ترشيح سليم الجبوري لرئاسة البرلمان يصطدم بـ«السلة الواحدة»

«الكتلة الأكبر» تعيق التوافق داخل التحالف الشيعي

رئيس البرلمان العراقي السابق أسامة النجيفي يتحدث في مؤتمر صحافي للكتلة السنية بعد رفع جلسة البرلمان في بغداد أمس (إ.ب.أ)
رئيس البرلمان العراقي السابق أسامة النجيفي يتحدث في مؤتمر صحافي للكتلة السنية بعد رفع جلسة البرلمان في بغداد أمس (إ.ب.أ)
TT

ترشيح سليم الجبوري لرئاسة البرلمان يصطدم بـ«السلة الواحدة»

رئيس البرلمان العراقي السابق أسامة النجيفي يتحدث في مؤتمر صحافي للكتلة السنية بعد رفع جلسة البرلمان في بغداد أمس (إ.ب.أ)
رئيس البرلمان العراقي السابق أسامة النجيفي يتحدث في مؤتمر صحافي للكتلة السنية بعد رفع جلسة البرلمان في بغداد أمس (إ.ب.أ)

أخفق البرلمان العراقي في التصويت على مرشح تحالف القوى العراقية سليم الجبوري القيادي في الحزب الإسلامي وزعيم كتلة «ديالى هويتنا» كرئيس للبرلمان بعد إعلان ترشيحه رئيسا من زعيم ائتلاف «متحدون» أسامة النجيفي. وأعلن رئيس السن للبرلمان مهدي الحافظ تأجيل الجلسة إلى يوم غد، فيما حال سوء الأحوال الجوية دون وصول نواب الحزب الديمقراطي الكردستاني إلى بغداد للمشاركة في جلسة البرلمان.
وفي وقت طالب فيه النجيفي بالاستمرار في عقد الجلسة والمضي في إجراءات التصويت على الجبوري لرئاسة البرلمان ونائبيه، كشف الحافظ عن أنه لا يوجد توافق تام على الجبوري وهو ما حدا بالأخير الإعلان عن استعداده لسحب ترشيحه من رئاسة البرلمان فيما إذا كان ترشيحه يمثل عائقا أمام التحالف الوطني الشيعي.
وكان ائتلاف «متحدون» أعلن أول من أمس أن «النجيفي طلب من النواب الحاضرين الذين يمثلون المكون السني المسؤول عن تقديم مرشح لرئاسة مجلس النواب، انتخاب مرشح عنهم إسهاما منهم في دفع عجلة التغيير والتقدم في العملية السياسية المتعثرة». وأضاف البيان أنه «بعدها جرت عملية الانتخاب حيث فاز الدكتور سليم الجبوري بثقة النواب الحاضرين، وجرى اعتماده كمرشح عن المكون السني لرئاسة مجلس النواب، مع التعهد بدعمه من قبل الحاضرين جميعا».
لكن قياديا في التحالف الوطني أبلغ «الشرق الأوسط»، شريطة عدم الكشف عن هويته، بأن «السبب في عدم التصويت على سليم الجبوري كمرشح سني مقبول لرئاسة البرلمان لا يتعلق بالموقف من الجبوري بقدر ما يتعلق بوجود مشكلة داخل التحالف الوطني تتعلق هذه المرة بالكتلة الأكبر التي باتت تصر عليها دولة القانون بزعامة المالكي فيما يرفضها الائتلاف الوطني ممثلا بالمجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم والتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر»، مشيرا إلى أن «عدم حسم هذه القضية هو الذي أدى إلى عدم الموافقة على المضي بإجراءات تثبيت الجبوري الذي يمثل توافقا مقبولا بين جميع الكتل بما في ذلك ائتلاف دولة القانون الذي كان يرفض بشدة ترشيح أسامة النجيفي لولاية ثانية». وأكد القيادي أن «ائتلاف دولة القانون الذي بات يصر على أنه الكتلة الأكبر داخل البرلمان بات يريد أن يجري الاتفاق على الرئاسات الثلاث عبر سلة واحدة، وهو ما يعني الإعلان عن المرشح الكردي لرئاسة الجمهورية والمالكي كمرشح للكتلة الأكبر داخل التحالف الوطني، بينما إذا انتخب سليم الجبوري لرئاسة البرلمان فإن الفرصة قد تذهب عن المالكي وائتلافه لأن الأمور لن تكون محصورة بالسلة الواحدة»، مضيفا أن «ائتلاف دولة القانون وافق على همام حمودي، القيادي في المجلس الأعلى الإسلامي كنائب أول لرئيس البرلمان مقابل ترشيح المالكي وهو ما لم يحصل توافق عليه أيضا». وردا على سؤال حول عدم حسم قضية الكتلة الأكبر داخل التحالف الوطني قال القيادي في التحالف الوطني إن «المالكي هو صاحب المقاعد الأكثر داخل التحالف الوطني ويرفض التنازل عن ذلك مهما كانت الأسباب بينما مكونات التحالف الوطني الأخرى تسعى للحفاظ على التحالف الوطني بكل مكوناته وعدم انفراط عقده لأن من شأن ذلك فقدان الشيعة للأرجحية في صناعة القرار».
من جانبه، قال محمد الخالدي، القيادي في كتلة «متحدون» في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «البيت السني حسم أمره لأنه يرى أن ما يجري في البلاد أمر بالغ الخطورة وقد رمى الكرة في ملعب الآخرين وبالذات البيت الشيعي الذي يعيش عقدتين في آن واحد الكتلة الأكبر ونوري المالكي وهو ما بات يشكل عائقا أمام ممارسة البرلمان الجديد أعماله بصورة طبيعية».
وفي السياق نفسه، قال أمير الكناني، النائب عن كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «انتخاب رئيس البرلمان ونائبيه يمثل حلا مهما على صعيد بدء الحياة الدستورية علما أن الدكتور سليم الجبوري هو الشخصية السنية الأكثر مقبولية اليوم من جميع الكتل بما فيها التحالف الوطني لكن استمرار الخلافات بشأن المرشح لرئاسة الحكومة داخل التحالف الوطني بات هو العائق الوحيد لأنه حتى الأكراد يبدو أن أمر مرشحهم لرئاسة الجمهورية جاهز».
من جانبه، قال مؤيد طيب، القيادي في التحالف الكردستاني، إن «النواب الكرد من كل الكتل الكردستانية كانوا قد اجتمعوا في أربيل وتوصلوا إلى اتفاقات بشأن الجلسة بما في ذلك حضور الجلسة بعد التوافق على طرح اسم سليم الجبوري لرئاسة البرلمان وهو مقبول من قبلنا غير أنه لم يستطع كل نوابنا حضور الجلسة بسبب العاصفة الترابية التي دفعت بالخطوط الجوية العراقية إلى إلغاء رحلتها إلى بغداد». وأشار طيب إلى أن «المرشح الكردي لمنصب النائب الثاني لرئيس البرلمان جاهز وكان يمكن التصويت عليه خلال الجلسة وهو محسن السعدون، أما مرشحنا لرئاسة الجمهورية فقد تقرر تأجيل الإعلان عن اسمه وطرحه للترشيح إلى أن يعلن التحالف الوطني موقفه الصريح من المالكي»، مشيرا إلى أن «التحالف الوطني كان قد أكد أنه سيحسم أمره خلال الأسبوع الماضي وهو ما لم يحصل». وتوقع الطيب أنه «حتى في حال جرى اعتبار دولة القانون هي الكتلة الأكبر وترشيح المالكي لتشكيل الحكومة فإنه لن يتمكن خلال المهلة الدستورية من تشكيل الحكومة بسبب رفض الكتل الأخرى التعامل معه».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.