اجتماع «لإنقاذ» الصحافة المطبوعة... ولجنة لتأمين مصادر تمويلها

TT

اجتماع «لإنقاذ» الصحافة المطبوعة... ولجنة لتأمين مصادر تمويلها

حذر وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية ملحم الرياشي، وأصحاب الصحف اللبنانية من استمرار أزمة الصحافة المطبوعة، بعد أيام من إعلان «دار الصياد» توقف مطبوعاتها، فيما عبَّر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عن «أسفه لما آلت إليه حال الصحافة الورقية في لبنان أخيراً».
وفي ختام اجتماع طارئ عقده الوزير مع ممثلي الصحف، أمس، أعلن المجتمعون عن تشكيل لجنة متابعة لتحويل مشاريع القوانين التي كان قد قدمها الرياشي إلى اقتراحات قوانين، على أن تقدم إلى مجلس النواب لتبت في تشريع الضرورة، إضافة إلى تأليف لجنة متابعة تجول على الرؤساء الثلاثة لتتابع الاتصالات وإيجاد حل لأزمة الصحافة المطبوعة.
وأوضح نقيب الصحافة عوني الكعكي الذي كان حاضراً في الاجتماع أن «الأولوية اليوم هي لتقديم الدعم المادي للصحف وتأمين استمراريتها». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إضافة إلى مشاريع القوانين التي كان قد قدّمها وزير الإعلام، ستعمل اللجنة التي شكّلت لإعداد ورقة باقتراحات عدّة من شأنها أن تُسهِم في دعم الصحف ليتم بعد ذلك تقديمها إلى رؤساء الجمهورية والحكومة والبرلمان تمهيداً لإقرارها».
ولفت إلى آراء عدّة طرحت في هذا الإطار، أهمها إعفاء الصحف من اشتراكات الضمان الاجتماعي ومن رسوم البلدية ووزارة المالية وفاتورة الهاتف، مشيراً في الوقت عينه إلى اقتراحات قُدِّمت من قبل الحاضرين كأن تقوم الشركات الكبرى في لبنان التي تتجاوز أرباحها مائة مليار دولار باقتطاع 5 في المائة من هذه الأرباح للصحف أو أن تخصص الدولة اللبنانية مبلغاً سنوياً يُقدّر بـ500 ألف دولار للصحيفة التي تستمر في الإصدار و250 ألف دولار للمجلة. ومع إقراره بصعوبة الوضع، اعتبر الكعكي أن إنقاذ الصحف والتجاوب مع بعض الاقتراحات «ليس مستحيلاً إذا وُجِد القرار السياسي بهذا الشأن».
وقال الرياشي إن الاجتماع جاء بعد إعلان إقفال «دار الصياد» وصحيفة «الأنوار» اليومية و«لسبب بسيط واستراتيجي وأساسي، بسيط بالشكل ولكنه معقد جداً بالمضمون». وقال إن «الصحافة الورقية هي الخزّان الاستراتيجي لكل الإعلام والمرئي والمسموع والرقمي، وتعرض هذه الصحف لأي عطب يعني تعرض كل الإعلام لعطب، لذلك علينا الوقوف إلى جانب بعضنا في هذه الأزمة، واليوم لدينا عملياً 8 صحف تصدر يومياً، وهي في خطر حالياً، فجريدة (الحياة) في بيروت أقفلت كما جريدة (البلد)، و(الاتحاد)، و(السفير)، والصحف المتبقية تحاول بجهد أن تستمر».
ولفت إلى أنه منذ تسلمه وزارة الإعلام قدم «مشاريع قوانين كثيرة، جزء منها لدعم الإعلام المرئي والمسموع وجزء لدعم المطبوع وجزء لدعم الإعلاميين، أبرزها قانون نقابة المحررين الذي استحدث وأصبح قانوناً مميزاً وحديثاً جداً». وأضاف: «نجحت في تقديم كل هذه المشاريع لكنني فشلت في أن تكون على جدول أعمال مجلس الوزراء، وهي موجودة حالياً في الأمانة العامة لمجلس الوزراء».
وأشار إلى تشكيل لجنة متابعة خلال ثلاثة أيام ستحول مشاريع القوانين التي قدمتها إلى الحكومة إلى اقتراحات قوانين، وستتابع الاتصالات مع رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة المكلف لتحويل العمل النظري إلى إجرائي وتوقيعه من قبل 10 نواب لكل اقتراحات القوانين، ومطالبة رئيس البرلمان نبيه بري بجلسة لتشريع الضرورة القصوى توضع من قبل مكتب المجلس ليبت بها في أسرع وقت لإنقاذ الصحافة المكتوبة».
وأوضح أن اللجنة تتألف منه ومن المدير العام لوزارة الإعلام الدكتور حسان فلحة ونقيب الصحافة عوني الكعكي ونقيب المحررين إلياس عون والصحافيين نايلة تويني وإبراهيم الأمين وخليل الخوري ونديم اللاذقي وعامر مشموشي وجورج بكاسيني وميشال توما ورضوان الذيب، «وسنبقى على تواصل وسنتابع أي ترتيب متعلق بهذا الموضوع منعاً للمزيد من الانهيارات».
واعتبر الكعكي أنها «المرة الأولى التي تتحرك فيها الدولة لإيجاد حل لمشكلتنا، ولكن يجب أن يقف الشعب اللبناني إلى جانبنا نظراً إلى أهمية الصحافة اللبنانية التي هي مرآة لبنان وتاريخه... وكل مواطن وكل الشركات مسؤولة للوقوف أمام هذه الكارثة، لأنه من أصل 110 امتيازات ليست هناك إلا 8 صحف تصدر حالياً والباقي مهددة، ونتمنى من اللجنة أن تنجز الأمر، ولكنها وحدها لا تكفي».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.