«حماس» تقبل بتأجيل حسم ملفات وتصر على ربط السلاح بدخول «المنظمة»

TT

«حماس» تقبل بتأجيل حسم ملفات وتصر على ربط السلاح بدخول «المنظمة»

قالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، إن المسؤولين المصريين نجحوا في حلحلة موقف «حماس» في قضايا متعلقة بالمصالحة، وتفهموا مواقفها في قضايا أخرى، بانتظار جولة حوار أخرى مع وفد حركة فتح. وبحسب المصادر، تعمل مصر على اتفاق المصالحة بقاعدة خطوة ستأتي بخطوة، (تسليم غزة مثلاً سيأتي برفع العقوبات)، باعتبار أن الطرفين متمسكان بطلباتهما في قضايا يمكن حسمها مع الوقت. وأكدت المصادر أن «حماس» أصرت على مسألة رفع العقوبات عن قطاع غزة، مقابل تسليم الحكومة، وعدلت موقفها في قضايا أخرى، مثل تشكيل حكومة وحدة وطنية، على أن يتفق على تشكيلها لاحقاً، بعد تسلم الحكومة وليس فوراً. وطلبت الاتفاق على دفعات محددة لموظفيها، وليس دمجاً فورياً أو رواتب كاملة، لحين أن تبت في أمرهم اللجنة الإدارية. ووافقت على إخضاع السلاح لنقاشٍ لكن ليس الآن، وإنما بعد إعادة «إصلاح» منظمة التحرير الفلسطينية، وإجراء انتخابات تشارك فيها «حماس».
وأضافت المصادر أن «حماس» أبلغت المصريين أنها «توافق على تسليم قطاع غزة والجباية، شرط أن تصبح الحكومة مسؤولة عن كل احتياجات القطاع، ولا تلجأ لإقصاء موظفي الحركة وأصحاب المناصب العليا».
وبحسب المصادر، فإن «حماس» تكون بهذه المواقف أبدت مرونة بسيطة بقبول تأجيل بعض القضايا.
وقالت المصادر إن المسؤولين المصريين تفهموا إلى حد ما مواقف «حماس». واستمر الاجتماع الأول بين قادة «حماس» ومسؤولي المخابرات المصرية، أول من أمس، الأحد، نحو 7 ساعات، ويفترض أنه استؤنف في وقت متأخر أمس.
وقال حسام بدران عضو المكتب السياسي لـ«حماس»، إن وفد الحركة الموسع، برئاسة نائب رئيس الحركة صالح العاروري، واصل، أمس الاثنين، لقاءاته مع القيادة المصرية في القاهرة لليوم الثاني على التوالي، بعدما عقد الأحد «لقاءً مطولاً مع الأشقاء المصريين في مقر قيادة المخابرات حول جملة من القضايا التي تهم الشعب الفلسطيني والأشقاء المصريين. وشهدت اللقاءات التي جرت اليوم عمقاً وتفهماً وتقارباً ملموساً لمواقف الطرفين».
وشارك في اللقاءات، إلى جانب العاروري وبدران، أعضاء المكتب السياسي للحركة: موسى أبو مرزوق، ود. خليل الحية، ونزار عوض الله، وعزت الرشق، وروحي مشتهى، والقيادي في الحركة طاهر النونو. وجاءت لقاءات «حماس» في القاهرة، بعدما وصلت المباحثات إلى طريق شبه مسدودة، بدأ معها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، التمهيد لاتخاذ قرار بوقف التمويل بشكل كامل عن قطاع غزة.
ويحاول المصريون تجنب وضع معقد سينشأ إذا ما أقدم عباس على ذلك. واقترح المصريون إسناد بعض الملفات إلى لجان مشتركة ومتخصصة؛ يمكن أن تشارك فيها مصر، مثل الأراضي والقضاء والأمن.
ولا يعني أي اتفاق مع «حماس» وجود تقدم في ملف المصالحة، إلا إذا وافقت «فتح» على ذلك. ويفترض أن يلتقي المصريون وفداً من «فتح» في وقت لاحق، في محاولة لتقريب وجهات النظر. وتأمل مصر في إقناع الطرفين باتفاق مصالحة كي يكون مفتاحاً لاتفاق تهدئة في غزة.
وطلب المصريون من «حماس» التريث. وقالت المصادر إن المسؤولين المصريين قدموا نصائح لقادة «حماس» بضرورة تجنب حرب محتملة، وأضافت: «قالوا لهم ألا يتجهوا إلى تصعيد كبير أو أي مظاهرة عسكرية قرب الحدود منعاً لحرب محتملة... فالوضع لا يحتمل حرباً أخرى، ويجب التحرك بعناية وحذر شديدين». وجاءت هذه النصائح في ظل توقف أي مباحثات حول التهدئة. وكانت «حماس» لجأت إلى التصعيد في قطاع غزة، خلال الأسبوعين الماضيين، في محاولة للفت الانتباه والأنظار، واستدراج الوسطاء إلى مفاوضات تهدئة جديدة، بعدما أوقفتها مصر بسبب اعتراض الرئيس الفلسطيني محمود عباس عليها.
وقالت المصادر إن الحركة قررت المضي في الضغط الشعبي على إسرائيل.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».