«الروبل الروسي الهشّ» يعاني تحت وطأة العقوبات

«المركزي» زاد خسائره بـ«إفصاح خاطئ»... ومخاوف من تحول روسيا «قلعة محاصرة»

تراجعت العملة الروسية مع بداية التداول في بورصة موسكو صباح أمس  (رويترز)
تراجعت العملة الروسية مع بداية التداول في بورصة موسكو صباح أمس (رويترز)
TT

«الروبل الروسي الهشّ» يعاني تحت وطأة العقوبات

تراجعت العملة الروسية مع بداية التداول في بورصة موسكو صباح أمس  (رويترز)
تراجعت العملة الروسية مع بداية التداول في بورصة موسكو صباح أمس (رويترز)

كشفت جلسات التداول في بورصة موسكو أمس مدى هشاشة العملة الروسية في هذه المرحلة أمام عوامل التأثير السلبية. وإذا كانت العقوبات الأميركية، التي بدئ العمل بها وتلك التي تستعد واشنطن لفرضها، خلقت أجواء سلبية بشكل عام في السوق الروسية، وأدت إلى تراجع المؤشرات وهبوط الروبل، منذ مطلع أغسطس (آب) الحالي، فإن المركزي الروسي كان السبب المباشر لخسائر الروبل في النصف الأول من نهار أمس، وذلك حين كشف عن زيادة حجم مشترياته العملات الصعبة في السوق. وتغير الوضع في النصف الثاني من النهار، وعوض الروبل عن خسائره الصباحية، وذلك عقب إعلان «المركزي» عن قراره بتجميد عمليات شراء العملات الصعبة حتى نهاية الشهر القادم.
وتراجعت العملة الروسية مع بداية التداول في بورصة موسكو صباح أمس، حتى أدنى مستوياتها منذ عامين ونصف، وبعد أن كانت قرب مؤشر 60 روبل وسطيا أمام الدولار، في مطلع أغسطس الحالي، لامست أمس مؤشر 70 روبل لكل دولار، وتراجعت قيمتها منتصف النهار حتى 69.01 روبل لكل دولار، أي بخسارة نحو 1.30 روبل مقارنة بسعر الصرف أول من أمس الثلاثاء الذي بلغ 67.65 روبل لكل دولار. وكذلك تراجعت العملة الروسية أمام اليورو، حتى 79.76 روبل لكل يورو. وهي أدنى مستويات للروبل منذ أبريل (نيسان) 2016.
وكان المركزي الروسي السبب المباشر لهبوط الروبل صباح أمس، وذلك حين كشف في تقرير على موقعه الرسمي عن زيادة حجم المبالغ التي ضخها في السوق لشراء العملات الصعبة خلال اليومين الماضيين. وحسب التقرير ضخ المركزي في السوق يوم 21 أغسطس الحالي 20.1 مليار روبل لشراء العملات الصعبة، وفي 20 أغسطس ضخ 17.5 مليار روبل. ويقوم المركزي بهذه العمليات لصالح وزارة المالية الروسية، التي تخصص منذ العام الماضي فائض العائدات النفطية (الفرق بين سعر النفط المعتمد في الميزانية والسعر في السوق العالمية) لشراء العملات الصعبة من السوق المحلية، وادخارها في صندوق الرفاه.
وحسب خطة شهر أغسطس، يفترض أن يشتري المركزي يوميا عملات صعبة بمبلغ قدره 16 مليار روبل، إلا أنه اضطر بعد تراجع الروبل في 8 أغسطس إلى وقف هذه العمليات عدة أيام، وبعد استئنافها رفع قيمة المبالغ التي يضخها يوميا، للتعويض عن تراجع مشترياته في الأيام الماضية.
التراجع الخطير للروبل دفع المركزي بدوره للتراجع عن عمليات شراء العملات الصعبة من السوق، وأعلن في النصف الثاني من نهار أمس أنه سيوقف تلك العمليات ابتداء من 23 أغسطس، وحتى نهاية سبتمبر (أيلول) المقبل. وقال في نص القرار بهذا الصدد: «تم اتخاذ هذا القرار بغية رفع إمكانية التنبؤ بقرارات السلطات النقدية، والحد من تقلبات السوق المالية. وسيتم اتخاذ قرار استئناف عمليات شراء العملات الصعبة بعد الأخذ بالحسبان الواقع الفعلي للوضع في السوق المالية خلال شهر سبتمبر 2018».
وخلف القرار حالة تفاؤل في السوق، وأخذ الروبل يصعد تدريجيا، إلى أن ارتفع حتى 67.57 روبل أمام الدولار، وحتى 78.29 أمام اليورو. ويرى مراقبون أن قرار تجميد عمليات شراء العملات الصعبة من السوق المحلية أكثر من شهر، الذي يعني عمليا الرغبة في التخفيف من عوامل التأثير السلبية المحلية على سوق المال، إنما يعكس إدراك المركزي الروسي حقيقة أن السوق ستبقى خلال الفترة القادمة تحت ضغط العقوبات الأميركية.
ورغم تحسن موقف الروبل في النصف الثاني من نهار أمس، يبدو أن المركزي يرجح استمرار تراجعه، وحسب نشرة العملات الرسمية، فإن سعر الروبل المعتمد بتاريخ (اليوم) 24 أغسطس، يكون 68.52 روبل لكل دولار، و79.25 روبل لكل يورو.
ويرى جزء كبير من المحللين الماليين الروس أن العقوبات الأميركية تبقى العنصر الرئيسي الذي يحدد إلى حد كبير مزاجية المستثمرين في السوق الروسية، لا سيما المستثمرين الأجانب. وكان مجلس الشيوخ الأميركي عقد يوم 21 أغسطس جلسات استماع حول العقوبات ضد روسيا. ووصفت تتيانا يفدوكيموفا، الخبيرة الاقتصادية من «نورديا - بنك» موقف أعضاء الكونغرس من الحزبين الديمقراطي والجمهوري بأنه «عدواني جدا بشأن العقوبات ضد روسيا»، وبناء عليه رجحت أن يتبنى المشرعون الأميركيون قرار العقوبات الجديد، الذي قد يطال الدين العام الروسي وبعض المؤسسات المالية.
وفي السياق ذاته، قال ميخايل كوسيانوف، رئيس الوزراء الروسي الأسبق، زعيم تجمع «باراناس» المعارض، إن «قانون حماية الأمن الأميركي من عدائية الكرملين - 2018» الذي يدرسه الكونغرس الأميركي، لن يؤدي حال تبنيه إلى توجيه ضربة للاقتصاد الروسي فحسب، بل وسيدفع روسيا نحو أزمة عميقة، ويجعل منها مثل «قلعة محاصرة».



إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
TT

إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)

أعلن وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي، المهندس صالح الجاسر، عن تحقيق الموانئ تقدماً كبيراً بإضافة 231.7 نقطة في مؤشر اتصال شبكة الملاحة البحرية، وفق تقرير «مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)» لعام 2024، إلى جانب إدخال 30 خطاً بحرياً جديداً للشحن.

كما كشف عن توقيع عقود لإنشاء 18 منطقة لوجيستية باستثمارات تتجاوز 10 مليارات ريال (2.6 مليار دولار).

جاء حديث المهندس الجاسر خلال افتتاح النسخة السادسة من «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»، في الرياض، الذي يهدف إلى تعزيز التكامل بين أنماط النقل ورفع كفاءة الخدمات اللوجيستية، ويأتي ضمن مساعي البلاد لتعزيز موقعها مركزاً لوجيستياً عالمياً.

وقال الوزير السعودي، خلال كلمته الافتتاحية في المؤتمر، إن «كبرى الشركات العالمية تواصل إقبالها على الاستثمار في القطاع اللوجيستي؛ من القطاع الخاص المحلي والدولي، لإنشاء عدد من المناطق اللوجيستية».

يستضيف المؤتمر، الذي يقام يومي 15 و16 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، عدداً من الخبراء العالميين والمختصين، بهدف طرح التجارب حول أفضل الطرق وأحدث الممارسات لتحسين أداء سلاسل الإمداد ورفع كفاءتها. كما استُحدثت منصة تهدف إلى تمكين المرأة في القطاع من خلال الفرص التدريبية والتطويرية.

وأبان الجاسر أن منظومة النقل والخدمات اللوجيستية «ستواصل السعي الحثيث والعمل للوصول بعدد المناطق اللوجيستية في السعودية إلى 59 منطقة بحلول 2030، من أصل 22 منطقة قائمة حالياً، لتعزيز القدرة التنافسية للمملكة ودعم الحركة التجارية».

