الموضة الأخلاقية... بين مسؤولية الصنّاع ووعي المستهلك

وقف استعمال الموهير والجلود الطبيعية والفرو يعني تطوير تقنيات جديدة ومعاصرة

عندما أطلقت ستيلا ماكارتني أول تشكيلة رجالية عام 2016 أكدت أنها كلها تخاصم استخدام المواد الحيوانية
عندما أطلقت ستيلا ماكارتني أول تشكيلة رجالية عام 2016 أكدت أنها كلها تخاصم استخدام المواد الحيوانية
TT

الموضة الأخلاقية... بين مسؤولية الصنّاع ووعي المستهلك

عندما أطلقت ستيلا ماكارتني أول تشكيلة رجالية عام 2016 أكدت أنها كلها تخاصم استخدام المواد الحيوانية
عندما أطلقت ستيلا ماكارتني أول تشكيلة رجالية عام 2016 أكدت أنها كلها تخاصم استخدام المواد الحيوانية

بعد أن تخلت عن استعمال الفرو، مثلها مثل كثير من بيوت الأزياء مؤخرا، أعلنت دار «رالف لورين» تخليها عن استعمال صوف الأنغورا في كل منتجاتها. جاء هذا بعد أن نشرت منظمة «بيتا» تقريرا تصف فيه الطرق غير «الرحيمة» التي تستعمل في قتل الماعز للحصول على صوفه المعروف بالموهير. وقد نجحت المنظمة المدافعة عن حقوق الحيوانات، إلى الآن، في إقناع «أيتش أند إم» و«زارا» و«توب شوب» إلى جانب نحو 270 علامة تجارية أخرى. كان آخرهم «رالف لورين»، بوقف استعمال الموهير بحلول 2020، وصرحت الدار باسم متحدثها الرسمي بأنها «في غياب طرق أخلاقية ورحيمة للحصول على هذا الصوف، فإننا لن نستعمله في منتجاتنا بعد الآن». هذه الحركة النشطة في عدم استعمال جلود طبيعية تأخذنا إلى نحو عقد من الزمن عندما كان الأمر مختلفا تماما.
ففي عام 2001 وعندما وعدت ستيلا ماكارتني بعدم استعمال جلود الحيوانات الطبيعية لم يأخذها كثيرون على محمل الجد، ولا سيما أنها كانت تخطو أولى خطواتها في عالم الموضة. واعتقدوا أنها مجرد مصممة مدللة تنحدر من أسرة غنية ومشهورة، بينما كان أغلبهم يؤمن أن الموضة لا يمكن أن تستغني عن هذه الجلود، فمن دونها لا يمكن أن تكتمل الأناقة والترف. وهكذا لم يتوقع أحد استمرار المصممة، فما البال بنجاحها؟! في المقابل ظلت هي متمسكة برأيها ألا تقتل أي حيوان باسم الموضة. وأوفت بوعدها طوال هذه السنوات رغم أن الأمر كلفها وظيفة مهمة في دار «سان لوران» في عهد توم فورد وهي في بدايتها. ولم تكتف بعدم استعمال الفرو والجلود، بل رفضت رفضا باتا استعمال أي مواد تدخل فيها مكونات حيوانية، فمثلا استغنت عن استعمال «بي في سي» بعد أن أخبرتها شركة «أديداس» عن كمية المواد الكيمياوية التي تدخل فيه وتشكل خطرا على صحة العاملين على صناعته، كما أنها لا تستعمل أي مواد كيماوية في عطورها.
