موسكو تتهم واشنطن باستخدام قنابل فوسفورية شرق سوريا

TT

موسكو تتهم واشنطن باستخدام قنابل فوسفورية شرق سوريا

تصاعدت حدة التوتر بين موسكو وواشنطن على خلفية المعطيات المتزايدة حول تعزيزات عسكرية يرسلها الطرفان إلى مناطق في سوريا، وترددت أنباء عن قيام وزارة الدفاع الروسية بإبلاغ الجانب الأميركي بأنها ستضرب مواقع المعارضة السورية في المناطق الواقعة تحت سيطرة أميركية في حال تم شن هجمات منها ضد الحكومة السورية.
واتهمت وزارة الدفاع الروسية الجيش الأميركي باستخدام قنابل فوسفور محظورة خلال هجوم شنه السبت على مناطق في دير الزور شرق سوريا.
وأفاد بيان أصدره مدير مركز حميميم للمصالحة فلاديمير سافتشينكو، بأن مقاتلتين أميركيتين شنتا غارات على بلدة هجين في محافظة دير الزور استخدمت فيها ذخائر فوسفورية مشتعلة. وزاد أن الضربات أدت إلى اندلاع حرائق كبيرة في المنطقة، مشيرا إلى أن «استخدام الأسلحة المحتوية على الفوسفور الأبيض أمر محظور بموجب البرتوكول الإضافي إلى اتفاقية جنيف لعام 1949».
تزامن ذلك، مع تزايد النقاشات في موسكو حول تنشيط التحركات الأميركية في سوريا في الفترة الأخيرة.
ورأت مصادر عسكرية أن الأوضاع في سوريا «تتجه إلى التفاقم» مع تعزيز الإمدادات العسكرية الأميركية ومع تواصل الاستعدادات لشن عملية عسكرية في إدلب رغم نتائج قمة طهران الأخيرة التي فشلت في الخروج بتفاهمات حول هذا الموضوع بين موسكو وأنقرة وطهران. ونقلت وسائل إعلام روسية أمس، عن مسؤول في وزارة الدفاع أن الولايات المتحدة تقوم على خلفية تفاقم التوتر بتعزيز وجودها العسكري في التنف وفي مناطق أخرى في شمال سوريا.
وأشارت إلى أن الموقف «بات يهدد بوقوع مواجهة غير مباشرة بين الطرفين يمكن أن تتطور إذا وقع أي خطأ» في تحذير بدا أنه الأكثر جدية منذ شهور.
وبرغم أن المسؤول العسكري شدد على أن «قنوات الاتصال بين وزارتي الدفاع تعمل بشكل كامل ولا مكان للحديث عن خطأ يمكن أن يسفر عن تدهور الموقف نحو مواجهة» لكن صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» نقلت عن مصادر قريبة من وزارة الدفاع أن «الصدام يمكن أن يقع بشكل غير مباشر»، مشيرة إلى أن موسكو «أبلغت الأميركيين مرتين خلال الأسابيع الأخيرة بأنها سوف تشن ضربات على مواقع للمعارضة السورية تقع ضمن المناطق التي تتواجد فيها قوات أميركية».
وقالت الصحيفة إن هذه الضربات ممكنة في حال تعرضت مواقع حكومية سورية أو مواقع يتواجد فيها خبراء وعسكريون روس إلى هجمات تنطلق من تلك المناطق.
في الأثناء، لفتت أوساط دبلوماسية - عسكرية إلى تواصل الإعدادات من جانب موسكو لشن عملية عسكرية في إدلب برغم نتائج قمة طهران أخيرا. ولفتت إلى أن الطيران الروسي يواصل شن هجمات على المواقع التي تشكل تهديدا على قاعدة حميميم أو المناطق المجاورة لها.
وبرغم ذلك تجنب الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أمس، إعطاء توضيحات عن حجم وطبيعة التحضيرات أو احتمال أن يكون ثمة تفاهم تم التوصل إليه بين موسكو ودمشق على موعد وتفاصيل العملية المحتملة.
وقال بيسكوف للصحافيين إنه «لا معلومات لدينا بوجود تنسيق حول هذا الموضوع».
لكن نائب وزير الخارجية الروسي أوليغ سيرومولوتوف قال إن «التحضير للعملية العسكرية المحتملة من أجل تحرير إدلب من الإرهابيين يجري بعناية وسرية، مع مراعاة الجوانب الإنسانية».
وأوضح أنه «فيما يتعلق بمعايير عمليات مكافحة الإرهاب في إدلب، كقاعدة عامة، يجري تحضير هذه العمليات بعناية وسرية بمشاركة جميع الأطراف، ومن الطبيعي أن المستويين الدبلوماسي والعسكري لا يكشفان عن تفاصيل في هذا الشأن».
وقال الدبلوماسي الروسي إن «الإرهابيين في سوريا باتت لديهم القدرة على إنتاج أسلحة كيماوية، كما أنهم يتمتعون بدعم مادي وفني من الخارج».
وأضاف أنه «خلال سنوات القتال في سوريا، وفي العراق المجاور، وردت معلومات عن استيلاء المسلحين على وثائق علمية تقنية لإنتاج الأسلحة الكيماوية، وعلى منشآت كيماوية مع المعدات، فضلاً عن أنهم (الإرهابيين) تمكنوا من إشراك خبراء مدنيين وعسكريين في تركيب المواد السامة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».