تنازل «القوات» لم يترجم حلاً لتشكيل الحكومة... و«العقدة الدرزية» على حالها

لقاء النائب تيمور جنبلاط وفداً من كوادر «قوات كمال جنبلاط» بمناسبة الذكرى الـ 69 لتأسيس «جيش التحرير الشعبي» (موقع الأنباء)
لقاء النائب تيمور جنبلاط وفداً من كوادر «قوات كمال جنبلاط» بمناسبة الذكرى الـ 69 لتأسيس «جيش التحرير الشعبي» (موقع الأنباء)
TT

تنازل «القوات» لم يترجم حلاً لتشكيل الحكومة... و«العقدة الدرزية» على حالها

لقاء النائب تيمور جنبلاط وفداً من كوادر «قوات كمال جنبلاط» بمناسبة الذكرى الـ 69 لتأسيس «جيش التحرير الشعبي» (موقع الأنباء)
لقاء النائب تيمور جنبلاط وفداً من كوادر «قوات كمال جنبلاط» بمناسبة الذكرى الـ 69 لتأسيس «جيش التحرير الشعبي» (موقع الأنباء)

تراوح عملية تأليف الحكومة اللبنانية الجديدة في مكانها، بعد سقوط أجواء التفاؤل التي طغت مؤخرا، فالعقدتان المسيحية والدرزية تدوران في فلك الخلاف على توزيع الحصص. «الحزب الاشتراكي» متمترس خلف مطالبه التي يؤكد أنها محقة ويسانده بها رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، مقابل تمسك «التيار الوطني الحر» بتوزير رئيس «الحزب الديمقراطي اللبناني» النائب طلال أرسلان. في المقابل، وعلى المقلب المسيحي، تكثر الصيغ المتداولة لكن يبقى المؤكد أنه لا اتفاق لغاية الآن على حل يرضي «حزب القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر». إذ وبعدما أبلغ الأول الحريري استعداده للتنازل بالحصول على أربع وزارات على أن تكون إحداها سيادية، لم يكن رد وزير الخارجية جبران باسيل مختلفا عن موقفه السابق، وهو أن الحقيبتين السياديتين من حق رئيس الجمهورية وأكبر تكتل مسيحي ومن يريد أن يمنح «القوات» «سيادية» فليمنحها من حصته. ليعود بعدها «التيار» ويروّج لقبول «القوات» بوزارة «بمثابة السيادية» أو أربع وزارات خدماتية، بحسب ما أعلن أمس نائب «التيار» ماريو عون، وهو الأمر الذي ينفيه مصدر قيادي قواتي نفيا قاطعا. ويوضح المصدر لـ«الشرق الأوسط» بالقول: تنازلنا عن خمسة وزراء بقبول الأربعة، بينها سيادية، وهذا أكثر ما يمكن أن نتنازل عنه، لكن أي محاولات للالتفاف على هذا الموضوع غير مقبولة، مضيفا: «ما نطالب به الآن هو أن تتوزع الحقائب السيادية المسيحية مناصفة على أكبر كتلتين مسيحيتين أي «التيار» و«القوات»، وتكون نيابة رئيس الحكومة من حصة رئيس الجمهورية. وبغض النظر عن تملّص باسيل من توقيعه في «اتفاق معراب»، فنعتبر أن هذا التوزيع عين المنطق وقد وقّع عليه رئيس التيار بحضور رئيس الجمهورية وموافقته قبل إعلان ترشيحه من معراب».
وكان النائب عون قد صرح في حديث إذاعي، بأن «الحلحلة في العقدة المسيحية لا تعني التوصل إلى حل»، لافتا إلى أن «القوات» تنازل عن الحقيبة السيادية مقابل الحصول على أربع وزارات خدماتية وازنة، ومذكرا بما سبق أن أعلن، أن حزبه أبدى استعداده للتراجع عن مطلب حصة من أحدى عشر وزيرا للتيار ورئيس الجمهورية إلى عشرة وزراء، جازما بأن «الأمر المتفق عليه بين كل الكتل السياسية أنه لا وجود للثلث المعطل في الحكومة العتيدة».
ووضع عون «الانتقادات المتبادلة التي توجهها القوات للوزير جبران باسيل في إطار الكلام السياسي والسقف العالي، بهدف الضغط للحصول على تنازلات للقوات من قبل التيار، وهو الأمر الذي لن يحصل».
وعلى خط «العقدة الدرزية» اعتبر وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال مروان حمادة: «إن العقدة الوحيدة هي ضغط سوري، على بعض الأطراف في الحكومة لدفع رئيس «اللقاء الديمقراطي» وليد جنبلاط، إلى إدخال النائب طلال أرسلان إلى الحكومة. وأكد في حديث إذاعي: «إن الاشتراكي لن يقبل باستبدال أي اسم درزي بأي شخص من طائفة أخرى وكذلك النائب أرسلان»، معتبرا أن «التقدمي الاشتراكي غير معني مباشر بالثلث الضامن». ورأى أنه «يمكن تشكيل الحكومة قريبا في حال تم التسليم بمنح حصرية التمثيل الدرزي للحزب التقدمي ومنح حقيبة سيادية ضمن حصة القوات اللبنانية».
وشدد حمادة على أنه «لا يمكن لأحد أن يتخطى حقائق نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة»، مشيرا إلى «أن هناك من يسعى إلى زعزعة المناخ الدرزي الموحد، للعودة إلى الهيمنة على القرار الدرزي».
في المقابل، رأى النائب عون في هذا المطلب «أن سقف الطروحات لا يزال مرتفعا من قبل الوزير وليد جنبلاط»، لافتا إلى أن «البحث سيكون مكثفا للوصول إلى قواسم مشتركة لحل هذه العقدة»، ومعربا عن «تمسك التيار حتى الآن بالنائب طلال أرسلان».
وفي ظل حراك المشاورات الأخير واللقاءات التي عقدت بين أكثر من طرف، حمّل النائب في «القوات» وهبه قاطيشا، باسيل، مسؤولية عرقلة تأليف الحكومة من دون أن يسميه، وقال في حديث إذاعي: «حسبما رشح عن الاجتماعات الأخيرة مع أصحاب العقد، نحن لا نشكل أي عقدة بل نسهل لرئيس الحكومة المكلف. وليس هناك أي شيء عملي أو نهائي، سوى أن اللقاء محاولة لحل العقدة، ومعروف أنها ليست عند (القوات اللبنانية) ولا عند الحزب التقدمي الاشتراكي ولا عند (تيار المستقبل)، إنما صاحب العقدة هو من يحاول تطبيق نظام الحزب الواحد تيمنا بالنظام السوري والنظام العراقي السابق. وهذا لا يمكن أن يطبق في لبنان، فالبلد لا يحكم إلا بالتوازن والتوافق، ومن أجل ذلك العقدة مستمرة». وأكد أن «تأخر تشكيل الحكومة لا يتعلق بتقلبات المنطقة، فالمنطقة تعيش تقلبات كبيرة جدا، لذلك أنا لا أعتبر أن المسؤولية داخلية وليست خارجية أو إقليمية، لكنها، في معظمها داخلية ولأطماع شخصية».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.