لقد مر أكثر من عقد من الزمن ولم تتغير النظرة إلى الموضة فحسب، بل تغير العالم بأكمله. زاد عدد النباتيين إلى حد القول: إن الأمر أصبح موضة قائمة بذاتها، كما زاد الاهتمام بالبيئة وبالعزوف عن استعمال الجلود الطبيعية، مع ظهور جيل جديد من الزبائن لهم اهتمامات واسعة. وكان رفضهم وجيها، يتخلص في أن صناعة الموضة وتقنياتها تطورت بشكل أصبح يساعد على صُنع منتجات لا تقل فخامة وأناقة من دون الحاجة إلى قتل كائنات حية من أجل جلودها أو أنيابها وما شابه من أمور، وربما يكون الفرو أكثر ما يتعرض للاتهام والرفض مؤخرا. الأمر الذي دفع كثيراً من بيوت الأزياء العالمية مثل «غوتشي» و«تومي هيلفيغر» و«شانيل» و«رالف لورين» وغيرها للانضمام لحملة رفض استعماله. وإلى الآن قد تكون دار «فندي» هي الوحيدة من بين بيوت الأزياء الكبيرة التي لا تستطيع الاستغناء عنه بحكم أنها تقوم عليه وكذا ماركتها المسجلة منذ بدايتها إلى اليوم.
ورغم أن «الموضة الأخلاقية» اكتسبت شعبية بعد أن تبناها النجوم والمشاهير، فلا تُخفي ماكارتني أن هذا التوجه وضعها في «عزلة» ولم يكن مريحا في بداية مشوارها، فقد كانت تتمنى لو أن صناع الموضة ساندوها بالبحث عن خيارات مستدامة عوض تخبطها وحدها لسنوات، قبل أن تنجح في الترويج لشعار أن «أي استثمار في البيئة هو استثمار في حياة أفضل».
هذا العام، نجحت أخيرا في شراء الحصة التي كانت مجموعة «كيرينغ» الفرنسية قد استحوذت عليها منذ أكثر من عقد من الزمن. ولا شك أن المجموعة، التي تمتلك بيوت أزياء أخرى لا تقل أهمية مثل «بوتيغا فينيتا» و«ألكسندر ماكوين» وغيرها، وتبنت أيضا مفهوم الاستدامة في طرق إنتاجها ومبانيها وحرفييها، ساهمت بشكل كبير في التوسع العالمي الذي شهدته علامة «ستيلا ماكارتني»، لكن هذا لا يمنع من القول: إن أي مصمم يرغب في الاستقلالية، أقل ما يجب عليه أن تكون له الكلمة الأولى والأخيرة فيما يُقدمه، مهما كانت المجموعة التي ينضوي تحتها متفهمة.
الآن هناك أسماء كثيرة تتبنى المبادئ نفسها. ولا يقتصر الأمر على الموضة وحدها، بل على مجالات أخرى، مثل المطاعم والفنادق وغيرها، لأن الكل بات يعي أن كل ما هو «مستدام» أصبحت له رنة مثيرة لما يتضمنه من رسالة إنسانية.
أما التحدي الذي يعتقد البعض أنه لا يزال يحتاج إلى شرح، فهو كيف يتم استيراد القطن من الهند، وغزله في بنغلاديش، وصبغه في مكان آخر قبل أن توضع اللمسات الأخيرة عليه في إيطاليا أو فرنسا، ولا سيما أن المستهلك لا يريد أن يعرف كل هذه التفاصيل، بل النتيجة فقط، وهذا ما يحاول مصممون شباب إيصاله بلغتهم إلى أبناء جيلهم.
يقول بين ألون جونز، مؤسس علامة «أنمايد» UnMADe وخريج «ذي روايال كوليدج أوف آرت» بلندن، إن «كل ما هو مستدام ويحترم الآخر ومصلحته، مهم بالنسبة لي». ويضيف المصمم، الذي يتخصص في غزل الصوف بطرق صناعية جديدة، أن هناك إمكانية كبيرة لجعل الإنتاج مواكبا للعصر ومتطلباته الجديدة. فالمسألة «ليست صعبة بل تحتاج فقط إلى توعية ومعرفة بمصادر الخامات وطرق إنتاجها عوض التركيز على الخيارات الأرخص وتحقيق الربح» حسب قوله.
من جهته يرى ديفيد هيوت، مؤسس ماركة «هيوت دينم» بمنطقة وايلز، أن صناعة الموضة ككل تحتاج إلى إعادة نظر في مفهوم «الاستدامة»، قائلا: «كشركة نحن مسؤولون عن العاملين الذين يصنعون الجينز، وعن الأرض التي يُزرع فيها القطن، وعن التأكد من الجودة والنفايات التي نخلفها، أي أنه علينا أن ننظر إليها ككل وليس كجزء». وبرأيه أيضا، أنه كلما كانت بنطلونات الجينز جيدة وتدوم مدة أطول كان هذا جزءا من عملية الاستدامة بالنظر إلى أن الموضة الجاهزة والسريعة جزء كبير من المشكلة المطروحة.
عارضة الأزياء العالمية أمبر فاليتا صرحت في مؤتمر أقيم حول علاقة البيئة والموضة بأن «الموضة هي ثاني صناعة تؤثر سلبا على العالم». وأضافت بأنه رغم وجود كثير من العاملين في هذه الصناعة ممن يشاطرونها الرأي، فإنهم خائفون من اتخاذ أي قرارات حازمة والتصريح بها علانية، لأنها قد تؤثر عليهم وتثير الجدل حولهم. وهذا ما حصل فعلا مع دار «بيربري» التي كانت سباقة منذ نحو شهر في الإعلان بشفافية عن حجم البضاعة الفائضة التي تتخلص منها.
وفي المؤتمر نفسه، أشارت ستيلا ماكارتني، إلى أن المسؤولية تقع على المستهلك أيضا. فمن الصحيح أنه على صناع الموضة اتخاذ مواقف شجاعة «وعلى المصممين أن يراعوا الآخر، لكن على المستهلك أيضا أن يُقبل على ما نقدمه. فلئلا يتوقف النول عن النسج ولتحصل اليد العاملة على أجور محترمة، عليه أن يدرك مفهوم الاستدامة... حينها فقط نستطيع أن نقف يدا واحدة ونتقدم».
الملاحظ أن هناك توجها كبيرا، من المجموعات الضخمة مثل «كريينغ» لتبني مفهوم الموضة المسئوولة أو الأخلاقية كما يطلق عليها، الأمر الذي يدعو للتفاؤل بأنها ستكون موضة المستقبل، بدءاً استعمال خامات طبيعية مثل «القطن العضوي» بدل القطن العادي... إلى استعمال صبغات طبيعية وما شابه من أمور.
فقد تبين أن زراعة القطن من بين أكثر الزراعات استهلاكا للماء، إذ إن إنتاج كيلو من القطن يتطلّب 150 لترا من الماء، عدا أنه يستهلك قرابة 11 في المائة من الإنتاج العالمي للأسمدة الكيماوية و25 في المائة من الإنتاج العالمي لمبيدات الحشرات. لهذا فإن الأبحاث قائمة لإيجاد بدائل أخرى أقل تأثيرا، مثل الصوف والجلود النباتية بدل الحيوانية، وأيضا صباغة الأقمشة ودباغة الجلود بمواد مستخلصة من النباتات والأزهار بدل الصبغات الكيماوية.
ويعتقد صناع الموضة الموالون لهذا التوجه، أن المستهلك له دور كبير في إنجاح هذا التوجه، فهو متقبل له إلى الآن، بشرط عدم التنازل عن الأناقة، ليبقى التحدي الوحيد هو البحث عن تقنيات جديدة للحصول على هذه النتيجة، وتقنين الإنتاج.


