لافروف يرفض نقل متطرفين من إدلب ويتمسك بـ«قتلهم أو محاكمتهم»

TT

لافروف يرفض نقل متطرفين من إدلب ويتمسك بـ«قتلهم أو محاكمتهم»

حملت دعوة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف المجتمع الدولي إلى المساهمة في إعادة إعمار سوريا، إصراراً روسيا على وضع هذا الملف قيد المناقشة على المستوى الدولي، بعدما كانت موسكو اتهمت الأمم المتحدة بوضع «وثيقة داخلية سرية» تقيد المساهمة في أي عمليات لإعادة الإعمار في سوريا، ورداً على مواقف واشنطن وبلدان أوروبية ربطت بين ملف إعادة الإعمار والتوصل إلى تسوية سياسية شاملة في سوريا.
وقال لافروف خلال إلقائه كلمة على منصة الأمم المتحدة، أول من أمس، إنه بات على المجتمع الدولي العمل على وضع آليات لإعمار البنية التحتية المدمرة في سوريا، لتسهيل عودة ملايين اللاجئين إلى وطنهم بأسرع ما يمكن. ورأى أنه «يجب أن يكون العمل على المساعدة في حل هذه المهام بشكل يخدم مصالح كل السوريين دون أي معايير مزدوجة، أولوية للجهود الدولية وعمل منظمة الأمم المتحدة». وخاطب ممثلي الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة بعبارة: «علينا أن نساعد السوريين».
وقال الوزير الروسي إن مؤتمر الحوار السوري الذي انعقد في سوتشي بمبادرة من روسيا وإيران وتركيا «أوجد ظروفاً للتسوية السياسية على أساس قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2254). وعلى هذا الأساس بالذات يجري تشكيل اللجنة الدستورية السورية في جنيف الآن».
وتطرق إلى الوضع في إدلب، ورأى أنه «لا يمكن السماح بأن تقع استفزازات جديدة باستخدام السلاح الكيماوي في سوريا من قبل الإرهابيين والأطراف التي ترعاهم». وتحدث بلغة «المنتصر في الحرب» وفقاً لتعليق وسائل إعلام روسية، وقال إن روسيا نجحت في إجهاض «محاولة فاشلة لتغيير النظام من الخارج بالاعتماد على المتطرفين» وزاد أن تلك المحاولة «كادت تؤدي إلى تفكك الدولة وظهور دولة إرهابية على أراضي سوريا»، مؤكداً أن تصرفات روسيا «الفعالة» استجابة لطلب الحكومة السورية، المدعومة بخطوات دبلوماسية في إطار عملية «آستانة»، أسهمت في تفادي «هذا السيناريو الفتاك».
وفي وقت لاحق، أكد لافروف خلال مؤتمر صحافي عقده في نيويورك أن روسيا بدأت خطوات عملية لتسليم منظومات «إس - 300» للدفاع الصاروخي إلى سوريا، مؤكداً أن تنفيذ القرار الروسي بتزويد دمشق بهذه الصواريخ في غضون أسبوعين «بدأ بالفعل منذ الأسبوع الماضي».
وفيما بدا أنه توضيح لموقف روسيا حول بنود اتفاق إنشاء منطقة عازلة في إدلب، أكد الوزير الروسي أن مصير مسلحي تنظيم «جبهة النصرة» في إدلب بعد التوقيع على الاتفاق بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب إردوغان «واضح ومحدد». ولفت إلى وجود «كثير من التخمينات بشأن آليات التعامل مع مشكلة الإرهابيين، حتى تردد أنهم قد يُنقلون إلى نقاط ساخنة أخرى مثل أفغانستان. كل هذا غير مقبول، فالإرهابيون يجب إما القضاء عليهم أو محاكمتهم». وأعرب لافروف عن أمل بأن تقوم تركيا بتنفيذ التزامها في شأن فصل المعارضة المعتدلة عن الإرهابيين رغم أنه أقرَّ بـ«صعوبة المهمة».
وتطرق إلى مسألة الإصلاح الدستوري، في ردّ مباشر على دعوات من واشنطن وبلدان «المجموعة المصغرة» التي دعت أخيراً إلى تسريع وتيرة العمل لدفع عمل اللجنة الدستورية، وقال إنه «من المهم جداً التمهُّل والتعامل بعناية فائقة في اختيار أعضاء لجنة صياغة الدستور فهم سيمثلون المجتمع المدني، لذلك يجب أن يكونوا مقبولين من طرف الحكومة والمعارضة على حد سواء»، مشدداً على أن موسكو تعارض وضع ما وصفها بأنها «مواعيد مصطنعة لعمل اللجنة الدستورية»، وزاد: «سنصرُّ على عدم العجلة. طبعاً، يجب عدم التأجيل إلى أجل غير مسمى، لكن هنا الأهم، نوعية أعضاء اللجنة الدستورية، وليس تحديد مواعيد بشكل مصطنع».
كما رد على مطالب انسحاب إيران من سوريا، مشدداً على أن «روسيا لا ترى أن إيران تشكل تهديداً إرهابياً في سوريا».
في غضون ذلك، أكد نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف أن الحكومة الروسية منفتحة على الحوار مع إسرائيل والدول الأخرى المعنية بالقضاء على الإرهاب. وزاد أن تزويد سوريا بمنظومات «إس - 300» الصاروخية «إجراء عسكري بحت لا يرتبط بالأوضاع الجيوسياسية في المنطقة وليس موجهاً ضد طرف ثالث»، لافتاً إلى مواصلة موسكو الحوار مع تل أبيب رغم الخلاف حول موضوع إسقاط الطائرة الروسية قبالة السواحل السورية.
وأكد بوغدانوف أن الخطوة التالية بعد إنشاء منطقة منزوعة السلاح في إدلب بموجب الاتفاق الموقع بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب إردوغان في سوتشي، ستكون فصل الإرهابيين عن المعارضة الراغبة بالمصالحة.
على صعيد آخر، أوضحت موسكو جانباً من تفاصيل خطتها لنشر أجهزة تشويش كهرومغناطيسية على طول الساحل السوري في شرق المتوسط، وكشف مسؤول في شركة «تقنيات الراديو الإلكترونية» الروسية عن بعض التفاصيل لنشر منظومات «كراسوخا» الروسية للتشويش في سوريا.
ونقلت وكالة أنباء «تاس» عن فلاديمير ميخييف، مستشار النائب الأول للمدير العام للشركة التي تقوم بصناعة هذه الأنظمة، إنه «ستضاف إلى الأنظمة العادية للتشويش أنظمة قادرة على التشويش على أسلحة عالية الدقة، أي القنابل والصواريخ الموجهة التي قد تستخدمها إسرائيل».
وأضاف ميخييف أنه «سيتم إرسال أنظمة ووسائل إضافية تعطل كل أنظمة التحكم بالطيران ومجموعات السفن. وهي أنظمة للتشويش على الاتصالات بترددات على الموجات القصيرة والترددات العالية».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.