النظام يعلن عن عودة قريبة وتدريجية لأهالي داريا

بعد تسليمه قوائم بألف معتقل توفوا في سجونه

داريا بريف دمشق الغربي كما بدت نهاية عام 2016 (سبوتنيك)
داريا بريف دمشق الغربي كما بدت نهاية عام 2016 (سبوتنيك)
TT

النظام يعلن عن عودة قريبة وتدريجية لأهالي داريا

داريا بريف دمشق الغربي كما بدت نهاية عام 2016 (سبوتنيك)
داريا بريف دمشق الغربي كما بدت نهاية عام 2016 (سبوتنيك)

خلال لقائه أهالي مدينتي النبك ويبرود في منطقة القلمون وسط سوريا (60 كم عن دمشق)، أعلن محافظ ريف دمشق علاء إبراهيم يوم أمس (الأحد) عن عودة «أهالي داريا إلى المنطقة ألف خلال الأيام المقبلة»، لافتا إلى أنها ستكون عودة تدريجية.
ومدينة داريا التي كانت تعد من أهم معاقل الثورة على نظام الأسد، كانت قد أخليت تماما من سكانها في أغسطس (آب) 2016، وأبعد مقاتلوها مع عائلاتهم إلى الشمال السوري، بعد حصار خانق دام أربع سنوات وقصف لم يهدأ. مع الإشارة إلى أن معظم سكان داريا نزحوا منها قبل الحصار، بعد مجازر وحشية أكبرها كان في أغسطس 2012، قضى فيها أكثر من 300 مدني، ودفعت تلك المجزرة التي نزح على أثرها آلاف من السكان باتجاه المناطق المجاورة، معارضي النظام إلى حمل السلاح والقتال، والذي أدى إلى فرض الحصار على داريا بعد أشهر من المجزرة.
ويأتي إعلان محافظ ريف دمشق عن عودة قريبة لأهالي داريا، بعد أيام قليلة من تسليم النظام لدائرة نفوس داريا قوائم بأسماء ألف معتقل قضوا في السجون، (معظمهم اعتقل بداية الحراك السلمي عامي 2011 و2012)، ضمن قوائم أخرى ضمت آلاف المعتقلين من مناطق أخرى في سوريا، سجلت وفاتهم بـ«أزمة قلبية».
وكانت داريا التي يدخل قسم كبير منها ضمن خطط النظام العمرانية المستقبلية، قد شهدت العام الماضي حملة كبيرة لإعادة تأهيل القسم غير المدمر من المدينة وتجهيز مرافق عامة، مثل البلدية والمخفر والمستوصف والمدارس من قبل المجلس المحلي التابع لمحافظة ريف دمشق، بهدف التمهيد لإعادة الأهالي إلى المنطقة المحسوبة على ريف دمشق الغربي بتوجيهات روسية، لتأهيل مناطق الريف الدمشقي كي تستقبل النازحين منها. وقد عاد منذ مطلع العام الحالي إلى بلدة البويضة جنوب دمشق نحو ألف عائلة بعد إعادة تأهيل جزئي للبنى التحتية، بحسب ما أعلن محافظ دمشق، كما عاد إلى منطقة الزبداني نحو 1500 عائلة.
وبحسب مصادر مطلعة في دمشق، هناك الآلاف من طلبات الزيارة قدمها نازحون لزيارة بيوتهم وممتلكاتهم التي أعاد النظام سيطرته عليها، إلا أن تلك الطلبات كانت تواجه بإجابات ووعود غير واضحة، إلى أن تدخل الجانب الروسي العام الماضي وفرض خططا لإعادة المهجرين لا سيما النازحين في الداخل ممن لا يعارضون النظام، أو الراغبين بالتسوية معه. غير أن النظام وضع شروطا يجعل تحقيق العودة حكرا على الموالين له والراغبين بالانضواء في ميليشياته، حيث أعطيت الأولوية لذوي القتلى والجرحى من قوات النظام والميليشيات الرديفة، وأعضاء حزب البعث والموظفين الحكوميين. ويشترط على الراغب بالعودة الحصول على موافقة أمنية، وإحضار وثائق إثبات ملكية، ودفع فواتير الكهرباء والمياه والهاتف والضرائب المالية المتراكمة منذ سنوات، والحصول على براءة ذمة من الدوائر الحكومية حتى يُسمح له بالدخول. وهو ما يعزز المخاوف بحسب المصادر، من يكون ذلك جزءا من خطة النظام حول تنفيذ القانون رقم عشرة لعام 2018، بهدف الاستيلاء على أملاك المتوفين وغير القادرين على إثبات ملكياتهم.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.