الكومبيوتر ينتج جيلاً من «المشاهير الرقميين»

نجوم مزيفون من الموسيقيين ومروجي البضائع وعارضات الأزياء

الكومبيوتر ينتج جيلاً من «المشاهير الرقميين»
TT

الكومبيوتر ينتج جيلاً من «المشاهير الرقميين»

الكومبيوتر ينتج جيلاً من «المشاهير الرقميين»

يتوالد جيل جديد من المشاهير «المصطنعين» الذين يعملون على الترويج للحفلات الموسيقية، وإنشاء الأعمال التجارية، وحشد أعداد هائلة من المتابعين على «إنستغرام»... إلا إن أياً من هؤلاء غير موجود في الحقيقة.

«نجوم كومبيوترية»

في السنوات الأخيرة، وانطلاقاً من اليابان، أنتجت مواقع التواصل الاجتماعي نخبة من النجوم المصممة على الكومبيوتر من موسيقيين وعارضات أزياء وشخصيات جالبة للحظ تمثل الشركات التجارية، وتظهر على شكل صور مجسمة. وفي الوقت الذي لا يسعى فيه هؤلاء المشاهير إلى الترفيه عنكم، يحاولون إقناعكم بحقيقتهم البشرية، إلى درجة أن الأكثر شبهاً منهم بالنماذج الكرتونية تحول إلى شخصيات متقنة.
يمكن القول إن هذا الأسلوب هو بطريقة ما، التعبير الأصدق عن المشاهير، الذين كانوا دائماً عبارة عن «وهم مدروس». ويقول راين ديتيرت، المدير التنفيذي لشركة «إنفلوينشيل» للعلامات التجارية، في حديث لموقع «وايرد»: «إن السيطرة على المشاهير المصنوعين من صور مركبة على الكومبيوتر أمر بسيط، إلا إن الأمر يصبح أكثر تعقيدا عندما يسيئون التصرف».
* فتاة (غير) حقيقية: إنها نجم لا يخدع أحدا... هاتسوني ميكو؛ هي جالبة حظ على هيئة فتاة محبوبة في المدرسة، بشعر أزرق، صممتها شركة برمجة يابانية لتسويق أداة لتركيب الأصوات صناعيا. ومع بدء المستهلكين باستخدام المنتج لتأليف موسيقى أصلية، تحولت ميكو إلى عامل مؤثر، فقد بدأت منذ سنوات بالغناء في حفلات حقيقية جماهيرية، وهي توقع خلالها صورتها التجسيمية على أغان يكتبها محبوها.
* المجهول الافتراضي: عام 2011، أعلنت المجموعة اليابانية النسائية AKB48 عن عضوها الجديدة «آيمي إيغوتشي» التي تبلغ 16 عاماً من العمر. لم يسمع بها أحد من قبل. عندما بدأت «آيمي» بالظهور في الإعلانات التجارية لصالح شركة يابانية شهيرة تنتج وجبات خفيفة، شعر الجمهور بالريبة. وأخيراً، اضطرت المجموعة إلى الاعتراف بأن «إيغوتشي» غير حقيقية، وبأنها حيلة إعلانية تم ابتكارها عبر مزج رقمي لوجوه أعضاء آخرين من الفرقة.

ترويج وأزياء

* مؤثر ترويج للعلامة التجارية: خلال السنتين اللتين أمضتهما على «إنستغرام»، جمعت ليل ميكيلا (19 عاماً) المعروفة بالتقاطها صور السيلفي، أكثر من مليون متابع، ودخلت في شراكة مع «برادا» Prada، وروجت لقضايا مهمة مثل منظمة الدفاع عن حقوق السود «بلاك لايفز ماتر». تعرف شركة «برادا» Prada«للتقنية الناشئة، والتي حازت على بعض التهنئة على تطوير ميكيلا، هذه الشخصية على أنها روبوت ذكاء صناعي، على الرغم من أن ميكيلا أنهت علاقاتها في أوائل هذا العام مع من سمتهم «مديري أعمالها»، وتعد نفسها اليوم شخصية حرة.
* التوأم الشرير... تعرفوا إلى عدو ميكيلا: في بداية هذا العام، سيطر أحد داعمي الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والذي يحمل اسم «برمودا» على حساب ليل ميكيلا على «إنستغرام»، حتى نشرت الأخيرة سلسلة من التصريحات اعترفت فيها بأنها غير بشرية. عندها، التقى الطرفان على أرض الواقع، ونشر «برمودا» صورة للاثنين معاً. صحيح أن هذا العداء كان سخيفاً، ولكنه أظهر أن المؤثرين المزيفين يتمتعون بقدرة توازي قدرة المؤثرين الحقيقيين على الجذب.
* عارضة الأزياء النموذجية: يعود ابتكار «شودو»، المعروفة بوصفها «أول عارضة أزياء رقمية في العالم» إلى المصور المتخصص في الموضة كاميرون جايمس ويلسون، الذي صممها بواسطة برنامج تصميم ثلاثي الأبعاد. سجل بعض النقاد اعتراضهم على نشاط ويلسون ذي البشرة الفاتحة الذي صمم عارضة أزياء افتراضية ذات بشرة داكنة، وتساءلوا: «أليس قادراً على الاستعانة بعارضة أزياء حقيقية داكنة البشرة؟»، ولكن ويلسون يقول إنه أراد لـ«شودو» أن تكون مصدر إلهام للتنوع في مجال الموضة.



الذكاء الاصطناعي يزدهر بمجال التعليم وسط شكوك في منافعه

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
TT

الذكاء الاصطناعي يزدهر بمجال التعليم وسط شكوك في منافعه

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت الذي فرضته جائحة «كوفيد»، يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم، رغم الشكوك في منافعه.

وبدأت بلدان عدة توفير أدوات مساعَدة رقمية معززة بالذكاء الاصطناعي للمعلّمين في الفصول الدراسية. ففي المملكة المتحدة، بات الأطفال وأولياء الأمور معتادين على تطبيق «سباركس ماث» (Sparx Maths) الذي أُنشئ لمواكبة تقدُّم التلاميذ بواسطة خوارزميات، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية». لكنّ الحكومة تريد الذهاب إلى أبعد من ذلك. وفي أغسطس (آب)، أعلنت استثمار أربعة ملايين جنيه إسترليني (نحو خمسة ملايين دولار) لتطوير أدوات الذكاء الاصطناعي للمعلمين، لمساعدتهم في إعداد المحتوى الذي يدرّسونه.

وهذا التوجّه آخذ في الانتشار من ولاية كارولاينا الشمالية الأميركية إلى كوريا الجنوبية. ففي فرنسا، كان من المفترض اعتماد تطبيق «ميا سوكوند» (Mia Seconde) المعزز بالذكاء الاصطناعي، مطلع العام الدراسي 2024، لإتاحة تمارين خاصة بكل تلميذ في اللغة الفرنسية والرياضيات، لكنّ التغييرات الحكومية أدت إلى استبعاد هذه الخطة راهناً.

وتوسعت أعمال الشركة الفرنسية الناشئة «إيفيدانس بي» التي فازت بالعقد مع وزارة التعليم الوطني لتشمل أيضاً إسبانيا وإيطاليا. ويشكّل هذا التوسع نموذجاً يعكس التحوّل الذي تشهده «تكنولوجيا التعليم» المعروفة بـ«إدتِك» (edtech).

«حصان طروادة»

يبدو أن شركات التكنولوجيا العملاقة التي تستثمر بكثافة في الأدوات القائمة على الذكاء الاصطناعي، ترى أيضاً في التعليم قطاعاً واعداً. وتعمل شركات «مايكروسوفت» و«ميتا» و«أوبن إيه آي» الأميركية على الترويج لأدواتها لدى المؤسسات التعليمية، وتعقد شراكات مع شركات ناشئة.

وقال مدير تقرير الرصد العالمي للتعليم في «اليونيسكو»، مانوس أنتونينيس، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أعتقد أن المؤسف هو أن التعليم يُستخدم كنوع من حصان طروادة للوصول إلى المستهلكين في المستقبل».

وأعرب كذلك عن قلقه من كون الشركات تستخدم لأغراض تجارية البيانات التي تستحصل عليها، وتنشر خوارزميات متحيزة، وتبدي عموماً اهتماماً بنتائجها المالية أكثر مما تكترث للنتائج التعليمية. إلاّ أن انتقادات المشككين في فاعلية الابتكارات التكنولوجية تعليمياً بدأت قبل ازدهار الذكاء الاصطناعي. ففي المملكة المتحدة، خيّب تطبيق «سباركس ماث» آمال كثير من أولياء أمور التلاميذ.

وكتب أحد المشاركين في منتدى «مامِز نِت» على الإنترنت تعليقاً جاء فيه: «لا أعرف طفلاً واحداً يحب» هذا التطبيق، في حين لاحظ مستخدم آخر أن التطبيق «يدمر أي اهتمام بالموضوع». ولا تبدو الابتكارات الجديدة أكثر إقناعاً.

«أشبه بالعزلة»

وفقاً للنتائج التي نشرها مركز «بيو ريسيرتش سنتر» للأبحاث في مايو (أيار) الماضي، يعتقد 6 في المائة فقط من معلمي المدارس الثانوية الأميركية أن استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم يعود بنتائج إيجابية تَفوق العواقب السلبية. وثمة شكوك أيضاً لدى بعض الخبراء.

وتَعِد غالبية حلول «تكنولوجيا التعليم» بالتعلّم «الشخصي»، وخصوصاً بفضل المتابعة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي. وهذه الحجة تحظى بقبول من المسؤولين السياسيين في المملكة المتحدة والصين. ولكن وفقاً لمانوس أنتونينيس، فإن هذه الحجة لا تأخذ في الاعتبار أن «التعلّم في جانب كبير منه هو مسألة اجتماعية، وأن الأطفال يتعلمون من خلال تفاعل بعضهم مع بعض».

وثمة قلق أيضاً لدى ليون فورز، المدرّس السابق المقيم في أستراليا، وهو راهناً مستشار متخصص في الذكاء الاصطناعي التوليدي المطبّق على التعليم. وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «يُروَّج للذكاء الاصطناعي كحل يوفّر التعلّم الشخصي، لكنه (...) يبدو لي أشبه بالعزلة».

ومع أن التكنولوجيا يمكن أن تكون في رأيه مفيدة في حالات محددة، فإنها لا تستطيع محو العمل البشري الضروري.

وشدّد فورز على أن «الحلول التكنولوجية لن تحل التحديات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية الكبرى التي تواجه المعلمين والطلاب».