النايض يستهلّ معركة الرئاسة الليبية بالتخلي عن جنسيته الكندية

TT

النايض يستهلّ معركة الرئاسة الليبية بالتخلي عن جنسيته الكندية

جدَّد عارف النايض، السياسي الليبي والسفير السابق لدى الإمارات العربية المتحدة، نيته الترشح لرئاسة بلاده، ورأى أن «الانتخابات استحقاق يجب الذهاب إليه سريعاً، وعلى كل من يجد في نفسه الكفاءة أن يتقدم إليها»، موضحاً أنه «لا يخشى منافسة أي أحد من الخصوم السياسيين، بما فيهم قائد الجيش الوطني المشير خليفة حفتر، أو سيف الإسلام القذافي».
ويأتي حديث النايض عن الترشح على منصب الرئاسة الليبية وسط أصوات تدفع بسيف الإسلام، الابن الثاني للرئيس الراحل معمر القذافي، لخوض السباق المرتقب نهاية العام الحالي، في موازاة مطالب أخرى تدعو المشير حفتر للترشح «استغلالاً لشعبيته»، خصوصاً في شرق البلاد.
وفي حوار مطوّل مع فضائية «ليبيا روحها الوطن» التي يمتلكها، وجّه النايض انتقادات لاذعة لممثلي تيار الإسلام السياسي، وبالأخص جماعة الإخوان المسلمين، التي وصفها بـ«الفاشية»، وهو يدشن نفسه للمرة الثانية مرشحاً في الانتخابات، طارحاً بعض الأفكار والرؤى. لكن عضو المجلس الأعلى للدولة عمر بوشاح قال إن النايض «لم يأتِ بجديد».
وأضاف بوشاح في حديث إلى «الشرق الأوسط» أن عارف النايض «لا يزال يستخدم خطاب الإقصاء، وإلقاء التهم جزافاً على خصومه السياسيين... لكن هذه المرحلة لا تتحمل مثل هذا»، ورأى أن «هذه الفترة الحرجة التي تمر بها البلاد تحتاج إلى خطاب مصالحة ولمّ الشمل، وتوحيد الجهود السياسية من أجل الخروج من الأزمة الراهنة».
وانضمّ النايض، وهو رئيس مجمع ليبيا للدارسات المتقدمة، إلى الفريق الذي لا يرى ضرورة للاستفتاء على مشروع الدستور، وقال إن الاستفتاء الآن يعني إطالة عمر حكومة (الوفاق الوطني)، التي يرأسها فائز السرّاج عاماً جديداً، وكذلك البرلمان في طبرق، ومجلس الدولة في طرابلس، فضلاً عن أن الدستور كُتب في ظروف صعبة، ولم يرض عنه «التبو» أو الأمازيغ، مبرزاً أن هناك مشكلة في بعض مواده.
ودافع النايض عن رؤيته في مواجهة من يرون أنه يتهرّب لكون مشروع الدستور الحالي يمنع مزدوجي الجنسية من الترشح، بقوله: «أريد أن أذيع أخباراً قد تكون غير سارة لكثير من الإخوان المسلمين والجماعة الليبية المقاتلة والمجموعات، التي دست المادة التي تشترط عدم ازدواجية الجنسية قبل الترشح بعام... وأعلن لأول مرة أنني تنازلت عن جنسيتي الكندية في سبتمبر (أيلول) 2015».
وزاد النايض موضحاً أن «شرط عدم ازدواج الجنسية للمترشح لم يطبق على (الإخوان) طوال الأعوام، التي تلت ثورة 17 فبراير. لكنه طبق على خصومهم»، مضيفاً أن «المؤتمر الوطني العام (المنهية ولايته) ترأسه شخص كان يحمل الجنسية الأميركية، كما ترأست الحكومات شخصيات ليبية مرموقة كانت تحمل جنسيات أميركية وكندية، ولم يتحدث أحد عن ذلك، إلا في حالة الدكتور علي الترهوني، الذي أبعدوه عن رئاسة الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور بسبب جنسيته الأميركية». كما تحدث النايض عما سماه بـ«مكائد» تُحاك ضده لمنعه من خوض الانتخابات الرئاسية، (المرتقبة)، وقال إنه تم رفع ثلاث شكاوى إلى النائب العام ضده لإبعاده، مبرراً اعتزامه الترشح بأنه «واجب أخلاقي وشرعي»، وذهب إلى أنه كان جزءاً من ثورة 17 فبراير، التي اعتبر أنها «سُرقت وأصبحت نكبة وطامة على ليبيا».
في غضون ذلك نفى النايض أن تكون مشاركته في الثورة ذات طابع انتقامي نظراً لتضرر شركة والده علي النايض في عهد القذافي عام 1978، وقال إن أسرته «تصالحت مع القذافي منذ الثمانينات... ورجعنا إلى ليبيا في بداية التسعينات، ولو كانت هذه الاتهامات صحيحة لما عدت إلى ليبيا، ونفذت مع أحد الشركاء 75 مشروعاً ناجحاً».
وبخصوص الانتخابات المرتقبة، قلل النايض من المراهنة على خسارته إذا ما قرر حفتر، أو سيف الإسلام، أو غيرهما، خوض الانتخابات، وقال إن «هؤلاء ليسوا خصومي، وأدعو كل شباب ليبيا للترشح في الانتخابات الرئاسية أو البرلمانية، أو البلديات إذا توفرت لديهم الكفاءة، لأنه لا يجب ترك الساحة لأناس نعتقد جازمين بأننا نستطيع أن نؤدي أداء أفضل منهم».
وانتهى النايض إلى أن لديه برنامجاً وخططاً مرسومة للارتقاء بالبلاد، وأنه يعمل مع فريق عمل منذ سنوات على مشروع «إحياء ليبيا»، منوهاً بأن الشأن العسكري يجب تركه للعسكريين. كما تمنى النايض أن «تستمر جهود القاهرة في توحيد المؤسسة العسكرية الليبية لأن الجيش الموحد هو الذي يحمي الوطن».
لكن عمر بوشاح قال إن خطاب النايض السياسي «يتناقض مع أي برنامج إصلاحي»، لأنه يعتمد على «مهاجمة تيارات سياسية معينة واستقطاب تيارات أخرى... فهو يهاجم الإسلاميين، بينما يرحب بترشح سيف القذافي في الانتخابات، رغم أن الأخير مطلوب للمحكمة الجنايات الدولية».
في موازاة ذلك، دافع أحد أعضاء مجلس النواب عن «حق النايض وغيره في الترشح للانتخابات»، لكنه اشترط «إخضاع مسودة الدستور للاستفتاء الشعبي، على عكس ما ذهب إليه النايض».
وفي هذا السياق قال نائب ينتمي إلى جنوب البلاد، رفض ذكر اسمه، إنه «في حالة انتهاء البرلمان من إجازة الدستور، وتم فتح باب الترشح، سنجد شخصيات كثيرة تترشح للمنصب»، متوقعاً حظوظاً واسعة لحفتر في شرق البلاد، ولسيف القذافي لدى قطاعات كبيرة من قبائل ليبيا.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.