تم اللقاء مع أكثر الرجال المطلوبين على مستوى العالم في مكان سري في المنطقة القاحلة الواقعة في شرق سوريا، في قلب المنطقة المتقلصة الخاضعة لسلطان تنظيم داعش الإرهابي هناك.
وكان الشخص النحيل العليل الذي دخل القاعة الطويلة ذات النوافذ المغلقة في مايو (أيار) من عام 2017 هو ظل الرجل الذي اعتبره الآلاف من أتباعه خليفة العصر الحاضر أثناء شن الحرب باسمه في العراق وسوريا، مما أسفر عن تمزق هاتين الدولتين، وجر الولايات المتحدة وحلفاءها إلى صراعات ممتدة الأجل في منطقة الشرق الأوسط.
رفع أبو بكر البغدادي، زعيم تنظيم داعش الإرهابي البالغ من العمر 45 عاما، يده محييا الحاضرين. وكان من بينهم ذلك العراقي المدعو: إسماعيل العيثاوي.
ويقدم سرد إسماعيل العيثاوي للقاء، الذي ورد ذكر له على صفحات جريدة «وول ستريت جورنال»، لمحة خاطفة ونادرة عن الدائرة الداخلية للبغدادي، والتوترات التي لحقت بها إثر انهيار أركان الخلافة المزعومة. وفي حين أورد روايته من داخل محبسه في السجن العراقي لا يمكن التحقق من صحتها بصورة مستقلة، فإن مسؤولا أمنيا عراقيا كبيرا أفاد بأنها تتفق مع معلومات أخرى وردت من مصادر مختلفة.
وعُقد الاجتماع السري المشار إليه في الوقت الذي بات التنظيم الإرهابي يفقد فيه معظم الأراضي الخاضعة لسيطرته وكانت معركة تحرير الموصل تقترب من ذروتها.
جلس البغدادي في آخر الحجرة متحدثا بصوت متهدج يكاد يُسمع، كما قال العيثاوي، مع اثنين من أعضاء اللجنة المفوضة في التنظيم، أو ما يشبه مجلس وزراء التنظيم كما قيل. وقال العيثاوي إنه فهم أن الرجلين كانا يخبران البغدادي بآخر التطورات العسكرية وذلك عندما ارتفع صوت البغدادي على نحو مفاجئ، وصرخ في وجههما واتهمهما بعدم الكفاءة. وكان الغضب غالبا عليه بصورة واضحة، وتم عزل الرجلين من اللجنة بعد ذلك الاجتماع.
وقال العيثاوي، الذي كان هناك لمناقشة مسودة منهج المدرسة الإسلامية في الخلافة المزعومة، إنه أصيب بالصدمة بسبب الحالة الصحية المتدهورة للغاية لزعيم التنظيم. «كان نحيفا بشكل لافت للنظر وكانت لحيته أكثر شيبا».
ولقد تمت دعوة الأعضاء البارزين فقط في التنظيم الإرهابي إلى الاجتماعات السرية، وقبل بدء الاجتماع كان لزاما عليهم التخلص من ساعاتهم وأقلامهم وأي أشياء أخرى يمكن أن تُخفي أجهزة التتبع المزروعة من قبل إحدى أجهزة الاستخبارات الكثيرة التي تلاحقهم. واستغرق الأمر يومين من 12 رجلا للسفر بالسيارة للوصول إلى مكان الاجتماع في الصحراء القاحلة خارج مدينة ميادين السورية.
وفي غضون شهور، يتم إلقاء القبض على العيثاوي في عملية أمنية مشتركة بين أجهزة الاستخبارات العراقية والأميركية والتركية بهدف اعتقال أحد أبرز أعضاء تنظيم داعش الإرهابي على قيد الحياة.
وقال الكولونيل شون رايان المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف في إشارة إلى تنظيم داعش: «من دون شك، يعد العيثاوي صيدا كبيرا بالنسبة لقوات التحالف بأسرها ولجهودنا في تدمير تنظيم داعش».
ومن محبسه في العراق، قدم إسماعيل العيثاوي أكثر المعلومات تفصيلا عن أبو بكر البغدادي منذ أن ارتقى زعيم التنظيم منبر المسجد في الموصل في صيف عام 2014. وهناك، وفي ظهوره العلني الوحيد المعروف، دعا المسلمون في جميع أرجاء العالم إلى السفر إلى المنطقة التابعة للخلافة الإسلامية المزعومة - التي يقارب حجمها مساحة المملكة المتحدة تقريبا - في سوريا والعراق، حيث تسري التعاليم غير المتساهلة للشريعة.
ولقد تمكن البغدادي من الفرار من الملاحقة منذ توليه قيادة أقوى تنظيم إرهابي في العالم.
وبعد مرور أربع سنوات، فقد التنظيم كل الأراضي التي كان يسيطر عليها تقريبا، إلى جانب وفاة كثير من أعضائه الرئيسيين، بما في ذلك ثلاثة ممن حضروا ذلك الاجتماع. ولا يزال البغدادي، رغم ذلك، حرا طليقا حتى الآن. ولقد ظهر مؤخرا من خلال رسالة صوتية نشرت في سبتمبر (أيلول) الماضي، كان يحض فيها أنصاره من جميع أنحاء العالم على شن الهجمات ضد الغرب ومواصلة القتال في العراق وسوريا وغيرهما من الأماكن. والتزمت شراذم التنظيم الإرهابي الاختفاء عن الأنظار في العراق لمحاولة شن تمرد مسلح جديد.
سجين يروي لقاءه السري مع زعيم «داعش»
سجين يروي لقاءه السري مع زعيم «داعش»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة