إردوغان يبدأ زيارة لألمانيا لتجاوز التوتر

متظاهرون استقبلوه في مطار برلين

إردوغان يبدأ زيارة لألمانيا لتجاوز التوتر
TT

إردوغان يبدأ زيارة لألمانيا لتجاوز التوتر

إردوغان يبدأ زيارة لألمانيا لتجاوز التوتر

على وقع التدهور الاقتصادي السريع في بلاده وتدهور العلاقات مع واشنطن، بدأ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان زيارة رسمية إلى ألمانيا، في مسعى لإعادة الدفء للعلاقات المتوترة مع برلين.
وصل إردوغان إلى مطار تيغيل في العاصمة الألمانية ظهرا وكان في استقباله متظاهرون من منظمة «مراسلون بلا حدود» رفعوا لافتات تندد باستمرار اعتقال صحافيين في تركيا، في جرعة صغيرة لما ينتظره اليوم من مظاهرات واسعة ضده يشارك فيها عشرة آلاف شخص من الأكراد والسوريين المعارضين لعملية إدلب وجماعات أخرى. ولكن مقابل المظاهرات الشعبية لقي الرئيس التركي حفاوة رسمية، حيث استقبل في المطار بالسجاد الأحمر. وأقفلت الشرطة مناطق في وسط برلين لتأمين الحماية لإردوغان الذي يمكث في فندق ألدون الشهير الواقع إلى جانب بوابة براندنبيرغ خلال فترة زيارته.
وانتقد سياسيون هذا الاستقبال، وأعلن بعضهم مقاطعة حفل العشاء الرسمي الذي يقيمه على شرفه الرئيس الألماني فرانك فرلتر شتاينماير. ولكن السياسي الألماني من أصول تركية والبارز في حزب الخضر تشيم أوزدمير أعلن مشاركته قائلا إن على إردوغان «أن يواجه معارضيه». وتوترت العلاقات بين برلين وأنقرة على خلفية محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016 وما تبعها من قمع للمعارضة وحملة اعتقالات واسعة طالت صحافيين أتراكا بينهم من يحملون الجنسية الألمانية. ومنذ مطلع العام شهدت العلاقات شيئا من الانفراج بعد إطلاق تركيا سراح الصحافي الألماني التركي دنيز يوسل في فبراير (شباط) الماضي، والسماح للصحافية الألمانية التركية مسال تولو بالعودة إلى ألمانيا الشهر الماضي، رغم استمرار ملاحقتها قضائيا هناك بتهم تتعلق بالإرهاب.
وخفض الرئيس الألماني من سقف توقعات الزيارة، وقال في تصريحات صحافية إن «هذه الزيارة ليست دليلا على إعادة تطبيع العلاقات. ما زلنا بعيدين جدا عن ذلك، ولكنها البداية». ورأى كريستيان هانلت الخبير في شؤون الشرق الأوسط في معهد برتلسمان شتيفتنغ أن ألمانيا مستعدة لاستئناف الحوار مع أنقرة على كل الصعد، من دون أن يتوقع أن يتغير الكثير قريبا. وقال في اتصال مع «الشرق الأوسط»: «التساؤل هنا هل ستؤثر العلاقات القوية مع تركيا إيجابيا على الديمقراطية وحكم القانون هناك أم لا؟». واستبعد أن «تهب» برلين لنجدة أنقرة من أزمتها الاقتصادية، معتبرا أن الكلام عن ذلك ما زال مبكرا جدا.
وخسرت الليرة التركية 40 في المائة من قيمتها الشرائية منذ مطلع العام بعد أن شهدت تدهورا سريعا إثر توتر العلاقات مع واشنطن وتهديد الرئيس الأميركي دونالد ترمب بفرض عقوبات على تركيا في حال لم تطلق سراح قس أميركي محتجز لديها.
ورأى الخبير في شؤون الشرق الأوسط هانلت أن تركيا تعاني من أزمات كثيرة في الوقت الحالي: «وهو ما دفع برئيسها للجوء إلى بروكسل وبرلين طلبا للدعم». ولكنه أضاف أن الكثير من هذه الأزمات «مفتعلة» من تركيا، مثل أزمتها الاقتصادية وحربها ضد «جماعات هي تصنفهم إرهابية مثل حزب العمال الكردستاني وجماعة غولن». وقال هانلت إن ألمانيا «تحاول أن تنظر إلى العلاقات مع تركيا أبعد من إردوغان نفسه»، مشيرا إلى أن في ألمانيا ما يزيد على 3 ملايين شخص من أصول تركية، وأن تدهور العلاقات بين البلدين أكثر سيؤثر سلبا على هذه الجالية.
ووجه إردوغان العام الماضي انتقادات شديدة لبرلين على خلفية منع سياسيين أتراك من إلقاء خطب شعبية أمام الجالية التركية في ألمانيا وتنظيم مهرجانات سياسية لحث الأتراك على التصويت في الاستفتاء الشعبي الذي نظم العام الماضي لمنحه سلطات إضافية. ووصف حينها السياسيين الألمان بـ«النازيين»، ما أشعل موجة انتقادات ضده في ألمانيا.
وقبل أشهر، تابع إردوغان انتقاداته غير المباشرة لألمانيا بعد أن تدخل بالجدل الذي حصل حول اللاعب الألماني من أصول تركية مسعود أوزيل بعد أن أنهى مسيرته مع المنتخب الألماني بسبب شعوره بأنه يتعرض للتمييز.
ويعيش في ألمانيا عدد كبير من الأكراد المعارضين لإردوغان وغالبا ما يتورطون بإشكالات مع الأتراك المؤيدين للرئيس التركي داخل ألمانيا.
وتبدأ اللقاءات الرسمية لإردوغان اليوم بلقاءين مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. ويعتبر إردوغان «حليفا» مهما لألمانيا في سياستها المتعلقة بالهجرة ومنع تدفق جديد للاجئين باتجاه أوروبا كما حصل عام 2015، وأبرمت بروكسل اتفاقا مع تركيا لمحاربة المهربين مقابل منحها مساعدات مالية مخصصة للاجئين.



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.