهم لصدور عفو رئاسي يشمل العسكريين المسجونين. ولفتت المصادر إلى «حالة من انعدام الثقة بمراسيم العفو تسود في أوساط الشباب السوري الفار من الخدمة الإلزامية وخدمة الاحتياط. فهناك عسكريون من الدورة 102، فرّوا سابقا وعادوا بموجب العفو العام السابق، فتم اعتقالهم وما زالوا معتقلين، في حين تسرح كل رفاقهم في الدورة 102».
ولفتت المصادر إلى أن اقتصار مرسوم العفو على الفارين والمنشقين «يعني أن يشمل المعارضين الراغبين بتسوية أوضاعهم وممن كانوا في مناطق المعارضة، وذلك لزجهم في صفوف جيش النظام وتعويض النقص الكبير في صفوفه». ورأت المصادر أن «غالبية من انشق وفرّ خارج البلاد لن يفكر بالعودة وتسليم نفسه، إذ لو كان لدى هذه الفئة رغبة بالقتال، ما فرّوا من الخدمة العسكرية، اللهم إلا من يرغب منهم الآن بدفع بدل مالي». واستغربت المصادر الربط الروسي بين مرسوم العفو عن الفارين والمنشقين وبين عودة اللاجئين، وذلك لأن «ليس كل اللاجئين فارين أو منشقين، كما أن الفارين والمنشقين لم تنتهِ أسباب فرارهم ليعودوا».
ورحب وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، بالمرسوم، وقال: «موسكو ترحب بهذا التوجه للقيادة السورية. والمرسوم عبارة عن خطوة في اتجاه المصالحة الوطنية وإيجاد ظروف مقبولة للاجئين الذين يريدون العودة إلى سوريا إلى جانب النازحين داخلياً».
فيما صرح عضو مجلس الشعب السوري، النائب مهند الحاج علي، لوكالة الأنباء الروسية (سبوتنيك)، بأن هذا المرسوم ليس الأول من نوعه يصدر عن الأسد، حيث سبقته مراسيم أخرى، لكن «ما يميز هذا المرسوم الجديد هو توقيته وخروجه في مرحلة تحرير كامل محافظة إدلب»، و«يعطي فرصة لكل الذين تورطوا أو فروا من الخدمة الإلزامية والاحتياطية داخل القطر أو خارجه، بأن يعودوا لحضن الوطن لتسوية أوضاعهم».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».