ميلادينوف يحمل أفكاراً جديدة حول غزة وتمسك إسرائيل و«حماس» بشروطهما

TT

ميلادينوف يحمل أفكاراً جديدة حول غزة وتمسك إسرائيل و«حماس» بشروطهما

يواصل نيكولاي ميلادينوف مبعوث الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، جهوده لمحاولة تثبيت وقف إطلاق النار على جبهة قطاع غزة بين إسرائيل وحماس لمنع تدهور الأوضاع الأمنية التي قد تدفع تل أبيب في النهاية لتنفيذ عملية عسكرية لا يرغب أي طرف فيها.
وعقد ميلادينوف سلسلة لقاءات في الأيام الأخيرة مع مسؤولين إسرائيليين وآخرين من قيادة حركة «حماس» بينهم إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي للحركة. فيما سيواصل جهوده خلال الساعات والأيام المقبلة ويعقد مزيدا من اللقاءات للتشاور حول بعض الأفكار التي تتم بلورتها من قبل عدة أطراف منها الأمم المتحدة ومصر وباطلاع الولايات المتحدة.
وقالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» بأن ميلادينوف يقود جهودا مضاعفة ترتبط بالأساس بتثبيت وقف إطلاق نار لسنوات وليس لوقت زمني قصير، والآخر دعم جهود مصر للمصالحة من خلال حلول مختلفة منها دعم الأمم المتحدة وأطراف دولية لمشاريع بغزة.
وبحسب المصادر، فإن جهود ميلادينوف بشأن تثبيت وقف إطلاق النار إن لم تنجح قد تكون الأخيرة في حال لم تتوقف «حماس» وإسرائيل عن استفزاز بعضهما البعض على طول الحدود، ما قد يعجل بمعركة حقيقية واسعة رغم عدم رغبة الطرفين فيها. مشيرة إلى أن ميلادينوف نقل رسائل من «حماس» إلى إسرائيل وبالعكس أيضا تتضمن مثل هذا التهديد من قبل الطرفين للضغط على بعضهما لقبول كل طرف بشروط الآخر منعا للمواجهة التي قد تكون الأشرس والأعنف.
ووفقا للمصادر، فإن ميلادينوف في زيارته لغزة مرتين متتاليتين في يوم واحد لأول مرة منذ سنوات، حمل أفكارا مختلفة لكل من «حماس» وإسرائيل بعلم السلطة الفلسطينية ومصر التي أجرى إسماعيل هنية اتصالا هاتفيا مع رئيس جهاز المخابرات فيها اللواء عباس كامل خلال تواجده في واشنطن.
وبينت المصادر أن تلك الأفكار تتضمن تثبيت وقف إطلاق النار من خلال وقف كامل لإطلاق الطائرات الورقية الحارقة تجاه البلدات الإسرائيلية، في مقابل توقف القصف الإسرائيلي وعدم إطلاق النار على طول الحدود وفي عرض البحر تجاه الصيادين وأن يعاد فتح معبر كرم أبو سالم كما كان قبل أن تقرر إسرائيل إغلاقه بشكل جزئي، وكذلك إعادة مساحة الصيد إلى تسعة أميال.
وبحسب المصادر، فإن هذه ستكون خطوة أولى تتبعها خطوات أخرى يتم تنفيذها تدريجياً، مشيرة إلى أن ميلادينوف اقترح أن تكشف «حماس» عن حقيقة وضع الجنود الإسرائيليين لديها إن كانوا جثثاً أو أحياء، مقابل أن ترفع إسرائيل كافة القيود المفروضة على المعابر وتوسيع أكبر لمساحة الصيد لتصل 12 ميلا على الأقل.
وقالت المصادر، إن ذلك سيتضمن إنعاش غزة بمشاريع دولية مدعومة من عدة أطراف، من دون أن يسمح لإسرائيل بمنع إدخال أي مواد. وأشارت المصادر إلى أنه في حال نجحت هذه الخطة سيتبعها تثبيت لوقف إطلاق نار يستمر بما لا يقل عن خمسة أعوام والخوض بمراحل أخرى منها ملف الميناء بإشراف دولي ومتابعة إسرائيلية وذلك تزامنا مع صفقة تشمل الجنود الإسرائيليين.
ووفقا للمصادر، فإن «حماس» أبلغت ميلادينوف رفضها الكشف عن وضع الجنود لديها قبل أن يتم ضمان الإفراج عن جميع الأسرى الذين أطلق سراحهم في صفقة جلعاد شاليط عام 2011. وأعادت إسرائيل اعتقالهم فيما بعد.
وبينت أن ميلادينوف نقل هذه الرسالة للإسرائيليين الذين أبلغوا المسؤول الأممي أنهم قد يطلقون سراح من لم تتم إدانتهم في هجمات جديدة نفذت بعد إطلاق سراحهم وأدت لقتل أو إصابة إسرائيليين. مشيرة إلى أن حماس تدرس الرد على هذا الخيار الذي لم تجزم إسرائيل قرارها بشأنه.
