عون يؤكد من الأمم المتحدة الرفض القاطع «لأي مشروع توطين»

قال إن الاستمرار بتحمّل عبء النازحين السوريين «غير ممكن»

TT

عون يؤكد من الأمم المتحدة الرفض القاطع «لأي مشروع توطين»

أكد الرئيس اللبناني ميشال عون أن بلده يتلمس طريقه للنهوض من الأزمات المتلاحقة التي عصفت به، لافتا إلى أن «الأعداد الضخمة (للنازحين) وتداعياتها على المجتمع اللبناني من نواح عدة، تجعل الاستمرار في تحمّل هذا العبء غير ممكن». وجدد عون، في كلمة ألقاها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، تأكيد موقف لبنان «الساعي لتثبيت حق العودة الكريمة والآمنة والمستدامة للنازحين إلى أرضهم، والرافض كل مماطلة أو مقايضة في هذا الملف الكياني، أو ربطه بحل سياسي غير معلوم متى سيأتي، والرافض قطعاً لأي مشروع توطين، سواء لنازح أو للاجئ».
وقال الرئيس اللبناني إن بلده «يمضي بخطوات ثابتة في مجال تعزيز حقوق الإنسان على المستويين التشريعي والتنفيذي، وقد سبق للبرلمان اللبناني أن أقر قانون إنشاء الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان ومن ضمنها لجنة للتحقيق في استخدام التعذيب وسوء المعاملة»، كما أشار إلى «أننا على مشارف الانتهاء من وضع خطة عمل وطنية متعلقة بتنفيذ القرار 1325 الصادر عن مجلس الأمن، والذي دعا الدول الأعضاء إلى وضع خطط عمل بهدف تمكين المرأة من المشاركة في عمليات اتخاذ القرارات والتفاوض والتصدي للنزاعات».
وأضاف عون: «نحن في لبنان نتلمس طريقنا للنهوض من الأزمات المتلاحقة التي عصفت بنا على مختلف الصعد»، موضحاً: «أمنيا، تمكن لبنان من تثبيت أمنه واستقراره بعد أن قضى على تجمعات الإرهابيين في الجرود الشرقية والشمالية وفكك خلاياهم النائمة. وسياسيا، أجرى انتخاباته النيابية وفق قانون يعتمد النسبية للمرة الأولى في تاريخه مما أنتج تمثيلا أكثر عدالة لجميع مكونات المجتمع اللبناني. وهو اليوم على طريق تشكيل حكومة تبعا لنتائج هذه الانتخابات». أما اقتصاديا، فقد «وضعت الخطوط العريضة لخطة اقتصادية لتحقيق النهوض، تأخذ بعين الاعتبار مقررات مؤتمر (سيدر)، ركائزها تفعيل القطاعات الإنتاجية، وتحديث البنية التحتية، وردم الهوة بين الإيرادات والإنفاق في الميزانية».
لكن عون توقف عند «أزمات الجوار»، التي «لا تزال تضغط علينا بثقلها وبنتائجها؛ فمع بدء الأحداث في سوريا بدأت موجات النزوح هربا من جحيم الحرب، تتدفق إلى لبنان، وقد حاول قدر إمكاناته تأمين مقومات العيش الكريم للنازحين. ولكن الأعداد الضخمة وتداعياتها على المجتمع اللبناني من نواح عدة، أمنيا، بارتفاع معدل الجريمة بنسبة تخطت 30 في المائة، واقتصاديا بارتفاع معدل البطالة إلى 21 في المائة، وديموغرافيا بارتفاع الكثافة السكانية من 400 إلى 600 في الكيلومتر المربع الواحد، مضافة إلى محدودية إمكاناتنا، وندرة المساعدات الدولية للبنان، تجعل الاستمرار في تحمل هذا العبء غير ممكن، خصوصا أن الجزء الأكبر من الأراضي السورية أصبح آمنا». وأضاف: «لذلك قلت بالعودة الآمنة في كلمتي من على هذا المنبر في العام الماضي، وميزت بينها وبين العودة الطوعية؛ فالسوريون الذين نزحوا إلى لبنان ليسوا بلاجئين سياسيين، باستثناء قلة منهم، فمعظمهم نزح بسبب الأوضاع الأمنية في بلادهم أو لدوافع اقتصادية وهؤلاء هم الأكثرية».
وأضاف: «أعيد تأكيد موقف بلادي الساعي لتثبيت حق العودة الكريمة والآمنة والمستدامة للنازحين إلى أرضهم، والرافض كل مماطلة أو مقايضة في هذا الملف الكياني، أو ربطه بحل سياسي غير معلوم متى سيأتي، والرافض قطعا لأي مشروع توطين، سواء لنازح أو للاجئ. وفي هذا السياق نسجل ترحيبنا بأي مبادرة تسعى لحل مسألة النزوح على غرار المبادرة الروسية».
وتساءل عون عما إذا كانت انتهت معاناة اللاجئين الفلسطينيين «لينتهي دور الأونروا أم أن الهدف من تعطيل دورها هو التمهيد لإسقاط صفة اللاجئ، ودمجه في الدول المضيفة لمحو الهوية الفلسطينية وفرض التوطين؟!» كما أشار إلى أن «الخروقات الإسرائيلية للقرار 1701 لا تزال مستمرة، برا وبحرا وجوا، على الرغم من التزام لبنان الكامل به».
وتوقف عند أزمة التطرف والتعصب، مشدداً على «الحاجة الملحة إلى الحوار، حوار الأديان والثقافات والأعراق، وإلى إنشاء مؤسسات ثقافية دولية متخصصة بنشر ثقافة الحوار والسلام». وأشار إلى أن «لبنان، بمجتمعه التعددي الذي يعيش فيه المسيحيون والمسلمون معا ويتشاركون الحكم والإدارة، وبما يختزن من خبرات أبنائه المنتشرين في كل بقاع الأرض، وبما يشكل من عصارة حضارات وثقافات عاشها على مر العصور، يعتبر نموذجيا لتأسيس أكاديمية دولية لنشر هذه القيم (أكاديمية الإنسان للتلاقي والحوار)».


