لبنان يعيّن ممثليه في لجنة عودة النازحين وينتظر خطوة الجانب الروسي

مستشار الحريري: غياب التمويل أبرز معوقات تنفيذ الخطة

TT

لبنان يعيّن ممثليه في لجنة عودة النازحين وينتظر خطوة الجانب الروسي

وجّهت وزارة الخارجية اللبنانية كتاباً إلى السفارة الروسية في لبنان، أبلغتها فيه بتعيين أعضاء اللجنة اللبنانية الذين سيشاركون في عمل الجنة اللبنانية - الروسية المشتركة، لمتابعة إجراءات عودة النازحين السوريين إلى بلادهم. وتضمّن الكتاب الذي حمل الرقم 5/ 4093 أسماء أعضاء الوفد اللبناني إلى اللجنة، وهم جورج شعبان عن رئاسة الحكومة، أمل أبو زيد عن وزارة الخارجية، اللواء عباس إبراهيم عن الأمن العام، العميد سهيل خورية عن الجيش اللبناني.
وتظهر هذه الخطوة المتقدّمة، مدى استعجال الدولة اللبنانية في معالجة أزمة النزوح السوري، لكن هذه السرعة لا تسري على الجانب الروسي الذي لم يعيّن حتى الآن أعضاء وفده إلى اللجنة. وأشار جورج شعبان مستشار رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري للشؤون الروسية، إلى أن الجانب اللبناني لم يبلغ بعد أي قرار بتعيين الأعضاء الروس في اللجنة، وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن «اللجنة لن تباشر عملها قبل تعيين الفريق الروسي فيها». وقال: «سأسافر هذه الليلة إلى موسكو (الليلة الماضية) لإجراء اتصالات وعقد اجتماعات مع المسؤولين الروس بهذا الخصوص»، لافتاً إلى أن «اللجنة الموسّعة ستكون فقط لبنانية - روسية، لكن عندما يدخل السوريون طرفاً ثالثاً فيها تصبح لجنة أمنية، ويحضرها عن لبنان اللواء عباس إبراهيم والعميد سهيل خورية، من دون ممثلي رئاسة الحكومة ووزارة الخارجية».
وشهدت الأيام الماضية عمليات عودة لمئات النازحين المقيمين في الجنوب وجبل لبنان والشمال إلى بلادهم، برعاية الأمن العام اللبناني، لكن هذه العودة تبقى محدودة وبلا جدوى قياساً على وجود ما يزيد على مليونين و200 ألف نازح سوري في لبنان. وكشف مستشار الحريري للشؤون الروسية جورج شعبان، عن أن «مسألة العودة التي ستعالجها اللجنة العتيدة، ستكون مختلفة، لأنها ستشمل مئات الآلاف في كلّ دفعة»، لافتاً إلى أن «اللجنة ستعالج الضمانات الأمنية لهذه العودة، وهذه الضمانات ستكون في عهدة الجانب الروسي الذي يلزم النظام السوري بها». وكشف جورج شعبان عن معوقات أساسية تعترض العودة حتى لو تم الاتفاق عليها سريعاً. وقال: «أبرز هذه المشكلات تمكن في غياب التمويل، لأن الأميركيين والأوروبيين لم يتعهدوا حتى الآن بتمويل العودة».
وسبق للدول الثماني المهتمة بمساعدة الشعب السوري، أن ربطت بين مساهماتها بتمويل عودة النازحين، أو المساهمة بإعادة الإعمار، وذلك مشروط بالاتفاق على الحلّ السياسي. التحرّك الرسمي اللبناني، يتقاطع مع أجواء تهيّأ على الأرض، تمهّد لطمأنة النازحين، وتوفير الأجواء المواتية لانتقالهم إلى سوريا بمحض إرادتهم، وتأتي ترجمة لاجتماعات عقدها مدير عام الأمن العام اللبناني اللواء عبّاس إبراهيم مع ممثلين عن تجمعات للنازحين في عدد من المناطق اللبنانية. وكشفت مصادر المشاركين في هذه الاجتماعات، عن أن «الوفود خرجت من لقائها مع مدير عام الأمن العام بانطباعات إيجابية». وأكدت لـ«الشرق الأوسط»، أن اللواء إبراهيم «أبلغ من التقاهم في الأيام الأخيرة أن العودة ستكون طوعية وخيار من يرغب في الرجوع إلى بلده، والدولة اللبنانية ليس فيها ممارسة الضغوط، أو إكراه أي نازح على العودة»، مشيرة إلى «وجود ضمانات لمن يرغبون، بأن ينتقلوا مباشرة إلى بلداتهم ومناطقهم». وقال ممثلو النازحين: «جميع المهجرين يرغبون بالعودة إلى منازلهم وأراضيهم التي تركوها مكرهين، شرط أن تتوفّر ضمانات بعدم تعرّضهم للاعتقال من قبل لنظام، والحذر من يتعامل معهم كمعارضين وتصنيفهم كمطلوبين».



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.