انطلاق هادئ لحملة الانتخابات البرلمانية في إقليم كردستان

ملصقات الحزبين الحاكمين انتشرت بكثافة... وغابت دعاية المعارضة

ملصقات دعائية على جسر في أربيل أمس («الشرق الأوسط»)
ملصقات دعائية على جسر في أربيل أمس («الشرق الأوسط»)
TT

انطلاق هادئ لحملة الانتخابات البرلمانية في إقليم كردستان

ملصقات دعائية على جسر في أربيل أمس («الشرق الأوسط»)
ملصقات دعائية على جسر في أربيل أمس («الشرق الأوسط»)

على غير المعتاد، انطلقت منذ منتصف الليلة قبل الماضية حملات الدعاية الانتخابية في مدن وبلدات إقليم كردستان العراق استعداداً للانتخابات المقرر إجراؤها في 30 سبتمبر (أيلول) الحالي، في هدوء تام وبعيداً عن الصخب الإعلامي والجماهيري الذي ألفه الشارع الكردي في الانتخابات السابقة.
واتشحت الشوارع والساحات والميادين العامة بصور وملصقات مرشحي الحزبين الحاكمين في الإقليم، وهما «الديمقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود بارزاني، و«الاتحاد الوطني» اللذان استعانا هذه المرة بنخبة من الوجوه القيادية والإعلامية الشابة، لاستثمار القاعدة الشعبية لتلك الوجوه انتخابياً، في محاولة منهما لحصد أكبر عدد ممكن أصوات الناخبين.
أما من ضمن أقطاب المعارضة الأربعة، فإن صور وملصقات مرشحي حركة «التغيير» فقط، كانت حاضرة في المشهد الدعائي، فيما غابت الأحزاب الإسلامية مثل «الاتحاد والجماعة والحركة الإسلامية» عن الساحة، رغم إعلانها المشاركة في الانتخابات المقررة نهاية الشهر الحالي.
من جهته، أعلن تحالف «العدالة والديمقراطية»، الذي يتزعمه السياسي المعروف برهم صالح، مسبقاً مقاطعته للعملية الانتخابية، لجملة أسباب تتعلق، بحسب إعلانه، بسجلات الناخبين، والخشية من تكرار عمليات التزوير التي شابت الانتخابات النيابية العراقية، والتي اقترنت بالكثير من التداعيات والانتقادات والشكوك في نتائجها.
وتشارك في الانتخابات النيابية بدورتها الخامسة، ثلاثة تحالفات سياسية هي: «تحالف سردم» (المعاصر) ويضم كلاً من: «الحزب الاشتراكي الكردستاني» و«حزب العمال والكادحين الكردستاني» و«الاتحاد القومي الديمقراطي الكردستاني»، وتحالف «الوحدة القومية» ويضم: «حزب بيت النهرين الأشوري»، و«حزب الاتحاد الديمقراطي الكلداني» و«تيار شلاما» و«المجلس القومي الكلداني»، و«تحالف الإصلاح»، ويضم: «الاتحاد الإسلامي في كردستان»، و«الحركة الإسلامية في كردستان»، إضافة إلى عشرات من الأحزاب والتيارات الكردية الأخرى، فضلاً عن الحزبين الحاكمين، وكذلك «الجبهة التركمانية العراقية». وتتنافس هذه القوى والأحزاب على مائة مقعد في برلمان الإقليم، المؤلف من 111 مقعداً، منها 11 مقعداً مخصصاً للأقليات القومية والإثنية في الإقليم.
ومن المقرر أن تستمر حملات الدعاية حتى الثامن والعشرين من الشهر الحالي، بحسب بيان مفوضية الانتخابات في الإقليم، التي حددت مع بلديات المدن شروطاً وضوابط جديدة للترويج الانتخابي، وحددت مواقع معينة لها داخل المدن، كما أقرت غرامات مالية جسيمة تصل إلى نحو 3 ملايين دينار عراقي للمخالفين.
ويرى المرشح عن قائمة الحزب الديمقراطي الكردستاني، علي الفيلي، أن فرص الدعاية الانتخابية متاحة ومتوازنة من الناحية القانونية، وفي متناول جميع المرشحين دون استثناء، لكن الإمكانات المادية التي تتحكم بطبيعة الدعاية تختلف من حزب لآخر، ومن مرشح إلى آخر. ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «أعتقد أن هذه الانتخابات تعتبر مصيرية وحاسمة بالنسبة لشعب كردستان، كونها الأولى بعد انتهاء الحرب ضد الإرهاب ممثلاً في (داعش)، وتأتي بعد الاستفتاء التاريخي على مصير كردستان، الذي قال فيه الشعب الكردي كلمته بمنتهى الحرية والديمقراطية، والجرأة للمرة الأولى في حياته، بمعنى أنها ستكون بمثابة يوم الحساب بين الناخبين الذين سيعاقبون بأصواتهم الأحزاب والقوى التي تهاونت في التعاطي مع قضاياهم القومية، والحفاظ على مصالحهم العليا».
ويرى الفيلي أن الانتخابات النيابية العراقية، التي زعزعت كثيراً من ثقة الناخب الكردي، سوف لن تؤثر على القاعدة الجماهيرية لحزبه، التي وصفها بالجمهور الثابت قائلاً: «نحن واثقون دوماً بالجماهير التي ستدعمنا بلا شك في هذه الانتخابات، لأنها تعي تماماً أن نجاحنا في الانتخابات يعني انتصار (الحزب الديمقراطي) وبالتالي انتصار الإقليم».
وفي اليوم الأول من الحملة الدعاية، سجل أكبر عدد من المخالفات في نشر الصور والملصقات من قبل مرشحي الحزبين الحاكمين، الذين انتشرت صورهم على جسور السيارات والمشاة واللوحات المرورية وأعمدة الكهرباء وأشجار الزينة في ساحات العاصمة أربيل، في خرق واضح لتعليمات مفوضية الانتخابات، وأقر «الفيلي» بتلك المخالفات، مؤكداً أن المخالف ينبغي أن يخضع للقانون ويتحمل نتيجة مخالفته.
وفيما يتعلق بإمكانية إجراء انتخابات نزيهة في الإقليم، يرى الباحث الأكاديمي عبد الحكيم خسرو، أستاذ العلوم السياسية بجامعة صلاح الدين في أربيل، أن الخبرة التي اكتسبتها مفوضية الانتخابات في الإقليم، من خلال تجاربها السابقة، وكذلك الإجراءات الدقيقة التي اتخذتها على المستوى الميداني والإداري تكفلان تحقيق انتخابات تتسم بقدر كبير من الشفافية والنزاهة والهدوء، لا سيما أن جميع القوى المشاركة في العملية الانتخابية لها مراقبون في كل المراكز الانتخابية، ولها وسائل إعلامها التي ترصد العملية بمجملها على نحو دقيق.
وعما إذا كانت الحكومة المقبلة ستكون قادرة على معالجة الكم الكبير من المشاكل والمعضلات المتراكمة في الإقليم، قال خسرو، لـ«الشرق الأوسط»: «أعتقد أن أولى أولويات البرلمان والحكومة اللذين سيتم انتخابهما، هي تكريس حالة الاستقرار والوئام في الإقليم، وتعزيز أواصر التعاون بين القوى السياسية الكردية كافة، وإعادة بناء الهيكل الحكومي لتكون إما حكومة أغلبية سياسية أو حكومة توافق سياسي، كما أن عليها أن تستعد لمواجهة التحديات الكبيرة التي ستواجه الإقليم في المرحلة المقبلة على المستويين الداخلي والإقليمي».



