رئيس أركان الجيش الإسرائيلي يحذّر من «انفجار فلسطيني»

TT

رئيس أركان الجيش الإسرائيلي يحذّر من «انفجار فلسطيني»

في خطوة غير تقليدية، حذّر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي غادي آيزنكوت، حكومته، من تبعات الإجراءات العقابية التي اتخذتها الإدارة الأميركية ضد السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير وضد وكالة غوث اللاجئين (الأونروا)، وقال إن هذه العقوبات لا تساعد إسرائيل، إنما تحشر الفلسطينيين في ضائقة وفي زاوية ضيقة، ما يهدد بانفجار توتر شديد.
وكان آيزنكوت يتكلم في اجتماع المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينيت)، في ساعة متأخرة من مساء الخميس، فحذر من «تصاعد احتمالات اندلاع أعمال عنف في الضفة الغربية»، نتيجة الإجراءات الأميركية والقرارات المتعلقة بالقضية الفلسطينية. وقال مصدر سياسي مطلع إن آيزنكوت، في عرضه لتقييم الجيش الإسرائيلي للأوضاع في المناطق الفلسطينية المحتلة والمحاصرة، قال إن «احتمالات تفجر الوضع في الضفة تتراوح بين 60 إلى 80 في المائة». وأضاف آيزنكوت: «إذا اندلعت أعمال عنف فستكون أكثر شدة من تلك التي نراها في قطاع غزة». وطلب من الحكومة المصادقة على موازنة إضافية للجيش في حال امتناعها عن اتخاذ إجراءات لتغيير الواقع، إذ إن التطورات التي يتوقعها في هذه الحالة ستنشئ الحاجة لنشر قوات كبيرة في الضفة «تستطيع مواجهة الاحتكاكات مع المواطنين الفلسطينيين».
وتكلم رئيس الجيش الإسرائيلي بصراحة عن العلاقة بين التوتر المتصاعد في صفوف الفلسطينيين، وبين أخطار الانفجار. وقال: «في ظل الظروف الإشكالية الحالية، خصوصاً الصدام بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب والقيادة الفلسطينية، والإجراءات الدبلوماسية والمالية والسياسية التي اتخذتها الإدارة الأميركية، بات الفلسطينيون يشعرون بأنهم محشورون في ضائقة وفي زاوية ضيقة. وينعكس هذا الشعور على تصرفات الرئيس محمود عباس، الذي يدفع نحو انفجار شامل أيضاً في قطاع غزة، لذلك فإنه لا يحول الرواتب حتى الآن لنحو 75 ألف موظف في القطاع. فهو يدفع إلى انفجار يقود إلى صدام بين إسرائيل و(حماس)، حتى لا يظل عنواناً وحيداً للغضب الإسرائيلي».
وأشار المصدر السياسي ذاته إلى أن «الظروف الإشكالية التي دفعت آيزنكوت إلى هذا التقييم المتشائم هي المواجهة بين الرئيس الفلسطيني وإدارة دونالد ترمب، وعلاقات عباس الهشة مع بعض الدول والضغوط التي يتعرض لها للتوصل إلى مصالحة مع (حماس)، وهذا في ظل تراجع حالته الصحية».
وذكرت المصادر أن آيزنكوت لفت نظر حكومته إلى أن الأسبوع المقبل قد يشهد توتراً شديداً في الضفة، بالتزامن مع إلقاء الرئيس الفلسطيني خطابه السنوي في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، الذي يتوقع أن يكون خطاباً هجومياً تجاه واشنطن وتل أبيب، وينعكس ذلك على الأرض بتفجر مواجهات في الضفة. وقال: «في سبتمبر (أيلول) من سنة 2015 انفجر الفلسطينيون بعد خطاب عباس في الجمعية العامة، فابتدعوا عمليات (الإرهاب الفردي)».
ونقل آيزنكوت، خلال كلمته، اقتراحات الأجهزة الأمنية الإسرائيلية على الوزراء في «الكابينيت»، للتخفيف ولو قليلاً من التوتر، منتقداً الحكومة على امتناعها عن تنفيذ مثل هذه التوصيات في الماضي. ومن ضمن اقتراحاته، «إجراء تحسينات اقتصادية في الضفة الغربية، والعمل على إدارة الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة على الفلسطينيين بصورة سليمة، وتوفير بدائل للإجراءات والتقلصيات الأميركية». وقال: «الأميركيون لا يفهمون بالكامل تداعيات كل إجراءاتهم على الأرض، وإسرائيل هي التي تتلقى نتائجها على جلدها».
وشدد آيزنكوت على ضرورة الامتناع عن إشغال الجيش بالأوضاع الفلسطينية في الضفة والقطاع، لأنه «يجب التركيز على الجبهة الشمالية» (في إشارة إلى لبنان وسوريا). وقال: «هناك إمكانية لأن تجد إسرائيل نفسها في مواجهة في جبهات ثلاث، هي سوريا ولبنان وفي الضفة وكذلك في غزة».
وأشار المصدر المذكور إلى أن وزراء حكومة اليمين أعضاء «الكابينيت»، لم يتأثروا لتصريحات آيزنكوت، واعتبروها «غير جديدة». وقال مسؤول كبير بينهم إن «الشعور العام لدى أعضاء (الكابينيت) هو أن رئيس الأركان تحدث إلى البروتوكول».
ويلاحظ أن موقف القيادات العسكرية والأمنية في إسرائيل يصل أيضاً إلى الولايات المتحدة نفسها، حيث توجه 40 من أعضاء الكونغرس الأميركي، في عريضتين منفصلتين، إلى إدارة الرئيس ترمب، مطالبين بالتراجع عن قراراتها الأخيرة بحق الشعب الفلسطيني ومنظمة التحرير الفلسطينية، والمتمثلة في حجب المساعدات المالية عن اللاجئين الفلسطينيين والسلطة الفلسطينية ومستشفيات القدس وإغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن.
واتهمت عريضة وقعها 34 عضو كونغرس، الرئيس ترمب، بالسعي لإضعاف قيادة منظمة التحرير عبر إفقار وبث اليأس بين صفوف المواطنين الفلسطينيين. فيما اتهمت العريضة الأخرى التي وقعها ستة من أعضاء الكونغرس، ترمب، باستخدام سياسات تجويع أبناء الشعب الفلسطيني كعامل ضغط على القيادة الفلسطينية لإجبارها على الجلوس إلى طاولة مفاوضات.
وقالت عريضة النواب الستة «إن إغلاق مكتب ممثلية منظمة التحرير في واشنطن، يبعث إشارة بأن الإدارة الأميركية غير معنية بعملية السلام، وأنها عبر رفضها الإشارة لحل الدولتين، ومحاولة تغيير الوضع القانوني للاجئين الفلسطينيين، ونقل السفارة الأميركية للقدس، تحول دون إمكانية أن تكون الإدارة الأميركية وسيطاً نزيهاً لتحقيق عملية السلام».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».