نجاة مرشد «الإخوان» من الإعدام... ومعاقبته بالمؤبد في {أحداث العدوة»

السجن المؤبد لـ88 مداناً... والإعدام لـ4 آخرين

بديع خلف القضبان («الشرق الأوسط»)
بديع خلف القضبان («الشرق الأوسط»)
TT

نجاة مرشد «الإخوان» من الإعدام... ومعاقبته بالمؤبد في {أحداث العدوة»

بديع خلف القضبان («الشرق الأوسط»)
بديع خلف القضبان («الشرق الأوسط»)

نجا المرشد العام لجماعة «الإخوان» التي تصنفها السلطات المصرية بـ«الإرهابية» من حكم الإعدام في قضية أحداث العنف بمدينة العدوة بمحافظة المنيا (200 كيلومتر جنوب القاهرة)، إذ قررت محكمة الجنايات، بعد إعادة محاكمته، معاقبته بالسجن المؤبد 25 عاماً، بعدما كان الرجل قد نال في الجولة الأولى حكماً بالإعدام، وهو ما قررت محكمة النقض في وقت سابق إلغاءه وأعادت محاكمته مع عدد من المتهمين في القضية.
وجاء قرار محكمة جنايات المنيا، والتي انعقدت بمعهد أمناء الشرطة بالقاهرة، أمس، وسط تأمينات مشددة، ليتضمن معاقبة 88 مُداناً (من بينهم محمد بديع المرشد العام) بالسجن المؤبد في القضية التي يُتهم فيها 683 شخصاً. وذكر عضو فريق الدفاع عن المتهمين المحامي عبد المنعم عبد المقصود، لوكالة الصحافة الفرنسية، أن 66 متهماً فقط هم من عوقبوا بالسجن المؤبد.
وتعود وقائع القضية إلى أغسطس (آب) 2013، بالمواكبة مع فض اعتصامين لأنصار الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي، بعد عزله من الحكم في يونيو (حزيران) من العام نفسه، وعلى خلفية مظاهرات شعبية ضد استمراره في السلطة.
وعاقبت المحكمة كذلك 81 متهماً آخرين بالسجن المشدد لمدة 15 سنة، و49 متهماً آخرين بالسجن المشدد 7 سنوات، و16 آخرين بالسجن المشدد 10 سنوات، و22 متهماً بالمشدد 3 سنوات، ومتهماً واحداً بالسجن 15 سنة، ومتهماً آخر بالسجن 3 سنوات، وبالحبس مع الشغل لمدة سنتين لـ22 متهماً.
كما قررت المحكمة معاقبة 21 متهماً بالسجن المشدد 5 سنوات، ومتهم حَدَث بالسجن 10 سنوات، وآخر حَدَث بالسجن 3 سنوات، وببراءة 463 متهماً مما نُسب إليهم، وانقضاء الدعوى الجنائية المقامة ضد 6 متهمين لوفاتهم، واعتبار الحكم الصادر بإعدام 4 متهمين قائماً، وانعدام المسؤولية الجنائية لمتهم واحد بسبب عجزه العقلي، وعدم الاختصاص بالنسبة إلى 4 متهمين أحداث، وإحالتهم إلى النيابة العامة.
كانت النيابة العامة قد بدأت التحقيقات في القضية قبل 5 سنوات، بعد «تجمهر العديد من الأشخاص أمام مركز شرطة العدوة بمحافظة المنيا، وتمكنهم من اقتحامه تحت تهديد الأسلحة النارية والبيضاء، وقتل اثنين من أفراد الشرطة عمداً مع سبق الإصرار، والشروع في قتل عدد آخر من رجال الشرطة، وتخريب مركز الشرطة وإشعال النيران فيه، وفي سيارات ومركبات ومعدات الشرطة، وإتلاف الدفاتر والسجلات الرسمية، وتمكين 31 متهماً من المحبوسين داخله من الهرب، وسرقة جميع الأسلحة والمضبوطات»، وذلك حسب بلاغ الشرطة عن الحادث. ووجهت النيابة العامة في تحقيقاتها الاتهام إلى 683 متهماً من «العناصر التابعة لتنظيم الإخوان الإرهابي، في ارتكاب تلك الأحداث، انتقاماً لقيام أجهزة الدولة بفض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، وفقاً لمخطط محكم أعدته قيادات الجماعة الإرهابية في وقت سابق»، حسب نص الاتهام.
واستندت النيابة، وفق ما قدمت للمحكمة من أدلة للإثبات، إلى «مقاطع فيديو مصورة ظهر بها أكثر من 163 متهماً حال ارتكابهم أحداث الإرهاب والعنف والقتل والتخريب، وشهادة أكثر من 30 شاهد رؤية، بخلاف التقارير الفنية وتحريات أجهزة الأمن».
وخلال أولى درجات المحاكمة، أصدرت إحدى دوائر محكمة الجنايات بالمنيا، في عام 2014، حكماً بإعدام 183 متهماً (من بينهم محمد بديع)، ومعاقبة متهمَين اثنين بالسجن المؤبد، وتغريم كل منهم 20 ألف جنيه والوضع تحت المراقبة الشرطية لمدة مساوية، ومصادرة جميع المضبوطات والأسلحة التي ضُبطت بحوزتهما، وبراءة 498 متهماً آخرين.
لكن محكمة النقض، قبلت في عام 2015، الطعن المقدم من متهمين في قضية «أحداث عنف العدوة»، وقررت إلغاء أحكام الدرجة الأولى، بالإعدام والسجن المؤبد بحق 36 متهماً من المحبوسين، وأمرت بإعادة محاكمة المتهمين مرة أخرى أمام إحدى دوائر محكمة جنايات المنيا غير التي سبق وأصدرت حكمها بالإدانة.
وتواجه قيادات بارزة في الجماعة اتهامات مختلفة تتعلق بالمشاركة أو التحريض على أحداث العنف التي شهدتها مصر في أجواء «ثورة 30 يونيو 2013»، وقبل نحو أسبوعين، عاقبت محكمة جنايات القاهرة 75 من قيادات وعناصر جماعة «الإخوان» بالإعدام شنقاً، وذلك بعد أن أدانتهم في القضية المعروفة باسم «فض الاعتصام المسلح في رابعة العدوية»، وطالت عقوبة الإعدام قياديين بارزين منهم: «عصام العريان، وعبد الرحمن البر (المعروف بمفتى الإخوان)، ومحمد البلتاجي، وصفوت حجازي»، فضلاً عن معاقبة المرشد العام للجماعة بالسجن المؤبد (25 سنة)، وذلك إلى جانب 46 متهماً آخرين تلقوا نفس العقوبة، ومنهم وزير التموين الأسبق باسم عودة، والمحامي عصام سلطان.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.