نتنياهو ينجح في شق الدروز ويعمل على دب الفرقة بينهم وبين بقية العرب

TT

نتنياهو ينجح في شق الدروز ويعمل على دب الفرقة بينهم وبين بقية العرب

نجح رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في للشق صفوف المعارضين لقانون القومية العنصري، الذي يغلب العرق اليهودي على العرب والأعراق الأخرى، وذلك بطرحه اقتراحا يبقي على القانون كما هو، ويتعهد بسن قانون آخر يضمن المساواة للدروز والشركس وكل من يخدم في صفوف الجيش الإسرائيلي. وقد قبل قسم من القيادات الدرزية هذا الحل، فسحبوا الدعوى المقدمة إلى المحكمة لإلغاء القانون، فيما رفضه آخرون كثيرون أعلنوا عن استمرار أعمال الاحتجاج، بما في ذلك المظاهرة الكبرى المقررة غدا السبت في تل أبيب، بمشاركة مجموعة من كبار الجنرالات اليهود السابقين في الجيش والمخابرات والشرطة.
واعترف وزير السياحة في حكومة نتنياهو، ياريف لفين، بأن هذا الاقتراح أنشأ شرخا في صفوف القيادات الدرزية، وادعى بأن الأكثرية اقتنعت بهذا الحل «التاريخي». وأضاف: «لأول مرة منذ 70 عاما، كان فيها الدروز يخدمون في الجيش ويدفعون ثمنا باهظا في الدفاع عن إسرائيل، تعترف الدولة لهم بدورهم، ومن يعارض هذا الحل اليوم هم أولئك المتطرفون الذين لن يرضيهم أي حل».
وقد اجتمعت القيادات الدرزية في كفر ياسيف لأربع ساعات، واختلفت فيما بينها حول التعاطي مع مقترحات نتنياهو. إذ هاجمها كثيرون، مؤكدين أن الحل الوحيد المقبول، يكون في تعديل قانون القومية، وإضافة بند يضمن المساواة لجميع المواطنين بلا استثناء، ويسقط أي بند يمنح اليهود تفوقا عرقيا. بينما وقف نشطاء سياسيون وبعض رجال الدين، يدافعون عن اقتراحات نتنياهو ويعتبرونها تطورا مهما في العلاقات داخل الدولة العبرية.
وفي ختام الاجتماع، قررت هذه القيادات أن تواصل التفاوض مع الطاقم الذي كلفه نتنياهو لتسوية الأزمة، وتواصل في الوقت ذاته عمليات الاحتجاج، وبينها الاحتشاد في ميدان رابين في تل أبيب مساء غد السبت للمطالبة بمساواة كاملة. وأوضح رؤساء الطائفة المعروفية، أن مسألة التجنيد والخدمة العسكرية خارج النقاش العام، ودعوا أبناء الطائفة إلى التصرف بالمسؤولية واحترام القانون والرموز التي كافحوا في سبيلها.
وكان مبعوثو نتنياهو قد اقترحوا عليهم سن قانون يرسخ مكانة الطائفتين الدرزية والشركسية، ويشيد بمساهمتهما من أجل الدولة. ويتضمن القانون الجديد، دعما لمؤسسات الطائفة الدينية والتربوية والثقافية، ودعم التجمعات السكانية الدرزية، بما في ذلك إيجاد حلول للضائقة السكنية وإقامة تجمعات جديدة بحسب الضرورة. كما تعهد بأن يتم تحديد الامتيازات لأبناء الأقليات من جميع الديانات والطوائف، ممن يخدمون في صفوف قوات الأمن.
وأصدرت لجنة المبادرة العربية الدرزية، التي تمثل جناحا قويا في الحركة الوطنية للمواطنين العرب أبناء الطائفة الدرزية، بيانا حول الموضوع، أعربت فيه باسم القوى الوطنية، عن رفضها «أي إجراء حكومي يمنح شريحة معينة بعض الحقوق». وقالت: «التوجه يجب أن يكون لجميع المواطنين، بواسطة إلغاء هذا القانون، ومساواة جميع المواطنين في الدولة من دون استثناء، وليس مجرد طبطبة على الظهور ومنح بعض الشرائح بعض الفتات، ومن خلال الطروحات الطائفية والفئوية البغيضة والمضرة، التي تخدم سياسة (فرق تسد) المعهودة. إن تبِعات هذا النهج مدمرة لنا جميعا. يجب عدم إعطاء الحكومة العنصرية أي فرصة لتجديد ممارستها الملعونة والمرفوضة، والدعوة إلى الالتفاف حول لجنة المتابعة العربية العليا، والتعاون مع القوى الديمقراطية اليهودية لفرض إلغاء القانون، والعمل على تحقيق المساواة والعدالة، وتوسيع الهامش الديمقراطي العام، ليتسنى لنا العيش الكريم في وطننا الذي لا وطن لنا سواه».
وأكدت لجنة المبادرة الدرزية، التي كان من بين مؤسسيها الشاعر الوطني الكبير سميح القاسم، ورجل الدين الدرزي فرهود فرهود، ورفعت شعار رفض الخدمة العسكرية الإجبارية في الجيش الإسرائيلي، أنه «يجب مواصلة النضال لمنع أن نكون مواطنين من الدرجة الثالثة والرابعة، كما تريد القوى العنصرية الظلامية. وعلينا ألا نقع في فخ التفرقة الذي نصبته لنا الحكومة. فنحن أبناء لهذا الشعب ويجب أن تتضافر الجهود لنصد معا هذه الهجمة الشرسة، لا يجوز أن نلدغ من الجُحر نفسه مرات كثيرة. بالنضال المثابر نحقق لنا ولأجيالنا القادمة الحياة الكريمة، وما من أسلوب آخر يمكنه أن يوقف أطماع الصهيونية سوى العمل المشترك».
ومن جهة ثانية، توجه رئيس جهاز الأمن العام الشاباك، السابق، يوفال ديسكين، ورئيس جهاز الموساد السابق تامير باردو، إلى قادة الطائفة الدرزية بشأن قانون القومية، داعين ألا ينخدعوا بوعود نتنياهو، وأن يرفضوها ويصروا على تعديل قانون القومية. وقال لهم ديسكين، إن «نتنياهو خبير في قطع وعود لا تُنفذ». وقال باردو إن «قانون الأساس يجب أن يصحح، أما عن طريق تعديل مضمونه أو إلغائه كليا».



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.