مسؤولان فلسطينيان: السلام لن يمر إلا من خلال حل الدولتين

غرينبلات يتوقع انتقادات إسرائيلية لعناصر في خطة ترمب

TT

مسؤولان فلسطينيان: السلام لن يمر إلا من خلال حل الدولتين

عبّر مسؤولان فلسطينيان، أمس الجمعة، عن رفضهما للتصريحات التي أدلى بها جاريد كوشنر، المستشار الخاص للرئيس الأميركي دونالد ترمب، بشأن القضية الفلسطينية والصراع مع الإسرائيليين على خلفية ما يطرح بشأن عملية السلام من قبل الإدارة الأميركية، فيما قال جيسون غرينبلات، المبعوث الأميركي للشرق الأوسط، إن إدارة ترمب تستعد لانتقادات إسرائيلية لعناصر في خطتها للسلام في المنطقة.
وقال نبيل أبو ردينة، الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية، إن تصريحات كوشنر تنم عن جهل بواقع الصراع، وهي محاولة للتضليل وتزييف التاريخ الخاص بالقدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية. وأضاف: «إن السلام لن يمر إلا من خلال حل الدولتين والقدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين، وفق قرارات الشرعية الدولية وقرارات القمم العربية، وأن الاستمرار بإنكار الحقائق التاريخية والدينية للشعب الفلسطيني، ستضع المنطقة في مهب الريح». وتابع: «إن الفهم الأميركي للأمور، يعبّر عن سياسة غير مسؤولة، ستؤدي إلى فراغ مدمر، وتشكل خطراً حقيقياً على النظام القانون الدولي»، مؤكداً أن الشعب الفلسطيني لن يرضخ للضغوط أو العقوبات وسياسة الابتزاز.
وواصل المسؤول الفلسطيني «أن التوجهات الأميركية دليل على انحياز أعمى لمفاهيم مزيفة، وهي بمثابة فشل كامل لمساعي أميركية لا تستند إلى الحقائق التي يمكن أن تؤدي إلى تحقيق سلام حقيقي ودائم». وأكد على أن صمود الفلسطينيين وتمسك قيادتهم بالثوابت الوطنية وبمصالح شعبها، ستسقط كل المؤامرات «لأن هذا زمن عابر ولن يطول»، كما قال.
من جانبه، قال صائب عريقات أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، إن عقارب الساعة لا تعود إلى الوراء، وإن محاولات وقف الزمن أو إعادة الوقت إلى ما مضى أمور مستحيلة. وشدد على أن «ممارسات وسياسات وإملاءات محاولات فرض الحقائق الاحتلالية على الأرض من قبل الإدارة الأميركية والحكومة الإسرائيلية لا يمكنها أن تُوقف الحتمية التاريخية بتجسيد إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية».
جاء ذلك أثناء لقاء عريقات مع المبعوث النرويجي لعملية السلام تور فينيسلاند، والقنصل البريطاني العام فليب هول، والمفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين بيير كرينبول، وممثلة فنلندا لدى فلسطين آنا كايسا هنكين، والقنصل الفرنسي العام بيير كوشارد، كلاً على حدة.
وأكد عريقات على وجوب تحقيق إزالة أسباب الانقسام وصولاً إلى الوحدة الجغرافية والوطنية، والتأكيد على أن الضفة الغربية وقطاع غزة والعاصمة القدس الشرقية وحدة جغرافية لا يمكن تجزئتها، على اعتبار ذلك أقصر الطرق لمواجهة وإسقاط محاولات إدارة الرئيس ترمب استمرار تنفيذ ما يسمى «صفقة القرن».
وأعاد عريقات التأكيد على أن سياسة الإدارة الأميركية تعني أنها لم تعد شريكاً ولا تستطيع أن تكون وسيطاً في أي عملية سلام، داعياً المجتمع الدولي إلى توحيد مواقفه استناداً إلى القانون الدولي واحتراماً للشرعية الدولية ليس على صعيد القضية الفلسطينية فقط، وإنما على صعيد حل الخلافات والصراعات الإقليمية والقارية والدولية.
وكان كوشنير قال في تصريحاته المنشورة في الولايات المتحدة، إن الإجراءات العقابية الأميركية الأخيرة ضد الفلسطينيين لن تضر باحتمالات السلام، بل ستزيد من فرص تحقيقه، معتبراً أن تلك القرارات أزالت «الحقائق الزائفة» المحيطة بعملية السلام. وأضاف: «إن القيادة الفلسطينية تستحق قطع المساعدات عنها بسبب شيطنتها» الإدارة الأميركية الحالية، مشيراً إلى أنه لم تربكه مواقف الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ويرى أن هناك فرصة لرأب الصدع والعودة لطريق السلام.
في غضون ذلك، قال المبعوث الأميركي للشرق الأوسط إن إدارة الرئيس ترمب تستعد لانتقادات إسرائيلية لعناصر في خطة السلام في الشرق الأوسط التي لم يكشف النقاب عنها بعد. وفي مقابلة مع «رويترز»، قال جيسون غرينبلات، كبير مهندسي مبادرة السلام التي طال انتظارها، إن المفاوضين الأميركيين دخلوا «مرحلة ما قبل تدشين» الخطة رغم مقاطعة القادة الفلسطينيين لها. لكنه امتنع عن تحديد إطار زمني، واكتفى بالقول أن الخطة لن يتم الإعلان عنها في الجمعية العامة للأمم المتحدة التي ستجتمع في نيويورك هذا الشهر، كما لم يقدم أي تفاصيل بشأن الخطة التي أثارت شكوكاً كثيرة حتى قبل الكشف عنها.
وفي مسعاه لتفنيد التصورات المنتشرة على نطاق واسع بين الفلسطينيين والمسؤولين العرب والمحللين المستقلين بأن خطة السلام ستكون على الأرجح منحازة لإسرائيل، أوضح غرينبلات لـ«رويترز» أن الجانبين سيجدان ما سيعجبهما، وما لن يعجبهما في الخطة.
وفي حين تتحرك الإدارة لوضع اللمسات الأخيرة على مبادرة يقودها جاريد كوشنر صهر ترمب، قال غرينبلات «علينا أن ندافع عن الخطة لصالح الإسرائيليين والفلسطينيين. نحن مستعدون للانتقادات من جميع الأطراف، لكننا نعتقد أن هذا أفضل سبيل للتحرك إلى الأمام بالنسبة للجميع».
لكن لا يوجد تفسير لما قد يصيب الإسرائيليين بخيبة الأمل في الخطة. ويشعر الإسرائيليون بالرضا إلى حد كبير إزاء سياسات ترمب في الشرق الأوسط لكنهم انزعجوا في بعض الأحيان من اقتراحات بأنه قد يطلب منهم تقديم تنازلات كبيرة. بيد أن غرينبلات قال إن الولايات المتحدة ستوصي بتقديم تنازلات لكنها لن تسعى لفرض اتفاق. وأضاف: «على الطرفين أن يقررا ما إذا كانت الخطة تناسبهما وستجعل حياتهما أفضل... الطرفان فحسب لديهما القدرة على تقديم هذه التنازلات، لكن لا تنازلات بشأن احتياجات إسرائيل الأمنية».
وقال غرينبلات، في المقابلة التي جرت يوم الأربعاء، إن إدارة ترمب تأمل في أن تدعم دول عربية خطتها للسلام بمجرد إطلاقها، لكنها لا تتوقع منها «محاولة دفع الفلسطينيين إلى اتفاق لا يريده الفلسطينيون».
وقال غرينبلات: «علينا أن ننهي الجزء الاقتصادي من الخطة... الاقتصاد الناجح أمر حاسم بالنسبة للفلسطينيين». ومن المتوقع على نطاق واسع أن يشمل ذلك مقترحات بتمويل دولي لقطاع غزة الفقير.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».