حصيلة ضحايا العملية الإرهابية في جبل الشعانبي ترتفع إلى 15 قتيلا

صدمة وذهول في الشارع التونسي وقصف متواصل للمواقع المشبوهة

تونسيون خرجوا في مسيرات منددة بالإرهاب أمس في شوارع العاصمة إثر العملية الإرهابية التي أودت بحياة 15 جنديا (رويترز)
تونسيون خرجوا في مسيرات منددة بالإرهاب أمس في شوارع العاصمة إثر العملية الإرهابية التي أودت بحياة 15 جنديا (رويترز)
TT

حصيلة ضحايا العملية الإرهابية في جبل الشعانبي ترتفع إلى 15 قتيلا

تونسيون خرجوا في مسيرات منددة بالإرهاب أمس في شوارع العاصمة إثر العملية الإرهابية التي أودت بحياة 15 جنديا (رويترز)
تونسيون خرجوا في مسيرات منددة بالإرهاب أمس في شوارع العاصمة إثر العملية الإرهابية التي أودت بحياة 15 جنديا (رويترز)

أعلنت وزارة الدفاع التونسية عن العثور على الجندي المفقود الذي فارق الحياة غير بعيد عن منطقة المواجهات مع المجموعات الإرهابية، نتيجة الإصابات التي تعرض لها. وقالت الوزارة في بيان لها إن الجندي المتطوع «استبسل في الدفاع عن الموقع المكلف بحراسته واستشهد وهو يقاتل في سبيل الوطن». وبذلك يرتفع عدد العسكريين الذين اغتالتهم العناصر الإرهابية في هجوم شنته مساء الأربعاء الماضي إلى 15 قتيلا و25 جريحا، في أسوأ حصيلة للمواجهات التي تدور رحاها في الجبال الغربية المحاذية للحدود الجزائرية.
وعد اعلية العلاني الخبير في الجماعات الإسلامية أن وفاة الجندي المفقود «كارثة بجميع المعاني» على حد تعبيره. وأضاف في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الجندي كان بمثابة الصندوق الأسود الذي كان بإمكانه مد قوات الأمن والجيش بمعلومات غاية من الأهمية ستكشف الكثير من الضباب الذي رافق الهجوم الإرهابي.
وكانت التونسية حليمة معالج، القيادية السابقة في روابط حماية الثورة، قد صرحت أن الجندي المتطوع الذي قتل أثناء المواجهات المسلحة هو ابن شقيقها، ويدعى وليد بن عبد الله وعمره 24 سنة. وأشارت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الإرهابيين أطلقوا عليه النار في أماكن متعددة من جسده، وأنه كان في الصفوف الأمامية أثناء شن الهجوم الإرهابي. ورجحت أن يكون الإرهابيون قد تخلوا عنه بعد فترة قليلة من الاحتفاظ به رهينة، قبل أن يسلم الروح فتخلوا عن الجثة، على حد تقديرها.
وبشأن الإرهابي الذي سقط قتيلا أثناء المواجهات، ذكرت مصادر أمنية من القصرين لـ«الشرق الأوسط» أنه من منطقة القصرين (وسط غربي) ويدعى عدنان بن محمد الشرقي، ولم تستبعد المصدر ذاتها أن يكون عدد كبير من المنتمين لكتيبة عقبة بن نافع الإرهابية من القيادات الجزائرية الخطيرة، من أمثال خالد الشايب المعروف بأبو صخر وأبو أحمد الجيجلي.
وتتواصل في جبال الشعانبي عمليات قصف المواقع المشبوهة باستعمال الآليات المدفعية الثقيلة، ووفق شهود عيان تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، إذ نفذت طائرة حربية صباح أمس طلعات فوق مرتفعات جبل الشعانبي، وشنت غارات جوية متتالية على مواقع يرجح أن تكون مأوى للمجموعة الإرهابية. واستهدفت القوات العسكرية، المتمركزة على مشارف المنطقة العسكرية المغلقة، الغابات والأودية بقصف جوي عنيف، في ظل تكتم كبير حول تفاصيل العملية العسكرية الجديدة.
وفي جلسة جديدة للحوار الوطني عقدت يوم أمس، قال حسين العباسي، رئيس الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال)، إن الوضع في تونس لم يعد يحتمل الانتظار، وإنه آن الأوان لعقد مؤتمر وطني لمناهضة الإرهاب، وضبط استراتيجية للقضاء عليه.
من جهته، قال أحمد نجيب الشابي، رئيس الهيئة السياسية للحزب الجمهوري، في مؤتمر صحافي عقده الحزب أمس في العاصمة التونسية، إنه سيعرض مشروع قانون يحمل اسم «عيون الوطن»، هدفه رعاية أبناء الشهداء من قبل الدولة. كما دعا الشابي إلى وضع استراتيجية وطنية لمقاومة الإرهاب، والرفع من ميزانيتي وزارتي الدفاع والداخلية لمجابهة التهديدات الإرهابية، وكذا إحداث صندوق لمقاومة الإرهاب، نافيا أن تكون الحلول الأمنية والعسكرية كافية لوحدها للقضاء على الإرهاب، بمعزل عن خطة شاملة تضم الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والثقافية لظاهرة الإرهاب.
