افتتح البرلمان التونسي أمس السنة النيابية الخامسة ضمن الدورة، التي تمتد من سنة 2014 إلى غاية 2019، وذلك في ظل تغيرات مهمة طرأت على المشهد البرلماني التونسي، أهمها ظهور كتلة الائتلاف الوطني التي تضم 47 عضوا، وتراجع حزب النداء إلى المرتبة الثالثة بسبب انقسامات هزت الحزب، أدت إلى انسحاب عدد من قياداته، وتشكيل أحزاب وكتل برلمانية بعيدا عن الحزب الأم. غير أن أهم حدث عرفه المشهد البرلماني والسياسي يتمثل في انضمام حزب النداء إلى المعارضة لأول مرة، وذلك بعد إنهاء مبدأ التوافق السياسي مع حركة النهضة من ناحية، ودعوته لإسقاط حكومة الشاهد دون أن ينجح في ذلك، من ناحية ثانية.
ومن المنتظر أن يكون حزب النداء في منافسة شديدة مع كتلة الائتلاف الوطني، التي تأسست لدعم توجهات الحكومة ورئيسها يوسف الشاهد، وهي الكتلة التي غيرت ترتيب المشهد الانتخابي في البرلمان، إذ باتت حركة النهضة في المرتبة الأولى بـ68 نائبا، تليها الكتلة البرلمانية الجديدة بـ47 عضوا، ثم تأتي حركة نداء تونس في المرتبة الثالثة بـ43 نائبا فقط، بعد أن انطلقت خلال انتخابات 2014 وفي رصيدها 86 نائبا.
وكان حزب النداء قد افتتح هذه السنة البرلمانية بتقديم طعن إلى البرلمان ضد تشكيل هذه الكتلة، على أساس أن معظم أعضائها انشقوا عن الحزب نفسه. غير أن البرلمان رفض هذا الطعن، لأن القانون الداخلي لا يمنع انتقال النواب من كتلة برلمانية إلى أخرى خلال المدة النيابية.
وخلال افتتاح الجلسة البرلمانية دعا محمد الناصر، رئيس البرلمان، إلى توفر ثلاثة شروط لإنجاح السنة البرلمانية الأخيرة في عمر هذا المجلس المنتخب منذ سنة 2014، ولخص هذه النقاط الثلاث في إعطاء الأولوية للوطن على حساب الأحزاب السياسية، وتقاسم الأعباء والمشكلات الاجتماعية والاقتصادية بشكل عادل ومتوازن، وضرورة الحفاظ على الوحدة الوطنية.
وبشأن الملفات الهامة المطروحة على نواب المجلس خلال السنة البرلمانية الجديدة، قال غازي الشواشي، النائب عن حزب التيار الديمقراطي المعارض، إن نحو 94 مشروع قانون ما زالت على رفوف البرلماني، وفي انتظار الحسم في محتواها. مؤكدا وجود عدد من الأولويات التي سينظر فيها المجلس البرلماني، ومن بينها على وجه الخصوص مشروع القانون الانتخابي الجديد، وانتخاب رئيس جديد للهيئة العليا المستقلة للانتخابات، خلفا لمحمد التليلي المنصري المستقيل، وتجديد ثلث أعضاء نفس هذه الهيئة، بالإضافة إلى انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية، وهي كلها خطوات ضرورية لضمان إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، التي ينتظر تنظيمها خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من السنة المقبلة.
من ناحية أخرى، عقدت أمس هيئة الدفاع عن القيادي اليساري شكري بلعيد، والنائب البرلماني محمد البراهمي مؤتمرا صحافيا خصصته للكشف عن أحدث المعطيات حول ملف الاغتيال السياسي، الذي تعرض له بلعيد والبراهمي سنة 2013. وخلال هذا المؤتمر أوضح زهير الحمدي لأعضاء حزب التيار الشعبي، الذي أسسه محمد البراهمي، أن المعطيات المعروضة «أثبتت أن النهضة هي المسؤولة عن الاغتيالين»، داعيا إلى العمل على تشكيل ائتلاف مدني وسياسي للكشف عن حقيقة ما سماه بـ«جهاز سري متورط في الاغتيالات السياسية»، وللتدقيق في الوثائق ذات الصلة بالاغتيالات، على حد تعبيره. وقال الحمدي موضحا: «يمكن الحديث اليوم عن مسؤولية جنائية، وليس فقط عن مسؤولية سياسية وأخلاقية لحركة النهضة في ملف الإرهاب».
وكانت قيادات حركة النهضة قد فندت هذه الاتهامات في أكثر من مناسبة، وقالت إن الاغتيالات السياسية «لم تخدم الحزب في شيء، بل أدت إلى خروجه من السلطة نهاية سنة 2013 ومن غير المعقول أن يرتكب حزب سياسي اغتيالات تؤدي إلى مغادرته الحكم».
في السياق ذاته اتهم رضا الرداوي، عضو هيئة الدفاع، حركة النهضة بالوقوف وراء هذين الاغتيالين السياسيين، وقال إن نحو 10 صناديق من والوثائق المتعلقة بملف اغتيالهما قد سرقت ضمن ما سماه بـ«الغرفة السوداء».
وكشف المصدر ذاته عن تسجيل صوتي قال إنه ضُبط ضمن المحجوزات التي زود القضاء بها، والتي تحتوي على 30 ملفا تشير إلى أن حاكم التحقيق المكلف الملف القضائي من مناصري حركة النهضة، على حد تعبيره.
«نداء تونس» في المعارضة للمرة الأولى
اتهامات لـ«النهضة» بتنفيذ اغتيالات
«نداء تونس» في المعارضة للمرة الأولى
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة