نجمة صاعدة في سماء السياسة الأميركية بمواقف صلبة ضد إيران وكوريا الشمالية

نيكي هيلي
نيكي هيلي
TT

نجمة صاعدة في سماء السياسة الأميركية بمواقف صلبة ضد إيران وكوريا الشمالية

نيكي هيلي
نيكي هيلي

مع شيوع خبر استقالتها المفاجئة من منصبها، كمندوبة أميركية دائمة لدى الأمم المتحدة، حاول الدبلوماسيون في المنظمة الدولية معرفة الأسباب الجوهرية، وربما الحقيقية، التي دفعت نجماً سياسياً صاعداً في الفضاء السياسي، مثل نيكي هيلي، إلى القيام بخطوة كهذه.
يترقب كثيرون معرفة أكثر من قبول الرئيس الأميركي دونالد ترمب لاستقالة هيلي، وتصريحاتهما المشتركة في المكتب البيضاوي. وقد تعامل كثيرون بحذر شديد مع التكهنات الكثيرة في شأن مواقف هيلي، وهي من النساء القليلات الباقيات في إدارة هذا الرئيس الجمهوري للولايات المتحدة.
ولا يعكس المؤتمر الصحافي الذي عقده ترمب لهيلي أنها تغادر إدارته بسبب خلافات، مثلما حصل مع وزير الخارجية السابق ريكس تيليرسون، أو المستشار السابق للأمن القومي مايكل فلين، أو سواهما. ولطالما كانت هيلي، وهي ابنة لأبوين هاجرا من الهند، تفضل الأسواق الحرة والتجارة العالمية، وحظيت باهتمام دولي برفع الصوت عالياً في معركة علم الكونفدرالية، إثر مذبحة عام 2015 في كنيسة للسود في مدينة تشارلستون، بولاية ساوث كارولينا. وخلال حملة ترمب الرئاسية، انتقدت بشدة تصريحاته، وحذرت مما قد يعنيه للدبلوماسية الأميركية، بل نبهت إلى أن ميله لمهاجمة منتقديه قد يتسبب في حرب عالمية.
وكسفيرة، كانت هيلي صريحة حازمة. وتطلع الدبلوماسيون الأجانب إليها للحصول على توجيهات في شأن إدارة معروفة باتخاذها أحياناً مواقف غير متناسقة. وقد عبرت بسرعة نسبياً عن آرائها الخاصة حول قضايا السياسة العامة الكبيرة التي تتصدر جدول أعمالها، مثل إيران وكوريا الشمالية.
ومنذ بداية عملها في الأمم المتحدة، برزت هيلي كمدافعة شرسة عن سياسات إدارة ترمب، معلنة أن الولايات المتحدة سوف «تسجل أسماء» الدول التي لا تدعم الولايات المتحدة. وتحدثت في كثير من الأحيان عن الحاجة إلى التغيير داخل الأمم المتحدة، وقوات حفظ السلام التابعة لها، وكثيراً ما وجهت انتقادات لوكالات الأمم المتحدة، لاتخاذها مواقف معادية لإسرائيل. وضغطت من أجل إصدار قرارات في مجلس الأمن لفرض عقوبات أشد على كوريا الشمالية.
في يومها الأول كسفيرة، وعدت هيلي بـ«يوم جديد»، بموجب سياسة ترمب. ونُظر إليها في البداية على أنها تفتقر إلى الخبرة في السياسة الخارجية، ولكن سرعان ما أخذت على محمل الجد من زملائها الدبلوماسيين، خصوصاً بعدما دفعت بثلاث مجموعات من العقوبات ضد كوريا الشمالية، وأقنعت الصين وروسيا، وهما من حلفاء بيونغ يانغ، بالموافقة على الالتزام بها.
واشتهرت بأنها صقر بمواقفها من إيران وعدوانها الإقليمي، وبأنها مناصرة قوية لإسرائيل، وتعمل مع الأمين العام أنطونيو غوتيريش. وفي ما يتعلق بقضايا السياسة، فإن تأثير هيلي في الأمم المتحدة لم يضعفه عدد كبير من قرارات سياسة ترمب التي عارضها كثير من الدول الأخرى، بما في ذلك الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وقطع المساعدات عن الفلسطينيين، وإعلان انسحاب الولايات المتحدة من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
