ظريف ينتقد ضغط واشنطن «غير المسبوق» لتنفيذ العقوبات على طهران

وزير الخارجية الإيراني: سننسحب من الاتفاق النووي إذا لم تكن الآلية الأوروبية فعالة

ظريف ينتقد ضغط واشنطن «غير المسبوق» لتنفيذ العقوبات على طهران
TT

ظريف ينتقد ضغط واشنطن «غير المسبوق» لتنفيذ العقوبات على طهران

ظريف ينتقد ضغط واشنطن «غير المسبوق» لتنفيذ العقوبات على طهران

جدد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف تحذيره من انسحاب إيران من خطة العمل المشترك «إذا لم تكن الآلية الأوروبية الهادفة للحفاظ على الاتفاق النووي فعالة»، ووصف سياسة الإدارة الأميركية بتنفيذ العقوبات على طهران بـ«غير المسبوقة».
وقال ظريف إن تهديد ترمب بفرض عقوبات على الدول الأوروبية المستمرة في علاقاتها التجارية مع إيران، «غير مسبوق»، متهما إياه بممارسة سلوك «الفتوّة». وقال أيضا إنه «لا يزال من الممكن» أن تتمكن إيران من استئناف برنامجها النووي، مضيفا أن ترمب «عزل الولايات المتحدة بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني».
ومع ذلك، أقر ظريف بتأثير خطوات الإدارة الأميركية على علاقات إيران الاقتصادية، وقال إن انسحاب الشركات الأوروبية من إيران «بسبب الخوف من العقاب من قبل الولايات المتحدة».
واتهم وزير الخارجية الإيراني في مقابلة مع قناة «سي بي إس» على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، أمس، الولايات المتحدة بإجبار حلفائها الأوروبيين على القيام بأعمال «خارجة عن القانون»، وقال في هذا: «تطلب الولايات المتحدة من الدول انتهاك القانون الدولي، وتقول للدول والشركات إنهم إذا ما احترموا القانون فسوف يعاقبون».
وأشار ظريف تحديدا إلى تهديد ترمب للدول التي تواصل التعامل مع إيران بعد تنفيذ العقوبات الأميركية، عندما قال: «كل من يتعامل مع إيران لن يقوم بأعمال تجارية مع الولايات المتحدة». وقال إن «هذه السياسة سوف يكون لها رد فعل عنيف. إن المجتمع الدولي لن يقبل أن يأتي شخص ويريد أن يصدر أوامره».
وقبل ذلك، قال ظريف في كلمة بمقر السفارة الإيرانية في الأمم المتحدة، ليلة أول من أمس إنه «إذا كانت الآلية الخاصة التي أنشأها الأوروبيون غير فعالة، فقد تنسحب إيران من هذا الاتفاق».
وأضاف ظريف أن إيران تخطط للتعامل بالعملات الأخرى، لتحل محل الدولار، في بيع النفط والتجارة الدولية، لمواجهة العقوبات النفطية الأميركية، موضحا أن دولا بدأت في إبرام اتفاقيات لاستخدام عملتها المشتركة في التجارة الثنائية في إطار الآلية الجديدة.
ودافع ظريف عن إمكانية القيام بتبادلات تجارية بعملات أخرى غير الدولار، مشيرا إلى قناعته بـ«إمكانية الربح».
وجاءت تصريحات ظريف بعد أيام من تأكيد رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي دونالد تاسك على أن المجموعة «ستلتزم باتفاق إيران ما التزمت به إيران» وفقا لوكالة «بلومبيرغ».
وكان الاتحاد الأوروبي أعلن مؤخرا أنه سيوفر قنوات دفع جديدة لتسهيل الأعمال التجارية مع إيران دون تضارب مع العقوبات الأميركية، بما في ذلك المرتبطة بصادرات النفط. وأكد الاتحاد أن إيران تفي بالتزاماتها بموجب الاتفاق النووي لعام 2015، الذي انسحب منه الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مايو (أيار) الماضي بصورة أحادية.
وردا على سؤال بشأن ما إذا كان انسحاب إيران من الاتفاق النووي سيفتح الباب أمام هجوم عسكري على إيران، قال ظريف: «أعتقد أنه إذا كانت أميركا تعتقد أنه يمكن أن تنجح في مثل هذا الهجوم على إيران، لنفذت هذا الأمر».
وقد أثار المسؤولون الأميركيون انتقادات لإيران للتورط في صراعات إقليمية في سوريا والعراق ولبنان واليمن؛ بحسب صحيفة «واشنطن بوست».
