عاقبت محكمة جنايات القاهرة، أمس، 75 من قيادات وعناصر جماعة «الإخوان» بالإعدام شنقاً، وذلك بعد أن أدانتهم في القضية المعروفة باسم «فض الاعتصام المسلح في رابعة العدوية»، والتي تتعلق بتجمع أنصار الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي، في أعقاب عزله في يونيو (حزيران) 2013. وهو الاعتصام الذي تم فضه في أغسطس (آب) من العام نفسه.
وبعد أكثر من خمس سنوات من التحقيقات والمداولة أمام هيئة المحكمة، أصدرت «جنايات القاهرة» قرارها بشأن 739 متهماً في القضية، وجاءت أحكام الإعدام بحق 75 شخصاً بعد استطلاع رأي (غير ملزم) مفتي مصر، وطالت الأحكام قيادات بارزة من جماعة «الإخوان»، ومنهم عصام العريان، وعبد الرحمن البر (المعروف بمفتى الإخوان)، ومحمد البلتاجي، وصفوت حجازي. والأحكام بالإعدام تتعلق بـ44 مداناً محتجزين، فضلاً عن 31 مداناً هارباً (غيابياً)، أبرزهم طارق الزمر ووجدي غنيم.
وجاء قرار المحكمة ليعاقب المرشد العام للجماعة محمد بديع بالسجن المؤبد (25 سنة)، وذلك إلى جانب 46 متهماً آخرين تلقوا نفس العقوبة، ومنهم وزير التموين الأسبق باسم عودة، و المحامي عصام سلطان.
وأصدرت المحكمة حكماً بالسجن المشدد 15 عاماً على 374 متهماً، والسجن المشدد على أسامة مرسي (نجل الرئيس الأسبق محمد مرسي) 10 سنوات، وعاقبت 22 حدثاً لمدة 10 سنوات، كما قضت بالحكم على 215 بالسجن المشدد 5 سنوات ومن بينهم المصور الصحافي محمود أبو زيد (شوكان)، وحسب نص الحكم فإن المتهمين ملتزمون برد قيمة التلفيات «خلال الأحداث، وحرمانهم من وظائفهم وإدارة أموالهم، ما عدا الأحداث (دون السن القانونية)، مع خضوعهم لمراقبة الشرطة 5 سنوات عقب أداء العقوبة».
وحسب أوراق القضية التي شغلت الرأي العام المصري والدولي لسنوات، فإن 419 متهماً من بين المدانين صدرت بحقهم أحكام غيابية نظراً إلى هربهم، كما أن 5 متهمين انقضت بحقهم الدعوى لوفاتهم.
وكانت قوات الأمن قد فضت اعتصام عدد من أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي، الذين تجمعوا في منطقة ميدان «رابعة العدوية» (هشام بركات حالياً) في أغسطس من العام نفسه.
ونظرت المحكمة القضية على مدار نحو عامين ونصف العام، كما حققت النيابة لمدة مماثلة في نفس الوقائع، واستمعت المحكمة لعدد كبير من الشهود، يتقدمهم اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية الأسبق، وعدد من رجال الشرطة، والمصابون جراء هذه الأحداث والمتضررون منها.
والحكم الأخير، هو الأول في مسار التقاضي، أي أنه يحق للمدانين الطعن عليه أمام محكمة النقض، التي سبق لها قبول الطعن في قضايا شبيهة. وتنسب النيابة العامة إلى المتهمين أنهم «ارتكبوا جرائم تدبير تجمهر مسلح، والاشتراك فيه، وقطع الطرق، وتقييد حرية الناس في التنقل، والقتل العمد مع سبق الإصرار للمواطنين وقوات الشرطة المكلفة بفض تجمهرهم، والشروع في القتل العمد، وتعمد تعطيل سير وسائل النقل».
كما قالت تحقيقات النيابة إن المتهمين نفّذوا جرائم «احتلال وتخريب المباني والأملاك العامة والخاصة والكابلات الكهربائية بالقوة، وتنفيذاً لأغراض إرهابية، بقصد الإخلال بالنظام العام، وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر، وتكدير السكينة العامة، ومقاومة السلطات العامة، وإرهاب جموع الشعب المصري، وحيازة وإحراز المفرقعات والأسلحة النارية والذخائر التي لا يجوز الترخيص بحيازتها أو إحرازها، والأسلحة البيضاء والأدوات التي تستعمل في الاعتداء على الأشخاص».
وذكرت تحقيقات النيابة أن «المتهمين من جماعة (الإخوان) نظّموا ذلك الاعتصام المسلح، وسيّروا منه مسيرات مسلحة لأماكن عدة، هاجمت المواطنين الآمنين في أحداث مروعة، وقطعوا الطرق، ووضعوا المتاريس، وفتشوا سكان العقارات الكائنة بمحيط تجمهرهم، كما قبضوا على بعض المواطنين واحتجزوهم داخل خيام وغرف أعدّوها وعذّبوهم بدنياً، وحازوا أسلحة نارية وذخائر استخدموها في مقاومة قوات الشرطة القائمة على فض تجمهرهم».
كما استندت تحقيقات النيابة العامة إلى شهادات عدد من سكان المنطقة المحيطة بالاعتصام وقيادات من قوات الشرطة، التي أفادت، حسبما تقول النيابة، بأن «المتهمين من جماعة (الإخوان) نظموا اعتصاماً مسلحاً وأطلقوا منه مسيرات مسلحة لأماكن عدة».
من الإحالة إلى الإدانة
أغسطس (آب) 2013: فضّت قوات الأمن الاعتصام.
2013 – 2015: النيابة المصرية تجري التحقيقات في القضية.
سبتمبر (أيلول) 2015: النيابة تقرر إحالة أوراق القضية والمتهم فيها 739 شخصاً إلى المحاكمة الجنائية.
ديسمبر (كانون الأول) 2015: نظر أولى جلسات القضية أمام دائرة المستشار حسن فريد بمحكمة جنايات القاهرة.
مايو (أيار) 2016: فض الأحراز المتعلقة بالقضية.
ديسمبر (كانون الأول) 2016: القبض على أسامة مرسي (نجل الرئيس الأسبق محمد مرسي) وتقديمه للمحاكمة في القضية المطلوب على ذمتها.
فبراير (شباط) 2018: وزير الداخلية الأسبق اللواء محمد إبراهيم (المسؤول عن الوزارة إبان تنفيذ الفض) يمْثل أمام هيئة المحكمة للإدلاء بأقواله وشهادته في جلسة سرّية.
فبراير 2017 وأبريل (نيسان) 2018: أصدرت «جنايات القاهرة» حكمين بحبس متهمين في القضية بتهمة إهانتها وإثارة الشغب في الجلسة.
مايو 2018: حددت المحكمة موعداً للنطق بالحكم في القضية، بعد الانتهاء من فض الأحراز والاستماع للشهود والدفاع.
يونيو (حزيران) 2018: إرجاء جلسة النطق بالحكم بسبب عدم إمكانية إحضار المتهمين من محبسهم إلى المحكمة.
يوليو (تموز) 2018: قررت المحكمة إحالة أوراق 75 متهماً إلى المفتي لأخذ الرأي الشرعي في إعدامهم، على أن تصدر قرارها بشأن جميع المتهمين في 8 سبتمبر 2018.