الحريري يقدم «صيغة حكومية مبدئية»... ورئيس الجمهورية يبدي «ملاحظات»

«القوات» تطالب عون بالتدخل لحل عقدة «الحقيبة الرابعة» وتلوح بـ«رفع السقف»

لقاء الحريري مع باسيل في دارة الأول أمس (دالاتي ونهرا)
لقاء الحريري مع باسيل في دارة الأول أمس (دالاتي ونهرا)
TT

الحريري يقدم «صيغة حكومية مبدئية»... ورئيس الجمهورية يبدي «ملاحظات»

لقاء الحريري مع باسيل في دارة الأول أمس (دالاتي ونهرا)
لقاء الحريري مع باسيل في دارة الأول أمس (دالاتي ونهرا)

رفض الرئيس اللبناني ميشال عون الموافقة على التشكيلة الحكومية التي قدمها رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري إليه أمس، معتبرا أن التشكيلة التي قدمها إليه الحريري وتتضمن الحقائب من دون الأسماء «لا تتناسب مع المعايير التي وضعها» عون لتأليف الحكومة، مشيرا إلى أنه سيواصل العمل مع الحريري للاتفاق على تشكيلة الحكومة.
وكان الحريري أعلن بعد زيارته عون، أمس، أنه قدم صيغة حكومية جديدة لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وهي صيغة حكومة «وحدة وطنية لا ينتصر فيها أحد على الآخر»، بعد مائة يوم من المشاورات التي أفضت إلى ضرورة أن يقدم جميع الأطراف تنازلات من مطالبهم للحصص والحقائب.
وأحيطت التشكيلة الحكومية الأخيرة بتكتم، وسط معلومات عن أنها اصطدمت بحصص «حزب القوات» من الحقائب، بينما لم تحل عقدة التمثيل الدرزي بعد. ووضعت التشكيلة بعهدة الرئيس عون الذي أعلن عن «بعض الملاحظات حولها».
وقال مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية، في بيان، بأن الرئيس عون تسلم من الحريري «صيغة مبدئية للحكومة الجديدة»، مضيفاً: «وقد أبدى فخامة الرئيس بعض الملاحظات حولها استنادا إلى الأسس والمعايير التي كان حددها لشكل الحكومة والتي تقتضيها مصلحة لبنان». ولفت البيان إلى أن عون «سيبقى على تشاور مع دولة الرئيس المكلف تمهيدا للاتفاق على الصيغة الحكومية العتيدة».
وجاءت زيارة الحريري إلى قصر بعبدا بعد ساعات على لقاء الرئيس الحريري بوزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال ورئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، الذي خرج من منزل الحريري من دون الإدلاء بأي تعليق.
وقال الرئيس الحريري في تصريح له بعد لقائه الرئيس عون: «سلّمت صيغة حكومية لرئيس الجمهورية وهي صيغة حكومة وحدة وطنية لا ينتصر فيها أحد على الآخر»، مضيفا: «الصيغة لا أحد يملكها إلا فخامة الرئيس وأنا، ولم تناقش مع أحد»، لافتاً إلى أن «أفكارها أخذتها من كل القوى».
وتضمنت الصيغة حصص الكتل مع الحقائب من دون أسماء، وهي صيغة «مؤلفة من 30 مقعدا وزاريا ورئيس الجمهورية والرئيس المكلف وحدهما على علم بتفاصيل الصيغة» كما قال الحريري.
ووسط تكتم عن توزيع الحصص والحقائب، تحدثت مصادر لبنانية واسعة الاطلاع عن أن عقدة تمثيل حزب «القوات»، وعقدة الحصة الدرزية «لا تزالان على حالهما»، قائلة لـ«الشرق الأوسط»، بأن العقدة الأساس هي عقدة «الوزير باسيل مع القوات»، موضحة أن المباحثات الأخيرة «أفضت إلى منح القوات 4 وزراء، ووافق الحزب على هذا المبدأ شرط الحصول على أربع حقائب، وهو ما رفضه باسيل الذي اقترح منح القوات 3 حقائب إضافة إلى وزير دولة من دون حقيبة».
ولم تنفِ مصادر «القوات» تلك المعلومات وتعوّل على تدخل الرئيس عون لحل تلك العقد، قائلة بأن الأمور حتى ما قبل تقديم الحريري للصيغة الحكومية «كانت لا تزال عالقة في المربع نفسه التي تتمثل في محاولة باسيل تحجيم القوات والاشتراكي»، ورأت المصادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «لن يكون هناك تقدم ما لم يتدخل الرئيس عون لوضع حد للوضع الحالي». وقالت المصادر: «القوات لا تقبل بأقل من أربع حقائب ونحن متمسكون بثوابتنا» و«نحن تساهلنا في هذا المكان لأجل المصلحة الوطنية»، متوعدة بأنه «إذا استمر البعض برفضه وحاول ابتزازنا، فلأننا سنعود إلى سقف الوزراء الخمسة من حصة القوات وبينهم حقيبة سيادية، وهذا حقنا وفق نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة». وقالت المصادر: «أي استمرار بالنهج سيدفعنا للتمسك بسقفنا السابق».
وتشير تلك المعطيات، في حال عدم الاتفاق على حلول لتلك العقد، إلى أن لبنان سيتجه إلى مرحلة «رفع السقوف وتصعيد سياسي»، وهو ما سيؤخر إعلان تأليف الحكومة حكماً، علما بأن العقدة السنية جرى حلها، إثر «ليونة» أبداها الحريري، إذ أكدت مصادر مطلعة على موقفه أن الحريري «تعهد بحل مشكلة تمثيل سنة قوى 8 آذار على طريقته في حال كان ذلك العقدة الأخيرة التي تواجه عملية التأليف»، قائلة لـ«الشرق الأوسط» بأن الحريري «يتعاطى بليونة مع عملية التشكيل».
ولا تزال عقدة التمثيل الدرزي قائمة، رغم مقترحات جرى تداولها في الفترة الأخيرة، تقضي بإعطاء الحزب التقدمي الاشتراكي مقعدين درزيين، ومقعداً ثالثاً من طائفة أخرى، قد يكون وزيراً مسيحياً أو سنياً، على أن يتم اختيار شخصية درزية وسطية للمقعد الدرزي الثالث يتم التوافق على اسمه، لكن هذا المقترح «رفضه الوزير طلال أرسلان» الذي يدفع باسيل باتجاه منحه المقعد الدرزي الثالث، كما قالت مصادر مواكبة.
في غضون ذلك، تزايدت التحذيرات من تأخير تشكيل الحكومة، وقال عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب ياسين جابر بأن الجميع «يشكو من أزمات لا تبدأ بالنفايات ولا تنتهي بالبطالة وكل أنواع الأزمات، أزمات تحتاج لحلول». وطالب بـ«الإسراع في تشكيل الحكومة لأنه لا يمكن الاستمرار بتصريف الأعمال»، لافتا إلى أنه «غير كاف تشكيل حكومة بل يجب أن نتوقف عند أي برنامج ستقوم به فإذا كان مماثلا للسابق فلا فرق ولا شيء سيتغير، لذا يجب أن تكون هناك خطة عملية واضحة، لأن كل نواقيس الخطر تقرع وعلى لبنان الخروج من هذا المأزق لمواجهة أجيال المستقبل».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».