تصميم مطور لسيارة طائرة للنقل العسكري

تحلق ذاتيا وتعمل بنظم الذكاء الصناعي

تصميم مطور لسيارة طائرة للنقل العسكري
TT

تصميم مطور لسيارة طائرة للنقل العسكري

تصميم مطور لسيارة طائرة للنقل العسكري

تقوم شركة «أدفانس تاكتكس» للأساليب المتطورة التي تأسست عام 2007 بتصميم مركبات فريدة، غالبيتها للاستخدامات العسكرية. وكانت الشركة قد شرعت في العمل على مركبة «بلاك نايت ترانسفورمر» في Black Knight Transformer عام 2010 عبر سلسلة من النماذج الأولية التي وصلت في العام الماضي كنموذج كامل الحجم يعمل على الغاز تحت اسم «ترانسفورمر»، أي المركبة المتحولة، أو المتأقلمة.
وستقوم المركبة كما تأمل في يوم من الأيام بالتنقل دخولا وخروجا من ساحات القتال، حاملة المؤن ومخلية الجرحى من دون المخاطرة بالمزيد من الأرواح. وقد يشمل هذا الطيران نقاط الهبوط الآمنة، ثم التنقل بريا إلى المناطق الخطرة. ولدى تعذر القيادة والتنقل بريا، التحليق فورا إلى مناطق أكثر أمانا، لأن التنقل البري لحاله أحيانا قد لا يفي بالغرض.

* تصميم مستقبلي
وتعمل المراوح الست التي تحد المركبة من الجوانب عن طريق محركات احتراق لرفعها عن الأرض. وفي تجارب التحليق الأولى التي نفذت في مارس (آذار) الماضي، حامت المركبة بشكل ذاتي ومستقل على علو عشر أقدام فوق سطح الأرض، وكانت مربوطة بشريط منعا لحصول طارئ معين، وتوقفت المحركات فجأة، لكن شركة «أدفانس تاكتكس» تقول إنها بمقدورها التحليق إلى ارتفاع آلاف الأقدام.
ويجوز الملاحظة هنا أن المركبة هذه هي شاحنة طائرة، أو طائرة يمكنها السير على الطرقات، ولنبق الأمر عند هذا الحد، غير أن مشروع «ترانسفورمر » لم يكن يتحقق من دون التقنيات السريعة القليلة التي رأيناها تتحقق على مستويات صغيرة على يد المتحمسين لها والموجهة إليهم.
وتستخدم الطائرة قوى دافعة متفاوتة أشبه بطائرة هليكوبتر رباعية المراوح. ولكي ترتفع وتنخفض، أو تهبط، يجري مد المراوح جميعها بقوة دافعة ثابتة متساوية، ولكي تتوجه يمينا يجري مد المراوح الموجودة على الجانب الأيسر بقوة أكبر من مراوح اليمين، والعكس بالعكس.
ونظرا إلى بساطة هذا التنظيم لا تحتاج «ترانسفورمر» إلى سطوح إدارة وتحكم، مثل الرفاريف الموجودة على أجنحة الطائرات، أو مراوح توجيه كتلك الموجودة على طائرات الهليوكوبتر، وهذا لم يكن ممكنا من دون وجود برمجيات ذكية، ومجسات استشعار.
ويمكن أيضا للمركبة برمتها التحليق ذاتيا، إذ توجد شبكة من البرامج الكومبيوترية، والمستشعرات، وأجهزة الطيران، التي تشكل كلها الربان الذي يعمل بالذكاء الصناعي. والتقنية ذاتها تقوم ذاتيا أيضا بتثبيت الطائرات الصغيرة من دون طيار، التي يستخدمها الهواة تاركة أدوات التحكم البسيطة إلى الشخص الذي يقودها.
وأخيرا فإن «ترانسفورمر» هي مركبة معيارية تكاملية مما يسمح بخدمتها وصيانتها وتصليحها بسهولة، فضلا عن جعلها متعددة المهام والأغراض، من دون الحاجة إلى استبدال المركبة كلها عند ترميمها. ومثل هذه المعيارية شرعت تنسحب على المجالات الأخرى، فمشروع «بروجيكت آرا» من «غوغل» على سبيل المثال يرمي إلى إنتاج هواتف ذكية معيارية.
ويمكن لشخصين في ساحة المعركة استبدال المراوح، في حين يمكن إزالة الأجزاء الثقيلة التي تخص جزء النقل البري من المركبة، بغية زيادة الحمولة، أو استبدالها، لكي يحل محلها قارب، أو مركبة برمائية للمناطق الرطبة.
وسواء كانت هذه المعيارية التكاملية لها معنى على صعيد الهواتف الذكية أم لا؟ فقد نرى كيف أنها قد تكون مفيدة كمركبة عسكرية، بحيث إنها قد تحل محل ثلاث مركبات معا، وتقوم بمهامها، مما يخفض من العدد المطلوب منها. أما بالنسبة إلى عمليات التصليح السريعة في المناطق الحربية النائية، فكلما كان الأمر بسيطا وسريعا، كان ذلك أفضل.
والسؤال هنا هل تشق هذه المركبة طريقها من عالم الحرب إلى عالم السلم قريبا؟ أولا المركبة هذه لم تشق طريقها إلى عالم العسكر بعد؟ فهي لا تزال في أطوارها الأولى، وتبدو كحماصة الخبز المهلهلة، وهدفا عسكريا سهلا أثناء تحليقها. وتقول الشركة الصانعة إن النسخة النهائية ستكون أكثر إنسيابية. ومن خلال النظر إلى مخططاتها ستكون أكثر تدريعا، وستحمل النسخة النهائية منها 1000 رطل من المعدات والأجهزة، أو خمسة ركاب إلى مسافة 300 ميل، بسرعة 150 ميلا في الجو، و70 ميلا على الأرض.



«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً