الأمن التونسي يعتقل ثمانية عناصر من «أنصار الشريعة» المحظور

اتهام حزب التحرير برفض مبادئ الجمهورية والاحتكام إلى الديمقراطية

الأمن التونسي يعتقل ثمانية عناصر من «أنصار الشريعة» المحظور
TT

الأمن التونسي يعتقل ثمانية عناصر من «أنصار الشريعة» المحظور

الأمن التونسي يعتقل ثمانية عناصر من «أنصار الشريعة» المحظور

اعتقلت قوات الأمن التونسية، أمس، ثمانية عناصر تكفيرية في ولاية (محافظة) سيدي بوزيد (وسط)، إثر حملة أمنية وصفتها وزارة الداخلية بأنها «واسعة النطاق»، وقالت إن الوحدات المتخصصة في مكافحة الإرهاب ستتولى التحقيق معهم.
وأشارت وزارة الداخلية، في بيان لها، إلى أن هذه العناصر التي ألقي عيها القبض تنتمي إلى تنظيم أنصار الشريعة المحظور. وأضافت أنها خضعت للتفتيش من قبل قوات الأمن، وحجزت لديها مبالغ مالية مهمة، أظهرت التحقيقات الأولية أنها كانت مخصصة لتمويل أنشطة وعمليات التنظيم المحظور.
وكانت الحكومة التونسية قد حظرت كل أنشطة تنظيم أنصار الشريعة، الذي يقوده أبو عياض منذ أغسطس (آب) 2013، وصنفته تنظيما إرهابيا، كما وجهت إليه تهمة ارتكاب جرائم إرهابية، من بينها اغتيال القيادي اليساري شكري بلعيد في السادس من فبراير (شباط) 2013، وتصفية محمد البراهمي، النائب في المجلس التأسيسي (البرلمان) يوم 25 يوليو (تموز) من السنة ذاتها، وذبح ثمانية عسكريين يوم 29 يوليو 2013 في جبال الشعانبي، وسط غربي تونس.
على صعيد متصل، وجهت الحكومة التونسية تحذيرا رسميا إلى حزب التحرير (تأسس بعد الثورة وينادي بإقامة الخلافة)، ودعته إلى الالتزام بقانون الأحزاب وتجنب اختلالات قالت إنه ارتكبها يوم 22 يونيو (حزيران) الماضي إبان عقد مؤتمره السنوي في العاصمة. وأضافت أنها أمهلته شهرا للالتزام بقانون الأحزاب بعد دعوته إلى مقاطعة الانتخابات.
وقالت رئاسة الحكومة التونسية في تنبيه حمل إمضاء مهدي جمعة إن الحزب جاهر برفض مبادئ الجمهورية، ورفض الاحتكام إلى الديمقراطية والتعددية، ومبدأ التداول على السلطة، من خلال الدعوة إلى المقاطعة النشطة للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة.
من ناحية أخرى، عقدت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات اجتماعا مع الأحزاب السياسية، خصص للنظر في موضوع حملة التوعية لتسجيل الناخبين، ووضع الخطوط العريضة للتواصل مع الأحزاب خلال الفترة الانتخابية. ويأتي هذا الاجتماع في ظل تسجيل نسب ضعيفة وهزيلة لعدد المسجلين في اللوائح الانتخابية، من خلال النتائج التي عرضتها الهيئة العليا للانتخابات، إذ لم تتجاوز أعدادهم 200 ألف مسجل، ضمن شريحة كبيرة تضم نحو أربعة ملايين ناخب، تستهدفهم الهيئة في إطار حملة تنتهي يوم 22 يوليو الحالي.
ووجهت الهيئة دعوات لحضور هذا المؤتمر لنحو 194 حزبا تونسيا، إلا أن الأحزاب التي حضرته لم يتجاوز عددها 24 حزبا، كما سجل غياب عدة أحزاب تتمتع بثقل سياسي كبير، على غرار حركة النهضة، وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية، وحزب التحالف الديمقراطي.
وقال شفيق صرصار، رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، لـ«الشرق الأوسط»، إن الهيئة غير مسؤولة عن ضعف التسجيل، لأنها نفذت عمليات الاستعداد للتسجيل بشكل يراعي الالتزامات التي قطعتها على نفسها، وعملت على إنجاحها في وقت قياسي، كما وفرت العدد الكافي من مراكز التسجيل في اللوائح الانتخابية. وأضاف أن الهيئة بريئة من تهمة التقصير ولا علاقة لها بالمشاكل المطروحة، حسب قوله.
وبشأن دعوات التمديد في آجال التسجيل، قال صرصار إن مختلف مواعيد وآجال العملية الانتخابية مضبوطة ضمن روزنامة واضحة ومصادق عليها من قبل المجلس التأسيسي. وأضاف أنها دقيقة ولا يمكن المساس بها، لأن ذلك سينعكس على بقية المواعيد، ومن بينها موعد إجراء الانتخابات البرلمانية في 26 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، والانتخابات الرئاسية في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
وكانت حركة نداء تونس، بزعامة الباجي قائد السبسي، والجبهة الشعبية، بقيادة حمة الهمامي، قد وجهتا دعوة إلى التمديد في آجال التسجيل في اللوائح الانتخابية، ونبهتا إلى صعوبة إجراء انتخابات شفافة ونزيهة، في ظل عزوف أكثر من نصف الناخبين عن تسجيل أسمائهم قصد الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات المقبلة. واقترح قائد السبسي تاريخ 25 مارس (آذار) 2015 موعدا لإجراء الانتخابات الرئاسية.
على صعيد متصل، أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أن منظومة التسجيل عن بعد تعرضت إلى هجوم إلكتروني من قبل مجموعات قرصنة بهدف ضرب حق التونسيين في التسجيل في السجلات الانتخابية. وقال زياد الأخضر، القيادي في الجبهة الشعبية، إن هذا الاعتداء يمثل محاولة لوضع المواطنين تحت هاجس الخوف. وأضاف أن بعض الأطراف السياسية تسعى من وراء ذلك إلى إفشال الانتقال الديمقراطي في البلاد.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.