سوق الغاز العالمية.. المصدرون الجدد يستغلون الأزمة الأوكرانية وينقضون على {الكعكة} الروسية

إيران وقطر أهم المستفيدين.. وموسكو تؤكد أنها لن تتخلى عن الأسواق الأوروبية بصفقة مع فيينا

أحد عمال خطوط الغاز يتفقد عمله في إحدى محطات خط الغاز الروسي في الأراضي الأوكرانية («الشرق الأوسط»)
أحد عمال خطوط الغاز يتفقد عمله في إحدى محطات خط الغاز الروسي في الأراضي الأوكرانية («الشرق الأوسط»)
TT

سوق الغاز العالمية.. المصدرون الجدد يستغلون الأزمة الأوكرانية وينقضون على {الكعكة} الروسية

أحد عمال خطوط الغاز يتفقد عمله في إحدى محطات خط الغاز الروسي في الأراضي الأوكرانية («الشرق الأوسط»)
أحد عمال خطوط الغاز يتفقد عمله في إحدى محطات خط الغاز الروسي في الأراضي الأوكرانية («الشرق الأوسط»)

منحت الأحداث التي شهدتها أوكرانيا خلال الأشهر الماضية، وحالة التوتر السائدة بينها وبين روسيا فرصة ذهبية لدول مثل قطر وإيران للانخراط بقوة في سوق الغاز الدولية، من خلال التوسع في تصديره إلى دول أوروبا الوسطى والجنوبية من جهة، مستقطعين حصة من كعكة الغاز الروسي التي يتم تصديرها إلى أوروبا.
ووفق مراقبين فقد فوتت الزيارة الخاطفة التي قام بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أخيرا إلى النمسا الفرصة على الدوحة، وبشكل أكبر على طهران، بعد أن وقع الرئيس التنفيذي لشركة غاز بروم (أكبر شركة روسية) ومدير شركة الغاز في النمسا على عقد نهائي لنقل خط أنبوب الغاز بين البلدين، وذلك بحضور فلاديمير بوتين والرئيس النمساوي هاينز فيشر.
وتدل هذه الصفقة بين روسيا والنمسا على أن الزعيم الروسي يعلم جيدا كيف يقوم بتأمين مصالح بلاده، إذ إن بوتين وعلى الرغم من ضم القرم إلى روسيا، والأزمة الأوكرانية التي تهدد روسيا بفرض عقوبات أميركية وأوروبية صارمة عليها، لم يسمح للرئيس الإيراني حسن روحاني - إذا تمكن من الخروج من العقوبات القاسية بسبب النووي - بأن يقوم بمناورة على مشروع خط أنابيب ساوث ستريم (المجرى الجنوبي)، ويجلب الغاز الإيراني على غرار النفط على موائد المواطنين الإيرانيين.
وتشير زيارة الرئيس الروسي بهدف مد خط أنبوب الغاز الذي لا يبلغ طوله إلا 50 كيلومترا في الأراضي النمساوية على أن «العقلانية» الجماعية في الكرملين فجأة أخذت تنشط خلال الأسبوع الماضي (أي قبل يوم واحد من التوقيع على عقد للتعاون التجاري بين أوكرانيا والاتحاد الأوروبي!).
التحق بوتين الذي له كلمة الفصل في السياسة والأمن في روسيا بالرئيس التنفيذي لشركة غاز بروم إلى فيينا وترك العناد الروسي جانبا ليصيب عصفورين بحجر واحد عندما وجد أن مصالح بلاده معرضة للتهديد.
وأظهر الرئيس الروسي لإيران ودول آسيا الوسطى والشرق الأوسط بأنه لن يتخلى في هذه الظروف الاقتصادية العصيبة عن أسواق أوروبا بهذه السهولة، بل إنه سيسقي كل أرجاء هذه القارة من الغاز الروسي الذي سيحقق للبلاد إيرادات تبلغ مليارات الدولارات سنويا.
وسيمكن ضخ العملة الصعبة التي تتحقق من عملية تصدير الغاز بوتين من إنعاش الروبل الروسي أمام الدولار، والحد نسبيا من هروب رؤوس الأموال من البلاد. كما أن بوتين يسعى إلى فك تحالف الدول الـ28 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في مناهضة القرار روسي بضم القرم إلى روسيا. وفي النهاية سيثبت فلاديمير بوتين للعالم وخصوصا الولايات المتحدة بأن دول الاتحاد الأوروبي ليست موحدة ومنسجمة تماما في مواقفها كما تتصورون، وذلك عندما يتعلق الأمر بتأمين مصالحها الاقتصادية.
هذا واعتبرت بعض دول الاتحاد الأوروبي أن التوقيع على عقد نهائي بشأن تصدير الغاز بين النمسا وروسيا خطوة غير أخلاقية في ظل الأزمة الأوكرانية.
وسيتم تطوير مشروع خط أنابيب ساوث ستريم (المجرى الجنوبي) والبالغة تكلفته 45 مليار دولار خلال مرحلتين، حيث يتم إكمال المرحلة الأولى في العام المقبل، فيما يجري استكمال المرحلة الثانية من هذا المشروع الاستراتيجي حتى 2018. ويمر خط أنابيب ساوث ستريم البالغ طوله 2450 كيلومتر من روسيا، والبحر الأحمر، وبلغاريا، وصربيا، والمجر، وسلوفاكيا، والنمسا.
ويغذي خط أنابيب نورث ستريم للغاز (المجرى الشمالي) الذي يمر من بحر البلطيق إلى ألمانيا عددا من محطات توليد الكهرباء (والتي كانت تعمل سابقا بالوقود النووي).
ويستخدم فلاديمير بوتين خطوط المجرى الجنوبي والشمالي للغاز بهدف جعل دول أوروبا الشمالية والجنوبية والوسطى تابعة للنفط والغاز الروسي في الوقت الحالي وفي المستقبل، وبالأحرى فإن بوتين لا يلتزم بآلية العرض والطلب في هيكلية الاقتصاد الحر والرأسمالي، بل هو يستخدمهما أدوات سياسية، وأسلحة استراتيجية.
في غضون ذلك، عرض البيت الأبيض على الاتحاد الأوروبي بأن يقوم بتأمين الغاز الذي تحتاجه دول الاتحاد عن طريق نقل الغاز بالسفن، ولكن الجميع يعلم بأن تكلفة نقل الغاز بالسفن ستكون أكبر بكثير من تكلفة نقل متر مكعب واحد من الغاز السائل من خلال مد الأنابيب.
ويسعى الرئيس الروسي إلى فرض انقسام بين المواقف الأميركية والأوروبية بشأن أزمة شبه جزيرة القرم، وأوكرانيا، بل وفك تحالف دول الاتحاد الأوروبي نفسها بشأن هذه القضية. لهذا انتقد بعض دول الاتحاد الأوروبي منها السويد انعقاد صفقة «المجرى الجنوبي».
وتعتقد بعض دول الاتحاد الأوروبي أن هناك «فقرة» جرى تجاهلها في هذه الصفقة، وكان بإمكان حسن روحاني أن ينتهز فرصة تهديد الاتحاد الأوروبي لروسيا، ويناور عليها.
مما لا شك فيه فإن الدول المعارضة لصفقة المجرى الجنوبي لم توجه انتقاداتها للرئيس النمساوي ونظيره الروسي من أجل كسب رضا إيران بل إن الانتقادات تصب على الفقرة التي تشترط وجود «طرف ثالث» في هذه الصفقة لتحقيقها. معلوم أن الاتحاد الأوروبي لا يصادق على أية مبادلة تجارية أو صناعية تتخذ طابعا «احتكاريا»، وبالتالي رصد الاتحاد الأوروبي إمكانية لطرفي الصفقة لإلغائها، أو إبرام صفقة جديدة مع طرف ثالث.
ولا تسمح هذه الفقرة التي جرى إدراجها بطريقة ذكية في العقد المذكور لروسيا بأن تحتكر تصدير الغاز إلى أوروبا. وتشكل حالة التوتر السياسي بين روسيا وأوكرانيا فرصة ملائمة لإيجاد طريق لتصدير الغاز من حقل الغاز المشترك بين إيران وقطر.
من جهة أخرى تزعم الحكومة الإيرانية بأن الطرف الباكستاني لم يستثمر دولارا واحدا في مد خط أنبوب الغاز في بلاده (هذا وجرى إنجاز عملية مد خط الأنبوب للغاز في الأراضي الإيرانية حتى الحدود الباكستانية). ولا تقبل إيران حاليا المجازفة بالقيام باستثمارات بشأن استكمال مد خط أنبوب الغاز في الأراضي الباكستانية. ولا تستطيع إيران تمويل المشروع.
وبما أن تكلفة عملية نقل الغاز بالسفن أكبر بكثير من مد خط الأنابيب فمن المعقول أن تقوم حكومة روحاني بمقايضة الغاز مع روسيا بدلا من مقايضة النفط المحتملة، وذلك رغم معارضة الولايات المتحدة مع مثل هذه المقايضات النفطية أو الغازية.
ولكن حكومة روحاني بإمكانها تحويل مسودة مشروع مقايضة النفط البالغ تكلفته 18 مليار دولار مع روسيا إلى مشروع لمقايضة الغاز مع الروس. وبذلك قد يقبل الروس بمقايضة الغاز مع إيران مما يؤدي بأن تأخذ إيران قسما من الكعكة من مشروع مد خط أنابيب المجرى الشمالي أو الجنوبي للغاز إلى الاتحاد الأوروبي.



