إردوغان: تركيا لن تغادر سوريا قبل انتخابات يختار الشعب فيها حكومته

جاويش أوغلو بحث ملف اللجنة الدستورية مع دي ميستورا في إسطنبول

TT

إردوغان: تركيا لن تغادر سوريا قبل انتخابات يختار الشعب فيها حكومته

رهن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، مساء الخميس، مغادرة تركيا للأراضي السورية وتركها لأهلها بإجراء الانتخابات وتشكيل حكومة يختارها الشعب السوري بنفسه.
وقال إردوغان إننا «سنغادر سوريا ونتركها لأهلها بعد أن يجري شعبها انتخاباته». ولفت في كلمة الليلة قبل الماضية في ختام منتدى إعلامي عقد في إسطنبول على مدى يومين بمشاركة مسؤولين وشخصيات سياسية ودبلوماسية من عدد من الدول، أن تركيا قامت بتطهير منطقتي «درع الفرات» بمحافظة حلب، و«غصن الزيتون» بمنطقة عفرين، من «التنظيمات الإرهابية»، بالتنسيق مع الجيش السوري الحر.
وأشار إلى أن نحو 250 ألف سوري عادوا إلى هاتين المنطقتين نتيجة محاربة تركيا للتنظيمات الإرهابية، وتطهيرهما منها.
ولفت الرئيس التركي، إلى أن محافظة إدلب السورية تحولت إلى مكان للنزوح، محذرا من أن استهدافها بالبراميل المتفجرة وغيرها من الأسلحة سيجبر النازحين على القدوم إلى تركيا، مضيفا أن تركيا استقبلت 3.5 مليون سوري ولم تترك مصيرهم للموت ولم تغلق أبوابها كما فعل آخرون.
في سياق متصل، بحث وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو الملف السوري مع المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا خلال لقائهما على هامش المنتدى الإعلامي في إسطنبول، الذي شارك فيه دي ميستورا. وقال جاويش أوغلو في تغريدة على «تويتر» أمس إنه التقى دي ميستورا الليلة قبل الماضية. مضيفا: «بحثنا الفترة المقبلة المتعلقة بالعملية السياسية بسوريا بما فيها تشكيل اللجنة الدستورية».
وكان جاويش أوغلو حذر أول من أمس من محاولات بعض الدول قلب التوازن في تشكيل اللجنة المقترح لصالح النظام السوري.
وبدوره، أكد دي ميستورا أهمية الأشهر الثلاثة المقبلة لإرساء الاستقرار في إدلب، وتشكيل اللجنة الدستورية. وقال أمام الملتقى الإعلامي في إسطنبول: «إنه لم تكن هناك فرصة نجاح بخصوص سوريا تركها المجتمع الدولي، لكنه منذ البداية كان الحل العسكري هو الهدف الموضوع لحل المشكلة، ووصلنا إلى طريق مسدود حاليا، والطرفان بحاجة إلى وسيط لإيجاد عوامل مشتركة، ونريد حلا سياسيا».
وأضاف أن «أهم نقطة في الموضوع هي أننا لا نريد حروبا بالوكالة، هناك جيوش بلدان كثيرة، وهذا خطر كبير جدا»، مشيرا إلى أهمية المفاوضات السياسية، وضرب المثل باتفاق إدلب الذي تم التوصل إليه بين تركيا وروسيا والذي مكن من حماية 3 ملايين شخص في إدلب.
وأشار دي ميستورا إلى أن المدنيين داخل إدلب يقولون لسنا إرهابيين، ويريدون إسماع صوتهم للعالم، وقال: «يجب أن نعطي في الأشهر الثلاثة القادمة فرصة للتوازن».
وعن هذه الفترة، قال: «نحن الآن لدينا القرار 2254. وفي السياسة الواقعية الحقيقية، في نهاية أي أمر أو نزاع يجب التركيز على الهيئة القانونية لحل الأمور، وتنسيق الانتخابات وصلاحيات رئيس الجمهورية، وهي عوامل يجب جمعها في الحل السياسي النهائي».
وطالب بقبول اتفاق إدلب وجعله حيا ومستداما، إضافة إلى تشكيل هيئة قانونية جديدة، لافتا إلى أن هناك تفاؤلا في الأمم المتحدة.
