الحريري يحرك المياه الراكدة بعروض وزارية... رغم «ضيق الخيارات»

جعجع في بيت الوسط وأنباء عن عرض 3 وزارات أساسية على «القوات»

الرئيس الحريري استقبل أمس وفد أعضاء مجلس الشيوخ الفرنسي واطلع منهم على مبادرتهم البيئية لمدينة طرابلس (دالاتي ونهرا)
الرئيس الحريري استقبل أمس وفد أعضاء مجلس الشيوخ الفرنسي واطلع منهم على مبادرتهم البيئية لمدينة طرابلس (دالاتي ونهرا)
TT

الحريري يحرك المياه الراكدة بعروض وزارية... رغم «ضيق الخيارات»

الرئيس الحريري استقبل أمس وفد أعضاء مجلس الشيوخ الفرنسي واطلع منهم على مبادرتهم البيئية لمدينة طرابلس (دالاتي ونهرا)
الرئيس الحريري استقبل أمس وفد أعضاء مجلس الشيوخ الفرنسي واطلع منهم على مبادرتهم البيئية لمدينة طرابلس (دالاتي ونهرا)

يتوقع أن تشهد مساعي تأليف الحكومة اللبنانية تطورات جديدة خلال اليومين المقبلين، مع اتجاه رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري لتقديم «عروض» محددة على كل من «القوات اللبنانية» و«الحزب التقدمي الاشتراكي» الذي يرأسه النائب وليد جنبلاط، ما من شأنه «تحريك المياه الراكدة» على حد وصف مرجع سياسي لبناني، من دون أن يبشر ذلك بولادة حكومية قريبة بسبب استمرار التعقيدات.
وكشف البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، عن أن هناك عرضاً من الرئيس المكلف سعد الحريري للرئيس ميشال عون حول تشكيل الحكومة في اليومين المقبلين. وأضاف الراعي من بعبدا: «شعرت أن الرئيس عون متفائل لجهة ما سيحمله الحريري بشأن تشكيل الحكومة».
وفي المقابل، أكد رئيس المجلس النيابي نبيه بري ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة. ونقل عنه النواب قوله إن بداية الحلول هي في وجود حكومة وحدة وطنية تجيب عن كل الأسئلة وتعمل لمواجهة الاستحقاقات. وأشار بري إلى أن المجلس ذاهب إلى التشريع وأنه سيدعو إلى جلسة تشريعية بعد أن تنتهي اللجان من درس مشروعات كثيرة، خصوصاً تلك المتعلقة بالوضع المالي.
والتقى الرئيس الحريري في بيت الوسط رئيس حزب «القوات» الدكتور سمير جعجع، الذي تلقى على ما يبدو عرضا بـ 3 وزارات أساسية، من بينها وزارة التربية. وكانت مصادر توقعت أن يرفض جعجع هذه الطروحات بأعتبارها «لا تتناسب مع حجم تمثيل (القوات)».
وتتمثل المشكلة السياسية أمام تأليف الحكومة في «ضيق الخيارات» أمام الرئيس الحريري في ما يمكن أن يقدمه من عرض وزاري لـ«القوات»؛ فرئيس الجمهورية العماد ميشال عون يتمسك بالحصول على موقع نائب رئيس الحكومة ووزارة الدفاع، فيما يرفض رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل أن يقدم أي وزارة من حصة التيار، وتحديدا وزارتي العدل أو الاتصالات، كما أن الحريري غير قادر على عرض وزارة سيادية (من أصل أربع) لـ«القوات» بسبب تمسك كل الأطراف بها. وتردد أن الوزير باسيل أبلغ الحريري بأنه «إذا أراد إرضاء (القوات)، فيمكنه أن يفعل من حصته (الحريري)». أما وزارة الأشغال التي يمكن أن تشكل ترضية مقبولة، فهي خاضعة لتشدد من قبل «حزب الله» الذي يريدها لممثل حزب «المردة» الوزير يوسف فينيانوس.
أما «العقدة الثانية» في وجه تأليف الحكومة؛ أي عقدة التمثيل الدرزي، فلا تزال أمورها على حالها. وقالت مصادر قريبة من جنبلاط لـ«الشرق الأوسط»، إنه لم يقدم له أي عرض بعد لمناقشته، مشيرة إلى أن الاتصالات متوقفة مع جنبلاط ولا جديد معه، مما يؤشر إلى رغبة الرئيس المكلف، العمل على «العقد» الحكومية واحدة تلو الأخرى. ويطالب جنبلاط بالحصول على المقاعد الوزارية المخصصة للطائفة الدرزية وعددها ثلاثة، فيما يطالب التيار الوطني الحر بالحصول على مقعد لحليفه النائب طلال أرسلان.
وأكد الرئيس الأسبق للحكومة فؤاد السنيورة على ضرورة أن تتشكل الحكومة بأسرع ما يمكن، «وهذا مطلب جميع اللبنانيين المهتمين بإيجاد حلول حقيقية لمشكلاتهم على الصعد كافة، وسط الانحدار الكبير للوضع العام في لبنان». وقال بعد لقائه البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي، أمس: «لم يعد لدينا اليوم ترف الوقت والانتظار والاختيار، فلقد أضعنا فرصا كثيرة. واليوم لا بد من التأكيد على ضرورة احترام القواعد والمبادئ الأساسية التي تقوم عليها الأوطان من احترام للدستور وللقوانين ولسلطة الدولة واحترام الكفاءة والجدارة في تسلم المسؤوليات». وأضاف: «القضية شديدة الصعوبة، ولكنها غير مستحيلة إذا توفرت الإرادة من أجل المعالجة، لذلك يجب العودة إلى التأكيد على احترام الدستور و(اتفاق الطائف) الذي يجمع بين اللبنانيين، لأنه اتفاق الخيار الصحيح بالنسبة للبنانيين، والتأكيد على العيش المشترك وعودة لبنان ليكون نموذجا لهذا العيش».
وكان لافتا أمس، السجال عبر «تويتر» بين عضوين من كتلتي الحريري و«التيار الوطني الحر»، بدأه النائب زياد أسود متوجها إلى الحريري بالقول: «عزيزي رئيس الحكومة المكلف، صحيح أن الدستور لا يحدد مهلة، والأصح أنها ليست غير محددة، لأنها وببساطة ترتبط بسير أعمال الدولة وانتظامها على قاعدة عدم استمرار تصريف الأعمال المحصور بضوابط».
وأضاف أسود في تغريدته: «ومهلة الالتزام وأدبيات العمل الحكومي والسهر على سير المرافق العامة أقصر من أي مهلة مكتوبة».
ورد عضو كتلة «المستقبل» النائب محمد الحجار، في تغريدة له، فقال: «الزميل العزيز زياد أسود... تغريدتك للرئيس المكلف جريصاتية بامتياز (في إشارة إلى وزير العدل سليم جريصاتي)». وأضاف الحجار: «لكن أدبيات العمل السياسي تقضي بتسهيل التأليف لا عرقلته. اسأل رئيسك». فرد أسود مجددا: «حتى لو ذهبنا في ذات الاتجاه، هل وجود نقص في نص الدستور يسمح لكم في التمادي بالاستهتار بالمسؤولية الموكلة إليكم من النواب، والتباهي باستخفاف دور النواب في التكليف لكي ننتظر إلى ما لا نهاية؟ موجب وحيد حدده لكم التكليف؛ وهو التأليف، وليس التلاعب بمصالح وطن ومؤسسات فالتة تحت أنظارنا جميعا».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».