الجسر: لا أحد يلغي تكليف الحريري في غياب نصّ دستوري

قال إن المهلة لم تخرج عن مخاض الحكومات السابقة

النائب سمير الجسر
النائب سمير الجسر
TT

الجسر: لا أحد يلغي تكليف الحريري في غياب نصّ دستوري

النائب سمير الجسر
النائب سمير الجسر

رأى عضو كتلة «المستقبل» النيابية النائب سمير الجسر، أن «مهلة تشكيل الحكومة لم تتخط الوقت المتعارف عليه، طالما أن تأليف حكومات سابقة استغرق أشهراً طويلة». ورفض التسريبات التي تلوّح بـ«إعفاء الرئيس المكلّف سعد الحريري من مهمته، في غياب نصّ دستوري يلزمه بإعلان تشكيل الحكومة بوقت محدد». وشدد على أن الحريري «يسعى لتأليف حكومة تنال ثقة البرلمان وقادرة على الحكم»، رافضاً محاولات البعض «فرض خيارات على الرئيس الحريري على قاعدة إما تؤلف حكومة كما أريد أو لا حكومة». واعتبر أن «مطالبة البعض بإلغاء المحكمة الدولية الخاصة بلبنان لن يغير شيئاً في مسارها، حتى لو اتخذت الحكومة اللبنانية قراراً بوقفها».
وذكّر الجسر، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، بأن «لا أحد قادر على إلغاء تكليف الرئيس سعد الحريري لتشكيل الحكومة، في غياب أي نص دستوري»، معتبراً أن «أقصى ما يمكن الذهاب إليه، تأليف حكومة لا تمنحها الأكثرية النيابية الثقة، عندها تجري الدعوة لاستشارات نيابية جديدة لتسمية رئيس يكلّف تشكيل الحكومة». وقال: «إذا كان البعض يعتقد أن مهلة التأليف تأخرت، فهناك حكومات استغرق تأليفها أشهراً طويلة، بسبب إصرار الجميع على أن تكون حكومة وفاق وطني تضمّ كل القوى السياسية، وبالتالي حتى الآن لم نخرج عن المهلة المعتادة التي شهدناها في مخاض الحكومات السابقة».
ورغم أهمية الإسراع في ولادة الحكومة، نظراً لارتباطها باستحقاقات اقتصادية وسياسية وأمنية، وضرورة نقل البلاد من حالة الركود الاقتصادي إلى تحريك عجلة الإنماء، وتنفيذ مقررات مؤتمر «سيدر»، شدد رئيس لجنة الدفاع والأمن البرلمانية النائب الجسر على «أهمية تأليف حكومة تنال ثقة البرلمان أولاً، وتكون قادرة على الحكم ثانياً»، رافضاً محاولات «فرض خيارات على الرئيس سعد الحريري على قاعدة، إما تؤلف حكومة وفق ما نريد، وإلّا لا حكومة وتتحمّل مسؤولية التأخير»، مشيراً إلى أن «النصّ الدستوري واضح وهو أن الرئيس المكلّف يشكّل الحكومة، ويعرضها على رئيس الجمهورية، الذي له حق الموافقة عليها أو رفضها».
وكشف الجسر أن البعض «بدأ يجاهر بطلب الحصول إلى 11 وزيراً في الحكومة الجديدة، أي أكثر من ثلث أعضائها».
وأضاف: «رئيس الجمهورية يمثّل رأس السلطات الدستورية وهو الحكم، وبالتالي لا يستطيع أن يكون طرفاً في السلطة، عبر محاولة فريقه (حصّة الرئيس عون مع التيار الوطني الحر برئاسة جبران باسيل) الحصول على ثلث معطّل يمكنه من حلّ مجلس الوزراء، هذا أمر مخالف للدستور». وأردف قائلاً: «طبعاً من غير المقبول أن يستأثر فريق بأكثر من الثلث ويعطّل الحكومة».
ويستند رئيس الجمهورية وفريقه في مطلب الحصول على «الثلث الضامن» في الحكومة العتيدة، إلى معارضته في الحكومة المستقيلة، حيث أفشل وزراء «القوات اللبنانية» والحزب التقدمي الاشتراكي، عدّة مشاريع منها ملف الكهرباء، وملف النفط، وإجراء عقود وصفقات تلزيم بالتراضي من دون الذهاب إلى دائرة المناقصات، لكن النائب الجسر أوضح أن «الملفات داخل مجلس الوزراء تخضع للدرس والمناقشة، ومن حقّ كل وزير أو فريق سياسي أن يبدي رأيه بأي ملف، لأن القرارات لا تؤخذ على (العمياني)، وإلا أصبحنا في نظام الحاكم الأوحد».
وتوقف عضو كتلة «المستقبل» عند ظاهرة مطالبة البعض بإلغاء المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، التي تحاكم غيابياً 5 كوادر من جهاز أمن «حزب الله» متهمين باغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري ورفاقه، عبر تفجير شاحنة مفخخة في منطقة لبسان جورج بوسط بيروت في 14 فبراير (شباط) 2005، ورأى الجسر وهو وزير العدل الأسبق، أن «مطالبة هؤلاء بإلغاء المحكمة لن يغير شيئاً في مسار هذه المحكمة»، مذكراً بأن «نظام المحكمة لا يتأثر بهكذا توجه سياسي، حتى لو اتخذت الحكومة اللبنانية قراراً بوقفها، لأن نظامها ينصّ على استحالة التراجع عنها أو تعليق عملها».
ورداً على مطالبة حلفاء النظام السوري بإعادة العلاقات مع هذا النظام إلى ما كانت عليه قبل العام 2011، بذريعة أن الحرب في سوريا انتهت والنظام أعلن انتصاره، أوضح الجسر أن «العلاقات مع سوريا ليست مقطوعة، بوجود سفراء بين الدولتين، لكن العلاقة محكومة بقاعدة (النأي بالنفس)، بحيث لا يكون لبنان إلى جانب النظام ولا إلى جانب المعارضة السورية». ولفت إلى أن «تعامل النظام السوري بموضوع عودة النازحين مثير للاستغراب»، كاشفاً أن هذا النظام «يطلب من لبنان لوائح بأسماء من يرغبون بالعودة، ويقول أقبل بإعادة هذا الشخص وأرفض الشخص الآخر». وقال: «نحن لا نتحمّل مسؤولية عدم إعادة من يرفضهم النظام، لذلك نطالب المجتمع الدولي بتحمّل مسؤولياته في هذا الملف، وأن يعود السوريون إلى بلادهم ومناطقهم بضمانات دولية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.