وقال دي ميستورا إن «السوريين يريدون إنهاء الأزمة، وأعتقد أننا بحاجة إلى إنشاء الحماية أو الأمن، مشيرا إلى وجود 100 ألف شخص قيد الاعتقال وهناك من يريدون العودة إلى بلادهم إن ضمنوا عدم ذهابهم للتجنيد، ويجب إنشاء هيئة دستورية في سوريا لتحقيق ذلك».
على صعيد آخر، جدد الرئيس التركي اتهاماته للولايات المتحدة بإرسال 19 ألف شاحنة محملة بالأسلحة والذخائر والمعدات إلى «التنظيمات الإرهابية في سوريا» (في إشارة إلى وحدات حماية الشعب الكردية)، وإرسال 3 آلاف شاحنة، عبر الجو محملة بالأسلحة والمعدات والذخائر أيضاً، كما أنشأت 22 قاعدة عسكرية في سوريا.
وتساءل إردوغان: «لماذا يجري تعزيز هذه القواعد، وبماذا يجري تعزيزها؟»، قائلا: «من جهة تتحدث واشنطن عن وحدة تراب سوريا، ومن جهة أخرى تؤسس 22 قاعدة عسكرية للدولة السورية (النظام)، لم تدع أميركا إلى هناك».
واستنكر إردوغان اعتراض واشنطن على شراء أنقرة منظومة الصواريخ الروسية «إس 400»، مشيرا إلى أن واشنطن اعتبرت الخطوة التركية «غير صائبة».. «قالوا إن تركيا عضو في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وبالتالي لا يمكنها شراء منظومة الصواريخ من دولة غير عضو، غير أنهم لم يقولوا الشيء ذاته لليونان التي اشترت المنظومة ذاتها. والكونغرس رفض طلب أنقرة شراء معدات صناعات دفاعية من واشنطن غير أنه يسمح بتزويد الوحدات الكردية بمختلف أنواع السلاح».
ومن جانبه، قال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، إنه أبلغ نظراءه في حلف الناتو بأن هدف بلاده يتمثل في إنهاء وجود وحدات حماية الشعب الكردية في منطقة منبج السورية.
وقال أكار في تصريح، مساء أول من أمس، عقب اجتماع وزراء دفاع الحلف في العاصمة البلجيكية بروكسل، إنه نقل إلى نظرائه الأهمية التي توليها تركيا لـ«خريطة الطريق» المتفق عليها مع الولايات المتحدة حول منبج والمبادئ الأمنية المتعلقة بذلك.
وأضاف أنه أخطر الوزراء خلال الاجتماع بأن غاية تركيا هي سحب الأسلحة الثقيلة من أيدي «الإرهابيين»، وتطهير الإدارات الأمنية والمحلية من عناصر الوحدات الكردية في أقرب وقت، وتأمين عودة سكان منبج إلى مدينتهم بأقصر مدة ممكنة.
ولفت إلى استمرار تسيير الدوريات المستقلة والمنسقة في المنطقة، وأن الدورية الـ54 تم تسييرها الأحد الماضي، لكنه استدرك قائلا: «لكنني أخبرت نظرائي بأننا تأخرنا كثيرا عن التقويم الذي تم الإعلان عنه لخريطة الطريق المقرر 90 يوما».
وعن بدء عمليات التدريب تحضيرا لتسيير دوريات مشتركة مع الولايات المتحدة في منبج، أشار أكار إلى أن أول مجموعة من العناصر الأميركية وصلت إلى ولاية غازي عنتاب التركية، الثلاثاء الماضي، وأشار إلى أنه تحدث مع المسؤولين الأميركيين في مسألة الشروع بتسيير الدوريات عقب انتهاء التدريب.
وفيما يتعلق بإدلب، أكد الوزير التركي احترام أنقرة وحدة التراب السوري، وأن بلاده لن تسمح أبدا بتشكيل «حزام إرهابي» على حدودها، لافتا إلى أنه نقل لنظرائه عزم تركيا الاستمرار في بذل الجهود من أجل إحلال السلام والاستقرار في المنطقة عبر التحرك وفق مسار آستانة.
وذكر أنه تمت الحيلولة دون حدوث موجة هجرة جديدة، وأزمة إنسانية كبيرة قد تفتح الطريق للتطرف، عبر «اتفاق سوتشي» المبرم بين الرئيس رجب طيب إردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، القاضي بتطهير المنطقة من الإرهابيين والأسلحة الثقيلة.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.