تصاميم طموحة لطائرات كهربائية بعضها خارق لجدار الصوت

خبراء يتوقعون انطلاقها خلال أعوام

«فولوكوبتر» سيارة الأجرة الطائرة في رسم تخيلي فوق مدينة نيويورك
«فولوكوبتر» سيارة الأجرة الطائرة في رسم تخيلي فوق مدينة نيويورك
TT

تصاميم طموحة لطائرات كهربائية بعضها خارق لجدار الصوت

«فولوكوبتر» سيارة الأجرة الطائرة في رسم تخيلي فوق مدينة نيويورك
«فولوكوبتر» سيارة الأجرة الطائرة في رسم تخيلي فوق مدينة نيويورك

يشهد العالم سعيا حثيثا لإنتاج طائرات كهربائية، وتفيد منظمة «إي إتش إس» الدولية للطيران بأنّ أكثر من 50 شركة حول العالم تمر حالياً بمرحلة ما من البحث والتطوير لإنتاج طائرات كهربائية للإقلاع والهبوط العمودي. وتدور معظم هذه الأفكار الجديدة حول تصاميم للسفر على علوّ منخفض لتقليص تكلفة تشغيل طائرة ثابتة الجناحين. ويتناول المحللون في صناعة الطيران أهم ملامح التقنيات التي سيعتمد عليها لتشغيل طائرات المستقبل.
طائرات هجينة
وفي هذا السياق نفسه، يظهر معظم صناع المعدات الأصلية اهتماماً بالقدرة المستقبلية لطائرات الدفع الكهربائية الهجينة. فقد استحوذت شركة بوينغ مثلاً على شركة «أورورا» لعلوم الطيران البحثية عام 2017، والتي تركز أبحاثها لسنوات قادمة على استخدام التقنيات الكهربائية للإقلاع والهبوط العمودي (ت ك إ ه ع eVTOL) electric vertical takeoff and landing بتصميمات مختلفة. كما خصصت شركة «إيرباص» وحدة مهمتها بحث التطور المستقبلي للطيران، تجري أبحاثها حالياً في هذا المجال على سيارة «فاهانا» الطائرة للأجرة في سيليكون فالي.
ويشهد هذا المجال أيضاً بحث وتطوير أنواع أخرى من هياكل 2020 الميكانيكية في فئة الطائرات النفاثة التجارية الخارقة للصوت. وتحتلّ شركات مثل «آييريون»، «بوم للتقنية» و«لوكهيد مارتن» الصدارة في هذه الصناعة لتركيزها على برامج تطوير طيران خارق للصوت.
ومن المتوقع أن يحدث مفهوما الطائرات الخارقة للصوت و«ت ك إ ه ع eVTOL» تحولاً جذرياً في رحلات الركاب الخاصة والتجارية، وسيتطلب كلاهما جيلاً جديداً من تقنيات الطيران.

إقلاع وهبوط عموديان
تتزعّم شركة «أوبر»، التي عقدت قمّتها السنوية الثانية «أوبر إيليفيت» في لوس أنجليس، أخيرا مسار الجهود المستقبلية لتحويل فكرة سيارة الأجرة الطائرة بهذه التقنية «ت ك إ ه ع «eVTOL إلى حقيقة. ولكنّ أوبر ليست الشركة الوحيدة التي تعمل بشكل جدي باتجاه تطبيق هذا المبدأ على أرض الواقع، ففي معرض الإلكترونيات الاستهلاكية 2018 كشفت شركة إنتل عن فيديو يظهر رئيسها التنفيذي براين كرزانيك يقود أوّل طوافة تحلّق بـ«ت ك إ ه ع» وتعرف باسم «فولوكوبتر». هذه «الفولوكوبتر» هي عبارة عن طائرة كهربائية تامة تعمل بالتقنية الكهربائية الجديدة وتضمّ في تصميمها 18 محركا ليست من محرّكات الاحتراق الذاتي. هذه الطائرة، المصممة لتطير دون طيّار أو مع طيار في حجرة الطاقم، تتضمن 18 محركا كهربائيا وتتزوّد بالطاقة بواسطة بطاريات ذات سعة كبيرة.
وتتصوّر الشركة الألمانية الناشئة التي تقف خلف تطوير «فولوكوبتر» استخدام أسطح مكشوفة تحمل اسم «منافذ فولو»، حيث يستطيع ما يقارب 1000 راكب في الساعة، الطيران والهبوط في سيارات الأجرة الطائرة.
يقول ألكسندر زوسيل، الشريك المؤسس لـ«فولوكوبتر» ورئيس قسم الابتكار فيها في حديث نقلته مجلة «أفييشن ويك» المعنية بصناعة الطيران: «في الحقيقة، نرى أن أكبر التحديات التي تواجه تحقيق هذا الحلم هي سعة البطارية وتوليد الطاقة وليس أنظمة التحكّم بالطيران».
وعلى صعيد برمجة مبدأ الـ«فولوكوبتر»، تعمل إنتل على تزويد الطائرة بنظام التحكّم بالطيران وتقنية أجهزة الاستشعار التي استخدمتها في تطوير طائرتها التجارية الذاتية القيادة «فالكون 8+». وهذا البرنامج مصمم لجمع بيانات المحيط بواسطة عدد كبير من أجهزة الاستشعار لتوفير قراءة دقيقة حول وضعية الطائرة خلال الطيران، بالإضافة إلى إمكانية معالجة أي خلل عند وقوع بعض أعطال الطيران والتعامل مع الرياح غير المتوقعة. ويشمل تصميم هذا المبدأ أيضاً ضوابط تصحيحية ذاتية لمركز جاذبية الـ«فولوكوبتر» للمساعدة في تحقيق توازن وضعية المركبة.

تقنيات خارقة للصوت
هل بات قطاع الطيران العام جاهزاً للطيران التجاري الخارق للصوت؟ شركات كثيرة تعمل على تصميم هياكل ميكانيكية طائرة خارقة للصوت ترى أنه كذلك، حتى أن الكثير من خطوط الطيران أبدت اهتماماً كبيراً بهذا الاتجاه.
في أواخر عام 2017، أعلنت شركة «بوم» للتقنية عن استثمار بقيمة 10 ملايين دولار وطلب مسبق لـ20 طائرة خارقة للصوت من الخطوط الجوية اليابانية. وبموجب هذا الاتفاق، ستساعد الشركة اليابانية على صقل تصميم الطائرة ورسم معالم تجربة السفر في الطائرات الخارقة للصوت. تعمل «بوم» مبدئياً على تصميم طائرتها الخاصة التي تتسع لـ55 راكبا وتطير بسرعة تصل إلى 1451 ميلا- الساعة، أو 2.2 ماك (ماك وحدة تقابل سرعة الصوت). وكانت الشركة قد صرحت تكراراً أن طائرتها الأولى الخارقة للصوت ستدخل في الخدمة بحلول عام 2023.
بعد مرور عدة أسابيع على توقيع شركة «بوم» والخطوط الجوية اليابانية لاتفاقيتهما، أعلنت شركتان مهمتان لإنتاج المعدات الأساسية عن شراكة جديدة تهدف إلى تسريع الدخول في صناعة الطيران المدني الخارق للصوت. فقد وقّعت شركة «آييريون»، التي أطلقت برنامج طائرتها التجارية الخارقة للصوت الأول عام 2014 اتفاقاً مع شركة «لوكهيد مارتن» لتطوير إطار عمل يشمل جميع مراحل البرنامج من هندسة وترخيص وإنتاج. كما بدأت «آييريون» سلفاً التعامل مع شركتي «إيرباص» و«جي إي للطيران» كشريكين في الهندسة وصناعة المحركات.
وبعد أشهر قليلة، أبدت «ناسا» أيضاً التزامها بالمساهمة في تحقيق رؤية الطيران الخارق للصوت بحلول 2020 من خلال تلزيم عقد بقيمة 247.5 مليون دولار لشركة «لوكهيد مارتن» لتطوير طائرة X خارقة للصوت. وبموجب هذا العقد، ستبني «لوكهيد» هيكلَ طائر سيصل تحليقه إلى ارتفاع إلى 55000 قدم بسرعة قصوى تبلغ 1.5 ماك. وستتميز هذه الطائرة بحجرة طيران تتسع لطيّار واحد بناء على تصميم طائرة T - 38 التدريبية.
وكانت ناسا قد استكملت عام 2017 بالتعاون مع شركة «هانويل» اختبارا استمرّ لمدة عامين، تضمّن استخدام برنامج خارق للصوت قادر على التنبؤ، وتقنية نظام عرض قمرة القيادة على حجرة قيادة طائرة تجارية. وعرض هذا الاختبار كيف يمكن للربّان أن يتوقع تأثير زمان ومكان حصول دوي اختراق الصوت الصادر عن الطائرات التجارية الخارقة للصوت على المناطق السكانية على الأرض خلال مسارات رحلاتها. وعلى الرغم من أنّ اختبارات الطيران لم تبلغ سرعة حقيقية خارقة للصوت، نجح العرض في محاكاة السفر الخارق للصوت في فضاء الطيران الحقيقي عبر استخدام التفاعل الواقعي مع ضابط العمليات الجوية وأجهزة التحكم بحركة الطيران.



«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً