كيري يتريث في زيارة القاهرة ويكتفي بمتابعة أزمة غزة «هاتفيا»

مصادر أميركية قالت لـ «الشرق الأوسط» إنه يريد إفساح المجال أمام مصر.. ولا يريد الوقوع بين فشلين

جون كيري خلال مؤتمر صحافي في فيينا أمس (إ.ب.أ)
جون كيري خلال مؤتمر صحافي في فيينا أمس (إ.ب.أ)
TT

كيري يتريث في زيارة القاهرة ويكتفي بمتابعة أزمة غزة «هاتفيا»

جون كيري خلال مؤتمر صحافي في فيينا أمس (إ.ب.أ)
جون كيري خلال مؤتمر صحافي في فيينا أمس (إ.ب.أ)

علمت «الشرق الأوسط» أمس أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري آثر تجنب زيارة القاهرة حاليا، والاكتفاء بمتابعة الملف الفلسطيني عن بعد، وذلك من أجل إتاحة المجال أمام السلطات المصرية للتعامل مع الموقف عبر مبادرتها التي طرحتها أول من أمس للتهدئة في غزة، والتي أعلنت الولايات المتحدة دعمها.
وكانت وكالات الأنباء العالمية تناقلت نبأ زيارة كيري إلى القاهرة نقلا عن دائرة وزير الخارجية الأميركي، الذي كان في فيينا لإجراء مباحثات بشأن الملف النووي الإيراني. كما كان مسؤولون أميركيون أفادوا قبل أيام بأن كيري ربما يصل إلى المنطقة لإجراء محادثات بشأن الوضع المتأزم في الشرق الأوسط.
غير أن مصادر أميركية مطلعة أكدت أمس أن زيارة كيري لم يكن مخططا لها وأنه لم يعلن عنها بشكل رسمي وأنه «لا صحة لها على الإطلاق»، مشيرة إلى أن كيري سينهي جولته الخارجية إلى آسيا وأوروبا التي استغرقت تسعة أيام، وأنه سيتوجه مباشرة من فيينا إلى واشنطن.
وتناقضت تلك التصريحات مع ما علمته «الشرق الأوسط» من مصادر أميركية أخرى موثوقة من أن كيري كان يفكر في زيارة مصر حتى أعلن مسؤولوها عن مبادرة لوقف إطلاق النار بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وأكدت المصادر أن كيري «فضل إرجاء زيارته لفسح المجال أمام الدبلوماسية المصرية لحلحلة الأزمة، إلى جانب التروي حتى تتضح الأمور من جانب الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني»، وأنه «ربما فضل الانتظار حتى مرحلة وصول الوفود الإسرائيلية والفلسطينية إلى القاهرة لإجراء المفاوضات».
ورجحت المصادر أن كيري غالبا أجل الحضور إلى القاهرة «تجنبا للوقوع بين فشلين»، في إشارة إلى المباحثات الغربية الإيرانية التي جرت في فيينا وشهدت تراجعا كبيرا من جهة، واحتمالية تعثر المبادرة المصرية من جهة أخرى نتيجة تعنت أي من الأطراف.
واكتفى وزير الخارجية الأميركي، أمس، باتصال هاتفي مع نظيره المصري سامح شكري تناول آخر التطورات على الساحة الفلسطينية في ضوء استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية، والمبادرة التي أطلقتها مصر لوقف إطلاق النار، وكذا الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب الذي انعقد في القاهرة مساء أول من أمس، وما صدر عنه من قرار يتضمن ضمن بنوده دعما للمبادرة المصرية.
وذكر بيان للخارجية المصرية أن كيري أعرب خلال الاتصال عن دعم الولايات المتحدة للمبادرة المصرية لوقف إطلاق النار، عادًّا إياها «فرصة حقيقية يجب دعمها لوقف العنف واستعادة التهدئة»، ومعربا عن حرص الولايات المتحدة على أن تعطي كل الأطراف المعنية دعمها الكامل للمبادرة المصرية.
وكان كيري حذر أمس من وجود «مخاطر كبيرة» لتصعيد أعمال العنف بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة إلى درجة تصبح معها «خارجة عن أي سيطرة»، مدينا إطلاق صواريخ من قطاع غزة مجدا. وقال للصحافيين في فيينا: «هناك مخاطر كبيرة حتى لأن يتصاعد العنف»، مضيفا أن الولايات المتحدة تريد إعطاء المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار الوقت لكي تنجح، ولكنه أكد أنه مستعد للعودة إلى الشرق الأوسط «غدا إذا لزم الأمر».
وحول ما تردد عن أن كيري ألغى زيارته المقررة إلى مصر أمس للتباحث مع المسؤولين المصريين حول الوضع في غزة تحديدا، والشرق الأوسط على وجه العموم، قال السفير بدر عبد العاطي، المتحدث الرسمي باسم الخارجية المصرية، لـ«الشرق الأوسط»، إنه لم تكن هناك زيارة مقررة «رسميا» سواء من الجانب المصري أو الأميركي، ولكنها كانت في إطار التكهنات الإعلامية.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.