نيودلهي وواشنطن تعقدان جولة من الحوار الدفاعي الاستراتيجي «2+2»

تضع تحت المجهر علاقات الهند مع روسيا وإيران والصين

الحوار الاستراتيجي بين وزراء دفاع وخارجية البلدين في نيودلهي: من اليسار وزير الدفاع جميس ماتيس والخارجية مايك بومبيو، ووزيرة الخارجية الهندية سوشما سواراج وزميلتها وزيرة الدفاع نيرمالا سيثارامان (إ.ب.أ)
الحوار الاستراتيجي بين وزراء دفاع وخارجية البلدين في نيودلهي: من اليسار وزير الدفاع جميس ماتيس والخارجية مايك بومبيو، ووزيرة الخارجية الهندية سوشما سواراج وزميلتها وزيرة الدفاع نيرمالا سيثارامان (إ.ب.أ)
TT

نيودلهي وواشنطن تعقدان جولة من الحوار الدفاعي الاستراتيجي «2+2»

الحوار الاستراتيجي بين وزراء دفاع وخارجية البلدين في نيودلهي: من اليسار وزير الدفاع جميس ماتيس والخارجية مايك بومبيو، ووزيرة الخارجية الهندية سوشما سواراج وزميلتها وزيرة الدفاع نيرمالا سيثارامان (إ.ب.أ)
الحوار الاستراتيجي بين وزراء دفاع وخارجية البلدين في نيودلهي: من اليسار وزير الدفاع جميس ماتيس والخارجية مايك بومبيو، ووزيرة الخارجية الهندية سوشما سواراج وزميلتها وزيرة الدفاع نيرمالا سيثارامان (إ.ب.أ)

على الرغم من الكثير من التوترات والاضطرابات بشأن العقوبات الأميركية التي تحوم في الآفاق، عقدت الهند والولايات المتحدة الحوار الاستراتيجي الأول «2+2»، حيث تم إبرام عدد من الصفقات الدفاعية الكبيرة خلال هذا الأسبوع إثر زيارة وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس ووزير الخارجية مايك بومبيو إلى العاصمة الهندية نيودلهي.
ومع توقيع الهند والولايات المتحدة على اتفاقية التطابق الأمني والاتصالات (كومكاسا) خلال الحوار الاستراتيجي، التي تسمح للمنصات الهندية مثل السفن الحربية بالوصول إلى البيانات الواردة من الأقمار الصناعية الأميركية (ألغيت مرتين من قبل)، خضعت العلاقات الدفاعية الهندية الروسية وشراء المعدات العسكرية من موسكو، والعلاقات الدفاعية الهندية الإيرانية كذلك، للمزيد من التمحيص. ومن المعروف كذلك أن الصين كانت من المواد التي طُرحت على مائدة الاجتماع رفيع المستوى بين الجانبين.