مقالات ذات صلة

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

لمسات الموضة توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كشفت «بيركنشتوك» عن حملتها الجديدة التي تتوجه بها إلى المملكة السعودية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)

اختيار أميرة ويلز له... مواكبة للموضة أم لفتة دبلوماسية للعلم القطري؟

لا يختلف اثنان أن الإقبال على درجة الأحمر «العنابي» تحديداً زاد بشكل لافت هذا الموسم.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)

دار «كارولينا هيريرا» تُطرِز أخطاء الماضي في لوحات تتوهج بالألوان

بعد اتهام الحكومة المكسيكية له بالانتحال الثقافي في عام 2020، يعود مصمم غوردن ويس مصمم دار «كارولينا هيريرا» بوجهة نظر جديدة تعاون فيها مع فنانات محليات

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الممثلة والعارضة زانغ جينيي في حملة «بيربري» الأخيرة (بيربري)

هل يمكن أن تستعيد «بيربري» بريقها وزبائنها؟

التقرير السنوي لحالة الموضة عام 2025، والذي تعاون فيه موقع «بي أو. ف» Business of Fashion مع شركة «ماكنزي آند كو» للأبحاث وأحوال الأسواق العالمية، أفاد بأن…

«الشرق الأوسط» (لندن)

المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
TT

المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)

إذا كنتِ مداومة على التسوق في محلات «زارا» لأسعارها ونوعية ما تطرحه، فإنكِ قد تتفاجئين أن تعاونها الأخير مع العارضة البريطانية المخضرمة كايت موس سيُكلَفكِ أكثر مما تعودت عليه. فهناك معطف قصير على شكل جاكيت من الجلد مثلاً يقدر سعره بـ999 دولاراً أميركياً، هذا عدا عن قطع أخرى تتراوح بين الـ200 و300 دولار.

تفوح من تصاميم كايت موس رائحة السبعينات (زارا)

ليست هذه المرة الأولى التي تخوض فيها كايت موس تجربة التصميم. كانت لها تجربة سابقة مع محلات «توب شوب» في بداية الألفية. لكنها المرة الأولى التي تتعاون فيها مع «زارا». ويبدو أن تعاون المحلات مع المشاهير سيزيد سخونة بالنظر إلى التحركات التي نتابعها منذ أكثر من عقد من الزمن. فعندما عيَنت دار «لوي فويتون» المنتج والمغني والفنان فاريل ويليامز مديراً إبداعياً لخطها الرجالي في شهر فبراير (شباط) من عام 2023، خلفاً لمصممها الراحل فرجيل أبلو؛ كان الخبر مثيراً للجدل والإعجاب في الوقت ذاته. الجدل لأنه لا يتمتع بأي مؤهلات أكاديمية؛ كونه لم يدرس فنون التصميم وتقنياته في معهد خاص ولا تدرب على يد مصمم مخضرم، والإعجاب لشجاعة هذه الخطوة، لا سيما أن دار «لوي فويتون» هي الدجاجة التي تبيض ذهباً لمجموعة «إل في إم إتش».

فاريل ويليامز مع فريق عمله يُحيّي ضيوفه بعد عرضه لربيع وصيف 2024 (أ.ف.ب)

بتعيينه مديراً إبداعياً بشكل رسمي، وصلت التعاونات بين بيوت الأزياء الكبيرة والنجوم المؤثرين إلى درجة غير مسبوقة. السبب الرئيسي بالنسبة لمجموعة «إل في إم إتش» أن جاذبية فاريل تكمن في نجوميته وعدد متابعيه والمعجبين بأسلوبه ونجاحه. فهي تتمتع بماكينة ضخمة وفريق عمل محترف يمكنها أن تُسخِرهما له، لتحقيق المطلوب.

صفقة «لوي فويتون» وفاريل ويليامز ليست الأولى وإن كانت الأكثر جرأة. سبقتها علاقة ناجحة بدأت في عام 2003 بين لاعب كرة السلة الأميركي الشهير مايكل جوردان وشركة «نايكي» أثمرت عدة منتجات لا تزال تثير الرغبة فيها وتحقق إيرادات عالية إلى الآن.

كان من الطبيعي أن تلفت هذه التعاونات شركات أخرى وأيضاً المحلات الشعبية، التي تعاني منذ فترة ركوداً، وتشجعها على خوض التجربة ذاتها. أملها أن تعمَّ الفائدة على الجميع: تحقق لها الأرباح باستقطاب شرائح أكبر من الزبائن، وطبعاً مردوداً مادياً لا يستهان به تحصل عليه النجمات أو عارضات الأزياء المتعاونات، فيما يفوز المستهلك بأزياء وإكسسوارات لا تفتقر للأناقة بأسعار متاحة للغالبية.