وعلى الرغم من مرور ثلاثة أيام لا تزال العملية الإرهابية التي أودت بحياة 15 عسكريا وجرح أكثر من عشرين آخرين في جبل الشعانبي، تلقي بظلالها على الشارعين السياسي والشعبي في تونس.
فعلى المستوى السياسي كان من المفروض أن تخصص جلسة الحوار الوطني لنهار أمس، الذي ترعاه أربع منظمات وطنية (نقابة العمال ومنظمة الأعراف وعمادة المحامين ومنظمة الدفاع عن حقوق الإنسان)، لموضوع الانتخابات المقبلة، ولكنها خاضت لأكثر من أربع ساعات في تداعيات العملية الإرهابية الأخيرة، وكان لافتا، بالخصوص، حضور مهدي جمعة، رئيس الحكومة التونسية لأطوار هذه الجلسة، وكذا وزير الداخلية لطفي بن جدو، وغازي الجريبي وزير الدفاع، ورضا صفر الوزير المعتمد المكلف الأمن. كما حضرت القيادات الأولى لأبرز الأحزاب السياسية التونسية، مثل راشد الغنوشي عن حركة النهضة (حزب إسلامي) والباجي قائد السبسي عن نداء تونس (ليبرالي)، وحمة الهمامي عن حزب العمال (يساري).
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة شاركت في هذه الجلسة أن رئيس الحكومة والوزراء المرافقين له قدموا للحاضرين تفاصيل عن العملية الأخيرة، وعن الوضع الأمني العام في البلاد، ودعوا الأحزاب إلى «نبذ الخلافات والوحدة لمقاومة الإرهاب». وطرح المشاركون في الحوار جملة من التساؤلات، تعلقت باستراتيجية الحكومة في المرحلة الراهنة للتصدي لخطر الإرهاب، ونقص تجهيزات قوات الأمن والجيش، ومدى جاهزية هذه القوات، بالإضافة إلى تفشي ظاهرة التهريب، وقضية المساجد الخارجة عن سيطرة السلطات الرسمية. وخلال هذه الجلسة جدد بعض المشاركين في الحوار الدعوة إلى عقد مؤتمر وطني حول الإرهاب في الأيام القليلة المقبلة.
وكان مهدي جمعة قد أشرف مساء أول من أمس، إلى جانب محمد المرزوقي، رئيس الجمهورية، ومصطفى بن جعفر، رئيس المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) على اجتماع المجلس الأعلى للأمن، الذي حضرته القيادات الأمنية والعسكرية العليا، تناول بالخصوص الخطط الأمنية في مواجهة الخطر الإرهابي الذي أصبحت تعرفه البلاد.
ومباشرة بعد وقوع العملية الإرهابية أصدرت مختلف الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية بيانات تندد بالإرهاب، ودعت إلى التصدي للجماعات المتطرفة، كما دعت بعض الأحزاب إلى مسيرات سلمية، حيث نظمت حركة النهضة، أمس، مسيرة في العاصمة بعد صلاة الجمعة، ومسيرات مماثلة في أنحاء مختلف من تونس، ونظمت أحزاب أخرى مساء أمس الجمعة مسيرة بضاحية باردو، غرب العاصمة التونسية، في اتجاه مقر المجلس الوطني التأسيسي.
وعدت جل الأحزاب السياسية هذه العملية الإرهابية محاولة «لإفشال المسار الانتقالي في تونس، وخاصة الانتخابات المقبلة حتى لا تجري في الموعد المحدد لها نهاية السنة الحالية»، وهو نفس الموقف الذي عبر عنه مهدي جمعة، رئيس الحكومة التونسية في كلمة بثتها القنوات التلفزية والمحطات الإذاعية التونسية مساء أول من أمس، أكد فيها أن الحكومة «متمسكة بإجراء الانتخابات في موعدها مهما حاول الإرهابيون التشويش عليها». أما الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر نقابة عمالية) فخصص أشغال هيئته الإدارية لتدارس تداعيات هذه العملية ومخاطر التهديدات الإرهابية. أما على مستوى الشارع فإن حالة من الذهول والصدمة لا تزال تسيطر على التونسيين بسبب فداحة الخسائر المسجلة بين قوات الجيش. كما عبر عدد من التونسيين عن حيرتهم بسبب تسرب عدد كبير من الإرهابيين الذين نفذوا هذه العملية (بين 40 و60 عنصرا حسب السلطات الرسمية) إلى منطقة جبل الشعانبي، خاصة أنها تعد منطقة عسكرية مغلقة، وتخضع منذ أشهر لحصار قوات الجيش والأمن.



تأكيد سعودي على ضرورة إنهاء التوتر وفرض الاستقرار شرق اليمن

جنود موالون لـ«المجلس الانتقالي» الجنوبي يحرسون محيط القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون لـ«المجلس الانتقالي» الجنوبي يحرسون محيط القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
TT

تأكيد سعودي على ضرورة إنهاء التوتر وفرض الاستقرار شرق اليمن

جنود موالون لـ«المجلس الانتقالي» الجنوبي يحرسون محيط القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون لـ«المجلس الانتقالي» الجنوبي يحرسون محيط القصر الرئاسي في عدن (رويترز)

على خلفية التحركات العسكرية الأخيرة التي قام بها «المجلس الانتقالي الجنوبي» في محافظتي حضرموت والمهرة شرقي اليمن، أكد رئيس الوفد السعودي الزائر لحضرموت اللواء محمد القحطاني، أن المملكة التي تقود تحالف دعم الشرعية، تبذل جهوداً لإنهاء الأزمة وحل الصراع وعودة الأوضاع إلى سابق عهدها.

وذكر الإعلام الرسمي اليمني، أن الوفد السعودي وصل إلى مديريات الوادي والصحراء، بعد استكمال اجتماعاته في مدينة المكلا ومديريات الساحل، حيث كان في استقباله محافظ حضرموت سالم الخنبشي، وعدد من وكلاء المحافظة، ووجهاء وأعيان ومشايخ وادي وصحراء حضرموت.

وطبقاً لما أوردته وكالة «سبأ» الحكومية، رحب المحافظ الخنبشي بالوفد السعودي، وقال،«إن الزيارة جاءت لتضيف دعامة لأواصر الأخوة والقربى والجوار والعقيدة التي تجمع اليمن بالمملكة»، معولاً على هذه الزيارة في دعم حضرموت وسلطتها المحلية للتخفيف من معاناة المواطنين في المجالات الخدمية والاقتصادية والأمنية.

رئيس الوفد السعودي لفرض التهدئة في حضرموت اللواء محمد القحطاني (سبأ)

وفي كلمة له أمام جمع كبير من مشايخ وأعيان ووجهاء وقيادات مديريات الوادي والصحراء، أكد رئيس الوفد السعودي، اللواء الدكتور القحطاني، «موقف السعودية الثابت تجاه اليمن ومحافظة حضرموت وفرض التهدئة، ودعم الأمن والاستقرار، ورفض أي محاولات لفرض أمر واقع بالقوة أو إدخال المحافظة في دوامة صراعات جديدة».

وجدد المسؤول السعودي، استمرار موقف الرياض بخصوص «خروج جميع القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي من محافظتي حضرموت والمهرة وإعادة الأوضاع إلى سابق عهدها».

وأكد القحطاني، رفض أي محاولات تعيق مسار التهدئة، وقال: «إن حضرموت ركيزة وأولوية أساسية للاستقرار وليست ساحة أو ميداناً للصراع، وإن حضرموت لديها كوادر مؤهلة من أبنائها لإدارة شؤونها ومواردها، ويجب أن تُدار عبر مؤسسات الدولة الرسمية ممثلة بالحكومة والسلطة المحلية».

مصفوفة متكاملة

ونقل الإعلام الرسمي اليمني عن اللواء القحطاني، أنه «خلال زيارة الوفد الحالية لحضرموت، تم الاتفاق على مصفوفة متكاملة من الإجراءات لدعم الأمن والاستقرار والتهدئة مع جميع الأطراف، بما في ذلك المجلس الانتقالي».

وأكد القحطاني، أن قيادة التحالف العربي بقيادة السعودية، تبذل جهوداً لإنهاء الأزمة وحل الصراع وعودة الأوضاع إلى سابق عهدها.

وأشار، إلى أن السعودية «تربطها علاقات أخوية تاريخية مع اليمن بأكمله، وأن القضية الجنوبية قضية عادلة لا يمكن تجاوزها أو تجاهلها؛ فهي موجودة في مخرجات الحوار الوطني اليمني، وحاضرة في أي تسوية سياسية قادمة ضمن السعودية، والإمارات لدعم الحل السياسي الشامل في اليمن».

حشد في عدن من أنصار «المجلس الانتقالي» المطالب باستعادة الدولة التي كانت قائمة في جنوب اليمن قبل 1990 (أ.ف.ب)

وأعلن القحطاني، أنه تم التوصل مع أطراف السلطة المحلية، وحلف قبائل حضرموت، «إلى صيغة مبدئية لضمان استمرار تدفق إنتاج النفط في بترومسيلة، وعدم تعطيل مصالح الناس، وتحييد مواقع النفط بعيداً عن الصراع، من خلال خروج القوات المسيطرة الموجودة حالياً في بترومسيلة، على أن تحل محلها قوات حضرمية تحت إشراف مباشر من السلطة المحلية بالمحافظة بما يضمن تطبيع الحياة».

دعوة أممية

وعلى وقع التطورات التي شهدتها حضرموت والمهرة في الأيام الماضية، أجرى المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، زيارة إلى الرياض والتقى وزير الخارجية اليمني شائع الزنداني، وسفير السعودية لدى اليمن محمد آل جابر، وسفير الإمارات لدى اليمن محمد الزعابي، وممثلين عن الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، إلى جانب عدد من الدبلوماسيين.

وحسب بيان لمكتب المبعوث، ركّزت الاجتماعات على التطورات الأخيرة في حضرموت والمهرة، مع الإشارة إلى أن المنطقة الشرقية من اليمن تُعدّ منطقة حيوية سياسياً واقتصادياً.

وفي حين شدد المبعوث الأممي، على ضرورة «ممارسة جميع الأطراف الفاعلة ضبط النفس وخفض التصعيد عبر الحوار»، أكّد على ضرورة الحفاظ على «مساحة للنقاش بين الأطراف اليمنية؛ دعماً للاستقرار وبما يخدم مصلحة الشعب اليمني».

وخلال لقاءاته، جدد غروندبرغ، التزامه بمواصلة العمل مع الأطراف اليمنية والإقليمية والدولية؛ لدعم خفض التصعيد، وتعزيز آفاق التوصل إلى تسوية سياسية تفاوضية للنزاع في اليمن.

في السياق نفسه، ذكر الإعلام الرسمي اليمني، أن وزير الخارجية وشؤون المغتربين، شائع الزنداني، التقى المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، هانس غروندبرغ، وجدد له دعم الحكومة اليمنية الكامل للجهود الأممية، مؤكّداً استعداد الحكومة للتعاون مع الأمم المتحدة، والمجتمع الدولي بما يسهم في تخفيف المعاناة الإنسانية، وتعزيز الأمن والاستقرار».

وتناول اللقاء - بسب المصادر الرسمية - التطورات المرتبطة بالاجتماع الخاص بمفاوضات تبادل الأسرى والمحتجزين، حيث شدّد الوزير الزنداني، على «أهمية إحراز تقدم ملموس في هذا الملف الإنساني، وضرورة الالتزام بما يتم الاتفاق عليه، بما يضمن إطلاق سراح جميع الأسرى والمحتجزين دون استثناء».

توالي البيانات الدولية

وبعد بيانات أميركية وبريطانية وفرنسية وألمانية تدعو إلى التهدئة، وتعزيز الاستقرار في اليمن، أكدت بعثة الاتحاد الأوروبي، «دعمها لمجلس القيادة الرئاسي، والحكومة اليمنية في الجهود المبذولة لتعزيز الأمن والاستقرار».

وثمنت البعثة في تغريدة على منصة «إكس»،«الإيجاز الشامل لرئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، حول التطورات الأخيرة في حضرموت والمهرة»، مشددة على ضرورة «تسوية الخلافات السياسية بالوسائل السياسية من خلال الحوار».

ورحبت البعثة، بجميع الجهود الرامية إلى خفض التصعيد من خلال الوساطة، مجددة وقوف الاتحاد الأوروبي إلى جانب الشعب اليمني، «ومشاركة تطلعاته في الحرية والأمن والازدهار».

وكان العليمي، عقد اجتماعاً في الرياض، مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن، وأطلعهم على آخر الأحداث السياسية، والميدانية، بخاصة ما شهدته المحافظات الشرقية من تطورات وصفها بأنها «تشكل تقويضاً للحكومة الشرعية، وتهديداً لوحدة القرار الأمني، والعسكري، وخرقاً لمرجعيات العملية الانتقالية».

وأكد العليمي، أن «أحد المسارات الفعالة للتهدئة يتمثل في موقف دولي موحد، واضح وصريح، يرفض الإجراءات الأحادية، ويؤكد الالتزام الكامل بمرجعيات المرحلة الانتقالية، ويدعم الحكومة الشرعية بصفتها الجهة التنفيذية الوحيدة لحماية المصالح العليا للبلاد».

كما جدد التأكيد، على أن «موقف مجلس القيادة الرئاسي واضح من تجاربه السابقة، بعدم توفير الغطاء السياسي لأي إجراءات أحادية خارج الإطار المؤسسي للدولة، متى ما توفرت الإرادة الوطنية، والإقليمية، والدولية الصادقة».


غوتيريش يدين إحالة الحوثيين موظفين أمميين إلى المحاكمة

عنصر حوثي خلال حشد مسلح نظمته الجماعة في محافظة عمران شمال صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي خلال حشد مسلح نظمته الجماعة في محافظة عمران شمال صنعاء (أ.ف.ب)
TT

غوتيريش يدين إحالة الحوثيين موظفين أمميين إلى المحاكمة

عنصر حوثي خلال حشد مسلح نظمته الجماعة في محافظة عمران شمال صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي خلال حشد مسلح نظمته الجماعة في محافظة عمران شمال صنعاء (أ.ف.ب)

بالتوازي مع تنديد الأمم المتحدة بإحالة الحوثيين موظفين يمنيين في المنظمة الدولية إلى المحاكمة، شدّد مسؤولون في الحكومة اليمنية على توسيع التنسيق العسكري لمواجهة الجماعة المدعومة من إيران، وتعزيز حضور مؤسسات الدولة، وتحسين البيئة التشغيلية للمنظمات الإنسانية.

وفي هذا السياق، عبّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن قلقه البالغ إزاء استمرار الحوثيين في احتجاز 59 من موظفي الأمم المتحدة، إلى جانب عشرات العاملين في منظمات غير حكومية، ومؤسسات مجتمع مدني، وبعثات دبلوماسية.

وفي البيان، الذي ورد على لسان ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام، ندد غوتيريش بإحالة الموظفين الأمميين إلى محكمة جنائية خاصة تابعة للحوثيين، عادّاً الخطوة «انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، ولحصانة موظفي الأمم المتحدة، بمن فيهم المواطنون اليمنيون، تجاه أي إجراءات قانونية مرتبطة بمهامهم الرسمية».

وأشار البيان إلى أن هؤلاء الموظفين «يُحتجزون بمعزل عن العالم الخارجي، بعضهم منذ سنوات، من دون أي إجراءات قانونية واجبة». ودعا سلطات الحوثيين إلى «التراجع الفوري عن هذه الإحالة، والإفراج عن جميع المحتجزين من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والسلك الدبلوماسي».

سجناء في صنعاء أمرت محكمة حوثية بإعدامهم بتهمة «التخابر» (إ.ب.أ)

كما جدد تأكيد التزام الأمم المتحدة «بمواصلة دعم الشعب اليمني، وتقديم المساعدة الإنسانية رغم التحديات المتصاعدة» في مناطق سيطرة الحوثيين.

وفي سياق متصل، رحّبت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في الحكومة اليمنية، بقرار منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) نقل مقرها الرئيسي من صنعاء الخاضعة للحوثيين إلى العاصمة المؤقتة عدن.

وأوضحت الوزارة في بيان، أن الخطوة تأتي استجابة لدعواتها المتكررة التي طالبت خلالها بنقل مقار المنظمات الدولية والأممية من صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين، «حفاظاً على سلامة كوادرها وضماناً لعدم خضوعها للابتزاز أو العرقلة».

وأكد البيان أن القيادة الحكومية، ممثلة في وزير الشؤون الاجتماعية والعمل محمد الزعوري، «ستوفر كل أشكال الدعم والتسهيلات لتمكين (اليونيسيف) من أداء مهامها بفاعلية أكبر من مقرها الجديد».

تعزيز الجهود العسكرية

وإلى ذلك، شهدت العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، اجتماعاً بين عضو «مجلس القيادة الرئاسي» عبد الرحمن المحرمي ووزير الدفاع محسن الداعري. ناقشا خلاله «مستجدات الأوضاع العسكرية في مختلف الجبهات، ومستوى الجاهزية القتالية، وانضباط الوحدات العسكرية، إضافة إلى جهود الوزارة في مجالات التدريب والتأهيل ورفع القدرات الدفاعية»، وفق ما أورده الإعلام الرسمي.

وفي حين نقلت وكالة «سبأ» الحكومية عن الداعري تأكيده أن القوات المسلحة «تعمل بتناغم وانسجام كاملين في مواجهة الحوثيين»، شدد المحرمي، على «ضرورة تعزيز التنسيق بين التشكيلات العسكرية، وحشد الطاقات نحو العدو المشترك، باعتبار ذلك أساسياً لحماية الأمن والاستقرار في المناطق المحررة».

عضو «مجلس القيادة الرئاسي» اليمني عبد الرحمن المحرمي مع وزير الدفاع محسن الداعري (سبأ)

ومن مأرب، بعث عضو «مجلس القيادة الرئاسي» اللواء سلطان العرادة، برسالة وطنية جامعة خلال لقاء موسع ضم أعضاء من مجلسي «النواب» و«الشورى» ومحافظين ومسؤولين ووجهاء من مختلف المحافظات.

وأكّد العرادة أن اليمن «يعيش لحظة فارقة تتطلب رصّ الصفوف وتعزيز التلاحم الوطني». وقال في كلمته: «إن ما يجمع اليمنيين هو إيمانهم الراسخ بأن اليمن لا يُهزم ولا يموت، وأن أبناءه يجددون دائماً قدرتهم على الصمود رغم العواصف» التي تمر بها البلاد.

وأشار العرادة إلى أن التجارب التي مرت بها البلاد «رفعت منسوب الوعي الشعبي بأهمية الدولة وضرورة حماية مؤسساتها»، مؤكداً أن «استعادة مؤسسات الدولة من ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران تُمثل اليوم أولوية وطنية لا بديل عنها».

وشدد على أن «الدفاع عن الوطن مسؤولية مشتركة لا تخص محافظة بعينها، بل هي واجب يتحمله جميع اليمنيين دون استثناء، وأن طريق النصر، وإن بدا طويلاً، يظل واضحاً لمن يمتلك الإرادة والعزيمة ووحدة الهدف».


الأمم المتحدة تندد بإحالة عدد من موظفيها المحتجزين على محكمة تابعة للحوثيين

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)
TT

الأمم المتحدة تندد بإحالة عدد من موظفيها المحتجزين على محكمة تابعة للحوثيين

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)

ندد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الثلاثاء، بإحالة المتمردين الحوثيين في اليمن على محكمتهم الخاصة عدداً من موظفي الأمم المتحدة الـ59 الذين يحتجزونهم «تعسفياً».

وأفاد ستيفان دوجاريك، الناطق باسم غوتيريش، بأن الأمين العام «يدين إحالة سلطات الأمر الواقع الحوثية موظفين من الأمم المتحدة على محكمتهم الجنائية الخاصة»، مشيراً إلى أن هذه الإحالة تشمل عدداً لم يحدده من موظفي الأمم المتحدة المُحتجَز بعضهم منذ سنوات.

وأضاف: «ندعو سلطات الأمر الواقع إلى إلغاء هذه الإحالة والعمل بحسن نية للإفراج الفوري عن جميع موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والسلك الدبلوماسي».

ونفذ الحوثيون المدعومون من إيران في السنوات الأخيرة موجات عدة من الاعتقالات، ولا يزالون يحتجزون 59 موظفاً من الأمم المتحدة، جميعهم من الجنسية اليمنية، وهم محرومون من أي تواصل مع العالم الخارجي.

وعلّل الحوثيون احتجاز هؤلاء بتهم تجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل، لكنّ الأمم المتحدة نفت الاتهامات مؤكدة عدم جواز ملاحقة موظفيها على أساس أنشطتهم الرسمية.

أما مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك فأشار في بيان إلى أن أحد زملائه أحيل على المحكمة الخاصة لدى الحوثيين بناء على «اتهامات كاذبة بالتجسس»، وقال: «هذا أمر غير مقبول على الإطلاق ويشكّل انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان»، مجدداً المطالبة بالإفراج الفوري عن جميع موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الأخرى.

ودأب القضاء التابع للحوثيين، الذين يسيطرون على العاصمة صنعاء وأجزاء واسعة من اليمن، على استدعاء عاملين في منظمات غير حكومية وصحافيين ومعارضين.