أصحاب المولدات في لبنان يرفضون العدادات ويهددون بإطفائها

وزير الداخلية يلوّح بمصادرتها فور قطع الكهرباء عن المستهلكين

TT

أصحاب المولدات في لبنان يرفضون العدادات ويهددون بإطفائها

صعّد أصحاب المولدات الكهربائية التي تزود اللبنانيين بالطاقة البديلة، تحرّكاتهم بوجه الدولة ممثلة بوزارتي الاقتصاد والداخلية، ردّا على الشروع بتنفيذ قرار تركيب العدادات، وتنظيم محاضر ضبط بحقّ المخالفين الذين يمتنعون عن تركيب هذه العدادات، وهددوا باللجوء إلى إطفاء تحذيري لمولداتهم، ووقف تزويد المشتركين بالكهرباء خلال ساعات التقنين التي تتبعها وزارة الطاقة، إلى أن تعتمد الدولة تعريفة عادلة ومربحة لهم، في وقت لوّح وزير الداخلية نهاد المشنوق بـ«مصادرة أي مولّد سيتوقف عن تزويد المستهلكين بالكهرباء»، معتبرا أن «المطالبة برفع التسعيرة غير مرتبط بتركيب العدادات».
وأعلن أصحاب المولدات في مؤتمر صحافي عقدوه، أمس، أنهم سيرفعون دعوى جزائية ضد وزير الاقتصاد رائد خوري بسبب وصفه لهم بـ«المافيا». وشدد المتحدث باسم أصحاب المولدات المهندس أحمد يونس على أن «تسعيرة 410 ليرات لبنانية (33 سنتا أميركيا) تقريبا للكيلوواط التي حددتها وزارة الطاقة غير عادلة وغير مربحة، وتتسبب في خسارتنا وإفلاسنا، وبالتالي قطع أرزاقنا وأعناقنا». وتوجه إلى كل من يعنيهم الأمر، قائلا: «المولدات لن تشغّل بخسارة، وإذا كان الهدف الحقيقي من وراء هذه القرارات تنظيم القطاع فنحن مع الدولة في تنظيمه، لكن ذلك يحتاج إلى دراسات معمقة وإلى عدالة بين جميع المواطنين، وبين جميع المناطق اللبنانية». وأضاف: «تريدون العدادات، نحن موافقون، ولكن أعطونا تسعيرة عادلة ومربحة فهذه التسعيرة غير عادلة لأنها لا تحتسب الصيانة وكلفة التشغيل».
تصعيد أصحاب المولدات، قابله تشدد من قبل الدولة، حيث قال وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق: «سنصادر أي مولد يتوقف عن تزويد المشتركين بالكهرباء، وسنتحمل نحن مسؤولية تأمينها». وأضاف بعد لقائه وزير الاقتصاد والتجارة رائد خوري: «سنواكب تركيب العدّادات على مولّدات الكهرباء وبالقانون، وإذا كانت هناك مشكلة في التسعيرة فليفاوضوا وزارة الطاقة ولا علاقة للتركيب بالتسعيرة»، معتبرا أن «تركيب العدادات قرار نهائي لا عودة عنه، وفي حال إطفاء المولّدات سنصادرها ونوقف عملها من جانبنا وليس من جانبهم».
وأشار وزير الداخلية إلى أن «التسعيرة الحالية عادلة، ولكن التفاوض حولها مفتوح، ولا يمكن تهديد الناس بقطع الكهرباء عنهم»، وأن «التسعيرة خاضعة للتفاوض كل فترة، حيث سيتم الأخذ بعين الاعتبار المقاييس المحددة من قبل وزارة الاقتصاد». وأكد أن «أصحاب المولدات ليسوا جهة قانونية، ليأتوا بجهة قضائية لتحديد التسعير، وهذا الموضوع غير مرتبط بتركيب العدادات».
أما وزير الاقتصاد رائد خوري، فجزم خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع المشنوق، أن «قرار العدادات للمولدات سيطبق على الأراضي اللبنانية كافة، ولا مفرّ منه».
وقال: «نحن لا نقبل أن تخسر المولدات، ونظام العداد جديد وغير مختبر بعد». ولفت خوري إلى أن «المشترك كان يصرف كهرباء بطريقة عشوائية ولا أحد يمكن أن يعرف تأثير هذا الأمر، وبعد تركيب العدادات ستنتظم الأمور».
إلى ذلك، شدد مصدر مسؤول في وزارة الاقتصاد، على أن «تصعيد أصحاب المولدات لن يوصلهم إلى نتيجة». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «قرار وزير الاقتصاد بتركيب العدادات سينفّذ بدقة، وسيخضع للمراقبة الدورية، ولا أحد أقوى من الدولة أو فوق القانون». ورّحب المصدر بلجوء المعترضين إلى القضاء ردا على وصفهم بـ«المافيا». وقال: «وزير الاقتصاد سمّى بعضهم بأنهم مافيا».
وردا على اعتبار أصحاب المولدات أي مصادرة لأملاكهم بـ«السرقة الموصوفة». ذكّر المصدر المسؤول، بأن «معظم أصحاب المولدات يضعون هذه المعدات على أرض الدولة، ويستخدمون أعمدة الكهرباء العائدة للدولة لتوصيل الاشتراكات إلى المستهلكين»، مشيرا إلى أن «المصادرة إن حصلت ستكون مقابل تعويضات عادلة تدفع لهم، وتتولى البلديات تشغيل المولدات المصادرة وتزويد المواطنين بالتيار الكهربائي»، مؤكدا أن «الدولة لم تصل بعد إلى هذا الخيار، لكن إذا استمروا بالتصعيد، فلكل حادث حديث».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.