الجديد في هذه التعاونات أنها تطورت بشكل كبير. لم يعد يقتصر دور النجم فيها على أنه وجه يُمثلها، أو الظهور في حملات ترويجية، بل أصبح جزءاً من عملية الإبداع، بغضّ النظر عن إنْ كان يُتقن استعمال المقص والإبرة أم لا. المهم أن يكون له أسلوب مميز، ورؤية خاصة يُدلي بها لفريق عمل محترف يقوم بترجمتها على أرض الواقع. أما الأهم فهو أن تكون له شعبية في مجال تخصصه. حتى الآن يُعد التعاون بين شركة «نايكي» ولاعب السلة الشهير مايكل جوردان، الأنجح منذ عام 2003، ليصبح نموذجاً تحتذي به بقية العلامات التجارية والنجوم في الوقت ذاته. معظم النجوم حالياً يحلمون بتحقيق ما حققه جوردان، بعد أن أصبح رجل أعمال من الطراز الأول.

من تصاميم فكتوريا بيكهام لمحلات «مانغو»... (مانغو)

المغنية ريهانا مثلاً تعاونت مع شركة «بوما». وقَّعت عقداً لمدة خمس سنوات جُدِّد العام الماضي، نظراً إلى النقلة التي حققتها للشركة الألمانية. فالشركة كانت تمر بمشكلات لسنوات وبدأ وهجها يخفت، لتأتي ريهانا وترد لها سحرها وأهميتها الثقافية في السوق العالمية.

المغنية ريتا أورا، أيضاً تطرح منذ بضعة مواسم، تصاميم باسمها لمحلات «بريمارك» الشعبية. هذا عدا عن التعاونات السنوية التي بدأتها محلات «إتش آند إم» مع مصممين كبار منذ أكثر من عقد ولم يخفت وهجها لحد الآن. بالعكس لا تزال تحقق للمتاجر السويدية الأرباح. محلات «مانغو» هي الأخرى اتَّبعت هذا التقليد وبدأت التعاون مع أسماء مهمة مثل فيكتوريا بيكهام، التي طرحت في شهر أبريل (نيسان) الماضي تشكيلة تحمل بصماتها، تزامناً مع مرور 40 عاماً على إطلاقها. قبلها، تعاونت العلامة مع كل من SIMONMILLER وكاميل شاريير وبيرنيل تيسبايك.

سترة مخملية مع كنزة من الحرير بياقة على شكل ربطة عنق مزيَّنة بالكشاكش وبنطلون واسع من الدنيم (ماركس آند سبنسر)

سيينا ميلر و«ماركس آند سبنسر»

من هذا المنظور، لم يكن إعلان متاجر «ماركس آند سبنسر» عن تعاونها الثاني مع سيينا ميلر، الممثلة البريطانية وأيقونة الموضة، جديداً أو مفاجئاً. مثل كايت موس، تشتهر بأسلوبها الخاص الذي عشقته مجلات الموضة وتداولته بشكل كبير منذ بداية ظهورها. فهي واحدة ممن كان لهن تأثير في نشر أسلوب «البوهو» في بداية الألفية، كما أن تشكيلتها الأولى في بداية العام الحالي، حققت نجاحاً شجع على إعادة الكرَّة.

فستان طويل من الساتان المزيَّن بثنيات عند محيط الخصر يسهم في نحت الجسم (ماركس آند سبنسر)

موسم الأعياد والحفلات

بينما تزامن طرح تشكيلة «مانغو + فيكتوريا بيكهام» مع مرور 40 عاماً على انطلاقة العلامة، فإن توقيت التشكيلة الثانية لسيينا ميلر التي طُرحت في الأسواق في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، أيضاً له دلالته، بحكم أننا على أبواب نهاية العام. فهذه تحتاج إلى أزياء وإكسسوارات أنيقة للحفلات. لم يكن الأمر صعباً على سيينا. فإلى جانب أنها تتمتع بأسلوب شخصي متميِز، فإنها تعرف كيف تحتفل بكل المناسبات بحكم شخصيتها المتفتحة على الحياة الاجتماعية.