وتحقيقاً لتكامل أنماط النقل ورفع كفاءة العمليات اللوجيستية، أفصح الجاسر عن «نجاح تطبيق أولى مراحل الربط اللوجيستي بين الموانئ والمطارات والسكك الحديدية بآليات وبروتوكولات عمل متناغمة؛ لتحقيق انسيابية حركة البضائع بحراً وجواً وبراً، بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، ودعم العمليات والخدمات اللوجيستية وترسيخ مكانة المملكة مركزاً لوجيستياً عالمياً».

وخلال جلسة بعنوان «دور الازدهار اللوجيستي في تعزيز أعمال سلاسل الإمداد بالمملكة وتحقيق التنافسية العالمية وفق (رؤية 2030)»، أضاف الجاسر أن «الشركة السعودية للخطوط الحديدية (سار)» تعمل على تنفيذ ازدواج وتوسعة لـ«قطار الشمال» بما يتجاوز 5 مليارات ريال (1.3 مليار دولار)، وذلك مواكبةً للتوسعات المستقبلية في مجال التعدين بالسعودية.

إعادة التصدير

من جهته، أوضح وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، أن السعودية سجلت في العام الحالي صادرات بلغت 61 مليار ريال (16.2 مليار دولار) من قطاع إعادة التصدير، بنمو قدره 23 في المائة مقارنة بالعام الماضي، «وهو ما تحقق بفضل البنية التحتية القوية والتكامل بين الجهات المعنية التي أسهمت في تقديم خدمات عالية الكفاءة».

وأشار، خلال مشاركته في جلسة حوارية، إلى أن شركة «معادن» صدّرت ما قيمته 7 مليارات ريال (1.8 مليار دولار) من منتجاتها، «وتحتل السعودية حالياً المركز الرابع عالمياً في صادرات الأسمدة، مع خطط لتحقيق المركز الأول في المستقبل».

جلسة حوارية تضم وزير النقل المهندس صالح الجاسر ووزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف (الشرق الأوسط)

وبين الخريف أن البلاد «تتمتع بسوق محلية قوية، إلى جانب تعزيز الشركات العالمية استثماراتها في السعودية، والقوة الشرائية الممتازة في منطقة الخليج»، مما يرفع معدلات التنمية، مبيناً أن «قوة السعودية في المشاركة الفاعلة بسلاسل الإمداد تأتي بفضل الموارد الطبيعية التي تمتلكها. وسلاسل الإمداد تساهم في خفض التكاليف على المصنعين والمستثمرين، مما يعزز التنافسية المحلية».

وفي كلمة له، أفاد نائب رئيس «أرامكو السعودية» للمشتريات وإدارة سلاسل الإمداد، المهندس سليمان الربيعان، بأن برنامج «اكتفاء»، الذي يهدف إلى تعزيز القيمة المُضافة الإجمالية لقطاع التوريد في البلاد، «أسهم في بناء قاعدة تضم أكثر من 3 آلاف مورد ومقدم خدمات محلية، وبناء سلاسل إمداد قوية داخل البلاد؛ الأمر الذي يمكّن الشركة في الاستمرار في إمداد الطاقة بموثوقية خلال الأزمات والاضطرابات في الأسواق العالمية».

توقيع 86 اتفاقية

إلى ذلك، شهد «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية» في يومه الأول توقيع 86 اتفاقية؛ بهدف تعزيز أداء سلاسل الإمداد، كما يضم معرضاً مصاحباً لـ65 شركة دولية ومحلية، بالإضافة إلى 8 ورشات عمل تخصصية.

جولة لوزيرَي النقل والخدمات اللوجيستية والصناعة والثروة المعدنية في المعرض المصاحب للمؤتمر (الشرق الأوسط)

وتسعى السعودية إلى لعب دور فاعل على المستوى العالمي في قطاع الخدمات اللوجيستية وسلاسل التوريد، حيث عملت على تنفيذ حزمة من الإصلاحات الهيكلية والإنجازات التشغيلية خلال الفترة الماضية، مما ساهم في تقدمها 17 مرتبة على (المؤشر اللوجيستي العالمي) الصادر عن (البنك الدولي)، وساعد على زيادة استثمارات كبرى الشركات العالمية في الموانئ السعودية».