وأقرت هيلي بخلافها السياسي مع الرئيس ترمب. وفي مقال نشرته صحيفة «واشنطن بوست» الشهر الماضي، انتقدت مسؤولاً أميركياً بارزاً، ولكنه مجهول، كتب مقالة رأي في صحيفة «نيويورك تايمز»، يصف فيها إدارة ترمب بأنها فوضوية، فيها كثيرون ممن لا يوافقون على القرارات التي يتخذها الرئيس، وقالت: «أنا لا أتفق مع الرئيس في كل شيء (...) عندما يكون هناك خلاف، هناك طريقة صحيحة وطريقة خطأ للتصدي لها. أحمل الهاتف وأتصل به أو أقابله شخصياً».
واصطدمت هيلي مع مستشار الأمن القومي جون بولتون، بعدما أعلنت أن ترمب سيترأس جلسة لمجلس الأمن مكرسة بالكامل لإيران. وبعدما احتج مسؤولون أوروبيون على ذلك، بحجة أن ذلك سيظهر انقسامات الغرب بسبب قرار ترمب الانسحاب من الصفقة النووية الإيرانية، وسع البيت الأبيض الموضوع ليصير حول مكافحة انتشار أسلحة الدمار الشامل.
ولم يوجه بولتون أي انتقادات لهيلي، لكنه بصفته مندوباً أميركياً سابقاً لدى الأمم المتحدة، قاد قرار تغيير الأجندة. وأثبتت هيلي قدرتها على التأثير على الرئيس ترمب في قضايا مثل العقوبات على روسيا، وحول إعادة توطين اللاجئين في الولايات المتحدة وعبر العالم، وأهمية الأمم المتحدة بالنسبة إلى واشنطن.
وهي السفيرة الجمهورية الأولى لدى الأمم المتحدة التي تحظى بمنصب وزاري في البيت الأبيض منذ نهاية الحرب الباردة، وسرعان ما أوضحت أنها تريد لهذا المنصب أن يكون بمثابة نقطة انطلاق إلى منصب سياسي أعلى، وهو احتمال ربما أثار استياء ترمب.
وقد أصبحت هيلي وجهاً أكثر وضوحاً للسياسة الخارجية الأميركية من وزير الخارجية السابق ريكس تيلرسون. واحتفت مجلة «تايم» بها، عبر وضعها على الغلاف، كواحدة من النساء اللواتي «غيّرن العالم». وفي مقالة بعنوان «المرشحة هيلي»، كتبت مجلة «فورين بوليسي»، في 9 مارس (آذار) الماضي، عنها أنها «سياسية بالمفرق، تحول دبلوماسية الأمم المتحدة لتذكرة إلى البيت الأبيض». وغرد رئيس مجلس النواب الأميركي بول رايان على «تويتر»: «كانت نيكي هيلي صوتاً واضحاً متسقاً قوياً لمصالح أميركا ومبادئها الديمقراطية على الساحة العالمية (...) تحدت الصديق والعدو لتكون الأفضل».
وفي وقت سابق من هذا العام، همس جمهوريون مقربون من البيت الأبيض حول إمكان ترشح هيلي، ونائب الرئيس مايك بنس، سوية في عام 2020. ومع أنها من بين النساء القليلات في حكومة ترمب، فهي ليست المرأة الأميركية الأولى التي تشغل منصب السفير لدى الأمم المتحدة، حيث إنها خلفت سامانتا باور وسوزان رايس، اللتان عملتا في إدارة الرئيس السابق باراك أوباما. وشغلت المنصب أيضاً نساء أخريات، كمادلين أولبرايت، وجين كيركباتريك، وآن باترسون، وروزماري ديكارلو، وميشيل سيسون.
وفي يناير (كانون الثاني) 2016، ردت على خطاب حال الاتحاد الذي ألقاه أوباما، محذرة من «متابعة نداء الأصوات الأكثر غضباً»، في ما عده البعض توبيخاً لترمب. وفي ديسمبر (كانون الأول) 2017، قالت هيلي إن النساء اللواتي اتهمن ترمب بسوء السلوك جنسياً «يجب أن يُسمعن»، وهذا ما بدا ابتعاداً عن تأكيدات أن الاتهامات زائفة.
وفي أغسطس (آب) 2017، عندما قال ترمب في مؤتمر صحافي إن إدارته لا تستطيع استبعاد «الخيار العسكري» استجابة للأزمة في فنزويلا، شعرت هيلي بامتعاض واضح. وفي 15 أبريل (نيسان)، أعلنت هيلي أن الإدارة ستضع عقوبات على الشركات الروسية التي يُعتقد أنها تساعد برنامج الأسلحة الكيماوية في سوريا، كجزء من قائمة من الخيارات للانتقام من هجوم بالكيماوي يشتبه في أنه قتل العشرات في 7 أبريل. لكن في اليوم التالي، أعلن البيت الأبيض أن ترمب قرر عدم المضي في العقوبات، وهو ما يتناقض مع ما قالته هيلي.



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.