المحكمة الإسرائيلية تصادق على مشروع استيطاني تم بالخداع

TT

المحكمة الإسرائيلية تصادق على مشروع استيطاني تم بالخداع

صادقت المحكمة المركزية في القدس، على صفقة مشبوهة تنطوي على الخداع، تم بموجبها تسليم المستوطنين في البؤرة الاستيطانية العشوائية «متسبيه كراميم»، أرضا فلسطينية خاصة تقع شمال شرقي رام الله في الضفة الغربية المحتلة. وقد عللت المحكمة قرارها بالقول إنها اقتنعت بأن السلطات الإسرائيلية و«دائرة الاستيطان» نقلت هذه الأراضي للمستوطنين بصورة «بريئة»، ومن دون أن يعرفوا أن هذه الأراضي هي بملكية فلسطينية خاصة.
وقد أثار هذا القرار استهجانا حتى لدى الخبراء اليهود في التخطيط وفي الشؤون القانونية، الذين قالوا إن «رمز العدالة في إسرائيل صادقت على لصوصية تمت في وضح النهار». وتساءلوا: «حتى لو كان التسليم بريئا، فهل يستطيع أي إنسان أن يعطي شيئا ليس له؟ وحتى لو كان المعطي بريء النوايا، فهل يجيز ذلك حرمان صاحب الأرض من أرضه؟».
وتبين من تحقيق صحافي نشرته جريدة «هآرتس» العبرية، أمس الثلاثاء، أن «دائرة الاستيطان» سلمت المستوطنين «حقوقا» في هذه الأراضي، بعد أشهر من علم السلطات الإسرائيلية بأن هذه الأراضي ملكية فلسطينية خاصة، ورغم ذلك تم تسليمها إلى «دائرة الاستيطان». كذلك فإن «دائرة الاستيطان» سلمت البنوك وثائق مزيفة، تزعم أن المستوطنين هم «أصحاب الأرض» لغرض حصولهم على قروض إسكان، وذلك بعد أشهر من اتضاح صورة الوضع بأن الأرض بملكية فلسطينية خاصة. وهذا يدل على أنها لم تتصرف ببراءة، بل بتخطيط مسبق.
وادعت «دائرة الاستيطان» في تعقيبها على تحقيق «هآرتس»، أنها ليست طرفا في القضية التي نظرت فيها المحكمة المركزية في القدس، والتي اعترفت السلطات الإسرائيلية خلالها بأن الأراضي بملكية فلسطينية خاصة. وأصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية أمرا بتجميد البناء في البؤرة الاستيطانية، في أعقاب اعتراف السلطات بشأن الملكية الحقيقية للأرض.
واستندت المحكمة المركزية في القدس في قرارها، إلى ادعاءات ومزاعم السلطات الإسرائيلية، بأن الدولة اعتقدت بصورة «بريئة» أن هذه الأراضي تحت سيطرتها عندما نقلتها إلى «دائرة الاستيطان»، التي بدورها سلمتها إلى المستوطنين. إلا أن خبراء قانون تحدثت معهم الصحيفة، أكدوا أن قرار المحكمة المركزية هو موضع خلاف، حتى لو جرى تسليم المستوطنين الأرض بصورة «بريئة».
إذ إن هذه الأراضي ليست «أراضي دولة»، وإنما صادرها الجيش الإسرائيلي. إضافة إلى ذلك، فإن حصول المستوطنين على الأرض كان صفقة من دون مقابل.
وقالت الصحيفة، إنها حصلت على وثائق وإفادات تظهر وجود شك جوهري إزاء «البراءة» المزعومة، وتكشف عمليا أن «دائرة الاستيطان» سلمت الأرض للمستوطنين، بعدما علمت أنها ملكية فلسطينية خاصة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.