ثيري واسر: يحز في نفسي أن مصممي الأزياء لهم حظوة أكبر.. نعم أعد نفسي فنانا

عطار دار «جيرلان» يتكلم عن عطره الجديد«الرجل المثالي»

 أهم مكونات عطر «لوم إيديال» (L’Homme Idéal) شذى اللوز «أماريتو» الموروث عن عطر «جيكي» (Jicky) الذي جرى ابتكاره في عام 1889، إلى جانب حبوب التونكا واللوز الطبيعي والفانيليا، فضلا عن براعم البرتقال والفيتفر الهندي والأرز والجلد مما يعطي خلطته سحرا، يتلاقى فيها القوي مع المنعش والرومانسي
أهم مكونات عطر «لوم إيديال» (L’Homme Idéal) شذى اللوز «أماريتو» الموروث عن عطر «جيكي» (Jicky) الذي جرى ابتكاره في عام 1889، إلى جانب حبوب التونكا واللوز الطبيعي والفانيليا، فضلا عن براعم البرتقال والفيتفر الهندي والأرز والجلد مما يعطي خلطته سحرا، يتلاقى فيها القوي مع المنعش والرومانسي
TT

ثيري واسر: يحز في نفسي أن مصممي الأزياء لهم حظوة أكبر.. نعم أعد نفسي فنانا

 أهم مكونات عطر «لوم إيديال» (L’Homme Idéal) شذى اللوز «أماريتو» الموروث عن عطر «جيكي» (Jicky) الذي جرى ابتكاره في عام 1889، إلى جانب حبوب التونكا واللوز الطبيعي والفانيليا، فضلا عن براعم البرتقال والفيتفر الهندي والأرز والجلد مما يعطي خلطته سحرا، يتلاقى فيها القوي مع المنعش والرومانسي
أهم مكونات عطر «لوم إيديال» (L’Homme Idéal) شذى اللوز «أماريتو» الموروث عن عطر «جيكي» (Jicky) الذي جرى ابتكاره في عام 1889، إلى جانب حبوب التونكا واللوز الطبيعي والفانيليا، فضلا عن براعم البرتقال والفيتفر الهندي والأرز والجلد مما يعطي خلطته سحرا، يتلاقى فيها القوي مع المنعش والرومانسي

كان يوما مشمسا في باريس، ومثاليا لكي تقدم فيه شركة جيرلان الفرنسية عطرها الرجالي الجديد «لوم إيديال»، أي «الرجل المثالي». كانت الصالة التي احتضنت اللقاء مع مبتكره ثيري واسر، فخمة بنوافذها العالية وستائرها التي حجبت أشعة الشمس من الدخول لكي يبقى المكان منتعشا بروائح مكونات جرى رصها على طاولة طويلة، من لوز وبتلات ورود وجلود وغيرها من الأخشاب والبهارات التي استعملها العطار. كان كل شيء جاهزا لإقناعنا بأن الرجل المثالي موجود، ربما ليس في الواقع، بحكم أن «الحلو لا يكتمل»، لكنه حتما في قارورة عطر معبأة بوصفة تجمع الجديد بالقديم الذي استلهمه من الأرشيف وجدده في خلطة مؤثرة بعمقها وشاعريتها. يعود عمر دار «جيرلان» إلى أكثر من 186 سنة ابتكرت خلالها أكثر من 850 عطرا، كان نصيب المؤسس، جاك جيرلان، وحده منها 400 عطر أبدعها على مدى 60 سنة. لم تنجح كلها تجاريا، إلا أنها تشكل إرثا يعود إليه «أنوفها» دائما، وهو ما لا يتوافر لدى باقي المتنافسين.
أما ثيري واسر عطارها الوفي، فليس غريبا عليها، حيث التحق بها منذ ست سنوات تقريبا، وكان أول «أنف» يدخلها من خارج عائلة جيرلان التي توارثت المهنة أبا عن جد لعدة عقود. وحتى هو، لا ينكر أنه تفاجأ عندما اتصلوا به أول مرة، وتصور المسألة مجرد مزحة، لكنه سرعان ما تأكد أنه مطلوب جديا وأن جون بول جيرلان سلفه، رأى فيه شيئا لم يره في باقي العطارين الذين تزخر بهم فرنسا. لم يخيب ظن جون بول جيرلان، الذي فتح له أبواب الدار وأمنه على مفاتيحها، كما عبد له الطريق لكي يكون نجما، يتولى ابتكار عطور الدار من الألف إلى الياء من دون تدخل أي أحد، عوض أن يكون مجرد جندي مجهول يعمل في الظل.
«عندما أكون في مختبري، أكون أنا السيد»، يشرح ثيري واسر، «فأنا مثل شيف في المطبخ، يعرف كل صغيرة وكبيرة، وليس بالضرورة أن يكون مدير المطعم ملما بتفاصيل الأطباق التي أحضرها أو الطريقة التي أتبعها، مما يجعل من الصعب عليه أن يتدخل لكي يملي علي آراءه».
من يقابل ثيري يشعر بأنه ولد لكي يقوم بهذه المهمة. فهو لا يتنفس ثقافة جيرلان فحسب، بل يعيش لثقافة العطور وصناعتها ويتعامل معها بصفتها فنا أو علما. للأسف، عالم العطور ليس كعالم الأزياء، الذي يحقق للمصمم النجومية من أول تشكيلة يقدمها لدار عالمية. فالعطار، مهما أبدع تبقى شهرته محدودة، مهما بلغت شهرة الدار التي يعمل فيها وقوة تأثيرها في عالم الجمال والتجميل. أمر يحز في نفسه ويثير أعصابه، بحسب رد فعله عندما طرحت هذه المقارنة عليه.
تململ في كرسيه وهو يشمر عن ساعديه كأنه سيدخل في جدال طويل، ليقول بابتسامة تكاد تزغرد من عيونه، ونظرة فيها بعض الامتنان لإثارة الموضوع: «لم يسألني أي أحد من قبل هذا السؤال، وأنا في غاية السعادة أنك تطرحينه علي الآن، لأني بالفعل متضايق من الأمر. فالناس لا يقدرون ما نقوم به كعطارين، فالمصمم يعمل ضمن فريق عريض من المساعدين ومع ذلك يتمتع بشهرة واسعة، بينما العطار يعمل وحده لإكمال اللوحة من البداية إلى النهاية، مثل رسام في مرسمه أو عالم في مختبره، يتعامل بألوان قد لا تكون منظورة للعين، لكنها تجمل العالم». ويتابع بالحماس نفسه: «أنا لا أرسم أو أبتكر خلطات فحسب، بل أعمل كل شيء بنفسي، بدءا من البحث عن المكونات إلى انتقاء الأجود منها، فضلا عن إشرافي على عملية الإنتاج والتصوير والعرض، لهذا اعذريني إن شعرت ببعض الانزعاج والضيق عندما لا نحصل، كعطارين، على التقدير نفسه الذي يحصل عليه مصممو الأزياء. نحن فنانون، لكن بأدوات مختلفة، ثم لا تنسى أننا أيضا مطالبون بالابتكار وطرح مجموعات موسمية، ما لا يقل عن أربعة عطور في السنة... أعيد وأكرر: نعم، أنا أعد نفسي فنانا».