وأفادت وكالة الأنباء الألمانية بأن ظريف عدّ أن الولايات المتحدة هي المعتدي في المنطقة. وقال: «هل رأيتم خريطة توضح جميع القواعد الأميركية الموجودة حولنا... نحن في منطقتنا ولم نهاجم أي بلد. لم نرسل قواتنا إلى أي مكان دون أن يُطلب منا. نحن سعداء بحجم بلدنا وجغرافيتنا ومواردنا، ولم نطمع بتربة أو موارد أي شعب ومكان آخر».
وانسحب كثير من الشركات الدولية بعد وعود ترمب بـ«تطبيق أقسى عقوبات في التاريخ على إيران» عقب الانسحاب من الاتفاق.
وفي مايو الماضي، قررت الولايات المتحدة الانسحاب من الاتفاق الذي أبرمته طهران وقوى عالمية عام 2015 وجرى بمقتضاه تخفيف العقوبات على طهران مقابل كبح برنامجها النووي.
وفقد الريال الإيراني نحو 70 في المائة من قيمته منذ أبريل (نيسان) الماضي تحت وطأة العقوبات الأميركية وفي ظل الطلب الشديد على الدولار في أوساط الإيرانيين لحماية مدخراتهم.
وانحدر مستوى المعيشة أيضاً مما أدى لخروج مظاهرات متفرقة ضد الانتهازية والفساد، فيما ردد بعض المحتجين شعارات مناهضة للحكومة.
وشهدت أكثر من 80 مدينة إيران احتجاجات في بداية هذا العام ضد تدهور الأوضاع المعيشية. ومنذ ذلك الحين تشهد البلاد إضرابات واحتجاجات ضد تأخر الوعود الحكومية بتحسين الوضع الاقتصادي.
على هذا الصعيد، يعقد البرلمان الإيراني اليوم اجتماعا مغلقا لدراسة عدة قضايا أبرزها الوضع الاقتصادي.
ولفت أحد النواب في تصريح لوكالة «إرنا» أن الاجتماع ينعقد بمشاركة أعضاء البرلمان فقط، ومن دون مشاركة ممثلين عن الحكومة.
ويقدم عدد من النواب خلال الاجتماع مقترحات للعبور من الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد.
كان وزير التجارة الإيراني محمد شريعتمداري أعلن قبل أيام استقالته من منصبه بسبب الأزمة المالية الحادة، ونقلت وكالات إيرانية أن الرئيس الإيراني حسن روحاني وجه خطابا إلى رئيس البرلمان علي لاريجاني طالب فيه بتعطيل جلسة استجواب شريعتمداري.
وجاء هذا بعد أسابيع من إقالة المجلس وزيري العمل والاقتصاد ومحافظ ونائب محافظ البنك المركزي. كما خضع روحاني نفسه لجلسة استجواب أمام البرلمان.
ويتهم البرلمان الإيراني روحاني وفريقه الاقتصادي بالتسبب في فقدان العملة الوطنية الريال نسبة زادت على 70 في المائة من قيمتها وبالمسؤولية عن الأزمة المالية. ويرفض روحاني هذه الانتقادات ويؤكد أن الأزمة سببها انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي وإعادة فرض عقوبات على بلاده.
وفي شأن متصل، قال التلفزيون الرسمي في إيران إن محاكم خاصة تأسست في إطار مسعى لمحاربة الجرائم المالية قضت بإعدام 3 أشخاص في ظل عودة العقوبات الأميركية على إيران وحالة استياء عام من الانتهازية والفساد.
وتأسست المحاكم الثورية الخاصة الشهر الماضي لمقاضاة المشتبه بهم بسرعة بعدما وافق المرشد الإيراني علي خامنئي على طلب رئيس القضاء صادق لاريجاني باتخاذ إجراءات قانونية «سريعة وعادلة» لمواجهة «حرب اقتصادية» يشنها أعداء من الخارج.
ونقل التلفزيون الرسمي عن غلام حسين محسني أجئي، المتحدث باسم السلطة القضائية، قوله إن المحاكم قضت بإعدام 3 متهمين لإدانتهم «بنشر الفساد في الأرض» وهي جريمة عقوبتها الإعدام بموجب قوانين المحاكم الثورية المعمول بها في إيران.
ولم يذكر محسني أجئي أسماء المتهمين الثلاثة، ونقل التلفزيون الرسمي عنه قوله إنه تتعين مصادقة المحكمة العليا على الأحكام حتى تنفذ.
ونقلت وكالات رسمية عن محسني أجئي قوله إن أحكاما بالسجن لما يصل إلى 20 عاما صدرت بحق 32 متهما آخرين.



تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
TT

تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)

أشعل رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس توتراً جديداً مع تركيا، بعد أشهر من الهدوء تخللتها اجتماعات وزيارات متبادلة على مستويات رفيعة للبناء على الأجندة الإيجابية للحوار بين البلدين الجارين.

وأطلق ميتسوتاكيس، بشكل مفاجئ، تهديداً بالتدخل العسكري ضد تركيا في ظل عدم وجود إمكانية للتوصل إلى حل بشأن قضايا المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري.

تلويح بالحرب

نقلت وسائل إعلام تركية، السبت، عن ميتسوتاكيس قوله، خلال مؤتمر حول السياسة الخارجية عُقد في أثينا، إن «الجيش يمكن أن يتدخل مرة أخرى إذا لزم الأمر». وأضاف: «إذا لزم الأمر، فسيقوم جيشنا بتنشيط المنطقة الاقتصادية الخالصة. لقد شهدت أوقاتاً تدخّل فيها جيشنا في الماضي، وسنفعل ذلك مرة أخرى إذا لزم الأمر، لكنني آمل ألا يكون ذلك ضرورياً».

رئيس الوزراء اليوناني ميتسوتاكيس (رويترز - أرشيفية)

ولفت رئيس الوزراء اليوناني إلى أنه يدرك أن وجهات نظر تركيا بشأن «الوطن الأزرق» (سيطرة تركيا على البحار التي تطل عليها) لم تتغير، وأن اليونان تحافظ على موقفها في هذه العملية. وقال ميتسوتاكيس: «في السنوات الأخيرة، زادت تركيا من نفوذها في شرق البحر المتوسط. قضية الخلاف الوحيدة بالنسبة لنا هي الجرف القاري في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط. إنها مسألة تعيين حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، وعلينا أن نحمي جرفنا القاري».

من ناحية أخرى، قال ميتسوتاكيس إن «هدفنا الوحيد هو إقامة دولة موحّدة في قبرص... قبرص موحّدة ذات منطقتين ومجتمعين (تركي ويوناني)، حيث لن تكون هناك جيوش احتلال (الجنود الأتراك في شمال قبرص)، ولن يكون هناك ضامنون عفا عليهم الزمن (الضمانة التركية)».

ولم يصدر عن تركيا رد على تصريحات ميتسوتاكيس حتى الآن.

خلافات مزمنة

تسود خلافات مزمنة بين البلدين الجارين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو) حول الجرف القاري، وتقسيم الموارد في شرق البحر المتوسط، فضلاً عن النزاعات حول جزر بحر إيجه.

وتسعى اليونان إلى توسيع مياهها الإقليمية إلى ما هو أبعد من 6 أميال، والوصول إلى 12 ميلاً، استناداً إلى «اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار» لعام 1982 التي ليست تركيا طرفاً فيها.

وهدّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من قبل، مراراً، بالرد العسكري على اليونان إذا لم توقف «انتهاكاتها للمياه الإقليمية التركية»، وتسليح الجزر في بحر إيجه. وأجرت تركيا عمليات تنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط في عام 2020 تسبّبت في توتر شديد مع اليونان وقبرص، واستدعت تحذيراً وعقوبات رمزية من الاتحاد الأوروبي، قبل أن تتراجع تركيا وتسحب سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» في صيف العام ذاته.

سفن حربية تركية رافقت سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» خلال مهمتها في شرق المتوسط في 2020 (الدفاع التركية)

وتدخل حلف «الناتو» في الأزمة، واحتضن اجتماعات لبناء الثقة بين البلدين العضوين.

أجندة إيجابية وحوار

جاءت تصريحات رئيس الوزراء اليوناني، بعد أيام قليلة من تأكيد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في كلمة له خلال مناقشة البرلمان، الثلاثاء، موازنة الوزارة لعام 2025، أن تركيا ستواصل العمل مع اليونان في ضوء الأجندة الإيجابية للحوار.

وقال فيدان إننا «نواصل مبادراتنا لحماية حقوق الأقلية التركية في تراقيا الغربية، ونحمي بحزم حقوقنا ومصالحنا في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط، ​​سواء على الأرض أو في المفاوضات».

وعُقدت جولة جديدة من اجتماعات الحوار السياسي بين تركيا واليونان، في أثينا الأسبوع الماضي، برئاسة نائب وزير الخارجية لشؤون الاتحاد الأوروبي، محمد كمال بوزاي، ونظيرته اليونانية ألكسندرا بابادوبولو.

جولة من اجتماعات الحوار السياسي التركي - اليوناني في أثينا الأسبوع الماضي (الخارجية التركية)

وذكر بيان مشترك، صدر في ختام الاجتماع، أن الجانبين ناقشا مختلف جوانب العلاقات الثنائية، وقاما بتقييم التطورات والتوقعات الحالية؛ استعداداً للدورة السادسة لمجلس التعاون رفيع المستوى، التي ستُعقد في تركيا العام المقبل.

ولفت البيان إلى مناقشة قضايا إقليمية أيضاً خلال الاجتماع في إطار العلاقات التركية - الأوروبية والتطورات الأخيرة بالمنطقة.

وجاء الاجتماع بعد زيارة قام بها فيدان إلى أثينا في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أكد البلدان خلالها الاستمرار في تعزيز الحوار حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.

لا أرضية للتوافق

وقال ميتسوتاكيس، في مؤتمر صحافي عقده بعد القمة غير الرسمية للاتحاد الأوروبي في بودابست في 9 نوفمبر، إن الحفاظ على الاستقرار في العلاقات بين بلاده وتركيا سيكون في مصلحة شعبيهما.

وأشار إلى اجتماع غير رسمي عقده مع إردوغان في بودابست، مؤكداً أن هدف «التطبيع» يجب أن يكون الأساس في العلاقات بين البلدين، وتطرق كذلك إلى المحادثات بين وزيري خارجية تركيا واليونان، هاكان فيدان وجيورجوس جيرابيتريتيس، في أثنيا، قائلاً إنه جرى في أجواء إيجابية، لكنه لفت إلى عدم توفر «أرضية للتوافق بشأن القضايا الأساسية» بين البلدين.

وزير الخارجية اليوناني يصافح نظيره التركي في أثينا خلال نوفمبر الماضي (رويترز)

وسبق أن التقى إردوغان ميتسوتاكيس، في نيويورك على هامش مشاركتهما في أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأكد أن تركيا واليونان يمكنهما اتخاذ خطوات حازمة نحو المستقبل على أساس حسن الجوار.

وزار ميتسوتاكيس تركيا، في مايو (أيار) الماضي، بعد 5 أشهر من زيارة إردوغان لأثينا في 7 ديسمبر (كانون الأول) 2023 التي شهدت عودة انعقاد مجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين، بعدما أعلن إردوغان قبلها بأشهر إلغاء المجلس، مهدداً بالتدخل العسكري ضد اليونان بسبب تسليحها جزراً في بحر إيجه.