أحد أفراد عائلة البطش لـ {الشرق الأوسط}: صراخ ودم ولحم اختلط بعضه ببعض في لحظة واحدة

عائلات فلسطينية تباد بأكملها تحت القصف الإسرائيلي

أحد أفراد عائلة البطش لـ {الشرق الأوسط}: صراخ ودم ولحم اختلط بعضه ببعض في لحظة واحدة
TT

أحد أفراد عائلة البطش لـ {الشرق الأوسط}: صراخ ودم ولحم اختلط بعضه ببعض في لحظة واحدة

أحد أفراد عائلة البطش لـ {الشرق الأوسط}: صراخ ودم ولحم اختلط بعضه ببعض في لحظة واحدة

لم يستطع زايد البطش، أحد أقارب العائلة التي أبيدت عن بكرة أبيها في قصف إسرائيلي لمنزل قائد الشرطة في غزة اللواء تيسير البطش، وصف هول المشهد سوى بالقول عدة مرات: «ربنا يرحمهم ويرحمنا برحمته».
وروى أبو هيثم لـ«الشرق الأوسط» كيف استهدفت صواريخ إسرائيلية منزل عائلة البطش وهم يؤدون صلاة التراويح بداخله، فحولت المكان إلى شظايا متطايرة وغبار كثيف ولحم متناثر ودم اختلط بعضه ببعض.
وقال أبو هيثم: «صلوا العشاء في مسجد الحرمين القريب ثم قرروا أداء صلاة التراويح في المنزل خشية التصعيد الإسرائيلي بالليل، وفجأة في لحظة انقلب المكان رأسا على عقب، انفجارات وحجارة متطايرة وصراخ ودم ولحم. كلهم اختلطوا بعضهم ببعض. لقد أبادوا العائلة كاملة، شيوخا شبابا نساء وحوامل وأطفالا، إنه شيء لا يمكن وصفه أبدا».
وكانت الطائرات الحربية الإسرائيلية استهدفت ليلة السبت - الأحد عدة منازل بالقطاع، من بينها منزل عائلة البطش في حي التفاح بعد انتهاء صلاة العشاء، ما أدى إلى تدمير المنزل بشكل كامل على رؤوس من فيه. وجاء الهجوم الإسرائيلي انتقاما لإطلاق حماس صواريخ من نوع «جي 80» على تل أبيب.
وباختصار شديد، في ثانيتين فقط تحولت العائلة إلى كومة لحم، ولم تستطع فرق الإنقاذ لملمة الأشلاء فورا ولا إحصاء عدد الضحايا قبل أن يتضح أن 18 من العائلة قضوا مرة واحدة، الأب ماجد صبحي البطش، وأولاده بهاء (28 سنة)، وجلال (26 سنة)، ومحمود (22 سنة)، وخالد (20 سنة)، وإبراهيم (18 سنة)، والابنتان مروة (25 سنة)، ومنار (13 سنة). بالإضافة إلى الأشقاء، زكريا علاء البطش (20 سنة)، ويحيى (18 سنة)، وأنس (عشر سنوات)، وقصي (سبع سنوات). بالإضافة إلى الشقيقين محمد عصام صبحي البطش (17 سنة) وقصي (12 سنة)، وكان والدهم قضى في 2012 في اغتيال إسرائيلي.
ويضاف إليهم ناهض نعيم البطش (41 سنة)، وعزيزة يوسف البطش (59 سنة)، وأحمد نعمان البطش (27 سنة)، وآمال حسن البطش (49 سنة).
وما زال العشرات من العائلة يرقدون حتى الآن في المستشفيات الإسرائيلية ولم يشاركوا في جنازة ذويهم وأبنائهم التي جرت أول من أمس وتخللتها هتافات غاضبة تدعو إلى الانتقام من الإسرائيليين.
ودفن الضحايا جميعا في خط واحد مستقيم في مقبرة قريبة من المنزل.
ولم تكن مجزرة عائلة البطش الأولى من نوعها لكنها الكبرى خلال عملية «الجرف الصامد» التي بدأتها إسرائيل ضد القطاع فجر الثلاثاء في الثامن من الشهر الحالي.
وسجلت أولى المجازر في خانيونس عندما قصفت طائرات إسرائيلية منزل عائلة كوارع ما أدى إلى مقتل 12 فلسطينيا بينهم ثمانية من عائلة كوارع نفسها، ثم قتلت إسرائيل ستة من عائلة حمد في قصف لمنزلهم في بيت حانون، قبل أن تقتل أبا ونجله في المدينة نفسها من عائلة أبو كويك.
وقتلت إسرائيل لاحقا في حي الزيتون أما وابنتها من عائلة ملكة، ثم سيدة ونجلها، من عائلة المصري.
كما قتلت في مخيم المغازي أربعة أطفال أشقاء من عائلة النواصرة، وثمانية من عائلة الحاج في خانيونس. وتقول إسرائيل إنها تستهدف بنية حماس التحتية في الهجمات المركزة التي تشنها على غزة، لكن الأرقام تشير إلى غالبية كبيرة من الضحايا المدنيين وليس العسكريين.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.