يعود بجسمه إلى الوراء وهو يشير إلى الطاولة، حيث كانت قارورة عطره الجديد «لوم إيديال» تتوسط بتلات ورد وبهارات ولوزا مرا، ويعرض أمامي الفيلم الترويجي له، ولسان حاله يقول: «وهذا هو الدليل». تصاب بعدوى حماسه، وتجد نفسك تتساءل: هل يا ترى توصل إلى الوصفة المثالية للرجل المثالي؟. فالاسم طموح جدا، وله إيحاءات قوية لا بد أن تثير الكثير من المشاعر بداخل الرجل والمرأة على حد سواء، كما أن الفيلم الذي صوره المخرج ميشال غوندري جاء بأسلوب مرح وشاعري، ربما للتخفيف من حدة أي جدل قد يثار حول وجود أو عدم وجود الرجل المثالي، لكن ماذا عن العطر نفسه؟ هل وفق فيه للوصفة الناجحة؟ وهل يصبح وساما على صدره أم أنه سيتبخر بعد بضعة مواسم؟
كان آخر عطر رجالي أطلقته «جيرلان» منذ عدة سنوات من إبداع جون بول، أبيه الروحي، وكان باسم «آرسين لوبين»، لهذا كان مهما أن يأتي هذا العطر بمستوى رفيع. يقول واسر: «سألت جون بول مرة ماذا تعلم من جده، مبتكر أجمل العطور، فرد علي: هل تصدق أني لم أتعلم منه الكثير؟». عندما قرأ نظرات الاستغراب في عيوني، أضاف: «ما نقوم به كعطارين لا يشرح أو يعلم، وكل ما قمت به أني كنت أراقبه من كثب». وهذا تماما ما قام به ثيري واسر مع جون بول. كان يراقبه من قرب لكي لا تفوته أي شاردة أو واردة، وبالفعل اكتشف لدهشته أنه بالإمكان ابتكار عطر رجالي، من خلاصات الياسمين والورود التي كانت حكرا على المرأة من قبل من دون أن يتعارض ذلك مع مفهوم الرجولة أو قوتها. يعلق واسر: «وجود زهرة الليمون في العطر الجديد تحية له، لأن هذه النغمات الزهرية لم تكن لتدخل عطرا رجاليا لولاه. ومنذ عام 2008 عندما أطلقت عطر «جيرلان أوم» وأنا أتعمد أن أدخل هذه الخلاصات في العطور التي أبتكرها. مثلا، عندما كنت أعمل على ابتكار عطر «لابوتيت روب نوار»، الذي استغرق سنتين، كنت أسبح في عالم المرأة وعالم الشرق، خصوصا بعد أن أتبعناه بمجموعة «صحارى الشرق، ومع ذلك كنت دائما أتعمد إضافة هذه المكونات إلى النغمات الشرقية». ربما تكون «جيرلان»، أول دار أدمنت النغمات الشرقية وقدمتها لها في عطور أيقونية مثل «شاليمار» و«سامسارا» وغيرها، إلا أن الملاحظ في هذا العطر أنه خال منها، إذ لم يكن هناك دليل فوق الطاولة يشير إلى استعمال مكونات من الشرق. يدافع واسر قائلا إنه متأكد أن العطر سيروق للرجل الشرقي، لأن «هناك خلاصات الفانيلا، إضافة إلى نوع من الإثارة الحسية والعمق. لقد شعرت بأنه حان الوقت لكي أقدم شيئا جديدا، أنيقا وغنيا، من خلال عطر قريب إلى نفسي وقلبي. وقد عوضت النغمات الشرقية بالانتعاش والعمق النابعين من الأخشاب، علما بأني لم أغير جلدي تماما، فهنا أيضا أحرص على أن أحكي قصة واقعية بمكونات جديدة ومترفة تعبر عني الآن. فكلنا نتغير ونتطور». وتابع: «أنا هنا منذ ست سنوات واكتسبت عدة خبرات، كما تشربت ثقافة (جيرلان) أكثر، ولن أقول إن هذا العطر يعبر عني تماما، لأني ما زلت ضعيفا أمام عطر (إيديل) و(جيرلان أوم)، لكني مؤمن بأن لكل مرحلة لغتها وخصوصيتها، ومن ثم لا يمكن أن يلغي ما أبتكره اليوم ما ابتكرته منذ خمس سنوات مثلا. كل ما في الأمر أنه لا بد من التطور، وأنا متأكد أني سأقدم في المستقبل عطرا مختلفا تماما،، قد لا يكون بالضرورة هو الأفضل، لكنه سيكون انعكاسا لنضجي الشخصي والمهني ولتطورات العصر».
المعروف عن واسر أنه يعشق السفر، ويمكن القول إن شهرته في صناعة العطور تكمن في بحثه الدائم عن مزارع جديدة ودعمه المزارعين الصغار الذين تربطه بهم علاقات إنسانية. في أسفاره، يتعلم الكثير أيضا، وفي كل مرة يكتشف شيئا جديدا لم يلحظه من قبل، فللبحث عن البرغموت وزهرة الليمون مثلا، يسافر إلى تونس أو إلى جنوب إيطاليا أو تركيا أو الهند أو بلغاريا: «لأن لكل مكان رائحة وخصوصية». برأيه: «في كل مكان من هذه الأمكنة، بل وحتى في المكان نفسه، تتغير الرائحة بالنسبة لي، حسب الزمان والمزاج، مما يؤثر على قدرات المبدع وعمله». ويؤكد طوال حديثه أنه في أسفاره لا يتعامل فقط مع مكونات يتطلبها عمله، سواء كانت أعشابا أو زيوتا، بل يتعامل مع الناس الذين يزرعونها وينتجونها، لهذا من الصعب عليه عدم ملاحظة التغييرات التي يعيشونها وتأثيراتها على حياتهم. «تونس أكبر دليل على هذا، فأنا أسافر إليها منذ سنوات، ورغم الثورة الأخيرة، ما زلت أشعر بأني في بلدي الثاني، لأن الناس الذين أتعامل معهم أصبحوا أصدقائي. لا يمكن أن أعيش في معزل عنهم، رغم التغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تؤثر في المناخ العام وفي. في هذه الأسفار، أنا أستقي الكثير من الأفكار وأستفيد من تجارب الخبراء المحليين. في بلغاريا، تعلمت الكثير عن الورد من المزارعين البسطاء، مما ساعدني في رحلاتي إلى إيران، حيث علمت المزارعين فيها طرقا وتقنيات جديدة. لاحظت أنك عندما تتبرع بهذه الأفكار تكسب صداقات متينة، لأن الناس يقدرون أهمية أن تعلمهم أمرا في صالحهم. لا أريد القول إني أنديانا جونز، أبحث عن كنوز مخفية أو ذهب لم يستطع أحد غيري أن يجده، لكن يمكنني القول إني أعرف أماكن هذه الكنوز، ولن أبالغ عندما أقول إنها توجد في قلوب الناس». أسأله عن الإرث الذي يحلم بتركه لنا، فيرد ببطء: «أبلغ 53 من العمر، أي إني صغير على أن أخلف أي تركة، لكن في الوقت ذاته أحرص على أن أراعي ظروف من أتعامل معهم من باب قناعتي بأنك تحصد ما تزرع، والعلاقات الإنسانية مهمة في عملنا، لأنها هي التي تبقى. هؤلاء المزارعون يعرفون الكثير عن حصادهم ومنهم تعلمت الكثير عن خشب الصندل والياسمين وزهرة الليمون وغيرها، لهذا لا يمكن أن أتنكر لهم إذا تغيرت ظروفهم. الأمر نفسه ينطبق على حياتي الشخصية، فأنا أهوى الفن المعاصر، لكني لا أشتري أي لوحة إلا إذا تعرفت على الفنان شخصيا، لأن أفضل شخص يشرح لك عن زيت أو وردة أو لوحة هو الشخص الذي زرعها وحرثها أو رسمها. سأسوق لك مثالا على هذا أني عندما كنت أعيش في نيويورك، وقعت عيني صدفة على لوحة شدتني حين كنت أتفصح مجلة فنية. اتصلت بالمتحف الذي كانت تعرض فيه وكان في لوس أنجليس، لم أتردد وتوجهت إلى هناك، لأنه كان مهما بالنسبة لي مقابلة مبدع اللوحة قبل أن أشتريها».
كانت مدة اللقاء 30 دقيقة تقريبا، ولاحظت أنه كرر فيه اسم «جيكي» أول عطر رجالي أطلقته الدار منذ نحو قرن، أكثر من عشر مرات، ربما لأنه هو ما ألهمه وعاد إليه عندما فكر في ابتكار عطره الجديد؟ لا ينكر ويقول بأنه لو لم يصنع السيد جيرلان «جيكي» لما اكتشف أهمية اللوز المر كمكون أساسي في العطور الرجالية، لأنه ليس معمولا به في عطور باقي الشركات. لكنه يستطرد: «هذا لا يعني أن (جيكي) هو الذي ألهمني، بل جزئية بسيطة فيه، تتمثل في اللوز المر الذي أعطاني الفكرة وشرارة الانطلاق. فأنا أعود إلى الأرشيف وأدرسه لكني لا أترجمه حرفيا أو أغرف منه بشراهة، لا سيما مع توافر عدد كبير من المكونات حاليا مقارنة بالماضي، إضافة إلى تطور التقنيات التي تساعد على المزيد من الابتكار والتميز». لكن اللوز المر أثاره وأصبح مدمنا له، أو بالأحرى «نغمات الكرز الأسود التي تتكون من اللوز المر والتوت، وهي خلطة موجودة في عطر (جيكي) الذي أطلق في عام 1889 للمرأة، لكنه لقي حفاوة كبيرة من قبل الرجل أيضا. وربما يكون هو أول عطر للجنسين. هذا الإحساس بالذكورة الذي تمتع به دفعني لأخذ اللوز المر والتلاعب فيه، مما أثمر عن عطر «لوم إيديال» الجديد، مع العلم أن هذه الخلطة خاصة بـ«جيرلان»، وليس هناك من يستعملها غيرنا منذ العصر التاسع عشر، من عطر «جيكي» إلى «لابوتيت روب نوار».



المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
TT

المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)

إذا كنتِ مداومة على التسوق في محلات «زارا» لأسعارها ونوعية ما تطرحه، فإنكِ قد تتفاجئين أن تعاونها الأخير مع العارضة البريطانية المخضرمة كايت موس سيُكلَفكِ أكثر مما تعودت عليه. فهناك معطف قصير على شكل جاكيت من الجلد مثلاً يقدر سعره بـ999 دولاراً أميركياً، هذا عدا عن قطع أخرى تتراوح بين الـ200 و300 دولار.

تفوح من تصاميم كايت موس رائحة السبعينات (زارا)

ليست هذه المرة الأولى التي تخوض فيها كايت موس تجربة التصميم. كانت لها تجربة سابقة مع محلات «توب شوب» في بداية الألفية. لكنها المرة الأولى التي تتعاون فيها مع «زارا». ويبدو أن تعاون المحلات مع المشاهير سيزيد سخونة بالنظر إلى التحركات التي نتابعها منذ أكثر من عقد من الزمن. فعندما عيَنت دار «لوي فويتون» المنتج والمغني والفنان فاريل ويليامز مديراً إبداعياً لخطها الرجالي في شهر فبراير (شباط) من عام 2023، خلفاً لمصممها الراحل فرجيل أبلو؛ كان الخبر مثيراً للجدل والإعجاب في الوقت ذاته. الجدل لأنه لا يتمتع بأي مؤهلات أكاديمية؛ كونه لم يدرس فنون التصميم وتقنياته في معهد خاص ولا تدرب على يد مصمم مخضرم، والإعجاب لشجاعة هذه الخطوة، لا سيما أن دار «لوي فويتون» هي الدجاجة التي تبيض ذهباً لمجموعة «إل في إم إتش».

فاريل ويليامز مع فريق عمله يُحيّي ضيوفه بعد عرضه لربيع وصيف 2024 (أ.ف.ب)

بتعيينه مديراً إبداعياً بشكل رسمي، وصلت التعاونات بين بيوت الأزياء الكبيرة والنجوم المؤثرين إلى درجة غير مسبوقة. السبب الرئيسي بالنسبة لمجموعة «إل في إم إتش» أن جاذبية فاريل تكمن في نجوميته وعدد متابعيه والمعجبين بأسلوبه ونجاحه. فهي تتمتع بماكينة ضخمة وفريق عمل محترف يمكنها أن تُسخِرهما له، لتحقيق المطلوب.

صفقة «لوي فويتون» وفاريل ويليامز ليست الأولى وإن كانت الأكثر جرأة. سبقتها علاقة ناجحة بدأت في عام 2003 بين لاعب كرة السلة الأميركي الشهير مايكل جوردان وشركة «نايكي» أثمرت عدة منتجات لا تزال تثير الرغبة فيها وتحقق إيرادات عالية إلى الآن.

كان من الطبيعي أن تلفت هذه التعاونات شركات أخرى وأيضاً المحلات الشعبية، التي تعاني منذ فترة ركوداً، وتشجعها على خوض التجربة ذاتها. أملها أن تعمَّ الفائدة على الجميع: تحقق لها الأرباح باستقطاب شرائح أكبر من الزبائن، وطبعاً مردوداً مادياً لا يستهان به تحصل عليه النجمات أو عارضات الأزياء المتعاونات، فيما يفوز المستهلك بأزياء وإكسسوارات لا تفتقر للأناقة بأسعار متاحة للغالبية.

الجديد في هذه التعاونات أنها تطورت بشكل كبير. لم يعد يقتصر دور النجم فيها على أنه وجه يُمثلها، أو الظهور في حملات ترويجية، بل أصبح جزءاً من عملية الإبداع، بغضّ النظر عن إنْ كان يُتقن استعمال المقص والإبرة أم لا. المهم أن يكون له أسلوب مميز، ورؤية خاصة يُدلي بها لفريق عمل محترف يقوم بترجمتها على أرض الواقع. أما الأهم فهو أن تكون له شعبية في مجال تخصصه. حتى الآن يُعد التعاون بين شركة «نايكي» ولاعب السلة الشهير مايكل جوردان، الأنجح منذ عام 2003، ليصبح نموذجاً تحتذي به بقية العلامات التجارية والنجوم في الوقت ذاته. معظم النجوم حالياً يحلمون بتحقيق ما حققه جوردان، بعد أن أصبح رجل أعمال من الطراز الأول.

من تصاميم فكتوريا بيكهام لمحلات «مانغو»... (مانغو)

المغنية ريهانا مثلاً تعاونت مع شركة «بوما». وقَّعت عقداً لمدة خمس سنوات جُدِّد العام الماضي، نظراً إلى النقلة التي حققتها للشركة الألمانية. فالشركة كانت تمر بمشكلات لسنوات وبدأ وهجها يخفت، لتأتي ريهانا وترد لها سحرها وأهميتها الثقافية في السوق العالمية.

المغنية ريتا أورا، أيضاً تطرح منذ بضعة مواسم، تصاميم باسمها لمحلات «بريمارك» الشعبية. هذا عدا عن التعاونات السنوية التي بدأتها محلات «إتش آند إم» مع مصممين كبار منذ أكثر من عقد ولم يخفت وهجها لحد الآن. بالعكس لا تزال تحقق للمتاجر السويدية الأرباح. محلات «مانغو» هي الأخرى اتَّبعت هذا التقليد وبدأت التعاون مع أسماء مهمة مثل فيكتوريا بيكهام، التي طرحت في شهر أبريل (نيسان) الماضي تشكيلة تحمل بصماتها، تزامناً مع مرور 40 عاماً على إطلاقها. قبلها، تعاونت العلامة مع كل من SIMONMILLER وكاميل شاريير وبيرنيل تيسبايك.

سترة مخملية مع كنزة من الحرير بياقة على شكل ربطة عنق مزيَّنة بالكشاكش وبنطلون واسع من الدنيم (ماركس آند سبنسر)

سيينا ميلر و«ماركس آند سبنسر»

من هذا المنظور، لم يكن إعلان متاجر «ماركس آند سبنسر» عن تعاونها الثاني مع سيينا ميلر، الممثلة البريطانية وأيقونة الموضة، جديداً أو مفاجئاً. مثل كايت موس، تشتهر بأسلوبها الخاص الذي عشقته مجلات الموضة وتداولته بشكل كبير منذ بداية ظهورها. فهي واحدة ممن كان لهن تأثير في نشر أسلوب «البوهو» في بداية الألفية، كما أن تشكيلتها الأولى في بداية العام الحالي، حققت نجاحاً شجع على إعادة الكرَّة.

فستان طويل من الساتان المزيَّن بثنيات عند محيط الخصر يسهم في نحت الجسم (ماركس آند سبنسر)

موسم الأعياد والحفلات

بينما تزامن طرح تشكيلة «مانغو + فيكتوريا بيكهام» مع مرور 40 عاماً على انطلاقة العلامة، فإن توقيت التشكيلة الثانية لسيينا ميلر التي طُرحت في الأسواق في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، أيضاً له دلالته، بحكم أننا على أبواب نهاية العام. فهذه تحتاج إلى أزياء وإكسسوارات أنيقة للحفلات. لم يكن الأمر صعباً على سيينا. فإلى جانب أنها تتمتع بأسلوب شخصي متميِز، فإنها تعرف كيف تحتفل بكل المناسبات بحكم شخصيتها المتفتحة على الحياة الاجتماعية.

وتعليقاً على هذا الموضوع، أعربت الممثلة عن سعادتها بالنجاح الذي حققته قائلةً: «أحببت العمل على التشكيلة الأولى ويملؤني الحماس لخوض التجربة مرة أخرى. فالتشكيلة الثانية تتسم بطابع مفعم بالمرح والأجواء الاحتفالية، إذ تضم قطعاً أنيقة بخطوط واضحة وأخرى مزينة بالفرو الاصطناعي، بالإضافة إلى فساتين الحفلات والتصاميم المزينة بالطبعات والنقشات الجريئة والإكسسوارات التي يسهل تنسيق بعضها مع بعض، إلى جانب سراويل الدنيم المفضلة لديّ التي تأتي ضمن لونين مختلفين».

فستان ماركس سهرة طويل من الحرير بأطراف مزينة بالدانتيل (ماركس آند سبنسر)

دمج بين الفينتاج والبوهو

تشمل التشكيلة وهي مخصصة للحفلات 23 قطعة، تستمد إلهامها من أسلوب سيينا الخاص في التنسيق إضافةً إلى أزياء مزينة بالترتر استوحتها من قطع «فينتاج» تمتلكها وجمَعتها عبر السنوات من أسواق «بورتوبيلو» في لندن، استعملت فيها هنا أقمشة كلاسيكية بملمس فاخر. لكن معظمها يتسم بقصَّات انسيابية تستحضر أسلوب «البوهو» الذي اشتهرت به.

مثلاً يبرز فستان طويل من الحرير ومزيَّن بأطراف من الدانتيل من بين القطع المفضلة لدى سيينا، في إشارةٍ إلى ميلها إلى كل ما هو «فينتاج»، كما يبرز فستانٌ بقصة قصيرة مزين بنقشة الشيفرون والترتر اللامع، وهو تصميمٌ يجسد تأثرها بأزياء الشخصية الخيالية التي ابتكرها المغني الراحل ديفيد بوي باسم «زيجي ستاردست» في ذلك الوقت.

طُرحت مجموعة من الإكسسوارات بألوان متنوعة لتكمل الأزياء وتضفي إطلالة متناسقة على صاحبتها (ماركس آند سبنسر)

إلى جانب الفساتين المنسابة، لم يتم تجاهُل شريحة تميل إلى دمج القطع المنفصلة بأسلوب يتماشى مع ذوقها وحياتها. لهؤلاء طُرحت مجموعة من الإكسسوارات والقطع المخصصة للحفلات، مثل كنزة من الدانتيل وبنطلونات واسعة بالأبيض والأسود، هذا عدا عن السترات المفصلة وقمصان الحرير التي يمكن تنسيقها بسهولة لحضور أي مناسبة مع أحذية وصنادل من الساتان بألوان شهية.

أرقام المبيعات تقول إن الإقبال على تشكيلات أيقونات الموضة جيد، بدليل أن ما طرحته كايت موس لمحلات «زارا» منذ أسابيع يشهد إقبالاً مدهشاً؛ كونه يتزامن أيضاً مع قرب حلول أعياد رأس السنة. ما نجحت فيه موس وميلر أنهما ركَزا على بيع أسلوبهما الخاص. رائحة السبعينات والـ«بوهو» يفوح منها، إلا أنها تتوجه إلى شابة في مقتبل العمر، سواء تعلق الأمر بفستان سهرة طويل أو جاكيت «توكسيدو» أو بنطلون واسع أو حذاء من الجلد.

رغم ما لهذه التعاونات من إيجابيات على كل الأطراف إلا أنها لا تخلو من بعض المطبات، عندما يكون النجم مثيراً للجدل. ليس أدلَّ على هذا من علاقة «أديداس» وعلامة «ييزي» لكيني ويست وما تعرضت له من هجوم بسبب تصريحات هذا الأخير، واتهامه بمعاداة السامية. لكن بالنسبة إلى ريهانا وفيكتوريا بيكهام وسيينا ميلر وكايت موس ومثيلاتهن، فإن الأمر مضمون، لعدم وجود أي تصريحات سياسية لهن أو مواقف قد تثير حفيظة أحد. كل اهتمامهن منصبٌّ على الأناقة وبيع الجمال.