نتنياهو وليبرمان يمنعان تقصير الأحكام بالسجن للأسرى الفلسطينيين

TT

نتنياهو وليبرمان يمنعان تقصير الأحكام بالسجن للأسرى الفلسطينيين

أعلن كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن أفيغدور ليبرمان، أمس الأحد، عن معارضتهما لقرار قيادة الجيش تشكيل لجنة خاصة في الجهاز القضائي العسكري، هدفها تقديم توصيات لتخفيف الأحكام المفروضة على الأسرى الفلسطينيين، الذين أدانتهم محاكم الاحتلال العسكرية وحكمت عليهم بالسجن المؤبد، وذلك خلال جلسة الحكومة الإسرائيلية العادية، حيث تبين أن الجيش ينوي إقامة لجنة داخلية تعنى بفحص «طلبات تقصير العقوبة»، التي يتقدم بها الأسرى الفلسطينيون الذين يقضون أحكاماً بالسجن المؤبد.
فقد اتضح أن الأسرى الذين حكم عليهم بالسجن في محكمة مدنية، يحظون بحق طلب تقصير مدة محكوميتهم من رئيس الدولة، فيما الأسرى الذين حوكموا في محاكم عسكرية، لا يتمتعون بهذا الحق. وقد توجه بعض الأسرى الفلسطينيين إلى محكمة العدل العليا مطالبين بمساواتهم بأسرى المحاكم المدنية. وخوفاً من اتخاذ قرار في المحكمة يلزم الجيش، استبق الجنرالات الأمر، وقرروا إجراء بحث في الموضوع، والتفكير في إقامة لجنة خاصة للبت في مثل هذه الطلبات.
وقد بادر ليبرمان إلى الإعلان عن رفضه، فقال في تغريدة على «تويتر»: «طالما أنا أشغل منصب وزير الأمن، لن يجري تخفيف فترة عقوبة أي (إرهابي) حتى ولو لساعة واحدة». وتلاه نتنياهو قائلاً: «أعارض ذلك بشدة. أعلم أن وزير الدفاع يتمسك بالموقف نفسه، ولذلك هذا الأمر لن يحدث».
المعروف أن عدد الأسرى الفلسطينيين المحكومين بالسجن المؤبد، داخل سجون إسرائيل، يتجاوز الـ500 أسير، منهم من صدرت بحقه أحكام من محاكم مدنية إسرائيلية، غير أن معظمهم خضعوا لمحاكمات عسكرية. وحكم المؤبد هو حكم بالسجن مدى الحياة، ويحدده الاحتلال بـ99 عاماً (مؤبد عسكري)، ويفرضه على الأسرى الأمنيين الذين يتهمهم بقتل إسرائيليين، سواء كانوا مستوطنين أو جنوداً، وكذلك على المسؤولين عن توجيه العمليات التي أدت إلى قتل يهود.
وقد توجه أسير فلسطيني بالتماس للمحكمة الإسرائيلية العليا، ضد السياسات التي تمنعه من تقديم «طلب عفو»، على اعتبار أن السياسة الحالية تميز بين الأسرى الذين يقضون أحكاماً صادرة عن محاكم عسكرية في الضفة الغربية، والأسرى الذين حكمت عليهم محاكم مدنية إسرائيلية. وقرر قضاة المحكمة العليا رفض الالتماس، وفضلوا عدم التدخل في «الاعتبارات العسكرية»، خصوصاً بعد أن أعلن قائد «المنطقة الوسطى» في الجيش، والمستشار القضائي العسكري التابع له، أنه «بعد دراسة الموضوع، تقرر إنشاء لجنة توصي بخفض أو تقصير عقوبات المحكومين بالمؤبد في المحاكم العسكرية في الضفة الغربية». وقال، «بناء على ذلك، وضع المستشار القانوني العسكري للمنطقة مشروعاً لتعديل التشريع الأمني حول هذا الموضوع، الذي تم إرساله إلى الأطراف المعنية للنظر فيه».
تجدر الإشارة إلى أن الاحتلال الإسرائيلي لم يطلق بتاتاً سراح أسرى فلسطينيين، بناءً على قرار لجنة أو جسم عسكري، إلا من خلال صفقات تبادر أسرى، أو بناءً على قرار من القيادة السياسية الإسرائيلية. ومع ذلك فقد رأى نتنياهو وليبرمان في الأمر خطراً، قد يستغله حليفهما نفتالي بنيت لمهاجمتهما، فسبقاه إلى رفض القرار العسكري.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».