العنصر الروسي
في أعقاب فرض الولايات المتحدة الأميركية العقوبات الكبيرة على الاتحاد الروسي، التي بموجبها يمكن لأي دولة تتعامل مع موسكو في قطاعات الدفاع والاستخبارات أن تواجه العقوبات الأميركية الثانوية، كانت الهند قد قاربت على الانتهاء من المفاوضات الدفاعية مع روسيا بشأن شراء منظومة الدفاع الجوي الروسية المتطورة «إس - 400» في صفقة قدرت قيمتها بنحو 5 مليارات دولار. وتوجهت وزيرة الشؤون الخارجية الهندية سوشما سواراج، إثر اجتماعها مع الجانب الأميركي، رأساً إلى موسكو للاجتماع مع المسؤولين هناك. وكان الجانبان يهدفان منذ شهور إلى الوصول لاتفاق بشأن الصفقة الدفاعية قبل زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الهند، التي كان من المقرر أن تبدأ في أوائل أكتوبر (تشرين الأول) المقبل للمحادثات السنوية رفيعة المستوى.
وتعتزم الهند المضي قدماً في إتمام هذه الصفقة في جزء من استعداداتها الدفاعية في مواجهة الصين، على نحو ما أفاد مسؤول كبير في وزارة الدفاع الهندية. وتجمع الهند بروسيا علاقات دفاعية راسخة، ولا تزال القوات المسلحة الهندية تعتمد بشكل كبير على النظم الدفاعية الروسية، من التعاون المشترك في مجال التكنولوجيا الاستراتيجية إلى توفير قطع الغيار للمعدات العسكرية، وجهود الإصلاح والتجديد والصيانة وما إلى ذلك.
ومن المثير للاهتمام في هذا الصدد ما قاله الصحافي الهندي سودهي رانجان سين: «كانت روسيا هي الفيل العملاق الذي يحتل غرفة الاجتماعات التي شهدت انطلاق الحوار الاستراتيجي (2+2) الهندي الأميركي».
ومن شأن إتمام الصفقة أن يعتبر انتهاكاً للعقوبات بموجب قانون مكافحة خصوم الولايات المتحدة عبر العقوبات (كاتسا)، الذي أقره الكونغرس الأميركي بشأن مبيعات الأسلحة من روسيا، غير أن المشرعين الأميركيين قد سمحوا بإمكانية إجراء العفو الرئاسي.
ولم تتخذ الولايات المتحدة أي قرار حتى الآن بشأن فرض التدابير العقابية ضد الهند، في الوقت الذي يستمر فيه الحوار والمحادثات الثنائية بين نيودلهي وواشنطن، كما صرح بذلك أحد كبار المسؤولين في البلاد.
وفي الأثناء ذاتها، صرح وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد في السفارة الأميركية بنيودلهي في أعقاب الحوار الاستراتيجي «2+2» بين الجانبين، قائلاً: «لم تتخذ الولايات المتحدة أي قرار فيما يتصل بالخطط الهندية للحصول على منظومة (إس - 400) من روسيا»، على الرغم من أنه تعهد بإمكانية بلوغ النتائج المنطقية لكل من بلدينا من خلال الحوار والمناقشات المشتركة، وأضاف قائلاً: «ليست لدينا نيات لمعاقبة الشركاء الاستراتيجيين الكبار مثل الهند بكل تأكيد».

العلاقات الهندية الأميركية
بالعودة إلى الوطن، وصف وزير الدفاع الأميركي الحوار مع الهند بأنه «حوار ضروري للغاية ومن العلامات الاستراتيجية المهمة». وحققت العلاقات الدفاعية بين الجانبين وثبة كبيرة إلى الأمام، على نحو ما أفاد به أحد المسؤولين الدفاعيين الهنود، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، وأضاف أن الصفقات الدفاعية بين الجانبين بلغت 15 مليار دولار خلال العام الحالي، ومن المتوقع أن تشهد زيادة مطردة بنحو 3 مليارات دولار بحلول عام 2019. وتشمل الآفاق المحتملة إبرام صفقة لبناء طائرات مقاتلة متقدمة من طراز «إف - 16» إنتاج شركة «لوكهيد مارتن» في الهند.
وتعتبر «كومكاسا» واحدة من الاتفاقيات الأربع المعروفة بالاتفاقيات الأساسية التي تبرمها الولايات المتحدة مع شركائها المقربين بغية تعزيز قابلية التبادل العملياتي بين الجيوش، وتسهيل الوصول إلى النظم الدفاعية المتطورة، وبالتالي السماح للجيش الهندي بالاستفادة، بصورة أكثر فعالية، من المنصات الدفاعية الموجودة في الولايات المتحدة بهدف الحصول على صورة أكثر وضوحاً لمنطقة المحيط الهندي التي تشهد تحركات عسكرية صينية مريبة ومتزايدة.وفي الوقت الذي ينقل فيه الجانبان التدريبات العسكرية المشتركة إلى مستوى أرفع من خلال اتخاذ القرار بإجراء التدريب المشترك ثلاثي الأفرع قبالة الساحل الشرقي للهند في عام 2019، تم إلحاق أحد الضباط الهنود كملحق دفاعي هندي لدى القيادة المركزية للقوات البحرية الأميركية، التي تعد مسؤولة عن العمليات البحرية في أفغانستان وباكستان ودول الخليج العربي الغنية بالنفط.
وقال المعلق الصحافي هارش في بانت: «كان التقارب الهندي الأميركي، على خلفية باكستان، أكثر مدعاة للإعجاب، خصوصاً عندما جاء في البيان المشترك أنه يتعين على باكستان ضمان عدم استخدام الأراضي الخاضعة لسيطرتها قواعد لشن الهجمات الإرهابية ضد دول أخرى. واستغرقت الولايات المتحدة القليل من الوقت في تصعيد الضغوط على حكومة رئيس الوزراء الباكستاني الجديد عمران خان بشأن إحكام السيطرة على الإرهاب، إذ علقت مساعدات أميركية إلى باكستان».
العنصر الإيراني

رغم ما تقدم، وفي ظل الحماس الراهن، لا يزال هناك مفسدون محتملون لهذه الشراكة، ونعني بذلك إيران. والهند، التي تعتبر من أكبر مستوردي النفط من إيران، وقعت في معضلة لا يسهل تجنبها، لا سيما في أعقاب قرار الولايات المتحدة الانسحاب من خطة العمل الشاملة المشتركة أو الاتفاق النووي مع إيران في مايو (أيار) الماضي.
ولم يساعد الحوار الاستراتيجي «2+2» في المشكلة الهندية، إذ ظلت الولايات المتحدة غير واضحة بشأن ما إذا كانت سوف تسمح للهند بالتنازل عن العقوبات الهادفة إلى منع واردات الطاقة من إيران. ولقد أوضح وزير الخارجية الأميركي الأمر بأن الولايات المتحدة تتوقع من الهند خفض وارداتها من النفط الإيراني إلى المستوى الصفري.
ولم تأت الولايات المتحدة خلال الحوار الاستراتيجي على ذكر أي عفو رئاسي، في الوقت الذي تواجه الهند فيه تحديات كبيرة في التعامل مع ملف العقوبات الاقتصادية الإيراني.
وقال المحلل الهندي مانوج جوشي «إن العلاقات الهندية مع إيران لا تتعلق بالنفط فحسب، ولكنها تتعلق كذلك بالوضع الاستراتيجي الذي تحتله الهند في المنطقة. ويهدف مشروع ميناء تشابهار إلى تجاوز الحصار الذي تفرضه باكستان بشأن قطع سبيل المواصلات البرية بين الهند وأفغانستان، وإيران، وآسيا الوسطى بأسرها».

التوازن مع الصين
على الرغم من أن البيان المشترك بشأن الحوار الوزاري بين الهند والولايات المتحدة لم يذكر الصين على نحو صريح، قالت المصادر المطلعة إنه كانت هناك «مناقشات عميقة» بشأن منطقة الهند والمحيط الهادئ الحرة والمفتوحة، والتهديدات الصينية القائمة هناك، كانت إحدى النقاط الرئيسية للمحادثات.
ولا يمكن إنكار حقيقة أن التهديد الصيني هو بحكم الأمر الواقع من التحديات الراهنة، وتنظر الولايات المتحدة إلى الهند باعتبارها شريكاً موثوقاً فيه وحليفاً محتملاً في جنوب آسيا، التي يمكن أن تقوم مقام القوة الموازنة لمعادلة النفوذ الصيني في المنطقة. كما ترغب الولايات المتحدة من الحوار الأمني الرباعي (الذي يضم الولايات المتحدة، والهند، واليابان، وأستراليا) باتخاذ الشكل المؤسسي والتقدم والازدهار في منطقة المحيط الهادئ والهندي كـقوة مضادة في مواجهة الصين وحلفائها. ومع ذلك، فإن التخفيف اللافت للنظر في الموقف الهندي تجاه الصين، في أعقاب الاجتماعات الأخيرة بين رئيس الوزراء الهندي والرئيس الصيني، جعل بعض الخبراء الأميركيين متشككين في الرغبة الهندية الحقيقية في الاضطلاع بدور فعال في المسرح الرباعي الذي تشرف واشنطن على إعداده في المنطقة. وصرح مصدر مطلع لـصحيفة «ذي إنديان اكسبريس» بأن «الجانب الأميركي يرغب في الارتقاء بمستوى التفاعل، ولكننا طلبنا منهم إبقاء الأمر على منواله الحالي. وتراعي الهند ألا تكون مثيرة للحساسيات والمخاوف الصينية بشأن المنطقة»، في إشارة إلى أن الارتقاء بمستوى التفاعل قد يُتصور على أنه تهديد مباشر للصين هناك. وقال المحلل السياسي مارتاند جها: «تحتاج القوة الملهمة مثل الهند إلى تلمس سبيلها الصحيح، وأن تضع مصالحها الذاتية فوق اعتبارات مصالح الآخرين. وعلى المستوى الاستراتيجي، تحتاج الهند إلى تحقيق التوازن في مصالحها بين الولايات المتحدة، والصين، وروسيا، فضلاً عن الحفاظ على علاقات جيدة مع الشركاء الإقليميين مثل إيران».



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.