تحالف «العامري ـ المالكي» يلوح بخيار المحكمة الاتحادية لحسم «الكتلة الأكبر»

اعترض على اعتماد تواقيع رؤساء الكتل أساساً لتحالف «الصدر ـ العبادي»

رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته حيدر العبادي وسط مجموعة من النواب المؤيدين له ... ونوري المالكي مع عدد من نواب كتلته خلال الجلسة الأولى للبرلمان العراقي الجديد أمس (رويترز)
رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته حيدر العبادي وسط مجموعة من النواب المؤيدين له ... ونوري المالكي مع عدد من نواب كتلته خلال الجلسة الأولى للبرلمان العراقي الجديد أمس (رويترز)
TT

تحالف «العامري ـ المالكي» يلوح بخيار المحكمة الاتحادية لحسم «الكتلة الأكبر»

رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته حيدر العبادي وسط مجموعة من النواب المؤيدين له ... ونوري المالكي مع عدد من نواب كتلته خلال الجلسة الأولى للبرلمان العراقي الجديد أمس (رويترز)
رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته حيدر العبادي وسط مجموعة من النواب المؤيدين له ... ونوري المالكي مع عدد من نواب كتلته خلال الجلسة الأولى للبرلمان العراقي الجديد أمس (رويترز)