مقالات ذات صلة

مليون نازح إضافي في سوريا منذ بدء هجوم الفصائل

المشرق العربي توافد النازحين السوريين إلى معبر المصنع لدخول لبنان (أ.ف.ب)

مليون نازح إضافي في سوريا منذ بدء هجوم الفصائل

أفادت الأمم المتحدة، الخميس، أن أكثر من مليون شخص، معظمهم نساء وأطفال، نزحوا في الآونة الأخيرة في سوريا منذ بدء هجوم الفصائل المسلحة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج السفير عبد العزيز الواصل يلقي بياناً أمام الجمعية العامة (وفد السعودية لدى الأمم المتحدة بنيويورك)

السعودية تطالب بوقف النار في غزة ودعم «الأونروا»

طالَبت السعودية، الخميس، بإنهاء إطلاق النار في قطاع غزة، والترحيب بوقفه في لبنان، معبرةً عن إدانتها للاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ب)

غوتيريش قلق بشأن الضربات الإسرائيلية على سوريا ويدعو للتهدئة

أبدى الأمين العام للأمم المتحدة قلقه البالغ إزاء «الانتهاكات الواسعة النطاق مؤخراً لأراضي سوريا وسيادتها»، وأكد الحاجة الملحة إلى تهدئة العنف على كل الجبهات.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي تظهر الصورة زنزانة في سجن صيدنايا الذي عُرف بأنه «مسلخ بشري» في عهد نظام الأسد بينما يبحث رجال الإنقاذ السوريون عن أقبية مخفية محتملة في المنشأة في دمشق في 9 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

محققو الأمم المتحدة أعدوا قوائم بآلاف من مرتكبي جرائم خطيرة في سوريا

وضع محققون تابعون للأمم المتحدة قوائم سرية بأربعة آلاف من مرتكبي جرائم خطيرة في سوريا، آملين مع سقوط الرئيس بشار الأسد بضمان المحاسبة.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال التصويت على مشاريع قرارات بشأن القضية الفلسطينية (إ.ب.أ)

غالبية أممية ساحقة تطالب بوقف فوري للنار في غزة

أيدت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأكثرية ساحقة الوقف الفوري للنار في غزة مؤكدة على دعم وكالة «الأونروا» وسط اعتراضات أميركية وإسرائيلية.

علي بردى (واشنطن)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».