السعودية ومصر لوضع هيكل «مجلس التنسيق الأعلى» بين البلدين

ولي العهد السعودي والرئيس المصري خلال لقاء سابق بينهما (واس)
ولي العهد السعودي والرئيس المصري خلال لقاء سابق بينهما (واس)
TT

السعودية ومصر لوضع هيكل «مجلس التنسيق الأعلى» بين البلدين

ولي العهد السعودي والرئيس المصري خلال لقاء سابق بينهما (واس)
ولي العهد السعودي والرئيس المصري خلال لقاء سابق بينهما (واس)

تعكف الرياض والقاهرة على وضع هيكل «مجلس التنسيق الأعلى السعودي - المصري»، وفق ما أعلنه وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي. وهو ما عدَّه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بمثابة «خطوة على طريق تعميق التعاون بين البلدين في المجالات السياسية والاقتصادية والتنموية».

وقال عبد العاطي، في تصريحات متلفزة، مساء الخميس: «نعمل حالياً على وضع الهيكل التنسيقي للمجلس المصري - السعودي»، مؤكداً على «العلاقة الاستراتيجية الوطيدة، والتنسيق المستمر بين البلدين».

وكان الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قد شهدا في ختام مباحثاتهما بالقاهرة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، التوقيع على تشكيل «مجلس التنسيق الأعلى المصري - السعودي» برئاسة الرئيس السيسي، وولى العهد السعودي.

ومنتصف الشهر الماضي، وافقت الحكومة المصرية على قرار تشكيل «مجلس التنسيق الأعلى المصري - السعودي». وأوضحت الحكومة في إفادة لها، أن «المجلس يهدف إلى تكثيف التواصل وتعزيز التعاون بين مصر والمملكة العربية السعودية في مختلف المجالات التي تهم الجانبين».

وعدَّ الإعلامي السعودي، خالد المجرشي، «مجلس التنسيق الأعلى السعودي - المصري» بمثابة «خطوة تؤكد إمكانية توسيع تكامل العلاقات بين الرياض والقاهرة، في إطار سلسلة من الخطوات التي بدأت قبل نحو عقد من الزمان».

وقال إن «المجلس يأتي في إطار بناء الآلية المستقبلية لتعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، لا سيما مع توجيهات رسمية من قادة البلدين لتشجيع الاستثمار والتبادل التجاري». واستشهد المجرشي بما سبق أن قاله وزير التجارة السعودي، ماجد القصبي، عن تكليفه بتشجيع الاستثمار في مصر.

ونهاية عام 2018، قال القصبي، خلال الجلسة الافتتاحية لاجتماعات «مجلس الأعمال المصري - السعودي»، إنه «تلقى تكليفاً واضحاً من ولي العهد السعودي بأن يعد نفسه وزيراً بالحكومة المصرية سعياً لتعزيز التعاون الاستراتيجي بين البلدين».

وقال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، إن «وجود مجلس أعلى للتنسيق بين القاهرة والرياض من شأنه تذليل أي عقبات أمام التعاون الثنائي لا سيما أنه برئاسة الرئيس السيسي وولي العهد»، موضحاً أن «المجلس خطوة لتعميق العلاقات بين السعودية ومصر في مختلف المجالات».

بدر عبد العاطي خلال استقبال الأمير فيصل بن فرحان بالقاهرة في سبتمبر الماضي (الخارجية المصرية)

وأوضح عضو مجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية بالبرلمان)، الدكتور عبد المنعم سعيد، أن «السعودية ومصر هما قبة الميزان في المنطقة، وتعزيز التعاون بينهما ضروري لمواجهة التحديات الإقليمية»، وَعَدَّ سعيد «مجلس التنسيق الأعلى المصري - السعودي»، «نقطة بداية لمواجهة التحديات، وتحقيق الاستقرار الإقليمي».

وأضاف: «لا تستطيع دولة عربية واحدة مواجهة عدم الاستقرار الإقليمي»، مشيراً إلى أن «تعميق العلاقات السعودية - المصرية من خلال (مجلس التنسيق الأعلى) من شأنه حماية القاهرة والرياض من الأخطار، وأيضاً التنسيق لمواجهة ما يحيط بالمنطقة من تحديات».

وكان وزير الخارجية المصري أكد خلال مؤتمر صحافي مع نظيره السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، في القاهرة، سبتمبر (أيلول) الماضي، أن «مجلس التنسيق الأعلى المصري - السعودي»، «سيكون مظلة شاملة لمزيد من تعميق العلاقات الثنائية بين البلدين، والدفع لآفاق التعاون بينهما في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والتنموية والاستثمارية، بما يحقق مصالح الشعبين».

ووفق بيان الحكومة المصرية، الشهر الماضي، «يتألف المجلس من عدد من الوزراء والمسؤولين من البلدين في المجالات ذات الصلة»، كما «يعقد اجتماعات دورية بالتناوب في البلدين، ويحق له عقد اجتماعات استثنائية كلما دعت الحاجة إلى ذلك». والمجلس «سيحل محل الاتفاق الخاص بإنشاء اللجنة العليا المصرية - السعودية المشتركة».