أعلن رئيس السن للبرلمان العراقي محمد علي زيني الإبقاء على جلسة البرلمان العراقي الأولى التي عقدت أمس في حالة انعقاد حتى الساعة الحادية عشرة من صباح اليوم، من أجل حسم الخلافات الخاصة بشأن الكتلة الأكبر ورئيس البرلمان ونائبيه.
وكان النواب الجدد (329 نائباً) أدوا اليمين الدستورية باستثناء العبادي والوزراء التنفيذيين لحين تشكيل الحكومة المقبلة. واضطر رئيس السن بعد انتهاء الإجراءات البروتوكولية التي رافقت الجلسة (كلمات لرئيس الجمهورية فؤاد معصوم والوزراء حيدر العبادي والبرلمان سليم الجبوري) إلى رفع الجلسة لمدة ساعة لأغراض التداول. وكان رئيس البرلمان السابق سليم الجبوري دعا في كلمته إلى الاعتذار للشعب العراقي بسبب سوء الخدمات التي أدت إلى اندلاع المظاهرات في عدد من المحافظات والمدن الوسطى والجنوبية منذ شهر يوليو (تموز) الماضي وحتى الآن. وقال الجبوري إن «العراق اليوم بأمس الحاجة إلى الحفاظ على مكتسبات العملية السياسية وتحصينها من الزلل ومنح الأعداء والمتربصين فرصة لتقويضها». وأضاف: «إننا بحاجة إلى إجماع وطني لضمان دعم المجتمع الدولي»، داعياً إلى «الاعتذار للشعب العراقي لسوء الخدمات وعدم الإعمار». وشدد الجبوري على «ضرورة استمرار القيادات السياسية بالحوار الجاد غير المسبوق بالشروط والمواقف الجاهزة مع من يختلفون معهم».
ويعد الجبوري ثاني مسؤول عراقي كبير يعتذر للشعب العراقي بعد نحو شهرين على اعتذار مماثل لزعيم كتلة الفتح وأحد المرشحين لرئاسة الوزراء هادي العامري.
إلى ذلك تباينت المواقف بشأن الكتلة الأكبر. ففيما قدم تحالف «الإصلاح والبناء»، الذي يضم «سائرون» المدعومة من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، و«النصر» بزعامة حيدر العبادي، و«الحكمة» بزعامة عمار الحكيم، و«الوطنية» بزعامة إياد علاوي، و«القرار» بزعامة أسامة النجيفي، طلباً إلى رئيس السن مقروناً بتواقيع رؤساء الكتل بشأن الكتلة الأكبر التي تضم نحو 177 نائباً، فإن تحالف «الفتح - دولة القانون» الذي سمى نفسه «تحالف البناء» أعلن أنه قدم طلباً مماثلاً يحمل تواقيع 153 نائباً. وطبقاً للتباين بين الرقمين، فإنه وكما أكده الخبير القانوني أحمد العبادي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، فإن «كتلة الإصلاح والبناء التي جمعت 177 نائباً عن طريق تواقيع رؤساء كتلهم استندت في ذلك إلى تفسير المحكمة الاتحادية لعام 2010، وطبقاً للمادة 76 من الدستور العراقي، بينما تحالف البناء يستند إلى تواقيع النواب أنفسهم، ما يعني أنهم لم يتمكنوا من جمع مقاعد أكثر من هذا العدد على ما يبدو». وأشار إلى أن «التفسير الذي كانت قدمته المحكمة الاتحادية لا يزال ساري المفعول، علماً أن قرارات الاتحادية ملزمة وقاطعة».
ورداً على سؤال بشأن الإبقاء على الجلسة في حالة انعقاد إلى اليوم، أكد العبادي أن «السبب في ذلك هو نوع من الهروب عن مفهوم الجلسة المفتوحة الذي رفضته المحكمة الاتحادية في وقتها، الأمر الذي جعل رئيس السن يعوم الجلسة ويعدها في حالة انعقاد ليوم الثلاثاء، على أمل أن تتوصل الكتل السياسية إلى حسم خلافاتها».
وفي سياق الخلاف بين الكتلتين الشيعيتين حول الكتلة الأكبر، يقول نعيم العبودي، عضو البرلمان عن «الفتح» لـ«الشرق الأوسط»، إن «الخلاف بين تحالفنا (البناء) والتحالف الآخر (الإصلاح والبناء) سوف يحسم عن طريق المحكمة الاتحادية»، مشيراً إلى أنه «ليس أمامنا سوى هذه الطريق لحسم هذا النزاع».
في السياق نفسه، أكد صلاح الجبوري عضو البرلمان السابق لـ«الشرق الأوسط»، أن «الجلسة الأولى للبرلمان جلبت معها كل الخلافات التي عانينا منها طوال الخمسة عشر عاماً الماضية على كل الصعد، حيث تستمر المفاوضات لأجل المفاوضات دون رؤية واضحة لكيفية بناء الدولة». وبشأن تقديم كتلتين بوصفهما الأكبر إلى رئيس السن، قال الجبوري إن «تحالف الإصلاح والبناء يستند إلى تفسير المحكمة الاتحادية لعام 2010 الذي لا يزال هو السائد، بينما الطرف الآخر يقول بالتواقيع، وهو ما يعني استمرار الخلافات، ما سينعكس بالضرورة على الأداء الحكومي المقبل الذي ما زلنا نتمنى أن يكون أفضل».
إلى ذلك، لم يحسم الكرد موقفهم من الكتلة البرلمانية الأكثر عدداً رغم تضارب الأنباء بشأن انضمامهم إلى هذه الكتلة أو تلك التي سجلت نفسها بوصفها الأكبر. وفيما حمل القيادي في الجماعة الإسلامية الكردية زانا سعيد مسؤولية التدهور في الوضع الكردي إلى الحزبين الرئيسيين في إقليم كردستان (الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني)، فإن سعدي أحمد بيرة، الناطق الرسمي باسم الاتحاد الوطني، أعلن أمس عدم انضمام الحزبين إلى أي من تحالفي الكتلة الأكبر. وقال بيرة: «نحن والحزب الديمقراطي اتخذنا موقفاً محايداً، ولم ننضم إلى أي طرف لتشكيل الكتلة الأكبر». وكان نواب الحزبين الكرديين قد انسحبوا من جلسة البرلمان الأولى بعد أن رددوا القسم في محاولة منهم للإخلال بالنصاب. لكن سعيد يقول إن «الحزبين الرئيسيين هما سبب الانقسامات التي حصلت في المواقف الكردية لأنهم لم يؤمنوا بالمشاركة الوطنية ولا بسيادة القانون». ويضيف سعيد أن «كلا الحزبين يريد منصب رئيس الجمهورية، لكن كلاً منهما يرشح موظفين وليس قياديين لهذا المنصب السيادي الكبير، ما يعني أن رئيس الجمهورية وفق هذه الرؤية سيبقى يتلقى تعليماته من زعيم الحزب، بينما يفترض بالرئيس أن يكون قيادياً لكي يتمكن من ملء موقعه رئيساً لكل العراق».



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».