ساعات حاسمة
وقالت المصادر إن الساعات والأيام القليلة المقبلة ستكون حاسمة وأن استمرار التوتر وأي هجمات على الحدود من الجانبين قد تفشل هذه الجهود وتوصل الجانبين إلى معركة لن تتردد إسرائيل في استخدام كل قوتها فيها من أجل الضغط أكثر على «حماس» التي لن تتوانى هي الأخرى في استخدام وسائلها المختلفة من أجل توجيه ضربات ضد أهداف إسرائيلية.
وأضافت: «هناك مخاوف حقيقية من فشل الجهود السياسية التي تبذل حاليا، وأن هذه الجهات التي تبذل هذه الجهود قد تفشل في وقف المواجهة المقبلة». وأكدت المصادر أنه لا يوجد أي تقدم حقيقي حتى الآن ما يفرض مزيدا من الأجواء السلبية بشأن تعامل الأطراف مع هذه المبادرات والأفكار التي تنقل من حين إلى آخر، وتمسك كل منها بشروطها.
وفي ذات السياق، ذكرت قناة التلفزة الإسرائيلية العاشرة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أبلغ وزراء من المجلس الوزاري المصغر «الكابنيت» أنه سيتم تقديم مبادرة سياسية بشأن غزة.
بحسب القناة، فإن هذه المبادرة السياسية التي تحدث عنها نتنياهو خلال جلسة مغلقة، وصلت إلى مرحلة متقدمة من المفاوضات التي تجري بين الأمم المتحدة ومصر وإسرائيل والسلطة الفلسطينية و«حماس». ونقلت عن مصدر سياسي ضالع في تلك المفاوضات، أن مصر والأمم المتحدة تمارسان ضغوطا هائلة على جميع الأطراف، وأن هذه المبادرة لم يسبق لها مثيل ولكن من السابق لأوانه ما إذا كانت ستنجح أم تفشل.
وقال وزير من الكابنيت للقناة بأن إسرائيل مستعدة لتعزيز أي تحرك مدني في قطاع غزة، وأن هناك فرصة بأن تتقدم الأمور في المستقبل القريب. مشيرا إلى أن هناك موافقة مبدئية لدعم مثل هذا التوجه المدني وأن يتم تقديمها من قبل نتنياهو قريبا للموافقة عليها.
وقال وزير آخر إن «الكرة في ملعب السلطة الفلسطينية وحماس بشأن غزة، نريد أن نرى ما إذا كان أبو مازن مستعدا لرفع العقوبات عن غزة والعودة إلى إدارة القطاع، وإذا كانت حماس مستعدة لوقف العنف». وأضاف أن «أي مشاريع يجب أن تكون تحت إدارة السلطة الفلسطينية بقطاع غزة، وبشرط وقف العنف من قبل حماس، ولا نريد أن يتم خداعنا».
ووفقا للقناة، فإن المبادرة تتضمن إعادة تأهيل قطاع غزة وإعادة السلطة الفلسطينية للقطاع، والتوصل لوقف إطلاق نار كامل. وأشارت إلى أنه تم خلال اجتماع الكابنيت الأخير مناقشة الوضع في غزة، وأن هناك إمكانية فشل بدء الموسم الدراسي في غزة ما قد يزيد من الضغط الداخلي ويؤدي للتصعيد، وأن المؤسسة الدفاعية اقترحت أفكارا حول كيفية تحويل الأموال إلى كيانات أخرى غير تابعة للأونروا بطريقة من شأنها أن تمكن من تسديد المدفوعات للمدرسين وتشغيل المدارس.
وأوردت القناة الثانية في التلفزيون أن نتنياهو نجح في منع هجوم عسكري موسع أمر بتنفيذه وزير الجيش أفيغدور ليبرمان ضد قطاع غزة. وبحسب القناة، فإن ليبرمان أمر بالهجوم في الثاني عشر من الشهر الجاري، مصدرا تعليماته بتوجيه ضربة قوية لحركة «حماس» التي تسيطر على القطاع.
وأفادت القناة أن نتنياهو عارض بشدة هذا المخطط ومنع تنفيذه خاصة أنه اتخذ مع بدء امتحانات الثانوية العامة في إسرائيل والمستوطنات المجاورة للقطاع. ونقلت القناة عن مصادر في حزب «إسرائيل بيتنا» الذي يتزعمه ليبرمان أن هناك خلافات بين المستويين السياسي والعسكري بشأن غزة. مشيرة إلى وجود خلافات بين ليبرمان ونتنياهو.
ونفى مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي تلك الأنباء وقال بأنها زائفة ولم تكن أي خلافات في الرأي وأن القرارات تتخذ بشكل مشترك.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».