الليرة السورية ترتفع بشكل ملحوظ بعد تراجع حاد

الليرة السورية (رويترز)
الليرة السورية (رويترز)
TT

الليرة السورية ترتفع بشكل ملحوظ بعد تراجع حاد

الليرة السورية (رويترز)
الليرة السورية (رويترز)

شهدت الليرة السورية تحسناً ملحوظاً في قيمتها أمام الدولار، حيث أفاد عاملون في سوق الصرافة بدمشق يوم السبت، بأن العملة الوطنية ارتفعت إلى ما بين 11500 و12500 ليرة مقابل الدولار، وفقاً لما ذكرته «رويترز».

ويأتي هذا التحسن بعد أن بلغ سعر صرف الدولار نحو 27 ألف ليرة سورية، وذلك بعد يومين فقط من انطلاق عملية «ردع العدوان» التي شنتها فصائل المعارضة في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

ويوم الأربعاء، قال رئيس الحكومة الانتقالية المؤقتة في سوريا، محمد البشير، لصحيفة «إيل كورييري ديلا سيرا» الإيطالية: «في الخزائن لا يوجد سوى الليرة السورية التي لا تساوي شيئاً أو تكاد، حيث يمكن للدولار الأميركي الواحد شراء 35 ألف ليرة سورية». وأضاف: «نحن لا نملك عملات أجنبية، وبالنسبة للقروض والسندات، نحن في مرحلة جمع البيانات. نعم، من الناحية المالية، نحن في وضع سيئ للغاية».

وفي عام 2023، شهدت الليرة السورية انخفاضاً تاريخياً أمام الدولار الأميركي، حيث تراجعت قيمتها بنسبة بلغت 113.5 في المائة على أساس سنوي. وكانت الأشهر الستة الأخيرة من العام قد شهدت الجزء الأكبر من هذه التغيرات، لتسجل بذلك أكبر انخفاض في تاريخ العملة السورية.