فريق أمني يحقق مع مغربيات التحقن بـ«داعش» في سوريا

الرباط تطالب بالوصول إلى قاعدة بيانات الشرطة الأوروبية لمكافحة الإرهاب

TT

فريق أمني يحقق مع مغربيات التحقن بـ«داعش» في سوريا

كشف مرصد حقوقي مغربي، أمس، أن فريقا أمنيا استخباراتيا مغربيا - إسبانيا حل قبل أيام بمخيمات اللاجئين التابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية»، وذلك للتحقيق مع عدد من النساء المغربيات اللواتي كن قد التحقن بتنظيم داعش رفقة أزواجهن.
وأفاد مرصد الشمال لحقوق الإنسان بأن «الفريق الأمني الاستخباراتي شرع في استدعاء النساء كل واحدة على حدة، والتحقيق معها منذ اعتناقها الفكر المتطرف مرورا بانضمامها لتنظيم داعش، وصولا إلى لحظة وقوعها في أيادي (قوات سوريا الديمقراطية)». وأشار المرصد إلى أن «التحقيقات الجارية تعد أول خطوة عملية تقوم بها الدولة المغربية من أجل إعادة النساء المغربيات وأبنائهن الموجودين في مخيمات اللاجئين بشمال سوريا».
وكان المرصد قد ذكر في وقت سابق أن السلطات المغربية أخبرت قوات سوريا الديمقراطية رفضها إعادة أكثر من 200 امرأة وطفل يوجدون بمخيماتها إلى المغرب. إلا أن الحكومة المغربية نفت ذلك، وقال مصطفى الخلفي، الناطق الرسمي باسم الحكومة إنه «لا يمكن تصور أن نتنكر لأي مغربي أو مغربية في أي مكان... لأن هذا بلدهم ووطنهم»، مذكّرا بحالات مشابهة في ليبيا تدخلت الوزارة المكلفة الهجرة لمعالجتها.
وسبق للمرصد أن توصّل بنداءات استغاثة من عدد من النساء ومن ذويهن بالمغرب. كما راسل اللجنة الدولية للصليب الأحمر للتدخل لدى القائمين على المخيمات من أجل عدم تسليمهن لقوات «داعش» أو للسلطات العراقية، لأن ذلك قد يعرّض حياتهن للخطر.
ونسب المرصد لبعض النساء اللواتي التحقن بأزواجهن الذين كانوا يقاتلون إلى جانب جماعات إرهابية، وعلى رأسها «داعش» قولهن إنهن «نادمات، ومستعدات للخضوع لمحاكمة عادلة، شريطة إعادتهن رفقة أبنائهن إلى بلدهم وعدم تركهن لمصير مجهول».
وتشير إحصاءات رسمية إلى التحاق 293 امرأة و391 طفلا بتنظيم داعش في سوريا والعراق إلى حدود نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وفي سياق متصل، قال عبد الحق الخيام، مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية المتخصص في محاربة الإرهاب التابع للمديرية العامة للمحافظة على التراب الوطني (مخابرات داخلية)، إن تبادل المعلومات بين المخابرات المغربية ونظيراتها في الاتحاد الأوروبي، يكتسي أهمية بالغة لمراقبة المغاربة، ومحاصرة التشدد والتطرف وإحباط الهجمات الإرهابية.
وأوضح الخيام في لقاء مع وكالة «إيفي» الإسبانية، نشر أمس بمناسبة الذكرى الأولى لهجمات برشلونة وكامبريلس، التي نفذها عدد من الإسبان من أصول مغربية، وراح ضحيتها 16 قتيلاً و150 جريحاً، أن «المغرب في حاجة إلى الوصول لقواعد بيانات مكتب الشرطة الأوروبي (يوروبول)». وأشار الخيام في اللقاء ذاته، الذي نقله أمس موقع «تيل كيل» المغربي، إلى أن «المغرب أطلق استراتيجية جديدة لمراقبة المغاربة الموجودين في الخارج»، وأضاف: «في الحقيقة قمنا بالاتصال بنظرائنا الغربيين لمشاركتنا البيانات التي لديهم».
واعتبر المسؤول الأمني المغربي، أن «الدرس الذي يجب استخلاصه من هجمات برشلونة هو أنه على قوات الأمن الإسبانية مراقبة كل المغاربة الذين يوجدون فوق أراضيها، وأن تتواصل معنا إذا كانت لديهم شكوك حول شخص ما».
في السياق ذاته، وصف الخيام التعاون بين المخابرات المغربية والإسبانية بـ«الممتاز» و«بلا إخفاقات»، ودعا بقية الدول الأوروبية إلى أن يكون التعاون معها على نفس المستوى. في المقابل، انتقد المتحدث ذاته، أجهزة الأمن الفرنسية، وعاب عليها إخفاء معطيات عن فرنسي من أصول مغربية، متورط في عملية إرهابية نفذت أخيرا، رغم أنه كان مصنفاً ضمن قائمة تسمى بـ«المجرمين الخطرين». واعتبر الخيام أن هذه المعطيات مهمة بالنسبة للمغرب.
وشدد الخيام على أن المغرب لديه حق الوصول الكامل إلى قاعدة بيانات الشرطة الأوروبية «يوروبول»، وأوضح بهذا الصدد: «أعتقد أن قاعدة بيانات الوكالة المسؤولة عن الأمن في أوروبا مهمة، ويجب أن تكون مشتركة مع دول شمال أفريقيا كالمغرب».
في السياق ذاته، كشف الخيام أن الشرطة الأوروبية سبق وطلبت معلومات من المغرب في مناسبات كثيرة، ولكنها مترددة دائماً في منح حق الوصول الكامل إلى المعطيات التي لديها، على أساس أن تشريعات حماية البيانات الخاصة بهم لا تسمح بذلك في أوروبا.
وفيما يتعلق بالبحوث الجارية في إسبانيا بشأن هجمات كاتالونيا، أشاد الخيام بـ«احترافية» الشرطة، لكنه قال إن «هناك بعض القضايا العالقة مثل الحاجة إلى ضبط المجال الديني في إسبانيا». وشرح ذلك بالقول: «إسبانيا لديها مجتمع كبير من المسلمين، بما في ذلك المجنسين والقادمين من بلدان أخرى. ويجب أن يحصل هذا المجتمع على التأطير الديني»، كما شدد على أن جميع أماكن العبادة في إسبانيا يجب أن تكون تحت وصاية مؤسسة حكومية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.