وتعليقاً على هذا الموضوع، أعربت الممثلة عن سعادتها بالنجاح الذي حققته قائلةً: «أحببت العمل على التشكيلة الأولى ويملؤني الحماس لخوض التجربة مرة أخرى. فالتشكيلة الثانية تتسم بطابع مفعم بالمرح والأجواء الاحتفالية، إذ تضم قطعاً أنيقة بخطوط واضحة وأخرى مزينة بالفرو الاصطناعي، بالإضافة إلى فساتين الحفلات والتصاميم المزينة بالطبعات والنقشات الجريئة والإكسسوارات التي يسهل تنسيق بعضها مع بعض، إلى جانب سراويل الدنيم المفضلة لديّ التي تأتي ضمن لونين مختلفين».

فستان ماركس سهرة طويل من الحرير بأطراف مزينة بالدانتيل (ماركس آند سبنسر)

دمج بين الفينتاج والبوهو

تشمل التشكيلة وهي مخصصة للحفلات 23 قطعة، تستمد إلهامها من أسلوب سيينا الخاص في التنسيق إضافةً إلى أزياء مزينة بالترتر استوحتها من قطع «فينتاج» تمتلكها وجمَعتها عبر السنوات من أسواق «بورتوبيلو» في لندن، استعملت فيها هنا أقمشة كلاسيكية بملمس فاخر. لكن معظمها يتسم بقصَّات انسيابية تستحضر أسلوب «البوهو» الذي اشتهرت به.

مثلاً يبرز فستان طويل من الحرير ومزيَّن بأطراف من الدانتيل من بين القطع المفضلة لدى سيينا، في إشارةٍ إلى ميلها إلى كل ما هو «فينتاج»، كما يبرز فستانٌ بقصة قصيرة مزين بنقشة الشيفرون والترتر اللامع، وهو تصميمٌ يجسد تأثرها بأزياء الشخصية الخيالية التي ابتكرها المغني الراحل ديفيد بوي باسم «زيجي ستاردست» في ذلك الوقت.

طُرحت مجموعة من الإكسسوارات بألوان متنوعة لتكمل الأزياء وتضفي إطلالة متناسقة على صاحبتها (ماركس آند سبنسر)

إلى جانب الفساتين المنسابة، لم يتم تجاهُل شريحة تميل إلى دمج القطع المنفصلة بأسلوب يتماشى مع ذوقها وحياتها. لهؤلاء طُرحت مجموعة من الإكسسوارات والقطع المخصصة للحفلات، مثل كنزة من الدانتيل وبنطلونات واسعة بالأبيض والأسود، هذا عدا عن السترات المفصلة وقمصان الحرير التي يمكن تنسيقها بسهولة لحضور أي مناسبة مع أحذية وصنادل من الساتان بألوان شهية.

أرقام المبيعات تقول إن الإقبال على تشكيلات أيقونات الموضة جيد، بدليل أن ما طرحته كايت موس لمحلات «زارا» منذ أسابيع يشهد إقبالاً مدهشاً؛ كونه يتزامن أيضاً مع قرب حلول أعياد رأس السنة. ما نجحت فيه موس وميلر أنهما ركَزا على بيع أسلوبهما الخاص. رائحة السبعينات والـ«بوهو» يفوح منها، إلا أنها تتوجه إلى شابة في مقتبل العمر، سواء تعلق الأمر بفستان سهرة طويل أو جاكيت «توكسيدو» أو بنطلون واسع أو حذاء من الجلد.

رغم ما لهذه التعاونات من إيجابيات على كل الأطراف إلا أنها لا تخلو من بعض المطبات، عندما يكون النجم مثيراً للجدل. ليس أدلَّ على هذا من علاقة «أديداس» وعلامة «ييزي» لكيني ويست وما تعرضت له من هجوم بسبب تصريحات هذا الأخير، واتهامه بمعاداة السامية. لكن بالنسبة إلى ريهانا وفيكتوريا بيكهام وسيينا ميلر وكايت موس ومثيلاتهن، فإن الأمر مضمون، لعدم وجود أي تصريحات سياسية لهن أو مواقف قد تثير حفيظة أحد. كل اهتمامهن منصبٌّ على الأناقة وبيع الجمال.